المواطن / تعز _ تقرير نصر عبد الرحمن
تشهد محافظة تعز، جنوب غرب اليمن، إرتفاعًا متزايدًا لانتهاكات حقوق الإنسان منها السطو على أراضي ومنازل المواطنين ونهبها بقوة السلاح وبيع عدد منها بعد تزوير وثائق ملكيتها.
وارتفعت أصوات المواطنين وتزايدات شكاويهم مؤخرًا من تعرض منازلهم وأراضيهم للنهب بقوة السلاح، من قبل عصابات مسلحة ينتمي أغلب أفرادها إلى الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة للحكومة المعترف بها، وأحيانًا بمساندة ودعم من بعض القيادات في السلطة المحلية والأجهزة الأمنية والعسكرية.
كما أن عدد من القيادات العسكرية والأمنية سيطرت على عدد من منازل المواطنين وأتخذت منها مقرات لها أو لكتائبها رغم امتلاكها لمقرات عسكرية معروفة، والبعض أصبح يرفض إخلائها وتسليمها لأصحابها متذرعين تارة بأن المنازل تحت القصف، وتارة بأنهم قدموا تضحيات كبيرة عند استرجاع مناطق تلك المنازل من سيطرة الحوثيين.
نهب وبسط وتهديدتمكن “المواطن” من رصد الكثير من جرائم السطو والنهب لأراضي ومنازل المواطنين في كثير من مناطق المحافظة، الخاضعة لسيطرة سلطات الحكومة المعترف بها، منها السطو على أرضية البرلماني السابق محمد لطف، والواقعة في وادي القاضي أمام صالة غدر بالشارع المقابل لها، وذلك قبل ثلاثة أشهر، والشروع في البناء فيها قبل أيام، من قبل قائد عسكري في اللواء 22 ميكا.
وأكد نجل البرلماني غمدان محمد لطف لـ”المواطن” بالقول: “إن عبد الله عبد الواحد منصور المخلافي، ابن أحد رؤساء النيابات بتعز، وأحد قادة كتائب اللواء 22 ميكا قام بالاعتداء والسطو المسلح على أرضية والدي الأستاذ محمد لطف السامعي عضو مجلس النواب السابق، والواقعة في وادي القاضي أمام صالة غدر بالشارع المقابل لها وقام بالبناء فيها”.
وأوضح غمدان: “قام بالضغط وارغام الوالد تحت التهديد بالتوقيع على اتفاق مبيع بسعر إثنين مليون للقصبة الواحدة رغم أن سعر الزمان والمكان لا يقل عن ٦ مليون ريال للقصبة كون الأرضية يحيط بها ثلاثة شوارع أحدهما رئيسي، ولم يلتزم المعتدي بالاتفاق، ثم التوقيع تحت الإكراه والاجبار والتهديد بالسلاح بالتوقيع على تنازل بالارضية ولم يسلم الثمن”.
وأضاف: “بعد ذلك تم اللجوء إلى التحكيم حسب الحجج والوثائق بيد كل طرف لكن المحكمين لم يقدروا على توقيف العمل بالارضية كون القضية منظورة عندهم، وطلبنا منهم إيقاف البناء ولم يوقفوه،ولم يتجرأوا النطق بالحكم أو ما توصلوا إليه حسب الحجج والوثائق الرسمية”، مشيرًا إلى “مرور ثلاثة أشهر للحادثة ومازالت تلك العصابات يمارسون كل أنواع الابتزاز والانتهاك والاغتصاب للحقوق والحريات الخاصة والسطو المسلح بقوة سلاح الدولة المتمثل باللواء 22 ميكا”.
وقال: “شكونا لقسم ١١نوفمبر، وأرسل القسم ثلاثة عساكر لوقف العمل وإيصال الخصم للقسم، لكن أربعة أطقم عسكرية قدمت من اللواء 22 ميكا مدججة بشتى أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة وقاموا باختطاف عساكر القسم إلى وجهة غير معلومة واشهروا الأسلحة إلى صدورنا وهددونا بالاختطاف والتصفية إن استمرينا بالمتابعة”.
بغطاء رسميوفي ذات السياق قام عرفات علي منصور المخلافي، احد منتسبي اللواء 22 ميكا ومعه أولاد المكاوي صباح يوم السبت الموافق 20 يونيو 2020م، بالاعتداء علی أرضية المواطن سلطان احمد عثمان المقطري، الكائنه في منطقة بيرباشا غرب المدينة.
وأفاد مصدر مطلع لـ” المواطن” أن المقطري كان قد اشترى الأرضية منذ عشرات السنين من أولاد المكاوي وآخرين وبموجب البصائر والأحكام القضائية الصادرة والتي تؤكد صحة هذه الوثائق، موضحًا أن عرفات المخلافي وأولاد المكاوي قاموا بالاعتداء علی أراضي المواطن المذكور أعلاه بأستخدام الحرارات وبوابير النقل وبرفقة أطقم عسكرية، وبتوجيهات صادرة من رئيس النيابة العامة بتاريخ 18 يونيو 2020 ، والذي تجمعه بالمعتدي صلة قرابة (عمه) علی أراضي المواطن المذكور متجاوزاً أحكام القضاء التي صدرت لصالح المواطن سلطان المقطري، مشيرًا إلى أن هذا الاعتداء ليس الأول من قبل عرفات علي منصور وأولاد المكاوي، بل سبقه إعتداء علی أراضي المذكور ومنزله بوابل من الرصاص.
استيلاء وقتل
وقبل سنوات أحتل جنود من اللواء 17 مشاة بقيادة عبده حمود الصغير أركان حرب اللواء، وعناصر من الشرطة، منازل المواطن محمد علي مهدي، والكائن في مدينة النور على القرب من الدفاع الجوي، مديرية المظفر، وعند مطالبته لهم بالخروج من منازله تقطع له عدد من الجنود في السابع والعشرين من شهر أغسطس الماضي وقاموا بقتله.
وأوضح مصدر مقرب من الضحيه أن محمد وبعد عودته من المملكة العربية السعودية ظل يطالب السلطات المحلية والأمنية والعسكرية لمدة عام بإخراج الجنود من منازله دون جدوى، بل قام المحتلين لمنازله بالتقطع له وقتله، ومازلوا يحتلون منازله حتى اليوم، ولم يتم القبض على القتلة أيضًا.
وكانت منظمة “حقوق مكفولة” قد أصدرت في شهر سبتمبر من العام الماضي، تقريرًا -تداولته عدد من وسائل الإعلام المختلفة- كشفت فيه عن عدد من الانتهاكات التي قامت بها عصابات مسلحة تمارس السطو والنهب لمنازل وأراضي المواطنين في مختلف مناطق مدينة تعز، وتقوم في بيعها بعد تزوير وثائق ملكيتها.
وأكد تقرير المنظمة أنه في منطقة “وادي القاضي” تم السطو بقوة السلاح على 30 منزلًا وعمارة، وتزوير ملكيات 25 منزلًا وعمارة منها وبيعها، والسطو على 42 أرضية وبيعها بعد تزوير وثائق ملكيتها، بينما تم السطو على 26 منزلاً وعمارة وبيعها بعد تزوير وثائق ملكيتها، والسطو على 57 أرضية وتزوير وثائق ملكيتها وبيعها في مناطق “بير باشا وعمد والدحي”، غرب المدينة.
وذكر التقرير أنه في منطقة “المطار القديم” تم السطو على 49 منزلًا وعمارة وتزوير وثائق ملكيتها، وبيع 42 منزلًا وعمارة منها، كما تم السطو على 63 أرضية وتزوير وثائق ملكيتها، وبيع 51 أرضية منها، والبناء على 6 أراضٍ، والباقي معروضات للبيع.
وأضاف وفي مناطق “كلابة والموشكي والروضة” تم السطو على 69 منزلًا وفلة وعمارة، وبيع منها 23 بعد تزوير وثائق ملكيتها، والبقية مازالت تحت سيطرة العصابات، ومن يطالب بمنزله عليه الدفع لتلك العصابات بما يقارب قيمته، كما تم السطو على 22 أرضية وتزوير وثائق ملكيتها، وبيع 11 أرضية منها، والبقية معروضات للبيع.
وفي منطقتي “جبل جرة والزنوج” تم السطو على 84 منزلاً وفلة وتزوير وثائق ملكيتها، وبيع 18 منها، والبقية تحت سيطرة العصابات ومعروضة للبيع، كما تم السطو على 70 أرضية وتزوير ملكيتها، وبيع 13 أرضية منها، والبقية مازالت تحت سيطرة العصابات ومعروضات للبيع، بينما في مناطق “المسبح وعصيفرة والسلخانة” فقد تم السطو على 50 منزلًا وفلة وعمارة وتزوير وثائق ملكيتها، وبيع 15 منها، والبقية تحت سيطرة عصابات وقيادات عسكرية وسياسية، كما تم السطو على 17 أرضية وتزوير وثائق ملكيتها، وبيع 12 منها، فيما البقية معروضة للبيع.
وفي “تبة الإخوة والضبوعة والتحرير الأسفل” تم السطو على 53 منزلًا وفلة وعمارة وتزوير وثائق ملكيتها، وبيع 14 منها، والبقية تحت سيطرة العصابات وقيادات عسكرية وأمنية، كما تم السطو على 3 أراضٍ، وبيع واحدة بعد تزوير وثائق ملكيتها.
واكدت المنظمة امتلاكها كافة الإثباتات حول كل قضية تم رصدها، وستقوم بتقديم ما لديها من وثائق وإثباتات إلى جهات ومنظمات دولية.
وفي ذات السياق أكد مصدر مطلع للمواطن وجود أكثر من 79 قضية نهب وسطو على أراضي ومنازل المواطنين، في الوقت الحالي في مختلف مناطق مدينة تعز.
السلطة المحلية وعمليات النهب:
وعن دور السلطة المحلية تجاه عمليات النهب لأراضي ومنازل المواطنين في تعز، قال غمدان نجل البرلماني السابق محمد لطف، بخصوص نهب أرضية والده: “ناشدنا اللجنة الأمنية والسلطة المحلية بالمحافظة ولكن لا مجيب، وناشدنا المشائخ ومنهم الشيخ شوقي المخلافي واعضاء اللجنة المجتمعية بالمحافظة ولكن دون جدوى”، متسائلًا: “فلمن نشكو وأين المفر ومن سينصفنا من كل هذه الانتهاكات وسلب ونهب واغتصاب املاكنا ومن سيرفع الظلم عن الغلابا والمساكين”؟؟!!!.
وفي الثامن من شهر سبتمبر الجاري، أقرت اللجنة الأمنية بالمحافظة، تشكيل لجنة برئاسة وكيل المحافظة لشئون الدفاع والأمن العميد عبد الكريم الصبري، لتسليم المنازل الخاضعة لسيطرة قوات أمنية وعسكرية لأصحابها في مختلف المناطق.
“المواطن” تواصل مع رئيس اللجنة للحصول على معلومات بهذا الخصوص وما أنجزته اللجنة بعد عشرين يوم من تشكيلها لكنه لم يرد، وعند زيارته إلى مقر عمله في مبنى المحافظة رفض مدير مكتبه السماح للصحفي بمقابلته بحجة أن الوكيل يرفض التصريح لوسائل الإعلام حتى إنتهاء عمل اللجنة.
وذكرت وسائل إعلام محلية نقلًا عن مصدر أمني مطلع أن وكيل المحافظة لشؤون الدفاع والأمن، اللواء عبدالكريم الصبري، رئيس اللجنة المشكلة من مختلف الجهات الأمنية والعسكرية، برفقة وكيل أول المحافظة، عبدالقوي المخلافي، التقيا بالقيادي عبده حمود الصغير، في السابع من الشهر الجاري، للتفاوض معه حول تسليم منزل المواطن محمد مهدي قعشة، الذي قتل أمام منزليه المغتصب في مدينة النور، إلا أنه رفض رفضاً قاطعاً تسليم المنزلين، بحجة أنه قدم أموالًا طائلة أثناء تحرير الموقع من الحوثيين.
وطبقاً للمصدر، فإن عبده حمود الصغير، أكد لوكيلي المحافظة، عدم تسليمه لمنزلي قعشة، بحجة أن لديه أفراداً يسكنون داخل المنزلين، وقال: “تشتونا أسلم الموقع للحوثيين؟”، وكشف المصدر لوسائل الإعلام أن وكيل أول محافظة تعز، قابل أخت الضحية محمد مهدي، وعمه أيضًا، عارضًا عليهم أنه سيتكفل باستئجار منزل لهم للسكن فيه داخل المدينة، مقابل بقاء منازليهما تحت سطوة القيادي الصغير ومسلحيه، وأن المخلافي تحدث مع عم الضحية بالقول: “عبده حمود يقول إنه خسر 9 مليون ريال، عندما حرر الموقع الذي فيه حقكم الفلتين، وإذا أنتم خائفين با نجبره يعمل عقد إيجار لكم، حتى تضمنوا حقكم، ونشوف لكم منزل في المدينة”، مشيرًا إلى أن أسرة الضحية رفضت عرض المخلافي، وطالبته بتسليم منزليهما المغتصبين، في أسرع وقت ممكن.
وبشأن الجنود المتهمين في جريمة قتل المواطن محمد مهدي قعشة، قال المصدر، إنه تم تسليم 2 منهم للشرطة العسكرية، وأن 3 آخرين لم يتم القبض عليهم، كونهم مشاركين في الجريمة، منهم جنديان يتبعان اللواء 17 مشاة قاما بمنع المواطنين من إسعاف قعشة، أثناء إطلاق النار عليه، مشيراً إلى أن قيادات عسكرية تضغط في اتجاه تحويل القضية إلى النيابة العسكرية التابعة لمحور تعز العسكري، في ظل رفض محامي المجني عليه لذلك، باعتباره تجاوزًا للقانون، الغرض منه إحداث فجوة للتلاعب بالقضية، والإفراج عن المتهمين.
وكتب الكاتب جمال الشعري، الصديق المقرب من محمد مهدي، على صفحته في موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك “هذا الرجل (يقصد وكيل أول المحافظة) وعد في آخر لقاء له مع ذوي الشهيد محمد بتسليم المنازل ووعد بالضغط وبالمتابعة في تسليم كامل الجناة، كان ذلك قبل العشرين يومًا، ومنذ ذلك الحين وإلى اليوم، لم يكلف نفسه حتى باتصال واحد لقائد النجدة ولصغير العمليات ويلزمهم كما وعد بتسليم المنزلين وتسليم الجناة، ولكنه اكتفى بتنفيذ دوره في امتصاص الغضب بشخطة الوجه المعتادة، وانتهى دوره….”.
وأضاف “هذا الوكيل الذي يتجرد أصلا من مسمى وظيفي حقيقي يعترف به الدستور اليمني يقابلك بوجه مزيف، يشعرك للحظات الأولى أنه الرجل الوحيد والنبيل، وأنه من سينصفك، ولكنه في الحقيقة، يلعب الدور المهم في حلقات الفساد الكبيرة، ويساعد في التظليل وامتصاص الغضب، يعد بإلتزامات بشخطة وجهه، ثم يتناسى كل تلك العهود، وإن عُدت إليه طالبا تنفيذ وعوده، يكرر شخط وجهه اللعين ويحقنك بالمخدر”.
وقال: “هذه هي حكومتنا، وهؤلاء هم من يحكموننا، أحدهم يقتل وينتهك الحقوق، والأخر يستنكر بشكل صوري ثم يقول:_ بوجهي (مع شخطة وجه) لأخرج حقكم، لاخير فينا إن سكتنا.ثم يبتسم ابتسامة ماكرة وغادرة ويمضي البؤساء متوجعين ومغلوبين”.
وبحسب المعلومات فإن عدداً من المباني الكبيرة والفنادق في شارع جمال وسط المدينة، لا تزال تقع تحت سطوة قيادات عسكرية، وأن جنوداً مع عائلاتهم يسكنون تلك المباني منذ أكثر من 4 سنوات.
ما الحل؟!أكد المحامي والمستشار القانوني سلطان المعمري لـ” المواطن”، أنه يجب على القضاء أن يعمم إلى الموثقين في المحاكم والأمناء الشرعيين بعدم تحرير أي بصيرة بيع من فروز ملكية أو بصائر ملكية مالم تكن مقيدة في السجل العقاري، وكذا التعميم بالتقيد بالاختصاص المكاني مثلا أنا أمين شرعي في كلابة وأكتب بصيرة بيع لأرض في التعزية أو بير باشا أو في صبر. ..الخ”.
وقال: “العواقب القانونية تختلف من واقعة إلى اخرى هناك من يعتدي بعصابات مسلحة وهناك من يقتل وهناك من يزور مستندات ملكية وغيرها ولكل واقعة عقوبة محددة”، مشيرًا إلى أنه “عندما توجد الدولة ويوجد القضاء العادل ويوجد الأمن الذي يحمي القاضي وينفذ أوامره تتلاشى مثل هذه القضايا”. وشدد على ضرورة إلزام كل جهات التوثيق بعدم إجراء أي تصرفات قانونية إلا لوثائق مسجلة في السجل العقاري”، وقال: “هذا هو الحل من وجهة نظر قانونية”.