تعرضت الحركة النسوية اليمنية لضربة موجعة من قبل الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا، حين أعلن الرئيس هادي عن قائمة التشكيل الحكومي – المنبثق عن اتفاق الرياض – خاليا من وجود أي تمثيل للمرأة، وهي أول حكومة يمنية بدون تمثيل نسوي منذ العام 2001 م.
هذا الاقصاء امتد لتغييب النساء من التمثيل في المفاوضات السياسية بين الأطراف السياسية، حيث تحضر المرأة في الشعارات والبيانات الرسمية ويتم تغييبها واقصاءها في الواقع السياسي.
إقصاء النساء من الحكومة جاء انعكاسا للتهميش والاقصاء الذي يمارس بحق النساء من قبل الأحزاب السياسية، في بلد لا تزال تسيطر الثقافة الذكورية على قياداته وأصحاب القرار فيه، حيث يرى الساسة اليمنيون نظرة دونية للمرأة، وهو ما يمكن ملاحظته من خلال تواجد المرأة الضئيل جدا والذي يعد تمثيلا رمزيا في الصف القيادي الأول للأحزاب السياسية اليمنية، إذا ما استثنينا التنظيم الناصري الذي تشغل المرأة فيه منصب الأمين العام المساعد، كما أن تواجد النساء في اللجنة المركزية قد وصل إلى 24 عضوة.
تتحدث الكثير من الأصوات عن أهمية إشراك النساء في المواقع القيادية للحكومة وفي لجان المفاوضات والفاعليات المتعلقة بالحل السياسي للحرب في اليمن، ويرى الكثير من النشطاء، ومعظمهم من الفاعلات النسويات، أن إعطاء كوتا للنساء ضمن القوام القيادي للحكومة والمستويات القيادية الأخرى المنبثقة عنها والقوى السياسية الداعمة له، سيكون له أبلغ الأثر في تعزيز الحل السياسي والدفع باتجاه السلام.
عفراء حريري، المحامية والناشطة الحقوقية والنسوية المعروفة، والتي تعد واحدة من أبرز المدافعات عن حقوق النساء في الجنوب اليمني وخاصة في محافظة عدن، تحدثت عن التمثيل القيادي للنساء في الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً أو الأحزاب السياسية الداعمة لها معتبرة أنه “تمثيل ضئيل جداً ويكاد يكون معدوماً، حيث رأت حريري أنه “لا يتناسب مع الكفاءات والخبرات النسائية الموجودة”.
وترى حريري أنه من غير الممكن “اتخاذ حلول للنزاع من قبل الرجال فقط، وهم السبب في نشوب الحرب واستمرارها” معتبرة أنه لو كان بوسع “الرجال” اتخاذ الحلول، لكانت “الحرب قد انتهت بعد فترة بسيطة، ولم تستمر حتى الآن”، وترى الحريري أن “الرجال والنساء شركاء في صناعة المستقبل مثلما كانوا شركاء في الماضي” مشيرة إلى أنها تقصد بذلك “الشراكة في فترة السلام والبناء” معتبرة أن النساء قد “تم تهميشهن في فترة النزاع والحرب وإقصاءهن وهذا الذي أدى غلى استمرار النزاع وعدم الوصول إلى الحلول بشكل أسرع”.
حريري نفت وجود استقلالية لدى النساء في المواقع القيادية عند اتخاذ القرارات، وقالت “ليس لديهن استقلالية في اتخاذ القرار، خاصة في إطار المكونات أو الأحزاب السياسية، سواءً على مستوى الحكومة الشرعية أو أنصار الله أو الانتقالي أو غيرهم”.
واعتبرت حريري أن عناصر القوة التي تدعم عملية تمكين المرأة ودعمها للمساهمة في عملية بناء السلام، تتمثل في “إرادة النساء وإيمانهن بأنفسهن وثقتهن بذواتهن ثم توحدهن مع بعضهن البعض وإيجاد مناصرين لهن من الشباب والرجال”.
كما أشارت حريري إلى أن نقاط الضعف التي تساهم في تهميش النساء وإعاقة دورهن في بناء السلام تتمثل في “استكانة النساء وعدم قدرتهن على مواجهة قادتهن في الأحزاب والمكونات السياسية وقبولهن البقاء في المستوى الثانوي وليس الأساسي” إضافةً إلى “عداوة النساء لبعضهن البعض” حد وصفها.
وفيما يتعلق حول الأرضيات المشتركة التي يمكن أن تجتمع عليها النساء في رؤيتهن لوقف الحرب وحل الصراع اليمني الراهن، ترى حريري وجود أرضية مشتركة فعلياً بين النساء تتمثل في “رغبتهن في وقف إطلاق النار وانتهاء الحرب وإحلال السلام وتحقيقه”، وذلك بالارتكاز على تكتل النساء الحزبيات فيما بينهن ومساندة النساء المستقلات لهن إضافةً لمنظمات المجتمع المدني.
وترى حريري أن تمثيل النساء في المستويات القيادية في الحكومة الشرعية والأحزاب الداعمة لها سيساعد في الدفع بالتسوية السياسية للأمام وذلك من خلال وضع قوائم خاصة بالتمثيل النسوي سواءً النساء الحزبيات أو المنضويات ضمن مكونات سياسية، أو النساء المستقلات، على أن يتم “رفع هذه القوائم من كل الأطراف دون استثناء لأي طرف، وأن ترتفع نسبة الكوتا عما هي في مخرجات مؤتمر الحوار الوطني”.
عفراء حريري، محامية وناشطة بارزة، من ابناء محافظة عدن، عملت كاستشارية لعدد من المنظمات المحلية والدولية، مدافعة عن حقوق الإنسان وعن قضايا المرأة، عضو مؤتمر الحوار الوطني، مدربة في مجال حقوق الإنسان، شاركت في الحراك الجنوبي السلمي منذ بداياته عام 2007، اعتقلت على ذمة نشاطها عام 2008، ودافعت عن المعتقلين السياسيين وعن المخفيين في السجون السرية خلال الحرب.