تعز: عبير عبد الله
” كان نفسي أكمل تعليمي وأصبح محامية … لكن الحرب أحرمتني هذا الأمل “
بهذه الكلمات توضح سلمى كيف خسرت تعليمها بسبب الحرب بعد أن كاد يفصلها عن التخرج من الثانوية أشهر قليلة وكيف أن الحرب غيرت مجرى حياتها المفترض..
تضيف سلمى “في منتصف شهر أبريل 2015 أغلقت جميع المدارس بتعز جلسنا في المنازل كانت الحرب أشتعلت في أزقة وشوارع المدينة ولم يعد هناك من مكان آمن للمكوث فيه” …
وتستطرد “قرر والدي بعد شهرين من البقاء في المنزل السفر إلى القرية شرعب السلام واتخاذ منزل جدي مسكنا جديدا لنا إذلم يكن من خيارا سواه
وتضيف” لم أتمكن من إكمال تعليمي في القرية لعدم استطاعتي توفير الوثائق اللازمة للالتحاق بالمدرسة حينها فقد والدي مصدر رزقه بعد نزوحنا إلى الريف ولم يعد يستطع توفير لقمة العيش للأسرة”.
وافق والدي على الفور ودون الرجوع إليّ وبعد أسابيع من المحاولات الفاشلة لإقناعه بالعدول عن قراره تقرر موعد الزواج
بعد ستة أشهر من المكوث في القرية تقدم أحد أبناء المشائخ الأغنياء لخطبة سلمى كما تقول وبسبب ماآل اليه حال الاسرة “وافق والدي على الفور ودون الرجوع إليّ وبعد أسابيع من المحاولات الفاشلة لإقناعه بالعدول عن قراره تقرر موعد الزواج”
إحصائيات مخيفة
وأكد مدير مكتب التربية والتعليم في تعز عبد الواسع شداد أن هناك أعدادا كبيرة من الفتيات تسربن من مدارسهن خلال الثلاث السنوات الأخيرة من الحرب، إذ تجاوز أعداد الطالبات بمدينة تعز في الصفوف الأولى (من الصف الأول حتى الخامس) نسبة 7,2% أي بواقع 1538 طالبة.
ويشير شداد إلى أن نسبة التسرب بين الفتيات في المدينة من (الصف السادس حتى الصف الثامن) تقل إلى 4,6% أي بواقع 1384 طالبة، فيما ترتفع نسبة التسرب بشكل كبير من الصف التاسع حتى الصف الثاني ثانوي لتصل إلى 11,2% بواقع 3037 طالبة.
أي أن 23% من طالبات مدينة تعز يتسربن من التعليم لاسباب تتنوع بين حاجة الاسر لبناتهن مادون الـ12 عاما في نقل المياه أما ماتبقى فبسبب ارتفاع منسوب الفقر والبطالة نتيجة الحرب وبالتالي ضعف المقدرة على تغطية نفقات التعليم ما تسبب في توقف البعض عن التعليم او توجه اسرهن نحو تزويجهن في سن مبكرة لتخفيف ضغط النفقات كما يفيد المكتب.
23% من طالبات مدينة تعز يتسربن من التعليم بحسب مدير مكتب التربية في المحافظة
وعلى مستوى البلد كشفت منظمة “اليونيسيف” في تقرير أصدرته بشأن وضع التعليم في اليمن انقطاع نحو 500الف طفل عن الدراسة منذ تصاعد الصراع مؤخرًا، ليضافوا إلى مليوني طفل كانوا خارج المنظومة التعليمية
ووفقاً للتقرير فإن أكثر من 2500 مدرسة في اليمن، خارج الجاهزية إذ دُمر منها حوالى (66 في المائة) بسبب العنف المباشر، فيما أُغلقت 27 في المائة منها بسبب وقوعها في مناطق الاشتباك، في حين يتم استخدام نسبة 7 في المائة من المدارس إما لأغراض عسكرية أو أماكن إيواء للنازحين.
اليونسيف: أكثر من 2500 مدرسة في اليمن، خارج الجاهزية ومليونين ونصف من الأطفال انقطعوا عن التعليم
وأضاف التقرير أن المنظومة التعليمية في اليمن تأثرت بسبب عدة عوامل، منها التوقف عن صرف رواتب الكوادر التعليمية العاملة في ثلاثة أرباع المدارس الحكومية منذ أكثر من عام، ما جعل تعليم قرابة 4.5 ملايين طالب على المحك.
عرضة للعنف
ومع صعوبة الأوضاع المعيشية وتردي الأوضاع الاقتصادية وقلة الموارد المالية التي باتت تلازم الكثير من الاسر غير القادرة على توفير المستلزمات الأساسية لاستمرار بناتهن في المدارس، تلجأ بعض الأسر إلى دفع الفتيات للزواج المبكر والتسرب من التعليم.
وتقول ميمونة الحسيني وهي محامية وناشطة في اتحاد نساء اليمن، إن “تسرب الفتيات من التعليم سواء أكان خلال فترة الحرب أو قبل ذلك أثر سلباً على تطلعات المرأة اليمنية لجهة الحد من طموحها في اكمال التعليم”.
وأضافت “يستقبل إتحاد نساء اليمن العديد من القضايا الخاصة بالنساء كالمطلقات والزواج المبكر والمعنفات من أزواجهن، والملاحظ ان معظم القضايا تأتي من نساء غير حاصلات على التعليم إما نتيجة العادات والتقاليد في بعض المناطق النائية أو بسبب أمور تتعلق بعدم مقدرة الاسر تغطية تكاليف التعليم ما يسبب ضعف الوعي لديهن في كيفية مواجهة مشكلاتهن وانتزاع حقوقهن”
وتدعو الناشطة الحسيني الحكومة ومنظمات المجتمع المدني العمل على توفير مدارس بديلة وآمنة.