عدن – 11 يناير 2023
نظم مركز الإعلام الثقافي CMC، وبالشراكة مع شبكة الصحفيات اليمنيات، مساء الثلاثاء، ندوة عن حملات التحريض والإبتزاز للناشطات في الفضاء الالكتروني.
وبدأت المحامية عفراء حريري الندوة بالتعريف بالاغتيال المعنوي الذي تتعرض له النساء، مشيرة إلى أن تشويه السمعة وانتقاد سلوكهن الاجتماعي أو السياسي باستخدام طرق غير أخلاقية وتتنافى مع القيم والعادات، وأخطر هذه الوسائل هي ممارسة الارهاب النفسي على شخصية معينة في الغالب تكون شخصية قيادية مؤثرة أو ناشطة، ونشر رأي عدائي ضدها.
وأوضحت حريري أن تلفيق التهم والافتراءات والتخوين والتكفير والتشهير بشكل مستمر ومتربص أو فبركة تصريحات أو استقطاع بعض الكلمات وتحويرها واطلاق شائعات بشأن الناشطة المستهدفة يؤدي إلى انتكاسها معنويا ويضعف تأثيرها في المجتمع وتصبح دوماً محل اتهام في عيون الآخرين، بسبب ما يسمى بـالاغتيال الاجتماعي.
وقالت المحامية الحريري أن أسباب انتشار ظاهرة الاغتيال السياسي تتعلق أولا بالأسباب السياسية، بزيادة مشاعر الكراهية ضد النساء وأسباب اجتماعية مختلفة تتعلق بالتربية وعدم توفر الرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي، وأسباب أخلاقية ودينية، وأسباب تقنية.
وأكدت الحريري أن قصور القوانين يعد سبباً رئيسيا لانتشار التحريض والابتزاز للناشطات، منوهة أن السب والتشهير تتصدر قائمة الجرائم الإلكترونية على الرغم من عدم وجود احصائيات رسمية، مشيرة إلى أن النساء هن الفئة الأكثر تعرضًا لهذه الجريمة الإلكترونية.
وأشارت ميسرة الندوة بلقيس اللهبي، إلى أن حملات التحريض والابتزاز تؤدي إلى عزل النساء ومغادرتهن لاماكن وجود الحاضنة الاجتماعية لهن وضعهن في موقف حرج مع عائلاتهن التي قد تضغط عليهن لترك عملهن، وقد تصل الأمور أحيانا إلى التصفية الجسدية.
وقالت اللهبي أن قصور القوانين ومعاناة المؤسسات القضائية من الفساد والإهمال وأنها لا تخدم الفئات التي ينبغي أن تدافع عنها.
وفي الندوة شددت، عضوة اللجنة الوطنية للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان، المحامية إشراق المقطري على أهمية وجود منصة تتولى استقبال بلاغات الناشطات اللواتي يتعرضن لحملات تشهير أو ابتزاز وتوثيق الأدلة.
وقالت المقطري أن ضحايا التحريض والابتزاز في اليمن لسن الناشطات والقيادات فقط بل أن الكثير من النساء يتعرضن للعنف الرقمي.
وأكدت عضو اللجنة الوطنية للتحقيق أن عدد قليل من الناشطات قمن بالإبلاغ عن هذا العنف فيما الكثيرات اخترن الصمت اما اضطرارا أو لأسباب أخرى، وخاصة في ظل عدم وجود جهة شرطوية مختصة بهذا النوع من الانتهاكات، ووجود مشكلة في قراءة النص القانوني مضيفة: “وإن كان القانون اليمني والاتفاقيات المصادقة عليها بلادنا تجرم الاعتداء على الخصوصية”.
وأكدت المقطري أن حملات التحريض ضد النساء في اليمن تحتاج لجهود متكاملة لمواجهتها بما في ذلك الدعم القانوني، وتشجيع النساء على الإبلاغ عن هذه الجرائم، مشيرة إلى أن توثيق حجم الانتهاكات التي تطال النساء والناشطات وخاصة العنف الرقمي مهمة صعبة يتوجب على منظمات المجتمع المدني وخاصة النسوية منها التركيز على إيجاد أدوات ومنصات يمكن للنساء اللجوء إليها لتوثيق ما يتعرضن له ومعرفة الخطوات التي يتوجب عليهن القيام بها لضمان حقها القانوني.
من جانبه قال الناشط الحقوقي أنيس الشريك أن النساء عادة ما يكن الأكثر تضررا من حالات الحرب إلا أن هذا الضرر يتضاعف في اليمن “كون النساء مستهدفات في الأوضاع الطبيعية فما بالك بحالة الحرب”.
ونوه الشريك إلى أن التحريض ضد النساء وخاصة العاملات في منظمات المجتمع المدني كان يهدف إلى شرعنة أي قرارات مجحفة قد تتخذ ضد النساء، موضحا أن تلك الحملات تبعها قرارات ضد النساء.
ولفت الناشط الشريك إلى أن “جماعة الحوثي اتخذت قرارات مجحفة بحق النساء وقيدت حريتها وهذا كله ينعكس من التحريض ضد المرأة، وهو ما يوجب التعامل مع هذه الحملات بجدية أكبر لحماية النساء من حملات التحريض والابتزاز، خاصة مع وجود جيوش الكترونية مدفوعة ومنظمة لمهاجمة النساء رقميًا”.
وشدد الشريك على أن الحوثيين ليسوا وحدهم من اتخذوا قرارات مجحفة بحق النساء، مذكرّا “بمنع حصول النساء على جوازات السفر الذي كان ساريًا حتى فترة قريبة في تعز ومناطق أخرى، وكذا محاولة إفشال القمة النسوية في عدن”.
من جانبه تحدث عضو مجلس نقابة الصحفيين اليمنيين نبيل الأسيدي، عن مفهوم حرية الرأي في وسائل التواصل الاجتماعي، مشيرًا إلى أن هناك فرق بين حرية الرأي والانفلات الحاصل في مواقع التواصل.
وأوضح الأسيدي أن حرية التعبير مؤطرة بإطار قانوني ومحكومة ببعد انساني فيما مواقع التواصل محكومة بإطار تقني وتكنولوجي، مضيفا: “يعتقد الكثير من مصممي تلك المواقع ان الحرية مطلقة، في ابتزاز الناس ونشر الكراهية واستخدام تلك المواقع في الصراعات الجانبية”.
وأكد عضو مجلس نقابة الصحفيين اليمنيين أن النخبة اليمنية أسهمت في افساد مفهوم حرية الرأي والتعبير في مواقع التواصل الاجتماعي خاصة بسبب الانقسامات السياسية والحرب الدائرة ولاشكاليات النخبة ذاتها في عدم التفريق بين المعلومة والرأي الشخصي.
وأضاف الأسيدي: “أطراف الصراع قيدت الحريات في وسائل الإعلام وحولتها إلى منابر لخطاب الكراهية ومدافعة عنها فقط، وبالتالي هذه الأطراف هي تدار من قوى لديها أجندة وتستخدم مواقع التواصل لتشويه مفهوم الإعلام وحرية التعبير”.
وأوضح الاسيدي ان العديد من هذه القضايا مرت بالنقابة وخاصة خلال فترة الحرب منها قيام بعض الصحفيين بالابتزاز أو التشهير أو التحريض، والنقابة تحقق في بعض القضايا وأذكر بتجميد عضوية أنيس منصور، إلا أن النقابة تتدخل دائما قبل وصول القضايا إلى الجهات القضائية ولهذا لم تتدخل في بعض القضايا.
وطالب الأسيدي في إيجاد قانون ينضم النشر في وسائل التواصل الاجتماعي ويمنع حملات التحريض والابتزاز للناشطات في اليمن.
الناشطة سهى باشرين قالت إن حملات التحريض ضد النساء دائما ما يكون لها أبعاد سياسية، خاصة ان الحملات تستمر لأيام وهو ما يعني أن هناك ضخ مادي لهذه الحملات.
ولفتت باشرين إلى أن التاريخ السياسي اليمني يظهر أن حملات التحريض تأتي لأبعاد سياسية، مشيرة إلى أن تشويه سمعة النساء وسيلة من الوسائل التي تستخدم لضرب أي سياسي معارض.
وأوصت باشرين بتنظيم مناظرات على وسائل التواصل تتناول المواضيع التي تركز عليها حملات التشويه لكسب مناصرين لقضايا النساء والإسهام في توعية الجمهور.
وفي الندوة استعرضت عضو هيئة التشاور والمصالحة الدكتورة الفت الدبعي تجربتها في الملاحقة القانونية لمرتكبي التحريض والابتزاز ضدها.
وقالت الدبعي أنها تجاهلت كثير من الإساءات ضدها سابقًا لكن الذي لاحظته هي أن حملات التحريض التي إستمرت ضدها لم تكن ناتجة عن قصور الوعي كما كانت تتوقع وإنما هي حملات ممنهجة جاءت من شخصيات معروفة وصحفيين وهو ما رأت أنه تطور خطير استدعى تعاملها الجاد مع هذه الحملة والتوجه للقضاء لمحاسبة مرتكبيها.
وأضافت: “كان الهدف الرئيسي من التحريض ضدي منع أي مطالبات للنساء بكامل حقوقهن التي كفلها الدستور ومخرجات الحوار الوطني”.
وأشارت الدبعي إلى أن تجربتها في التوجه إلى القضاء لم تكن بالسهلة، مطالبة نقابة الصحفيين باتخاذ إجراءات حازمة ضد الصحفيين الذين شاركوا في حملات التحريض ضدها والإنتصار لقيم الصحافة وأخلاقياتها.
من جهته استعرض الخبير في تقنية المعلومات فهمي الباحث آليات الإبلاغ عن المحتوى المسيء في مواقع التواصل الاجتماعي، موضحًا أنه يكون إما بإبلاغ عادي أو مباشر، أو عن طريق شركاء موثوقين لدى ميتا، تيك توك، تويتر.
وأعلن الباحث عن أنهم أطلقوا منصة سند كمنصة طوعية لمساعدة من يتعرضون للابتزاز.
وأوصت المشاركون في الندوة بتدريب الأجهزة القضائية على التعامل مع هذا النوع من الانتهاكات، وتركيز المانحين على برامج تستوعب هذه القضايا وعدم الاستهانة بها.
وأكد المشاركون على أهمية وجود رصد و دراسات وأبحاث دقيقة حول هذه الظاهرة، و إنشاء تحالف نسوي لتقديم الدعم المعنوي وعيادة نفسية، وتناول هذه القضايا والاهتمام بطرحها وتعزيز التضامن بين مكونات المجتمع المدني، وجمع دوائر مجتمعية مناهضة للحملات ضد النساء.
وطالب المشاركون بإستحداث إدارة خاص للجرائم الإلكترونية في أقسام الشرطة وإصدار قائمة عار لمعتادي الانتهاكات والمحرضين في مواقع التواصل الإجتماعي.