ناصر عبدالواسع العريقي
وأنا أتابع صحفة الفيسبوك قرأت منشور يتحدث عن مناقب الفقيد المناضل مهيوب سعيد عبدالله الشقب في ذكرى وفاته ولفت انتباهي الاسم؛ فقد عرفته في عامي 94/95م من خلال عملي بالتعداد العام للمساكن والسكان حينها، في مديرية صبر الموادم.
لم اعرف بوفاته في حينه. وبما أن حفيده الصحفي/ عميــــد المهيوبي صديقاً لي في فيسبوك؛ فقد رايت أقل واجب أن أبعث إليه بهذا المنشور الذي حاولت من خلاله إستذكار دور جده الرفيق مهيوب سعيد في إنحاح عملية التعداد السكاني في مديرية صبر.
عن الفقيد مهيوب سعيد..
المناضلون لا يموتون فذكراهم وانجازاتهم حية شاهدة على ما قدموه
هناك الكثير من المنشورات التي تحدثت عن مناقب الفقيد الذي تعرض للمطاردة والتشريد مع رفاقه دون أي كلل ولا ملل بذل الكثير من الجهود من أجل خدمة مجتمعه ففتح منزله مدرسة للناس ولم يتوانى عن التفكير بتوفير مدرسة للناس فقدم من أرضه مكان لبناء مدرسة بل كان المؤسس الأول لمدرسة السعادة شقب وكان الرجل الأول في شق الطريق الرابط بين مدينة تعز ودمنة خدير والتي أصبحت حالياً بوابة جنوبية لمدينة تعز فنضاله الحزبي في مقارعة الرجعية التي كانت تشجع تجهيل الناس وتحارب التعليم والطرقات خير شاهد على ما قدمه للمجتمع وللحزب.
موقف من زيارتي للرفيق مهيوب
في يناير 1994م خلال التمهيد لعملية التعداد العام للمساكن والسكان، كنتُ حينها مشرف التعداد (معاون) في مديرية صبر الموادم. وكانت عزلة النجادة واحدة من عزل مديرية صبر الموادم.
كنت انا والمرحوم احمد عبدالله عامر “الامين العام للمجلس المحلي لمديرية صبر الموادم” متجهين بالسياره الى عزلة النجادة لـ اللقاء بالوجاهات فيها للسلام عليهم، وخلق تفاعل بعملية التعداد.
مع روعة صباح صبر، وحلاوة الطبع، والمرونه لدى المرحوم احمد عبدالله عامر؛ كعادته بداء يمازحني، قائلاً:
“انا داري انك ستفرح اليوم لومن تقابل اشتراكي مثلك! بس مش اي إشتراكي”.
قلت له، من هو؟
قال لومن نوصل ستعرفه. واضاف، هو إنسان طيب ومعروف وتعاوني بإخلاص، بس بينه (فيه) دبور الاشتراكي، مثلك انت وضحكنا هههههه..
المهم بعد طريق طويله، ووعرة جداً، وصلنا الى قرية الشقب في عزلة النجادة، وفعلاً حينها استقبلنا الرفيق مهيوب سعيد بتلك البشاشة، والحصافة الحزبية الحذرة…
بعد السلام، والكلام من هنا وهناك، ومزاح المرحوم احمد عبدالله عامر، تبادلنا كثير معلومات عن تميز عزلة النجادة بالكثافه السكانية، وزيادة البيوت بشكل ملفت. وعن الخدمات والمرافق في العزله..
تلى ذلك حديث سياسي ودي، كنا انا والرفيق مهيوب سعيد في صف الحزب الإشتراكي. وكان المرحوم احمد عبدالله عامر في صف علي صالح، لانه مؤتمري.
وبالقدر الذي كان فيه احمد عبدالله عامر، عقلاني، ويتمتع برؤية ثاقبه لمجريات الامور التي كانت ملتهبة آنذاك؛ كان الرفيق مهيوب سعيد حينها، يُشخص امور الإختلاف بدقه وعناية. وعن تجربة كان الرفيق مهيوب سعيد يدرك مقاصد التحالف الذي يمثل قوى الشمال، والنوايا التي يبيتها الاخير -صالح- ضد شركاء الوحده الجنوبيين، ويمثلهم الحزب الاشتراكي اليمني.
ولتواضع معرفتي في الخلاف السياسي المحتدم آنذاك؛ لاني حينها في سن الثلاثين سنة؛ كنت اركز على الحوار بين الشخصين، وارى المرارة في كلمات الرفيق مهيوب سعيد، وهو يعدد مواقف وجهود النضال الجبهوي الذي احتدم منذ منتصف السبعينات، وغايته الوحدة اليمنية. ثم يحكي باسى واسف شديد من إرهاصات التنصل، ونوايا الانقلاب على الوحده السلميه الاختيارية التي طفحت الى السطح بعد عام من تحقيقها في مايو1990م. متسائلاً: هل ما ناضلنا من اجلة، وصرفنا بواكير اعمارنا فيه؛ سيذهب سدى بسبب رعونة تحالف علي عبدالله صالح، ورديفه التجمع اليمني للإصلاح؟
ويضيف: ما كنا قد اعتبرناهـ منجز لا يضاهية منجر عربي؛ سيتم التآمر علية من قبل الشريك في الشمال “يقصد صالح”..الخ. في حين يعلق بضحك مصحوباً بالهم احمد عبدالله عامر.
خلال ما كنا نتحدث، عدد احمد عبدالله عامر المآثر والانشطه التعاونيه، المحلية التي ساهم بها الرفيق مهيوب سعيد.
وانتهى اللقاء على امل العودة لاحقاً…
لكن ماهي الا ايام، وفوجئنا بقرار إيقاف مشروع التعداد السكاني بسبب تنامي المشاكل ذات الصلة بارهاصات الإنقلاب على الإتفاقيات الوحدوية، والإيقاد الديني والمناطقي للحرب على شريك الوحدة وكل الجنوب. وبالفعل عاد كل مشرفي المديريات الى الجهاز المركزي للإحصاء، وانا احدهم. وقامت الحرب اللعينه، واستطاع تحالف العسكر والقبيله والدين، تشتيت القوى العسكرية والمدنية للجنوبيين، واجتياح عدن في 7يوليو1994م… الخ.
تقرر إعادة استكمال مشروع التعداد السكاني في العام التالي 1995م بعد إنتهاء الحرب، والسيطره على كل الجنوب، وملاحقة الجنوبيين، وكل من له صلة بالحزب الاشتراكي. وتم إعادة مشرفي المديريات، لإستكمال مهامهم، وكنت انا احدهم، عدت الى مديرية صبر المواده.
وخلال هذه الفتره التكميليه في عام1995م، روى لي احمد عبدالله عامر عن ما لاقاه رفاقنا من مضايقات حدثت، خلال وبعد حرب 1994م. ومن ذلك الرفيق مهيوب سعيد عانى من الملاحقة، وكيل التهم، والسجن من قبل اجهزة الامن التي تعاضدت مع تحالف صالح والإصلاح ضد الوحده، وضد الحزب الاشتراكي، وكل الجنوب. ومع ذلك ظل الرفيق مهيوب سعيد يعمل بكل إخلاص وتفاني في إستكمال مشروع التعداد العام، بنفس الوتيرة والنوايا الطيبه دون إنعكاس يُذكر لما لاقاة هو ورفاقه من جحود سلطة الانتصار في 7 يوليو1994م.
رحم الله الفقيد المناظل مهيوب سعيد.
ورحم الله المرحوم احمد عبدالله عامر…
