حاورها/ محمد عبده سعيد
كان للحرب يدها القاصمة في تعطيل المشهد الثقافي اليمني، وتغييب صوت الشعراء، وبشكل خاص الشاعرات، لكن ضيفتنا لم تستسلم لهذا الوضع، فبصلابة شقت نحو التألق طريقها، لتصدر ديوانها الشعري الأول وتشارك بفاعلية في عديد فعاليات أدبية أقيمت في مدينة تعز..
في هذا الحوار تتحدث الشاعرة نجاة شمسان عن تجربتها الشعرية ودور المثقف في إحياء المشهد الثقافي، ومقاومة الحرب بالشعر.. فإلى التفاصيل..
بدايةً، نريد أن نعرّف القراء من هي نجاة شمسان ؟
نجاة شمسان
– شاعرة وقاصة
– بكالوريوس/ رياضيات جامعة تعز
– طالبة ماجستير/ إدارة أعمال جامعة تعز
ــ حاصلة على درع مكتب الثقافة تعز للعامين 2018 / 2020م
ــ رئيس حركة تام الأدبية
ــ من الاصدارات ديوان أرجوحة الضوء
ــ ديوان ومجموعة قصصية تحت الطبع
كيف بدأت نجاة مشوارها الأدبي في مجال الشعر؟
ــ لم تكن هناك بداية بقدر ما كان هناك لقاء وعناق حار وأنا أسير على طريق الأدب الذي بدأت المسير فيه ببعض خربشات قصصية وأنا طالبة في الصف السابع، هكذا كان أي حدثٍ يسكنني أترجمه كقصة بلغة تغرقها الوجدانية وتتلعثم فيها الجزالة والبلاغة كانت مرحلة تطوير ذاتي بكثرة الاطلاع ولم يكن فيها المصوّب لتلك الخربشات، استمريتُ بتلوين قصاصات الورق وكشاكيل المدرسة بهذه القصص إلى أن جاءت مرحلة الجامعة وقد كانت هي نقطة التحول بالنسبة لكتاباتي حيث انتقلت من مرحلة الخربشات إلى مرحلة أكثر دقة وأكثر توجيه وتركيز لعدة أسباب منها اتساع أفق القراءة ووجود المصوّب والموجه لكتاباتي، بدأت كتاباتي هنا تأخذ طورا أخر وجنسا أدبيا أخر وهو كتابة شعر النثر الحداثي، استمرت هذه المرحلة ونمت وتبلورت أكثر من حيث اكتسابي معرفة وقدرة أكبر في تطويع اللغة في تصوير أحداث تتسرب إلى أعماق روحي من الواقع المعاش، وعندما شعرت بأن اللغة لم تخذلني في كتابة النثر الحداثي أصبحت أكثر تأملا بهذه اللغة بأنها لن تخذلني إذا ما طرقت الشعر بالأوزان الخليلية، كنت أشعر بأن تجربتي الشعرية لن تكتمل ولن تتسم بالنضج ما لم أمتلك جرأة الغوص في هذه البحور والغوص بعمق اللغة بجذور جزالتها الضاربة في الواقع وأغصانها الممتدة في الخيال
كان هاجس كتابة الشعر العمودي يلحّ عليّ كتحدي لامتلاك ريشة رسام يستطيع دمج أمواج بحور الشعر الخليلية مع موج الحداثة العاتي الذي كل يوم يزداد علوا بسبب ثورة التكنولوجيا الحادثة وحركة الترجمة والانفتاح على الأدب والثقافات في مختلف بقاع العالم، ولأننا أصبحنا نعيش في عصر البقاء فيه للأقوى وهذا ينطبق أيضا على الشعر فالقصيدة المكتملة بالوزن الخليلي والثملة بالصور والأخيلة الحديثة والسوريالية هي التي تصمد أمام أمواج القصائد المتدفقة كطوفان من كل البلدان
وكان عناق الشعر العمودي لقلمي بالتحديد في العام 2016 م حيث كانت قصيدة (درة مرّت على شجني) هي أول قصيدة عمودية أكتبها تأثرا بأحداث الحرب في بلدنا الحبيب.
ماهي العوامل التي ساعدتك في عملك وانتاجك كشاعرة؟
ــ عوامل كثيرة ولكني أظن أهمها مساحة الحرية المتاحة لي في الكتابة فلم تكن هناك قيود على كتاباتي، ومع هذه المساحة لم أشعر أبدًا أن هناك ما قد يكون محظور كتابته عليّ كوني امرأة ككتابة قصائد الحب والسياسة.
“أرجوحة الضوء” ديوان شعري أصدرته.. مادلالة هذا الاسم لك؟
– بداية انطلاق الأرجوحة الأدبية نحو الضوء والانتشار والظهور في الأوساط الأدبية، وبداية حفر اسم وحرف نجاة شمسان في ذاكرة الناس.
ماهي أبرز أعمالك الشعرية والأدبية؟
كل كتاباتي الشعرية أو القصصية أظنها الأبرز إلى قلبي فأنا لا أكتب شيء إلا وأنا راضية عنه تمام الرضا وأترك مهمة اختيار الأبرز لقارئ حرفي وللنقاد.
حدثينا عن موقف أسرتك، أهلك وزوجك، خلال رحلتك الإبداعية؟
– لم تكن أسرتي يوما حجر عثرة في طريقي الأدبي، والدي ووالدتي حفظهما الله يشعران بالفخر مع كل حرفٍ أكتبه فهما يملآني بالحياة، أما انطلاق مسيرتي الأدبية نحو الضوء فأنا مدينة به لزوجي الحبيب الاستاذ محمد الساري حفظه الله فهو الدينامو المحرك لكتاباتي وهو الطاقة الروحية التي تملأني بالشعر وهو اليد التي تعبر بي إلى الأمام.
كيف كانت تعاملات المجتمع المحلي معك كونك امرأة؟
– أظنك تقصد كامرأة تكتب الشعر..
حقيقة رغم العادات والتقاليد التي تغبن المرأة كثيرًا في يمننا الحبيب، إلا أني لم أعاني من هذا الغبن أبدًا، بالعكس تلاقي كتاباتي كل الحفاوة ويلاقي شخصي كل الاحترام، ربما هذا يعود إلى أن قارئ الشعر يمتلك تحررًا فكريًا يجعله يحجّم ظلم المرأة الشاعرة وغير الشاعرة تحت ذريعة العادات والتقاليد.
ماهو الشعر بالنسبة لك؟
ــ حياة بين الواقع والخيال.
هناك تجارب شعرية تميز بها المشهد الشعري اليمني، أين تجدين نفسك في التجربة الشعرية؟!
– في بداية مسيرة الضوء.
بمن تأثرتي من الشعراء العرب واليمنيين؟!
ــ بكل من كتب شعرًا يتسلل إلى طبقات الروح.
بالنسبة لك من أبرز ثلاثة شعراء أو شاعرات في اليمن حاليًا؟!
ــ هناك أكثر من هذا العدد بكثير وإذا ما اختصرتهم بثلاثة أشخاص سأكون ظلمت الشعر كثيرًا وأجرمت بحقه.
هل هناك طموح مستقبلي للشاعرة نجاة شمسان؟
ــ لا يتوقف الطموح والأحلام إلا بموت الحياة فينا وأنا مازلت أشعر بأني كأسٌ ممتلئة بالحياة.
كيف ترين الوسط الأدبي اليمني؟!
– بصحة جيدة رغم تدفق الغث والسمين إليه ولكن طالما هناك السمين فالوسط بصحة جيدة رغم المعاناة الكبيرة والانهيارات الكبيرة التي يعيشها الشعب اليمني.
لماذا مازالت الاسماء الشعرية النسائية اليمنية قليلة برأيك رغم توسع الأوساط الأدبية الرقمية خاصة ووجود مساحة حرة للنشر؟
– لا أظن أن الاسماء الشعرية النسائية قليلة؛ هي كثيرة لكن كمقارنة بالشعراء ربما تكون قليلة، ومن الظلم أن نقارن عدد الشواعر بعدد الشعراء كون المرأة تحررت من قيود الفكر الضيق واستطاعت بعد رحلة طويلة أن تغير كثيرًا من المفاهيم الخاطئة حول نظرة المجتمع للمرأة الشاعرة أو القاصة أو الكاتبة بشكل عام وحتى السياسية وهذا تطلب منها الكثير من الوقت لهذا ظهرت متأخرة بالمدة الزمنية عن الرجل وهذا أحد الأسباب الذي جعل الشواعر أقل عددًا من الشعراء حاليًا.
ما تقييمك للشاعرات اليمنيات وماهي المعوقات التي تواجههن من وجهة نظرك كونك صاحبة تجربة؟
– على الساحة الأدبية اليمنية برزت شواعر يمتلكن ناصية الحرف، ربما هن قليلات من امتلكن هذه الناصية ووصلن لمراحل متقدمة من كتابة الشعر ولكن الأهم من الكم هو الكيفية التي استطعن بها منافسة الشعراء وتفوقن بجودة ما يكتبن وبرزوهن أمام الكم الهائل من الشعراء لهو خير دليل على جودة كتاباتهن.
أما إجابة الشق الاخر من السؤال لا معوقات إن كانت هناك إرادة، ليس المهم الظهور على الساحة الأدبية سريعا الأهم هو ضرورة التطوير المستمر لكتاباتنا نحن الشواعر حتى يفرض الحرف النسائي نفسه ويشق طريقه ويعتلي المنصات عن جدارة.
قد أوردتُ هنا عبارة الحرف النسائي كتوضيح الإجابة فقط ولكن في الواقع الحرف هو الحرف فلا فرق بين الحرف إلا بقوته وجودته وإبداعه.
رسالة أخيرة تودين توجيهها للنساء والمثقفات الشباب؟
– رسالة أوجهها لي قبلهن وهي القراءة ثم القراءة ثم القراءة، يجب أن يكون هناك جوع مستمر للقراءة ونهم كبير لالتهام الكتب في كل مجالات الكتابة وبالأخص الأدبية وعلم النفس والفلسفة والتاريخ.