أبرار مصطفى
طه محمد عبدالحميد مواطن أعزل في منتصف يناير من العام الجاري كان يمارس حياته الطبيعية بشكلها المعتاد والبسيط في إحدى قرى عزلة الشعوبة بمديرية المعافر فإذا بمقذوف ناري راجع في سماء محيطة يسكن وسط دماغه ليسقط صريع عادات سلبية وممارسات تقليدية تحول الأفراح إلى أتراح وتغير مجرى دموع الفرح لتسلك مجرى دموع الحزن في جريمة هزت أواصر أبناء مجتمعه وكانت نهاية سلسلة ضحايا هذه العزلة من أثر الرصاص الراجع الذي يتم إطلاقه في الاعراس، فالمجتمع، استوعب حجم تلك الخطوب والكوارث المتتالية التي تقتطف زهور شبابه وصفوة رجاله.
ضحايا بلا عدد
حاولنا البحث عن إحصائية الضحايا لعزلة الشعوبة من الرصاص الراجع في الأعراس فوجدنا أن هناك سلسلة غير منتهية من الضحايا منذ أن ولدت هذه العادة التقليدية في زمن الآباء والأجداد.
تواصلنا مع العديد من الوجاهات والتقينا ببعض منهم وبحثنا عن الأسباب الرئيسة لانتشار هذه العادة فوجدنا أن هناك أسباب نفسية تتعلق بحامل السلاح فطبيعة المجتمع تتميز حياتهم التقليدية بالتفاخر في امتلاك الأسلحة المتنوعة والحديثة منها علاوة على ذلك التصاق بعض العادات والتقاليد الموروثة في التفاخر برمي الرصاص في الأعراس إضافة إلى ذلك ضعف دور الجهات الأمنية في إلزام المجتمع بمنع إطلاق النار وهناك قصور في الجوانب التربوية والتثقيفية للشباب بمخاطر هذه السلبية عبر شتى الوسائل التقليدية الموجودة في تلك القرى النائية كخطب في المساجد_ ومجالس القات.
ظاهرة سلبية
حاولنا البحث والتواصل مع أكثر من جهه في المديرية لنستوعب حجم الآثار المترتبة عن هذه السلبية على ظاهرة سلبية
مستوى هذه العزلة فقط فوجدنا أن هناك آثار صحية ونفسية تتمثل في مقتل أكثر من شخص في مدة لاتتجاوز عام وإصابة أكثر من (11) شخص في نفس الفترة الزمنية مما أثار شغفنا للبحث أكثر فوجدنا أن الإستمرار في مثل هذه السلبية قد يخلق ثقافة متأصلة ونزعة عدوانية خاصة لدى الشباب والأطفال مما يشوه صورة المجتمع ويعزز ثقافة حمل السلاح العشوائي.
مبادرة شعبية
جميع هذه الأسباب والآثار، أستشعر لفداحتها وخطورتها نخبة أبناء عزلة الشعوبة وجعلتهم يقومون بإنشاء جمعية خاصة لوقف هذه الظاهرة وعمل وثيقة معاهدة (وثيقة شرف) لجميع أبناء العزلة يلتزمون فيها بعدم إطلاق النار العشوائي في الأعراس وفرض شروط جزائية على كل من يخالف هذه الوثيقة.
تم تعميد الوثيقة في إدارة أمن المعافر كما تم الإبلاغ عن كل مخالف وفرض العقوبات المطروحة من مبالغ مالية تعود لصالح صندوق مشاريع تنموية لأبناء العزلة وأيضاً فرض عقوبات السجن على مطلق النار في الأعراس أياً كان مستواه المادي والإجتماعي.
يقول عضو المجلس المحلي عبدالرحمن طارش: “كان الأهالي يشحذون هممهم للبحث عن ملاجئ أمنه في اللحظات الأولى من سماعهم بالتجهيز لعرس في المنطقة لدرجة أن مالكي المواشي يمنعونها من مغادرة منازلهم للذهاب صوب أماكن الرعي المفتوحة وذلك لتيقنهم من إطلاق الرصاص في الأعراس بشكل هستيري مما يقلق سكينتهم من راجع الرصاص”.
مؤكدًا: “بعد عمل الوثيقة تغيرت هذه الممارسة مما انعكس هذا التغيير في ارتياح المواطنين وممارسة حياتهم اليومية بشكل أكثر أماناً”.
لمسنا انحسار لهذه الظاهرة مما أدى إلى ارتياح كبير من عامة المجتمع وكذا الجهات الأمنية لوصول المجتمع إلى هذه المبادرات النوعية التي تحد من هذه الممارسات السلبية التي تودي بحياة الكثيرين مابين موت أو إعاقات دائمة أو جزئية.
فيا ترى هل ستكون هذه المبادرة نموذجاً فريداً يحتذى به في بقية المناطق التي لازالت أسيرة هذه الموروثات التقليدية والعادات التي خلقت ورائها الكثير من أنات الجرحى وأشباح الموت؟!
تنشر هذه المادة بالتفاهم مع منصة Yemen peace