جميل الجعدبي
الى أرحام الأمهات وأجنّتهن، وصلت تداعيات الحرب في اليمن بإنتشار حقنة دواء مزيّفة تعطى للحوامل، قبل تنبّه وزارة الصحة بصنعاء، لمخاطر الحقنة والمسارعة إلى سحبها من السوق الدوائية، وإصدار توجيهات بعدم استخدامها في الصيدليات والمشافي الطبية.
وحسب التعميم الصادر في كانون الثاني/ يناير 2023 برقم 34 فقد جاءت الحقنة المغشوشة بمسمى IMMUNOGLOBULIN Human ANTI – D (RH) 250، كواحد من منتجات شركة Medi Cuba بدولة الهند.
ولقى نبأ الحقنة المزورة تداولاً واسعاً، وتضخيمًا إعلامياً تخلله شائعات زعمت أنّه تسبّب في وقوع وفيات بين الأمهات الحوامل والمواليد بينما لا توجد الى حد اللحظة أي تأكيدات رسمية أو مخبرية تثبت أن إنتشار الحقنة المغشوشة الخاصة بالحوامل تسببت في هذه الوفيات كما أشيع مؤخراً.
وأكدت الهيئة العامة للأدوية والمستلزمات الطبية أنّ الدواء مغشوش، لإحتوائه على مادة (ديكساميثازون)، كبديل عن المادة الفعالة Anti-D))، مشيرة إلى سحب جميع التشغيلات من السوق الدوائية، محذّرة المستهلكين من استخدامه.
هيئة الأدوية في صنعاء أهابت بتجار الأدوية والصيدليات والمستشفيات عدم التعامل مع الدواء المغشوش، وغير المسجّل، وغير المرخّص من قبلها، داعية الى إبلاغها بمن يتعامل مع الدواء عبر الأرقام الهاتفية (01619370-01836060) ليتسنّى لها إتخاذ الإجراءات القانونية.
مخالفات ظاهرة على غلاف العبوات
ضمن مهام لجان الرقابة والتفتيش على الأدوية المتداولة في الاسواق، التحقق من وجود إسم الوكيل مطبوع على علبة الدواء، والتسعيرة الصادرة عن هيئة الأدوية، بالإضافة الى رقم التسجيل، وهي البيانات المفقودة كلياً في الحقنة المزورة في تقريرنا هذا.
ووفقاً لنصوص اللائحة الضبطية للرقابة والتفتيش الدوائي، الصادرة بالقرار الإداري رقم (3/2014) لسنة 2014، فإنّ هذه اللجان معنيّة بالتحقق من جودة الدواء وفاعليته ومطابقته للمواصفات القياسية المعتمدة في هيئة الأدوية، ودساتير الأدوية العالمية، بالإضافة إلى التأكد من أنّ “المادة الفعالة الأساسية والمواد المساعدة لا تحتوي على مواد ملونة أو محظورة”.
ويؤكد مدير مركز التيقظ الدوائي بالهيئة العليا للأدوية – صنعاء- الدكتور أكرم صبره، أن العبوة المزورة غير مسجلة لدى الهيئة ولا يوجد لها وكيل في اليمن، موضحا أن الهيئة قامت بفحص عينات من هذه العبوات، ووجدت انها مغشوشة ولا تحتوي على المادة الفعالة المطلوبة Anti D وإنما يحتوى على مادة الديكساميثازون التي لها استخدامات أخرى.
استخدامات الدواء الأصلي (Anti- D)
يلخّص الطبيب مصطفى الدم – اخصائي النسائية والتوليد والمساعدة على الإنجاب- استخدامات دواء (Anti- D) في إعطائه للحامل إذا كانت فصيلة دمها سالبة، وفصيلة دم زوجها موجبة، وعند حصول نزيف للأم خلال الحمل، أو إجهاض، أو تعرضت لضربة قوية على البطن.
مشيراً في مقالة بموقع الطبي التخصصي إلى أنّ الدواء يستخدم أيضا عند وجود احتمال انتقال دم من الجنين إلى الأم، أو عند إجراء أي تداخل جراحي، ويستخدم للحامل وقائياً على 27 أسبوع، وبعد الولادة خلال 3 ايام.
الطبيبة الصيدلانية المهتمة بكتابة المحتوى الطبي، ايله عيسى، تسرد هي الأخرى استخدامات الدواء في إجراء بعض الاختبارات أثناء الحمل، وعند حدوث نزيف مهبلي، وعند حصول إجهاض، بالإضافة إلى التعرض لصدمة في البطن.
وقالت: “يتم تقديم إبرة Anti D للنساء الحوامل اللواتي يحملن عامل ريزوس سالب اللواتي لديهن شركاء لديهم عامل ريزوس إيجابي في الأسبوع 28 و34 من الحمل”.
استخدامات الديكساميثازون
وفقا لمنظمة الصحة العالمية فالديكساميتازون علاج يُستخدم منذ عام 1960 للحد من الالتهاب في مجموعة أمراض من بينها الاضطرابات الالتهابية وبعض أنواع السرطان.
مشيرةً الى أن الدواء أُدرج في قائمتها النموذجية للأدوية الأساسية منذ عام 1977 في تركيبات متعددة، واعتبرته منظمة الصحة العالمية العلاج الأول الذي يثبت قدرته على خفض معدل الوفيات بين مرضى كوفيد-19 الذين يحتاجون إلى دعم بالأكسجين أو التنفس الصناعي.
وخلافا لما اشيع من ادعاءات تزعم ان الديكساميتازون يتسبب في وفيات الأمهات الحوامل والمواليد، تشير نتائج تجربة سريرية نُشرت في مجلة نيو إنكلاند جورنال اوف ميديسين، أن الديكساميثازون بمقدوره أن يُعزّز بقاء المواليد المبتسرين على قيد الحياة عندما يُعطى للنساء الحوامل المعرّضات لمخاطر الإخداج في البيئات الشحيحة الموارد.
ويستعرض موقع ( ويب الطبي) الاستخدامات الشائعة للديكساميثازون في علاج :(الأمراض الجلدية، الحساسية، آلام المفاصل، نوبات الربو، التهاب العيون).
عقوبات مزوري الأدوية
ويعتبر قانون الصّحة العامة في اليمن، الدواء صالحاً للإستعمال، بعد التّأكد من فعّاليته ومأمونيته وجودته، ومطابقته لمواصفات التصنيع والنقل والتخزين الجيّدة وضمان الجودة، ويحظر القانون البيع أو الاتّجار بالأدوية المهرّبة والمزوّرة ومنتهية الصلاحية.
ويعاقب القانون “كلّ من قام بتهريب الأدوية بالحبس مدّة لا تزيد على 3 سنوات، أو بغرامة لا تقلّ عن 30% ولا تزيد عن 60% من قيمة المادة، مع مصادرة البضاعة المهرّبة”، وحسب مضامين القانون رقم 4 لسنة 2009 بشأن الصّحة العامة، فإنّ العقوبة تضاعف في حال تكرار تهريب الادوية.
ولمن قام بالتلاعب بجودة الأدوية، كالغشّ والتقليد، يحدّد القانون عقوبة ذلك بالحبس لمدّةِ لا تزيد عن 3 سنوات، أو بغرامة مالية لا تزيد عن 3 مليون ريالاً يمنياً (قرابة 5 آلاف $)، بالإضافة الى مصادرة البضاعة المغشوشة والمقلدة واتلافها، ومضاعفة العقوبة عند التكرار، ما يعني أن العقوبة لم تكن رادعة.
أنتجت هذه المادة بدعم من منظمة انترنيوز INTERNEWS ضمن مشروع ROOTED IN TRUST (غرفة أخبار الصحة) في اليمن