تعز – محمد الحريبي
كانت الأبواب قد أغلقت في وجهها بعد انتهاء محكوميتها التي قضتها في السجن، إثر قضية اعتداء بينها وابن عمها، ورفض أسرتها استلامها.
راود اليأس أمل أحمد (اسم مستعار) البالغة من العمر ١٧ سنة، لكن مركز الحماية والتأهيل للنساء والفتيات كان بارقة الأمل الوحيدة التي تمسكت بها، بعد أن تكفلت إدارته بنقلها من السجن، وإيوائها في دار الإيواء التابعة للمركز.
قدم مركز حماية المرأة، في دار الإيواء، دعمًا نفسيًا لأمل، وأهلها، ودربها لتتمكن من استعادة حياتها الطبيعية والقدرة على الانخراط في المجتمع، فصارت أمل قصة نجاح فريدة لامرأة تجاوزت كل تلك التحديات، وبدأت بالعمل كخياطة تنتج الأرواب النسائية والملايات التي يسوّقها المركز لصالحها.
بداية جديدة
قدرة أمل على الإنتاج، واكتسابها مصدر دخل خاص، والتأهيل النفسي الذي حصلت عليه، لم تساعدها على العودة لأسرتها التي عاود المركز التواصل معها، إلا أنها رفضت مجددًا استلام أمل، لكن ذلك كان بداية جديدة لأمل أيضًا، حيث واصلت عملها في الخياطة في المشغل الخاص بالمركز، لتطول فترة إقامتها إلى 11 شهرًا انتهت في يناير الماضي.
تزوجت أمل قبل سبعة أشهر من شاب تعرفت عليه من خلال عملها في الخياطة، وهاهي اليوم تزور المركز معبرة عن سعادتها بالحياة الجديدة التي ما كانت لتصل إليها لولاه.
حماية وتأهيل
أنشأت مجموعة من الناشطات والحقوقيات، في مدينة تعز، مركز الحماية والتأهيل للنساء والفتيات في عام ٢٠٢٠م، ليتولى مسؤولية توفير الحماية للنساء الناجيات من العنف، والوساطات لإعادة لمّ شملهنّ بأسرهنّ، ومناصرة قضايا النساء، وتقديم العون القانوني للنساء المتعرضات للانتهاكات والعنف، والتنسيق مع الجهات الأمنية والقضائية حول قضايا النساء والفتيات المحتجزات.
أنشطة متنوعة
وأكدت مديرة المركز، صباح راجح، أن المركز نفذ العديد من الأنشطة منذ تأسيسه، “أهمها عقد الدورات وورش العمل حول القوانين المحلية والدولية المساندة للمرأة، وتقديم الدعم القانوني والنفسي، إلى جانب التدريب والتأهيل والتمكين الاقتصادي للنساء”.
مركز الحماية والتأهيل أستهدف ما يقارب ٢٥٠٠ امرأة خلال ثلاث سنوات في مجالات عمله المختلفة
وقالت راجح إن المركز أسس دار الإيواء الذي يعمل على استقبال النساء والفتيات الناجيات من العنف، وتأهيلهنّ، وتدريبهنّ، وتمكينهنّ، وإعادة دمجهنّ بالمجتمع.
وأوضحت راجح أن المركز أستهدف ما يقارب ٢٥٠٠ امرأة خلال ثلاث سنوات في مجالات عمله المختلفة.
أثر إيجابي
للمركز أثر كبير على النساء المستفيدات، وعلى جميع العاملين فيه، بحسب أطلال عبدالحكيم، وهي ناشطة حقوقية وجدت في مركز الحماية فرصة للتطوع لخدمة النساء والدفاع عنهنّ.
تقول أطلال: “لطالما سعيت من أجل العمل المجتمعي والطوعي منذ أن كنت طالبة جامعية، وقد منحني المركز فرصة كبيرة للقيام بهذا العمل، والمساعدة في تقديم العديد من الخدمات للنساء والفتيات والأطفال والمجتمع ككل”.
وتشير أطلال إلى أن المركز طور لديها العديد من المهارات الإدارية والعملية، من خلال التدريب الذي تلقته، والممارسات والمهام التي قامت بها في المركز.
وشاركت أطلال بتنسيق وتنفيذ حملة الـ ١٦ يومًا لمناهضة العنف ضد المرأة، وتنسيق وتنفيذ ورش عمل لمقدمي الخدمات للنساء الناجيات من العنف، بالإضافة إلى عملها بمشروع المرأة كعامل للتغيير، والذي اختص بتقديم العون النفسي والقانوني والتدريب الحرفي للنساء والفتيات الناجيات من العنف، والعمل بمشروع التدريب والتأهيل الحرفي للناجيات من العنف أيضًا، والتصدع الأسري، وتنسيق تنفيذ ورش عمل لمأموري الضبط القضائي حول العنف القائم على النوع الاجتماعي.
قصة ملهمة
وعن تجارب وقصص النساء اللواتي دافع المركز عنهنّ، تقول أطلال: “أتذكر الفتاة م.م، وهي فتاة قاصرة تعرضت للابتزاز من شخص تعرفت عليه في قريتها، من خلال تهديدها بنشر صورها، وقام بأخذ مبالغ مالية منها تحت الإكراه والضغط”.
وتوضح: “ابتزاز الشاب دفع الفتاة إلى أخذ مبالغ من أسرتها دون علمهم، وعندما بدأت برفض إعطاءه المال، قام بسرقة منزلها، واتهامها بالسرقة”.
لجأت أسرة الفتاة للمركز لحماية ابنتهم من بعض أفراد الأسرة الذين اتهموا الفتاة بأنها شريكة للشخص الذي كان يبتزها، وبحسب أطلال، قام المركز بتقديم خدمة الإيواء والدعم النفسي والقانوني اللازم للفتاة، وكذلك متابعة قضيتها لدى الأجهزة الأمنية، حتى تم القبض على المبتز، وتبرئة الفتاة من التهمة المنسوبة إليها.
واختتمت أطلال سرد القصة بالتأكيد على أن المركز أعاد لمّ شمل الفتاة بأسرتها، مشيرة إلى أن هذه القصة أشعرتها بأهمية ما يقوم به المركز من جهود لحماية النساء وتأهيلهنّ.
تم نشر هذه المادة بدعم منJDH/JHR صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا