تقرير/ محمد غبسي
صعوبة في التنفس، وحمى مصحوبة بقشعريرة وألم في العضلات والتهاب في الحلق وصداع، وسيلان في الأنف.. كانت جميع أعراض كوفيد-19 ظاهرة على ملامح وحالة الأربعيني طلال سريع “اسم مستعار”، ورغم ذلك استمر في التعامل معها باعتبارها انفلونزا عابرة.
لامبالاة “سريع” لم تمنع تسببه في انتقال العدوى لشقيقه صهيب 39 عاماً، الذي روى القصة لـ”المواطن” والذي اضطر لنقله كحالة طارئة إلى مستشفى ذمار العام، وسط اليمن، في شهر يونيو 2020م حيث أثبتت الفحوصات إصابة شقيقه بكوفيد-19.
الأمر لم يتوقف عند شقيقه، لقد انتقلت العدوى لجميع أفراد العائلة تباعاً، وقد تجاوز الجميع الإصابة باستخدام الأدوية والالتزام بالسلوكيات التي كان يوصي بها الأطباء، باستثناء والدتهم التي توفيت بعد عشرة أيام من إصابتها بفيروس كوفيد-19.
يقول صهيب إن تقرير المستشفى أفاد بأن والدته توفيت بسبب أعراض كوفيد-19، وعدم قدرتها على الصمود كباقي أفراد العائلة، نظراً لتقدمها في السن وضعف مناعتها.
الكثير من المرضى الذين أصيبوا بالفيروس، ورغم وصولهم للمستشفيات إلا أنهم كانوا يرفضون إجراء الفحص، ما أدى إلى تفاقم حالتهم الصحية وتعرض بعضهم للجلطات، وفقاً لأخصائي الوبائيات، الدكتور سهل الإرياني، الذي أكد أن انتشار الشائعات أثر على قناعة عدد كبير من المرضى، وتسبب في حرمانهم من حقهم في الحصول على العلاج أو حتى الوصول إلى المراكز الصحية.
ويؤكد الإرياني في حديثه لـ”المواطن” أن هناك ممن أصيبوا بكوفيد-19 نقلوا العدوى وتسببوا بوفاة شخص أو أكثر من أقاربهم، لكنهم ظلوا ينكرون وجود كوفيد-19، مؤمنين بأنه لا يختلف عن الانفلونزا العادية التي تظهر وتختفي خلال أيام قليلة.
وأشار الدكتور الإرياني إلى أن عدم إيمان المريض بوجود كوفيد-19 أو بحقيقة إصابته أثر بشكل سلبي على فعالية العلاج، كما أن الرافضين الاعتراف بالمرض لم يلجأوا للمستشفيات إلا بعد تعرضهم لمضاعفات كثيرة وتفاقم حالتهم الصحية، وهو الأمر الذي تسبب بارتفاع نسبة الوفيات بالفيروس، حد قوله.
وعن تأثير شائعات “إنكار وجود كوفيد-19” على الكادر الصحي، قلَّل الدكتور الإرياني من تأثيرها عليهم من ناحية العمل، وذلك لأن أغلب المرضى الذين تعرضوا لمضاعفات اضطروا للخضوع للعلاج على أيدي الطواقم الطبية، حتى لو لم يقتنعوا بأنهم مصابون بكوفيد-19.
حُمَّى وتروح
بسرعة غير مسبوقة في تاريخ البشرية، انتشر وباء كوفيد-19 في دول العالم، أصاب وقتل الملايين، لكن رحلته المرعبة رافقتها وسبقتها أحياناً الكثير من الشائعات، ومنها الشائعة التي انتشرت في اليمن، والتي اعتبرت كوفيد-19 مجرد “حمى وتروح”.
الرعب الذي أقلق العالم دفع السلطات الصحية في اليمن للمسارعة في اتخاذ الإجراءات الاحترازية، والتي مثلت في حينها اعترافاً رسمياً بحقيقة الوباء كخطر صحي يهدد المواطنين أفراداً ومجتمعاً.
وفي أول إجراء رسمي احترازي لمواجهة فيروس كوفيد19 أقرت اللجنة الوزارية العليا لمكافحة الأوبئة بصنعاء في 14 مارس 2020م إيقافاً مؤقتاً لجميع رحلات الركاب الواصلة لمطار صنعاء لمدة أسبوعين، ووجهت بإخضاع القادمين عبر جميع المنافذ للإجراءات الصحية، وتعبئة كروت السفر والفحص الحراري.
وبالتزامن أقرت حكومة عدن منتصف مارس 2020م تعليق الرحلات الجوية من وإلى اليمن، وإغلاق المنافذ البرية والبحرية لمدة أسبوعين، وجهزت 11 فريقاً صحياً في المنافذ البرية والبحرية والجوية لفحص القادمين إلى البلاد، وخصصت 12 مركزاً للحجر الصحي في مختلف المحافظات.
تجسد الخطر الذي مثله الوباء في تحذير وزير صحة صنعاء، الدكتور طه المتوكل أمام البرلمان مطلع ابريل/نيسان 2020م عندما قال أن “الوباء قد يصيب 90% من سكان اليمن”.
وخطر انتشار الوباء في اليمن دفع أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرش، في 25 مارس، لمطالبة أطراف الصراع في اليمن بوقف إطلاق النار والاستعداد لمواجهة الانتشار المحتمل لـفيروس كوفيد-19، واعتبر موقع الأمم المتحدة أن الوضع في اليمن حينها “أكبر حالة طوارئ للصحة العامة في عصرنا الحالي”.
أول ظهور لكوفيد-19 في اليمن
الوباء الذي اقتحم أكثر من 180 دولة حتى 25 مارس 2020م، ظهر رسمياً في اليمن بتاريخ 10 إبريل/ نيسان 2020م، حينما أعلنت وزارة الصحة بعدن تسجيل أول إصابة مؤكدة بفيروس كوفيد-19 في مدينة الشحر بمحافظة حضرموت “جنوب شرق اليمن”.
ولم تمر سوى أيام قليلة لتعلن الحكومة في نهاية الشهر نفسه عدن “مدينة موبوءة” بفيروس كوفيد-19، بعد ارتفاع حالات الإصابة في المحافظات التابعة لحكومة عدن إلى 55 إصابة توفيت منها 9 حالات.
وفي الأول من مايو/ أيار 2020م أعلنت وزارة الصحة بصنعاء تسجيل أول حالة مؤكدة بفيروس كوفيد19 في العاصمة صنعاء لمهاجر “صومالي الجنسية”.
انتجت هذه المادة بدعم من منظمة انترنيوز Internews ضمن مشروع Rooted In Trust في اليمن