المواطن/ كتابات ـ وضاح الصوفي
لا تستطيع أي مدينة تنشد الحياة ، وترغب في الحركة إلى الأمام؛ أن تدير ظهرها لحوادث القتل ، والسرقة ، والسطو التي تطفو على سطحها “خاصةً” عندما تصبح حوادث القتل بالذات “جزءًا” من يوميات تلك المدينة.
“في الآونة الأخيرة” لا يكادُ يمرُ يومٌ في تعز دون أن يسقط قتيلًا هنا ، أو هناك ، هذا خلافًا للجرحى أيضًا.
الرصاص الذي يخرج من فوهة الإنفلات الأمني يراكم ضحاياه من كل الأعمار ، والأجناس ، وبصورةٍ فجة أمام أعين المعنيين في السلطة المحلية ، وأجهزة الأمن ، دون أن نلمس ، ويلمس المواطن بعضًا من ضوءٍ في نهاية النفق المظلم الذي تعيشه المدينة الرابضة فوق جمر الأحداث المتقدة منذ سنوات.
لا يدرك ربما من يتولون شؤون المدينة ، وأمنها على وجه الخصوص؛ حجم الخسائر التي تدفعها تعز نتيجة الفراغ الأمني الذي يظلل القتلة ، ويوفر لهم سياجًا آمنًا.
إن طلقات الكلاشينكوف المنفلتة لا تقف آثارها ، وتداعياتها عند جسد القتلى ، والجرحى ، هذا ظاهر القصة فقط ، أو رأس جبل الجليد كما يقال…!
“للقصةِ وجهٌ آخر” من الناحية الإجتماعية تضعف حوادث القتل ، الروابط بين الناس ، فيتأثر النسيج الإجتماعي للمجتمع ، وتحل أسس جديدة وممقوتة على صعيد العلاقات بين المواطنين ، بدلًا عن قيم التسامح ، والتعايش.
الأثر النفسي أيضًا يَطلُ بعنقه و أكثر من يدفع الثمن هم الأطفال والنساء ، الذين “كثيرًا” ما يجدوا أنفسهم أمام وقائع حية لعمليات قتل ، أو إطلاق نار.
تؤثر حوادث القتل وظاهرة الإنفلات الأمني بصورة و اضحة على الحركة والنشاط التجاري والإستثماري.
فحوادث القتل تسهم في عدم عودة رأس المال الذي غادر المدينة تحت وطأة الأحداث منذ سنوات ، وهذا الأمر يحرم تعز من موارد مادية عديدة هي في أشد الحاجة لها ، كالضرائب ، والواجبات والزكاة ، إضافةً لحرمان شبابها من فرص العمل التي يغيّبها غياب رأس المال النازح ، والمهاجر خارج تعز.
هذه بعض الآثار السلبية الكارثية التي تخلفها حوادث القتل المؤسفة في تعز.
و كما قلنا سابقًا ــ نقولها من جديد ــ لا تستطيع أي مدينةٍ تنشد الحياة ، وترغب في الحركة إلى الأمام أن تدير ظهرها لواقعها الأمني الطارد للسكينة العامة ، و السلم الإجتماعي.
كل الجهود ينبغي أن تتوجه نحو تحقيق واقع أمني مختلف في تعز ، وأول هذه الجهود منطلقها قيام أجهزة أمنية حقيقية ، لا شكلية ، يتموضع في مناصبها القيادية أهل الكفاءة ، والأمانة ، والإختصاص ، ثم النزول بنفس المستوى للقيادات الوسطية ، والدنيا، مع إشراك المواطن في تحقيق هذه الغاية ، والمقصد العظيم من خلال توعيته بدوره ، وواجباته وإظهار الحزم ، و الجد أمام من ينبغي ردعه وزجره.