المواطن/ كتابات – هاشم نعمة
بات مفهوم العلمانية من أكثر المفاهيم التي تثير الالتباس والتشوش والخلط على المستوى الفكري والديني والسياسي والاجتماعي والثقافي، خصوصا في ظل تبني الكثير من القوى والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني فكرة بناء دولة مدنية ديمقراطية، سواء على مستوى العالم العربي عموما أو العراق خصوصا. وذلك نتيجة الفشل الذريع -على كافة الصعد- الذي منيت به تجارب الأحزاب الإسلامية التي استلمت السلطة أو شاركت فيها في بعض البلدان العربية والإسلامية. وتجري عملية منظمة ومقصودة في أحيان غير قليلة لتشويه المفهوم وإلحاق النعوت السلبية به بدوافع سياسية أو أيديولوجية أو دون قصد نتيجة قلة الإطلاع على تجليات العلمانية في تجاربها المطبقة في الكثير من البلدان. وهذا ما يجعل مفهومها يشوبه الكثير من الضبابية في نظر العموم. وفي محاولة لاستجلاء جوانب من صيرورة العلمانية وأبعادها الفكرية والاجتماعية والسياسية تأتي دراستنا هذه لعلها تسهم بما هو مفيد في هذا الجانب الهام.
في أصل مفهوم العلمانية
استخدمت كلمة علماني في اللغة الرومانية “سيكلوم” بمعنى الزمني، والدنيوي، والمتغير والنسبي وما شابه ذلك للإشارة إلى معنى العالم أو الدنيا. أما في السياق اليوناني فقد استخدمت بمعنى الزمن والدهر أو الحقبة من الزمن. وقد استُعمل نعت علماني، ومنذ وقت مبكر داخل الكنيسة،(1) للدلالة على طبقة رجال الدين الذين يقومون على خدمة الشؤون الدنيوية لعامة المتدينين، وذلك تميزا لها عن طبقة الرهبان والقساوسة المتفرغين لشؤون العبادة بصورة كاملة وبمعزل عن الشؤون الدنيوية. ولكن بدءا من القرن السادس عشر بدأت كلمة علمانية تتخلص تدريجيا من حمولتها السلبية منذ مرحلة النشأة، فلم يعد إذن نعت علماني يحيل على ما هو أقل مكانة روحية أو منزلة دينية واجتماعية، بل صار يدل على ما هو جليل ورفيع: أي المدني، الدنيوي، الزمني، النسبي، مقابل ما هو كنسي وديني مما بدأ يفقد شحنته الإيجابية شيئا فشيئا. ومنذ القرن الثامن عشر، شاع المصطلح على نطاق واسع، واتسع ليدل على انتقال شخص من المشغل الديني إلى المدني، ثم اكتسب المصطلح فيما بعد معنى اجتماعيا وسياسيا واضحا.(2) وهذا يشير بوضوح إلى أن المفاهيم يمكن أن تتغير دلالاتها وفقا للتغيرات التي تحدث في البنية الفكرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تنشأ فيها وتتفاعل معها.
إن مفهوم العلمانية لا ينفصل عن جملة مفاهيم فلسفية أخرى، تتكامل معه وتُتممه، وينسج معها خطاب التنوير الليبرالي في أشكاله المختلفة والمتطورة، من قبيل مفاهيم الملكية، والمواطنة، والتعاقد الاجتماعي، والتسامح، والحرية، والتقدم. وقد تكاملت هذه المفاهيم في دائرة التاريخ الأوروبي، وعكست ملامح لا حصر لها من الصراع التاريخي والنظري في أوروبا. وقد توج هذا الصراع بالثورة الفرنسية في مجال الصراع السياسي التاريخي، كما توج بفلسفة التنوير النقدية في مجال تاريخ الفلسفة. وكان لكل من فلسفة التنوير والثورة الفرنسية نتائجهما المعروفة في التاريخ الواقعي، وتاريخ الأفكار والعلوم والفنون في أوروبا الحديثة والمعاصرة.
أما في العالم العربي فقد استعمل مفهوم العلمانية لأول مرة في دلالته الفلسفية التنويرية، في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.(3) ومنذ ذلك الحين ما زال موضوعا للسجال السياسي والفكري المتشعب بين مؤيديه وخصومه من القوى الأصولية والمحافظة.
صيرورة العلمانية
العلمانية في الممارسة والفكر لم تولد جاهزة كأي تجربة إنسانية، وإنما مرت بالكثير من المخاضات والصراعات ذات الأبعاد الطبقية والفكرية وذلك تبعا للظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي نشأت في ظلها وأثرت وتأثرت فيها.
العلمانية هي نتاج عملية تمايز اجتماعي بنيوي وتغير في أنماط الوعي كصيرورة تاريخية، وهي صيرورة تمر بها المجتمعات كافة. وطبيعة صيرورة العلمنة التي مرت بها المجتمعات هي التي تحدد ليس طبيعة العلمانية التي تنتج فيها، وموقعها ومدى هيمنتها فحسب، بل طبيعة أنماط التدين أيضا.
تنحو العلمانية إلى جعل مرجعيتها مرجعية قيمية ومعنوية “معيارية” غير دينية. وتشمل الصيرورة التي تقود إلى هيمنة هذا الموقف في الفكر والسياسة والعلم والاقتصاد، كما تمر عبرها القيم والأخلاق، وكذلك المؤسسات والممارسة الاجتماعية.
في الحداثة وحدها سميت هذه الصيرورة “علمانية” أو “علمنة” بالمعنى الضيق للكلمة. بينما هي، جزء من صيرورة تاريخية تسبق الحداثة. إنها صيرورة تاريخية طويلة تمتد إلى ما قبل تسميها عملية علمنة، تماما كما تعود أصول الدولة الحديثة إلى نويات الدولة المركزية، ولاسيما في القرن السادس عشر إلا أن تطور الدولة عملية تاريخية طويلة. لذلك فالعلمانية صيرورة تاريخية من التمايز في مجالات المعرفة، وفي البنى الاجتماعية، والممارسة الاقتصادية والعلمية والسياسية. وهي تتخذ شكل انعطاف حاد عشية العصر الذي نسميه الحداثة، وذلك بسبب الثورات العلمية والصناعية والتحولات السياسية والاجتماعية الكبرى(4) والتي كانت تتفاعل مع التحولات الاقتصادية العالمية الكبرى التي شهدتها تلك الفترة.
بالنسبة إلى تجربة الغرب، يناقش ستيف بروس بأن تراجع الانتماء الكنسي ومواظبة الحضور إلى الكنيسة يمكن تفسيره بالتغيرات التي رافقت انبثاق المجتمع الحديث. وهناك خصوصا ثلاثة عوامل اجتمعت لتجعل الغرب علمانيا بصورة رئيسية، وهي تتمثل في: التشظي الاجتماعي؛ تفكك العلاقات الاجتماعية القديمة والعقلنة.
بالنسبة إلى التحول الأول في الأوضاع الاجتماعية، يحدده بروس بالتحول من الجماعات المتماسكة المغلقة، والقرى إلى مجتمع مجزأ متنوع، إلى الدولة القومية الحديثة. هذا التشظي يتوافر على عدد من العناصر. ففي الجماعات الإقطاعية ما قبل الحديثة، كانت الكنيسة مسؤولة عن عدد من النشاطات الرئيسية. فهي مسؤولة عن التعليم، والشؤون الاجتماعية، والرعاية الصحية، ولها آراء مؤثرة في العمليات الاقتصادية. ومع قدوم التحديث أصبحت هذه النشاطات تدريجيا من اختصاص المتخصصين. لذلك فقدت الكنيسة سيطرتها الشاملة. وقد تولى المهنيون مثل المعلمين، والممرضات، والأطباء، والعاملين في المجال الاجتماعي مسؤولية العمل في المجالات التي كانت في السابق من مسؤولية الكنيسة. وباتت المعايير المهنية التي يعمل وفقها هؤلاء المهنيون مطابقة للتوجه العلماني.
إلى جانب تشظي الأدوار هذا بدأ الناس ينقسمون إلى مجموعات طبقية أكثر تحديدا. بينما في عصر الإقطاع، كانت تقسيمات المجتمع ثابتة ومعترف بها. وعلى الرغم من وجود تفاوت كبير في نوعية الحياة لكن كان الكل يعيش على مقربة من الآخر. ومع قدوم التحضر (توسع المدن) والتصنيع، بدأ المجتمع بالتشظي. وسيكون هناك ناس ينتمون إلى طبقات مختلفة ويعملون في أماكن مختلفة؛ لاسيما الطبقة العاملة التي ملأت المصانع.
وقد أثرت التغيرات الاجتماعية في البنية العقلية للسكان. حيث قاد التصنيع إلى انهيار النظام الإقطاعي وبالتالي تقدم شعور أكبر بالمساواة والديمقراطية. كذلك فإن انهيار المجتمع الإقطاعي ذي التراتبية الصارمة حيث تتوفر فيه الكنيسة على الدور المهيمن والقوي، ولد التشظي الاجتماعي الذي سار يدا بيد مع مبدأ الفردية والمساواة.(5)
يناقش بروس أيضا بأن معظم الناس لم يتخلوا عن الدين لأنهم درسوا داروين، أو تعاطفوا مع غاليلو أو اقتنعوا بالانتقادات الموجهة للكتاب المقدس. لأنه عندما جرت النقاشات الفكرية حول العلاقة بين سفر التكوين والتطور، كان هؤلاء قلة مختارة. لكن هذا لا يعني بأن العلم لم يكن له تأثير على الكنيسة. ما حدث في الواقع أن العقلية العلمية همشت الكنيسة، لأن هذه العقلية تتعامل بعمليات السبب والتأثير. وتبحث عن الأجوبة والحلول التي هي بالكامل تعود إلى عالم الطبيعية، وتهجر العوالم الخارقة للطبيعة.(6)
من الشائع وصف المجتمعات الغربية بأنها علمانية، إذ يفترض الزعماء الدينيون، والصحفيون، والسوسيولوجيون والسياسيون وغالبية الناس الذين لهم مصلحة عابرة في هويتهم الدينية والثقافية، بأن الغرب علماني. طبعا، هناك استثناءات ملاحظة عن هذا السياق، حيث تتحدد الأقليات خصوصا الجاليات المهاجرة بأن لها هويات دينية قوية. وهذه تبقى استثناءات على اعتبار أن الغرب يُعد علمانيا بشكل رئيس.
هناك في الواقع ثلاثة أمور تُقصد عادة عندما يتم وصف الغرب بأنه علماني:
الأول، هو استمرار تراجع المؤسسات المسيحية، حيث أن عدد الأشخاص الذين يذهبون إلى الكنيسة كل يوم أحد في تراجع. وبجانب التراجع العددي هذا، هناك تراجع في الوضع الاجتماعي لهذه المؤسسات. فمن النادر أن يتم استشارة الزعماء الدينيين كأصوات عامة وبشكل رسمي.
الأمر الثاني، هو الحديث بطريقة علمانية في الفضاء العام. المقصود هنا أن النقاشات تجري في الغالب على أساس تصورات علمانية في الإعلام، والمدارس والجامعات، وبشكل عام بين الناس وفي أماكن العمل والمنازل. لذلك غالبا ما يتم التعامل مع الدين كقضية رأي خاص وليس كحقيقة عامة. لقد قاد التمييز بين المعتقدات الدينية الخاصة والحقائق العامة إلى استبعاد اللاهوت، باستثناء عدد قليل من القضايا مثل الزواج وتعميد الأطفال ودفن الأحباب التي تتم في الكنيسة. حتى التفجيرات التي شهدتها بعض البلدان الغربية تجري مناقشة أسبابها على أساس علماني. تعزى أسباب هذا التطور غالبا إلى صعود شأن الفلسفة الليبرالية والمناهج العلمية الحديثة الناجمة عن عصر النهضة وحركة التنوير الفلسفية. علما كانت معتقدات المفكرين الليبراليين والعلماء الغربيين البارزين في الغالب مسيحية، ولكنهم هم أنفسهم قوضوا القوة الفكرية لمسيحية القرون الوسطى.
الأمر الثالث الذي يوصف فيه الغرب بأنه علماني، يتمثل في الملاحظات النقدية التي توجه إلى الهيئات الدينية والزعماء الدينيين. فقد جعلت علمانية الغرب منه استثناء بالنسبة إلى الاتجاهات الدينية في بقية العالم. إن استدعاء العلمانية الغربية هنا هو في جزء منه لعقد مقارنة بمناطق أخرى. حيث مازالت المسيحية تمثل قوة ثقافية وسياسية في الكثير من بلدان أفريقيا، وأمريكا اللاتينية وجنوب شرق آسيا. فضلا عن ذلك تنمو في هذه البلدان، ولا تتراجع، في تباين ملحوظ مع ما يحدث في الغرب. ويتمتع الإسلام بقوة كبيرة في تشكيل الهوية الثقافية والسياسية في البلدان الأفريقية والآسيوية الأخرى وفي بلدان الشرق الأوسط(7) التي هي في الغالب بلدان عربية.
ويمكن أن نستخلص من ذلك، إن العلمانية هي الثمرة الطبيعية لتطور الحضارة، وما يرافقها من ارتفاع في مستوى استخدام العقل، وتراكم المعرفة وترسيخ الميول والمشاعر الدنيوية والمادية. فهي لا تتحقق بقرار رسمي وإنما تواكب نمو المدنية. ويمكن القول أن العلمنة تنحو في الحالتين إلى أن تكون التعبير عن نمط من العقلانية يعكس حركة الحياة الجديدة، عقلانية السياسة والتنظيم الجماعي، وعقلانية الوعي وتنظيم الحياة. إنها التعبير عن تعاظم استخدام العقل والملكات الإنسانية الأخرى.(8)
مع ذلك لم تكن العلمانية نسخة واحدة طبقت في الدول الغربية، إذا نرى هناك تباينات في هذا التطبيق، بحسب الظروف السياسية والاجتماعية في كل بلد، فمثلا لا يزال نظام التعليم الهولندي الرسمي يتوفر على مدارس ذات توجه كاثوليكي وبروتستانتي وأخرى ليس لها توجه ديني، علما يحق لجميع الطلاب الدراسة في جميع هذه المدارس بغض النظر عن خلفياتهم الدينية، مع هذا تظل هولندا بلدا علمانيا. كذلك ما زالت ملكة بريطانيا تترأس الكنيسة مع أن هذا البلد من أكثر البلدان الأوروبية علمانية. ونجد في الدستور الإيطالي واليوناني نصوصا تخص الدين، ولكن في كل الأحوال يظل هذان البلدان علمانيين.
التأطير النظري
غدت مناقشة انبثاق العلمانية في الغرب من خلال دراسة التاريخ الاجتماعي من أكثر الطرق شيوعا. ويكون في قلب هذا النقاش الكثير أطروحة العلمانية. وقد كان الشكل المعاصر لنظرية العلمانية قد طور خلال الستينات والسبعينات من القرن العشرين من قبل علماء مثل بيتر بيرغر وبريان ولسون، على الرغم من أنه يمكن القول بأن النظرية تعود إلى القرن التاسع عشر وإلى شخصيات مؤثرة مثل كارل ماركس، ودوركهايم، وكمت. وأكثر حداثة، فإن صاحب الدليل الموثق والواضح لأطروحة العلمانية هو ستيف بروس(9) الذي سبق ذكره. وجوهر ما يناقشه هو أن تراجع المسيحية يعود إلى التغيير الاجتماعي الذي مرت به المجتمعات الأوروبية، علما يعتقد ماركس أن العلمانية ولدت في الرأسمالية لكنها تكتمل فقط في مرحلة الشيوعية.
تتسق نظرية العلمانية مع نظرية الحداثة التي تقوم على نحو ما يقول منظروها في العصر الحديث، بدءا بهيغل ومرورا بماكس فيبر، وانتهاء بمدرسة فرنكفورت، وخصوصا في جيلها المتأخر مع هابرماس، على عقلنة المنظورات والسلوكيات الفردية، وما يصاحب ذلك من عقلنة البنى العامة للمجتمع، لصالح نظرة وضعية، أي الانتقال نحو العلمانية باعتبارها قرين العقلنة بمعناها الواسع.
وتتأسس النظرية على أطر نظرية تحدد بموجبها هوية ومضمونا للديني والعلماني على السواء، فهي تعيد رسم حدود الدين وتضبط مجالات فعله مثلما ترسم حدود العلماني ومواقع اشتغاله، فهي مثلا تحدد حضور الدين في ما يسمى بالحقل الخاص، مقابل مجال عام محكوم بالقيم العلمانية،(10) كما أشرنا إلى ذلك.¬¬¬¬¬¬
والعلمانية من وجهة نظر فيبر ليست مجرد تحول في مستوى الوعي والمنظورات، بل هي، أولا وقبل أي شيء، حركة تاريخية كاسحة وجامحة تربك مختلف البنى الاجتماعية والاقتصادية السائدة. فهي ليست مجرد رؤية للكون ذات منحى دهري تبناها بعض المفكرين والفلاسفة، ولكنها بالدرجة الأولى هي تجسيد حي ومتلاحق لدهرنة البنى الاجتماعية والاقتصادية. ويرى فيبر أن العصر الحديث في جوهره عصر علماني، ليس لأن ثمة مجموعة من الفلاسفة أو المفكرين قد نادوا بالعلمانية، بل لأن البنى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لا تستطيع بطبعها أن تتعايش مع المؤسسات الدينية.(11) علما لا زالت طروحات فيبر تتمتع بأهميتها وتعد مرجعا للكثير من دارسي العلمانية.
لقد طرحت العلمانية، كنظرية، بمعنيين؛ الأول إجرائي سياسي، يتعلق بتنظيم العلاقة بين الدين والدولة عموما ومضمونه الحقيقي نزع القدسية عن نشاط وممارسة الدولة والحكام، وإخضاعهما للمناقشة العقلية والمسؤولية والمحاسبة. والثاني فلسفي يفيد إدارة الرأسمال الفكري وتنظيم العلاقات داخل العقل نفسه بين مصادر القيم والرموز المختلفة القديمة والحديثة، الدينية والعلمية، الروحية والمادية.(12)
ويذكر برهان غليون “إذا كانت العلمانية كواقعة تاريخية تعكس تطور نمط معين من العقلنة الموضوعية والعملية في الممارسة الاجتماعية السياسية، فإن العلمانية كنظرية أو كمفهوم إجرائي ليست إلا محاولة لإجلاء حقيقة هذه العقلنة وتبيان أسبابها ومآلها”.(13)
الواقع الذي تسعى العلمانية كنظرية ووسيلة فهم أن تدلنا عليه، والتي تحاول بوصفها برامج تغيير وإصلاح، أن تساعدنا على تنظيمه والتغلب عليه، ليس هذا الواقع هو النشاط الديني، الذي تقوم بتنظيمه المفاهيم والمعايير والقيم والعلوم الدينية. ولكنه واقع الخلط بين الدين والسياسة، بما هم خلط غير منتج ومظهر من مظاهر الحياة الاجتماعية السياسية القرسطوية، ومصدر من مصادر فسادها وخراب الدولة فيها. ويتجلى هذا الخلط في إدخال المعايير والقيم الدينية في الممارسة السياسية، كما تجلى في تداخل سلطة الكنيسة وسلطة الدولة، والتضحية بالحريات المدنية لصالح سيطرة السلطة الروحية، وما نجم عن كل ذلك من حروب مدمرة دينية ودينية- سياسية استنزفت الجهد البشري على مدى قرون طويلة(14) سواء في أوروبا أو في مناطق أخرى.
هذا لا يعني أبدا أن نظرية العلمانية التي وجدت في السياق الغربي لا يمكن تطويرها وتعديلها لتأخذ في الاعتبار البنى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والنفسية للمجتمعات المختلفة التي تروم تبني العلمانية ومنها المجتمعات العربية والإسلامية.
وعن العلاقة بين الديمقراطية والعلمانية، لم يتردد الباحث البريطاني فراد هليداي في القول لا توجد ديمقراطية دون علمانية. أما الفيلسوف الأمريكي جون رولز، فقد جعل من العلمانية رافعة ضرورية من روافع النظام الديمقراطي القائم على ما أسماه “الوفاقات المعقدة”، في حين شدد زميله رتشارد رورتي على أهمية العلمانية باعتبارها مرتكزا أساسيا لتأسيس فضاء عام مفتوح، بعيدا عن الغيبيات واصفا إياها بالقوة “الكابحة للحوار”.(15)
إذن، لا يمكن أن يكون النظام ديمقراطيا دون أن يكون علمانيا، ولكن ليس العكس صحيحا، فيمكن أن يكون النظام علمانيا دون أن يكون ديمقراطيا، ولنا في تجارب كثيرة دليلا على ما نقول، مثل الأنظمة الاشتراكية السابقة التي كانت علمانية إلى أقصى الحدود، ونظام بورقيبة في تونس، ودكتاتوريات عديدة في العالم تبنت العلمانية.
العلمانية والعالم العربي
كانت أوروبا منذ القرن السادس عشر تتسلق سلم الاكتشافات العلمية، والابتكارات الفكرية، والمأسسة السياسية، والتنمية الاقتصادية، أما العالم العربي فقد كان يتراجع. ومنذ أواسط القرن التاسع عشر بدأت أوروبا بامتلاك تأثير ثقافي ملموس في المنطقة. لذلك عند هذه النقطة دخل مفهوم العلمانية النقاش الفكري، ومن هناك بدأ نموذج ثقافي جديد بالدخول حيث تم تبنيه من قبل المتحمسين والمعجبين بالغرب أو أنه فُرض بالقوة من قبل السلطات الاستعمارية. وعلى الرغم من أن القوى الأوروبية الاستعمارية مثل فرنسا وبريطانيا جاءت إلى العالم الإسلامي بدوافع طموحاتها الإمبريالية، لكنها كانت موضع إعجاب من قبل نخبة تتكون بشكل رئيس من مثقفين ذوي تعليم غربي، وذلك في سبيل إحراز التقدم العلمي والثقافي في نظرهم. وقد تركز النقاش الأول حول العلمانية في العالم العربي بشكل رئيس حول العلاقة بين الدين والدولة، وحول مدى ملاءمة النجاحات الأوروبية في العلوم والتكنولوجيا وأسلوب الحكم(16) للمنطقة.
بات فكر التنوير واحدا من الأطر النظرية المرجعية الموجهة للفكر العربي المعاصر. وقد بلور المصلحون المصريون والشوام في نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، اختيارات فكرية تدعو إلى قيم التنوير، وتسلم بأهمية مفاهيم ومبادئ عصر التنوير، في تطوير الفكر العربي والواقع العربي، وذلك انطلاقا من دورها العام في تطور الفكر الإنساني.
ومن أبرز هؤلاء المثقفين المتحمسين لفكر التنوير يمكن أن نذكر على سبيل المثال لا الحصر فرج أنطون، وشبلي شميّل، وأديب إسحاق، وسلامة موسى، ولطفي السيد، وعلي عبد الرازق، وطه حسين. وقد ساهم كل هؤلاء بدرجات متفاوتة في إنجاز تأويل إيجابي لفكر التنوير داخل فضاء الفكر العربي المعاصر(17) على الرغم من أن بعضهم قد تراجع عن بعض مواقفه نتيجة الهجوم والتهديد اللذين شنتهما القوى الأصولية ضدهم مثل طه حسين وعباس محمود العقاد.
فيما يتعلق بمدى ملاءمة العلمانية للعالم العربي يذكر عزمي بشارة إذا كانت العلمانية تقوم على فهم الظواهر بقوانينها، والتعامل مع الدنيا من دون الحاجة إلى إقحام الغيب، وإذا كان تجليها يتمحور حول قضية التعامل مع الدولة بموجب آليات السياسة الدنيوية، حيث لا تسيّرها اعتبارات دينية. وإذا كانت نتاج صيرورة تمايز في الوعي، وبين المؤسسات تسمى العلمنة، فإنها بمعانيها هذه ليست خاصية ثقافية للغرب. والفرق بين المجتمعات العربية والإسلامية بهذا الخصوص هو في نمط حصول هذا التمايز، لا في وجود أو عدم وجود تمايز في الوعي والمؤسسات بين الديني وغير الديني. فالتمايز بين المجالات الاجتماعية والمؤسسات، والتفكير العلمي والديني، من علامات التطور عموما، لا من علامات التطور في أوروبا وحدها.(18) وهذه نظرة منطقية تتقاطع مع ما تطرحه القوى الأصولية بأن العلمانية خاصية غربية ولا يمكنها أن تتلاءم مع العالم العربي.
ويذهب محمد أركون أبعد من ذلك، إذ يشدد أنه ينبغي أن نتجنب خطأ شائعا جدا في الأدبيات الاستشراقية، وعند المسلمين على السواء، والذي يقول بأن الإسلام لم يعرف أبدا في تاريخيه التفريق بين الزمني والروحي. هذه فكرة منغرسة في نفوس المستشرقين وعند الجمهور الغربي ككل. يجب التخلص فورا من هذه النظرية.
لقد وجدت في السابق في المجتمعات المدعوة إسلامية تجارب يمكن أن نصنفها بالعلمانية. لكن هذه التجارب لم تصل إلى درجة الوعي الواضح بذاتيتها، ولم تلق في يوم من الأيام لها تنظيرا.
إن الإشكال النظري الذي طرحته مسألة إعادة إنتاج نموذج “تجربة مكة والمدينة” لم يُحل أبدا في تاريخ الإسلام بالشكل المشروع ومن وجهة نظر ثيولجية. هذا ما يدعو إلى التأكيد بأن السلطة على مدار التاريخ الإسلامي كله كانت سلطة زمنية مضبوطة أو “موجهة” من قبل السيادة الدينية. هذه حقيقة مهمة جدا عكس التصورات الكبرى التي رسخت في أذهان الجماعات الإسلامية،(19) وخصوصا أحزاب الإسلام السياسي وفي مقدمتها الأخوان المسلمون الذين يعدون العودة إلى الخلافة الإسلامية هدفهم الأسمى.
كانت الدولة الإسلامية في البداية تبحث عن تسويغ ديني. هذا لا شك فيه، لكن في الواقع، أن تلك الدولة هي في الأساس علمانية بحسب تعبير أركون، أهم هذه الأمثلة تلك الرسالة المتعلقة بإنشاء الدولة وبنيانها والتي كتبها ابن المقفع عام 750 م. ورسالته هذه ليست إلا استلهاما لتنظيم الدولة الساسانية التي وجدت قبل الإسلام بزمن بعيد. وفي الواقع، فالدولة العباسية المؤسسة عام 750 م ليست إلا صورة منسوخة عن بنية الدولة الساسانية.
يحدد ابن المقفع في هذه الرسالة بنى الدولة ومؤسساتها، أي بنى الدولة العباسية وذلك دون الرجوع إلى الدين. يتناول الكاتب قضايا محسوسة ومادية تماما مثل أسلوب حكم سوريا والعراق، وكيفية إعادة الأمن إليهما، وقد نتج عن ذلك قرارات تخص الجيش والشرطة والقضاء. إن ابن المقفع يشرح ذلك بكلمات وتعابير وضعية تماما ودون الاستعانة بالفكرة الوهمية للقانون الإسلامي. إننا هنا بإزاء وثيقة تاريخية لا تُدحض تبين كيفية نشوء الدولة الجديدة التي واجهت مشاكل عديدة خاصة بأية دولة جديدة. حدث هذا ضمن منظور علماني بحت(20) بحسب الباحث نفسه الذي يرى أن الإسلام يقبل العلمانية.
وفي هذا السياق يشير سمير أمين في مناقشته لـ “الطوبى العلمانية والطوبى الإسلامية”، إلى أنه قد تبلور في تاريخ الإسلام اندماج السلطة والدين، وكذلك تأويل جديد للإسلام يجعله أيديولوجيا دنيوية إلى جانب كونه عقيدة دينية. وعلى ضوء هذا الواقع أقيمت مؤسسة دينية شبيهة إلى حد كبير بمؤسسة الكنيسة، مكونة من علماء وفقهاء ورجال دين بأشكالهم المختلفة. إلا أن هذه المؤسسة نبعت مباشرة من السلطة عينها. فيعود المزج بين الدين والدولة إلى هذه العصور، لا إلى ما سبقها من تاريخ الإسلام.(21) وهذه الرؤية تنفي ما يروج له الكتاب الإسلاميون بأن تاريخ الإسلام لم يعرف مؤسسة دينية شبيهة بالكنيسة، ولذلك لم تظهر العلمانية في المجتمعات الإسلامية كما ظهرت في الغرب لأن هذه المجتمعات ليست بحاجة لها.
ويذكر رجل الدين المتنور أحمد القبانجي بأنه لا بد من استحضار العلمانية ومقولة فصل الدين عن السياسة والاعتقاد بأن الحكومة بشرية وزمنية، وأن الدين ليس من شأنه التدخل فيما هو دنيوي لأن الأمور الدنيوية من الاقتصاد والسياسة تعود للبشر بما هم بشر عقلاء يتحركون في دائرة إشباع رغباتهم وحاجاتهم الدنيوية بأدوات العقل والعلم بدون الحاجة إلى الاستمداد من الدين والوحي.
وليس فقط أن الإنسان المعاصر لا يحتاج إلى تعليمات الدين والشريعة في إطار التقنين والتشريع، بل إن ذلك غير ممكن إطلاقا، لأن الدين يتضمن أمورا ثابتة ويهتم بحاجات الناس المشتركة والفطرية والتي ترتفع فوق الزمان والمكان، في حين أن حاجات الإنسان الدنيوية وعلاقاته الاجتماعية والاقتصادية – التي تُسن القوانين على ضوئها- متغيرة باستمرار وداخلة ضمن الزمان والمكان. ولهذا لا بد من الاعتماد على أدوات العقل والعلم في تشخيص هذه الحاجات والعمل على مواجهة المشكلات ومعالجة المتغيرات بروح متحركة تنطلق من دراسة الواقع المتغير وحاجات الفرد والمجتمع الدنيوية، وصياغة قوانين ومقررات تتواءم مع هذه الحاجات وتنسجم مع هذه المتغيرات في حركة الحياة(22) المتجددة دائما خصوصا في ظل تسارع التطورات العلمية والتكنولوجية العاصفة مقارنة بحالة الركود التي كانت تعيشها المجتمعات الإنسانية في السابق.
نرى الجماعات الإسلامية الأصولية ترفض العلمانية وتعدها انحرافا وكفرا عن صحيح العقيدة الإسلامية، وأنها لا يمكن أن تنسجم مع البنية الدينية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والنفسية للمجتمعات العربية والإسلامية، على اعتبار أن منشأ العلمانية غربي، وكأن الحضارات في تاريخها لم تعرف الأخذ والعطاء والتلاقح الثقافي المثمر. وهو ما تؤكد عليه هذه الجماعات ذاتها وتتفاخر به باستمرار بأن الحضارة الأوروبية أخذت الكثير من الحضارة العربية الإسلامية. فإذا كانت هذه الحضارة قد أعطت فلماذا لا يمكن لها أن تأخذ؟ إذا افترضنا أن العلمانية خاصية غربية وهذا ما لا يتفق حوله جميع الباحثين، إن محاججة هذه الجماعات ضد العقل والمنطق والتاريخ.
فيما يخص إدعاء الجماعات الإسلامية أن العلمانية في الغرب مقرونة بالإلحاد، نورد هنا مثالا من بريطانيا التي يُعتقد في كثير من الأحيان أنها واحدة من البلدان الأكثر علمانية في أوروبا الغربية، لكن يُظهر الإحصاء السكاني الذي أجرته الحكومة عام 2001، أن 72% من السكان يصفون أنفسهم بأنهم مسيحيون، بل في بعض المناطق، مثل شمال شرق وشمال غرب انكلترا، هذه النسبة ترتفع إلى 80% و78% على التوالي. على العكس من ذلك، يذكر 15,5% بأن لا دين لهم. وأظهرت دراسة في 1999-2000 صورة مشابهة لهذه المعطيات على مستوى أوروبا.(23)
نرى باستثناء التبرير التاريخي المباشر الذي يعلل فيه السلفيون موقفهم من الغرب، لا نجد في نصوصهم أي محاولة في تأسيس موقف نظري نقدي من فلسفة التنوير في أوروبا، وغالبا ما كان يتم في نصوصهم هجاء هذه الفلسفة، أكثر من نقدها بأساليب النقد الفلسفي والمناظرة العقلية، وهذه مسألة واضحة في نصوص جمال الدين الأفغاني وسيد قطب(24) وغيرهم من أقطاب المفكرين الإسلاميين.
إن هذه الجماعات تنطلق من نظرة سكونية إلى بنية المجتمع وكأنها بنية ثابتة على الدوام، ولا يمكن لها أن تتغير على الرغم من التطورات الهائلة التي شهدها العالم في المجالات الفكرية والعلمية والتكنولوجية والتي لا يمكن لأي مجتمع أن يبقى بمنأى عنها.
تفترض المقاربة التجريبية استمرار سير المجتمع طبقا للقواعد الجارية من اللحظة المدروسة. إلا أن التاريخ يثبت عدم ثبات تلك القواعد التي تحكم المجتمع. فما كان يبدو “طوباويا” في عصر، ومتناقضا تماما مع قواعد سير المجتمع وبالتالي مستحيل الإنجاز، يصبح ممكنا في عصر تال. فمثلا: إذا كان أحد قد تقدم باقتراح العمل طبقا لمبدأ الحرية الفردية والانتخاب من أجل اختيار مؤسسة الحكم في القرن الثالث عشر في أوروبا أو الشرق الإسلامي أو الصين لكان هذا الاقتراح قد وسم بطابع طوباوي أكيد، وغير واقعي، بل متناقض مع “طبيعة البشر”… الخ. بيد أن العمل حسب هذه القواعد قد أصبح الآن طبيعيا!(25) بل أكثر من ذلك، أن الأحزاب الإسلامية سنية كانت أم شيعية التي كانت ترفض الديمقراطية كنظام حكم اضطرت إلى إدخالها في برامجها السياسية منذ التسعينات من القرن الماضي، ووصل بعضها إلى السلطة في بعض البلدان العربية عن طريق آليات ديمقراطية غربيةّ خصوصا الانتخابات! ولكنها ظلت تنظر إلى الديمقراطية كآليات فقط للوصول إلى السلطة وترفض فلسفتها في مجمل نواحي الحياة.
في الواقع، هناك عوامل كثيرة تقف وراء تراجع العلمانية في العلم العربي، إلا أن هناك عاملا مهما ساعد على إحداث هذا التراجع يعود إلى أن الفكر العلماني لم يظهر في سياق أو أعقاب حركة فكرية فلسفية نقدية شاملة، حركة أعملت أدواتها النقدية في شتى المجالات، في القيم والدين والسياسة والاجتماع؛ وحاولت أن تصل إلى فهم أعمق للقضايا المختلفة التي ترتبط بهذه المجالات، وأن تستشف العناصر المكونة لطبيعة القيم والدين والسياسة. باختصار، إن العلمانية ظهرت في ظل شروط لم تساعد على ربط فهمنا لها بفهم متطور لطبيعة السياسة والاجتماع وما يتصل بهما(26) من علاقات متبادلة التأثير.
إذن نحن بحاجة إلى العلمنة التي تعتمد مبدأ النقد، وتشكل رغبة في تعقل شروط السلطة، مع توجه عام يتوخى تأسيس المجال السياسي كمجال معرفي مستقل عن الافتراضات الإيمانية الغيبية، تعتبر مطلبا سياسيا تاريخيا ملحا بالنسبة إلى واقع صراعات السلطة في العالم العربي. أما الوعي بدلالتها الفلسفية والتاريخية فإنه يدعم المسعى للديمقراطية، ويساهم في تأصيل معاني الديمقراطية بالتفكير في طبيعة الدولة، أسسها ومقوماتها، من أجل أن نتمكن من بناء فلسفة سياسية تفهم وتعقل المجال السياسي في واقعنا، وهو ما يعني نفي المفارقات التي يكرسها الفكر السياسي العربي بإغفاله مبدأ مقاربة القضايا السياسية في جذورها وضمن شروطها الخاصة والعامة.(27)
أخيرا هل نحن في العراق بحاجة للعلمانية؟ نعم بما أن مشروعنا الوطني الديمقراطي يتمثل ببناء دولة مدنية ديمقراطية، الدولة التي تعلي من قيم المواطنة والمساواة والعدالة الاجتماعية وتحفظ للدين مكانته وتبعده عن التلوث بأدران المصالح الحزبية والفئوية والشخصية الضيقة. هذه الدولة لا يمكن لها أن تقوم بمهامها هذه بفعالية إذا لم تتبن العلمانية التي هي تجربة إنسانية قابلة للتطور والتكيف والإغناء.
الهوامش
1- ذكر ذلك أيضا الباحث فالح عبد الجبار في إحدى المقابلات التلفزيونية.
2- راجع رفيق عبد السلام، في العلمانية والدين والديمقراطية: المفاهيم والسياقات، ط 1، الدوحة: مركز الجزيرة للدراسات، 2008، ص 20.
3- راجع كمال عبد اللطيف، التفكير في العلمانية… إعادة بناء المجال السياسي في الفكر العربي، ط 1، القاهرة: رؤية للنشر والتوزيع، 2007، ص 54.
4- راجع عزمي بشارة، الدين والعلمانية في سياق تاريخي، الجزء الأول، بيروت: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2013، ص407-408.
5- Graeme Smith, A Short History of Secularism, London|New York: I. B. Tauirs, 2008, pp. 45-46.
6- Graeme, p. 49.
7- Graeme, pp. 1-6.
8- راجع برهان غليون، نقد السياسة: الدولة والدين، ط 5، الدار البيضاء| بيروت: المركز الثقافي العربي، 2011، ص 332.
9- Graeme, p. 42.
10- عبد السلام، ص 23-26.
11- عبد السلام، ص 67-68.
12- غليون، ص 332.
13- غليون، ص 326.
14- غليون، ص 328-329.
15- عبد السلام، ص 67-68.
16- Azzam Tamimi, Islam and Secularism in the Middle East, London: Hurst and Company, 2000, p. 17.
17- عبد اللطيف، ص 27.
18- عزمي بشارة، الدين والعلمانية في سياق تاريخي، الجزء الثاني، ط 1، بيروت: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2015، ص 54-55.
19- راجع محمد أركون، تاريخية الفكر العربي الإسلامي، ترجمة هاشم صالح، ط 3، بيروت: مركز الإنماء القومي، المركز الثقافي العربي، 1998، ص 280-281.
20- أركون، ص 295-296.
21- سمير أمين وبرهان غليون، حوار الدولة والدين، ط 1، الدار البيضاء| بيروت: المركز الثقافي العربي، 1996، ص 101-102.
22- راجع أحمد القبانجي، الإسلام المدني، ط 1، بيروت: مؤسسة الانتشار العربي، 2009، ص 25-26.
23- Graeme, pp. 1-6.
24- عبد اللطيف، ص 31.
25- أمين وغليون، ص 84-85.
26- عادل ضاهر، الأسس الفلسفية للعلمانية، ط 2، بيروت: دار الساقي، 1998، ص 6.
27- عبد اللطيف، ص 93-94.