المواطن/ تقرير ـ خاص
يتنامى الرفض الشعبي والمجتمعي لمليشيا الحوثي المتمردة المدعومة من إيران يومًا بعد آخر في مناطق مختلفة من نطاق سيطرتها..
تكشف ذلك الأصوات المعارضة لها، وتزايدها، والتي لم تعد خفية، رغم سياسة القمع التي تمارسها المليشيا كوسيلة إخضاع للمواطنين في مناطقها ولاسيما المناوئين لها.
في الـ21 من سبتمبر/أيلول وفي فعالية أقامتها المليشيا في صنعاء احتفاء بهذا اليوم، الذي انقلبت فيه على الدولة، تعرضت مليشيا الحوثي الانقلابية لإنتقادات لاذعة من قبل رئيس اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني يحيى منصور أبو أصبع، حول ما أوصلت إليه الشعب اليمني من تجويع وتعذيب وانتهاكات.
وشن أبو أصبع، من خلال كلمة ألقاها في مناسبة المليشيا الحوثية الذي حضرها ضيفًا، هجومًا حادًا على المليشيا أنتقد فيه سياساتها القمعية والتجويعية التي مارستها منذ انقلابها وما زالت تمارسها بحق اليمنيين في عموم مناطق سيطرتها، وهو الأمر الذي دفع المليشيا خلال ذلك لمحاولة قطع الكلمة من خلال صرخاتها التي لم تثني أبو أصبع عن مواصلة كلمته حتى نهايتها.
محاولة اعتقال
وعلى إثر كلمته الهجومية عليها، حاولت المليشيا الحوثية عقب فعاليتها اعتقال أبو أصبع، غير أن عددًا من السياسيين الموالين لها والشخصيات الاجتماعية والناشطين ممن أرغمتهم على الحضور والمشاركة في فعاليتها، نجحوا في إقناع المليشيا المتمردة وقياداتها بعدم إعتقال أبو أصبع أو الاعتداء عليه.
تجريف المكتسبات الوطنية
أبو أصبع، ومن خلال الكلمة التي ألقاها انتقد سياسات مليشيا الحوثي الانقلابية التعسفية بحق أبناء اليمن ذكورًا وإناثًا وبمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم السياسية، متهمًا إياها في ذات الوقت بالتسلط والتجبر على اليمنيين وفرض سياسات وثقافات دخيلة عليهم مستخدمة في ذلك قوة السلاح ووسائل الترهيب والترغيب.
وقال أبو اصبع إن “تجريف مكتسبات المدنية ومصادرة الحقوق والحريات والوصاية على المجتمع اليمني يدل على إفلاس وليس على قوة أو تمكن، والحكم دائما يبدأ من رضا الناس عنه، ورضا الناس لا يأتي إلا بكسب عقولهم وقلوبهم، وإدارة موارد الدولة للمصالح العامة دون تمييز أو فساد وإفساد”.
وفي كلمته التي تبين مدى ما أوصلت إليه الحرب والمليشيا الوضع في مناطقها، قال أبو أصبع أن “استمرار الحرب في الداخل اليمني تكفينا جميعًا اليوم لأن نعرف أن الخلاص لا يمكن أن يأتي إلا عبر دولة المواطنة المتساوية”.
سلطة أمر واقع لا دولة
وأشار أبو أصبع، في كلمته إلى أن أي طرف يبسط نفوذه على جغرافيا يمنية ويسلب من خلالها إرادة المواطنين وحقوقهم ليس له علاقة بالدولة ولا يمكنه إطلاقًا أن يبني دولة، وذلك في إشارة منه إلى مليشيا الحوثي المتمردة المدعومة من إيران التي حولت مناطق سيطرتها إلى سجن كبير.
وأوضح أن “هذا لا يعني إنكار حق أي من الأطراف اليمنية في الشراكة الوطنية الكاملة في حال قام بمراجعات ذاتية مسؤولة وبادر للانضواء في مشروع وطني جامع لإنتاج دولة العدل والمواطنة المتساوية كون القاعدة تقول إن كل اليمنيات واليمنيين شركاء وليسو أعداء وإن منطلق العداء يجب أن يكون خارج قاموس الوطن”.
وأكد “يجب أن نقول جميعًا وبصوتٍ واحدٍ كفى عنتريات وكفى تفاخرًا فمصلحة اليمن لن تأتي على يد الطرف الأقوى إلا إذ اجتهد ليصبح هو الطرف الأفضل بالنسبة للشعب اليمني”، منتقدًا استقواء المليشيا الحوثية بالسلاح، من خلال قوله: “نقول هذا لأن السلاح الذي يمنح القوة من خارج دولة المواطنة لا يصنع مشروعية ولا يحقق التنمية ولا يقيم وزنا للحقوق والحريات”.
تجريف الهوية الوطنية
وقال أبو أصبع إن مليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران صدعت رؤوس اليمنيين بخطبها التي تهدف إلى تجريف الهوية الوطنية، لافتًا إلى أن مناطق سيطرة المليشيا الحوثية “تتعرض لاحتلال ثقافي ممنهج لم يعد خافيًا على أحد”.
وفي سياق كلمته التي بدا من خلالها أنه ضاق ذرعًا مما تقوم به المليشيا، خاطبها بقوله: “يجب أن تتحرر عقولنا من الأحقاد والضغائن ومن الرغبة في الإقصاء والاستعلاء، وأن ننظر لبعضنا البعض كيمنيين أننا شركاء في هذا الوطن مهما اختلفت روؤانا وتعددت وجهات نظرنا”.
واختتم أبو أصبع كلمته بقوله: “الحل لإيقاف الحرب في اليمن لا يمكن أن يحدث من خلال إلقاء الخطب والمحاضرات وإنما بجلوس جميع اليمنيين على طاولة حوار واحدة لإنتاج حل يمني يوقف نزيف الدم وينهي هذه الحرب”.
غضب شعبي متزايد
في السياق، تزايدت مؤخرًا الأصوات الرافضة للانقلاب الحوثي وما يقوم به من ممارسات وانتهاكات ضد اليمنيين في مناطق سيطرته وتحويله حياتهم إلى جحيم وخوف يعيشونه كل يوم.
وتتحدث مصادر عدة وسكان محليون في صنعاء أن دائرة الرفض المجتمعي لمليشيا الحوثي الانقلابية وممارساتها العدائية تصاعدت بشكل غير مسبوق في الآونة الأخيرة، بالرغم من سياسة القمع والإرهاب التي تمارسها المليشيا بحق معارضيها.
ورصد ” المواطن” عديد كتابات مناهضة لمليشيا الحوثي لناشطين على مواقع التواصل الإجتماعي ممن يقيمون في مناطق سيطرتها..
وكتب الشاعر اليمني قيس عبدالمغني منشورًا يعلق فيه على احتفاء الحوثيين بيوم انقلابهم على الدولة بالقول: “لم يكن يوماً
بل سكين في قبضة الجلاد،
لم تكن ثورة
بل طعنة في كبد البلاد.
ذكرى_النكبة” وهي التدوينة التي تداولها كثيرون في مناطق سيطرة المليشيا كونها تعبر عن موقفهم الحقيقي من انقلاب المليشيا الحوثية.
مثقفون غاضبون
إلى ذلك أصدر عدد من المثقفين اليمنيين يقيم أغلبهم في مناطق سيطرة المليشيا الحوثية بياناً بمناسبة الذكرى الثامنة والخمسين لقيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة، أكدوا فيه إن الحاجة ماسة إلى أستعادة الدولة المختطفة والجمهورية المختطفة والوطن المختطف؛ مضيفين في بيانهم: “ونؤكد على مسئولية اليمنيين بكل ألوان الطيف السياسي عن وصول الأوضاع إلى ما هي عليه من حروب وتشظيات وبنسب متفاوتة تعكس مساهمة هذا الفريق أو ذاك في صناعة المأساة غير أن المهمة الجوهرية أمام اليمنيين تتمثل في صناعة السلام وإسقاط العدوان على البنية التحتية والأرواح وكل جوانب الحياة وإسقاط الإنقلاب على الجمهورية اليمنية والدولة اليمنية التي مزقتها الحروب وصنعت المأساة بطول اليمن وعرضه على أمتداد ستة أعوام”.
وأكد البيان: “لقد أحدثت الحرب منذ ست سنوات شروخ كبيرة في بنية الوعي وفي جدار الوحدة الوطنية ولم يعد من سبيل لتجاوزها بغير الشراكة في بناء دولة المواطنة المتساوية وتقديم التنازلات لبعضنا البعض كيمنيين ونؤكد على أهمية الإفراج عن المعتقلين على ذمة هذا الصراع بين مكونات المجتمع اليمني منذ ست سنوات ونؤكد على إصلاح القضاء وفك الحصار عن اليمن ونؤكد على حرية الصحافة وتعزيز القيمة الشرائية للعملة الوطنية واعادة الأموال والممتلكات المنهوبة سواءً المملوكة ملكية فردية أو المملوكة للشعب ونؤكد على ضرورة حل مشكلة الكهرباء في المحافظات الجنوبية والمنطقة التهامية وتعز وفك الحصار عن المدن المحاصرة ومناطق التماس بين القوى المتصارعة في اليمن
مطالب حوثية تثير غضب العامة
وأثارت مطالبات المليشيا الحوثية مؤخرًا في صنعاء بالتبرع لما أسمته “المجهود الحربي” لدعم جبهاتها، غضب الكثير من المواطنين في مناطق سيطرتها، يقول أحدهم ويدعى أحمد (لم نذكر إسمه ولقبه حفاظاً عليه كونه في مناطق سيطرة المليشيا): “مليشيا لا تستحي ولا تمتلك ذرة من الحياء، بعد ان افقرت الشعب، وجوعته تأتي اليوم وتطالبه بكل وقاحة بالتبرع لدعم جبهاتها وإقامة حفلاتها”.
ويأتي هذا في ظل فرض الحوثيين قيودًا على التعامل مع الطبعات النقدية الجديدة في خطوة فاقمت من غضب الشارع الذي يعيش أوضاعًا اقتصادية متردية، وخاصة بين الموظفين الذين يستلمون رواتبهم من الحكومة الشرعية والذين تسبب قرار الحوثيين باقتطاع ما يزيد عن 35% من رواتبهم شهريًا.
وقد خرجت مظاهرة غاضبة في مدينة دمت قبل نحو اسبوعين احتجاجا على الاجراءات التي تفرضها المليشيا على القطاع المصرفي.
ينبئ الغضب الشعبي المتزايد وارتفاع حدة الأصوات المناهضة للمليشيا الحوثية في المناطق التي تسيطر عليها باحتمالات اندلاع انتفاضة شعبية في وجه المليشيا قد تكون هي المسمار الآخير في نعش الانقلاب.