تعز – مكين العوجري
مع دخول الحرب اليمنية مرحلة جديدة من التصعيد العسكري تتوالى ردود الأفعال الدولية خاصة عندما تكون المعارك في صالح الحكومة اليمنية والتي التزمت بكل المبادرات الأممية والدولية بعكس مليشيا الحوثي الانقلابية والتي تعمل بشكل دأوب على خرق الاتفاقات و تصعد اعمالها ضد المدنيين في مناطق سيطرة قوات الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا.
ومنذ شهرين متتالين عملت جماعة الحوثي الانقلابية على شن هجمات عسكرية واسعة على مدينة مأرب مستخدمة صواريخ باليستية وطائرات مفخخة استهدفت احياء سكنية ومخيمات للنازحين في المحافظة، في ظل صمت أممي وأمريكي واضحين.
القوات الحكومية اليمنية بدورها نفذت عمليات عسكرية واسعة في محافظات تعز وحجة ومأرب والضالع والجوف، محققة تقدمات كبيرة لا سيما في الجبهة الغربية لمدينة تعز واجزاء واسعة من مديرية مستبا بمحافظة حجه.
وازاء تلك الانتصارات ارتفعت حدة المساعي الأمريكية والأممية التي تزعم بأنها تخشى انزلاق اليمن إلى كارثة انسانية، وعلى اتجاهات عدة رامية إلى منح مليشيا الحوثي فرصة جديدة تسهل لها اعادة ترتيب وضعها العسكري حتى يبدأ فصل جديد من التصعيد المدمر للحياة في اليمن، وهذا بعد الخسائر البشرية والعسكرية التي منيت بها في مارب وتعز وحجه، فقد أعلن المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن، تيموثي ليندركينغ، عن طرح خطة جديدة على الجماعة الحوثية لوقف إطلاق النار في البلاد.
وقال الدبلوماسي الأمريكي الذي عاد مؤخرًا من جولة إقليمية: “لدينا الآن خطة متماسكة لوقف إطلاق النار في جميع أنحاء البلاد تضم عناصر ستتيح التعامل فورًا مع الوضع الإنساني القاسي في اليمن، وتم طرح هذه الخطة على قيادة الحوثيين منذ أيام”.
غير ان جماعة الحوثي عبر ناطقها الرسمي محمد عبدالسلام رفضت هذه المبادرة والتي يصفها بأنها مؤامرة امريكية خليجية، في الوقت الذي تفيد بعض المعلومات عن قنوات اتصال خلفية تعمل عليها الجماعة باشراف الحاكم الايراني في صنعاء حسن ايرلوا، من خلال عقد عدة لقاءات مكثفة مع الامريكان في العاصمة العمانية مسقط.
وفي المقابل أكد المبعوث الامريكي ليدركينغ أن قيادة السعودية تقدم الدعم الكامل لجهود واشنطن الرامية لإنهاء النزاع، في الوقت ذاته دفعت قوات التحالف العربي بتعزيزات عسكرية ضخمة وصلت إلى قبالة سواحل الحديدة، وذلك مع تصاعد خروقات الحوثيين لاتفاق استوكهولم في الساحل الغربي، مايشير إلى احتمالية انفجار الوضع العسكري خلال الأيام القادمة، ياتي هذا بالتزامن مع دعوة الولايات المتحدة والأمم المتحدة الحوثيين إلى التجاوب مع الخطة الجديدة وذلك عبر المبعوث ليدركينغ.
ضغط أمريكي
وقالت صحيفة واشنطن اكزامنر الأمريكية، أمس السبت، إن المليشيا الحوثية تحوّل مبادرات إدارة الرئيس جو بايدن للسلام في اليمن لصالحها العسكري.
وقال مراسل الشؤون الخارجية في الصحيفة الأمريكية جويل جيرك، إن الحوثيين يستخدمون مبادرات بايدن للسلام لتعزيز جهود الحرب، مشيرًا إلى أن مقاتلو الحوثي المدعومون من إيران أعطوا «الأولوية» لهجوم عسكري كبير بينما تجاهلوا اقتراحًا أمريكيًا بوقف إطلاق النار، على الرغم من أن الرئيس «بايدن» يضغط على السعودية لتقليص عملياتها العسكرية في اليمن.
وأفادت وكالة “رويترز” بأن ليندركينغ عقد أواخر فبراير الماضي اجتماعًا سريًا في العاصمة العمانية مسقط مع كبير المفاوضين الحوثيين محمد عبد السلام.
دور ايراني واضح
ويتحكم النظام الإيراني بالقرار العسكري في اليمن عبر وكلاءه جماعة الحوثي وذلك عبر القائد العسكري في الحرس الثوري الايراني حسن ايرلوا المتواجد في صنعاء وكان اخر ظهور له في لقاء مع ممثلة الصليب الأحمر الدولي في اليمن.
واتهمت الحكومة اليمنية، الحرس الثوري الإيراني باتخاذ أراضي البلاد كمنصة انطلاق للهجمات الإرهابية لتهديد حرية الملاحة بالبحر الأحمر.
وأوضحت الحكومة على لسان وزير الإعلام والثقافة والسياحة، معمر الإرياني عبر حسابه في تويتر، أن “الحرس الثوري الإيراني ما زال مستمرًا في تهريب الأسلحة والتكنولوجيا العسكرية والخبراء لمليشيات الحوثي لتهديد الملاحة التجارية والتحكم بالممرات الدولية”.
وحسب تقرير سابق لخبراء الأمم المتحدة بشأن اليمن، فقد تم العثور على ألغام بحرية من طراز “قاع” الذي كشف عنها الحرس الثوري الإيراني في معرض للأسلحة عام 2015 واستخدمها الحوثيون في تلغيم موانئ جنوب البحر الأحمر، كما نشروا ألغامًا بدائية لا ترسو مكانها، وذات “خطر محقق” على خطوط الاتصالات البحرية والملاحة التجارية في البحر الأحمر.
وتتضمن المبادرة الأمريكية، ايقافًا لإطلاق النار يشمل جميع جبهات القتال الداخلية بما في ذلك العمليات العسكرية المتصاعدة في محافظة مأرب.
وتشمل الخطة أيضًا وقف الحوثيين إطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات غير المأهولة المسيرة (المفخخة) باتجاه الأراضي السعودية “مقابل” وقف التحالف الذي تقوده السعودية جميع الغارات الجوية والاستطلاعية.
وبحسب المبادرة فإن وقف اطلاق النار الشامل ووقف الغارات يعقبه الترتيب لعودة الحكومة الشرعية والحوثيين إلى طاولة المشاورات.
وأشار المصدر إلى أن ترتيبات العودة للمشاورات، تتزامن مع استئناف الحركة الملاحية الجوية في مطار صنعاء الدولي، وكذا السماح بدخول سفن تحمل مشتقات نفطية إلى ميناء الحديدة.
صراعات داخلية
وتشهد مناطق سيطرة مليشيا الحوثي الانقلابية صراعات بينية متكررة حيث كشفت مصادر مطلعة في العاصمة صنعاء القابعة تحت سيطرتها، عن عملية إغتيال جديدة طالت أكبر القيادات الحوثية بعد ساعات فقط من اغتيال شيخ قبلي في العاصمة نفسها.
وبحسب “المشهد اليمني”، فإن هذه العمليات تأتي في إطار صراع حاد في صنعاء بين رئيس جهاز المخابرات الحوثي عبد الحكيم الخيواني مع رئيس الأمن الوقائي الحوثي عزيز الجرادي تم على إثرها إغتيال اللواء الجرادي والمكنى أبو طارق من قبل الخيواني والمكنى بالكرار الخيواني.
كما اندلعت مساء الجمعة الماضي مواجهات مسلحة عنيفة شرق مدينة تعز بين فصائل حوثية، نتيجة خلاف على اموال وكميات سلاح متنوع، واستمرت المواجهات لساعات وسط اتهامات متبادلة بين مابات يسمى بالحوثيين ( القادمين من صعدة) والمتحوثيين من ابناء تعز واب الموالين للجماعة.