تقرير – نصر عبدالرحمن
يزداد الاقتصاد اليمني تدهورا كبيراً يوماً بعد يوم، ما جعل المواطنين على حافة الموت جوعاً والكثير منهم سقط في هذه الهاوية الإنسانية، ولا معالجات حكومية تنذر بحلحلة هذه الأزمة الإنسانية المأساوية.
غضب شعبي:
وشهدت عدد من المحافظات اليمنية الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً مظاهرات واحتجاجات متواصلة منذ أسابيع، خاصة محافظات حضرموت شرقا، وعدن ولحج جنوبا، ولحقت تعز منذ أيام، إذ خرج العشرات من أبناء المحافظة امس الإثنين، بتظاهرة احتجاجية قاموا خلالها بقطع شوارع المدينة وإحراق الإطارات تعبيراً منهم عن سخطهم من الحد الذي وصل إليه التدهور الاقتصادي في البلاد وتداعياته على أوضاعهم المعيشية الصعبة.
وجاب المتظاهرون أمس الإثنين، عدد من شوارع المدينة، وقاموا بإسقاط صورة رئيس الجمهورية عبده ربه منصور هادي وسط المدينة، ورددوا شعارات تعبر عن سخطهم مما وصلت إليه الأوضاع المعيشية ومن أداء الحكومة والتحالف العربي الداعم لها.
وفي حديث لهم لموقع “المواطن” أوضح عدد من المحتجين أن خروجهم يأتي من معاناة، محملين الحكومة مسؤولية هذا التدهور الاقتصادي المتمثل بانخفاض قيمة العملة الوطنية وإرتفاع الأسعار بشكل خيالي ما زاد من معاناتهم الصعبة، مطالبين الحكومة ورئيس الجمهورية بمعالجة هذه الأزمة وما نتج عنها من أزمات أو يتركوا مناصبهم ويستقيلوا، معبرين عن خيبة أملهم بهذه الحكومة والتحالف العربي الداعم لها.
كما بدأت المحلات التجارية في المدينة إضرابها الشامل، وأفاد عدد من أصحاب المحلات التجارية ل”المواطن” بأن هذا الإضراب يأتي احتجاجا على التدهور الاقتصادي وما نتج عنه من إرتفاع الأسعار بشكل جنوني، مؤكدين استمرارهم في الإضراب حتى تقوم الحكومة بمعالجة هذا التدهور المخيف للاقتصاد.
وعن احتجاجات المواطنين المتصاعدة والتي وصلت للتعبير العنيف عن السخط الشعبي الذي وصل إليه الناس ضد الإنقلاب والحرب والشرعية ودول التحالف الداعمة للشرعية بالذات في تعز، قال: أستاذ الاقتصاد بجامعة تعز الأستاذ الدكتور محمد قحطان بأنها “مسألة مبررة، فقد ضاع امل الناس وثقتهم بقيادات السلطة الشرعية وصار الكثير يأمل باحلال السلام تحت نفوذ اية قوة تستطيع وضع نهاية للحرب واستعادة مؤسسات الدولة بعد مرور ما يقرب من 7 سنوات من الدمار والقتل وتصاعد التدهور في حياتهم المعيشية”.
وأضاف: “وبرأي أن استمرار غياب السلطة الشرعية وما يلاحظ من الفساد المتصاعد من رموز ومؤسسات الشرعية؛ سيؤدي إلى هيجان أكثر للجماهير الغاضبة ومن الممكن أن تتصاعد الاحتجاجات لتعبيرات أكثر عنفاً تؤدي للقضاء التام على ما تبقى من مؤسسات للشرعية لتحل محلها الكيانات المليشاوية الطامحة للاستيلاء على السلطة بالكامل وفرض أمر واقع محلياً ودوليا ويسحق كل رموز ومؤسسات الشرعية الغائبة والبعيدة عن الواقع، وبالتالي تمزيق البلاد واستمرار الصراع على السلطة والحروب المدمرة وضياع اي امل باستعادة الدولة وإعادة بنائها”.
انهيار غير مسبوق:
ووصل الإنهيار الاقتصادي لليمن إلى حد لم يشهده البلد من قبل، إذا انخفضت قيمة العملة الوطنية حتى أصبح اليوم قيمة الدولار الواحد قرابة 1200 ريال يمني.
وأكد أستاذ الاقتصاد بجامعة تعز محمد قحطان، على أن السبب الرئيسي لهذا السقوط المدوي للاقتصاد هي الحرب الدائرة في البلد منذ سبعة أعوام وقال: “الانهيار الاقتصادي يعود بدرجة أساسية للانقلاب والحرب الدائرة منذ 2015، ويمكن معالجته من خلال وقف الحرب وإحلال السلام الذي من شأنه تمكين البلاد من الاستقرار السياسي والأمني، وإعادة بناء ما دمر بالحرب من البنى التحتية والكثير من العوامل المحركة لعجلة الاستثمار والتنمية”.
وعن إرتفاع الأسعار في محافظة تعز خاصة سعر الروتي الذي إرتفع قبل يومين من 30 ريال للقرص الواحد إلى 50 ريال قال قحطان: “ارتفاع سعر القرص الروتي من 10 ريالات إلى مبلغ 50 ريالاً في محافظة تعز خلال فترة الحرب؛ يعود للانهيار الاقتصادي وغياب الدولة، بالإضافة إلى الحصار المفروض على تعز، إذ أن استمرار الحرب والحصار مع الانهيار الحاصل في الوضع الاقتصادي قد أدى إلى ارتفاع تكلفة النقل من عدن إلى تعز ومن المداخل الدولية الأخرى لتعز، فوسائل النقل بالإضافة إلى أن ارتفاع سعر مشتقات النفط كالبنزين والديزل من حوالي 3000 ريال للدبة سعة 20 لتر قبل الحرب إلى أن تجاوز 16 الف ريال، ووصل في الآونة الأخيرة إلى حوالي 18 الف ريال في الوقت الحالي، وذلك لأن المواد الغذائية ومن بينها الدقيق لتصل إلى مدينة تعز تمر بطرق غير معبدة ووعرة جداً قاطعة مسافات طويلة للغاية الأمر الذي يضاعف تكلفة النقل لمستويات عالية ينعكس على أسعار السلع الغذائية ومنها الدقيق المستخدم لصناعة الروتي ويحدث ذلك في ظل غياب تام لمؤسسات الدلة”.
قمع:
وكما تعرض المحتجين في محافظة حضرموت لمحاولات القمع والاعتداء عليهم من قبل قوات الأمن هناك، تعرض المحتجين في محافظة تعز أمس الإثنين، لقمع قوات الأمن التي أطلقت النار عليهم وأصابت أحدهم بجروح خطيرة، كما تعرضوا للمطاردة في شوارع المدينة واعتقال عدد منهم.
وبعد ذلك أصدرت اللجنة الأمنية بالمحافظة بيان أكدت فيه على حرية التظاهر السلمي والتزامها بحمايتها، محذرة من استغلال أوجاع المواطنين والنفاذ من خلال الاحتجاجات للتخريب وحرفها عن مسارها السلمي، مشددة على أنها ستضرب بيد من حديد في وجه كل من يحاول التخريب والاخلال بالنظام العام، حسب ما جاء على صفحة المركز الإعلامي لمحور تعز على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك امس الإثنين.
تخاذل:
وأضاف عدد من المحتجين بتعز، وأمام هذا السقوط المريع للاقتصاد اليمني لم نلحظ أي إجراءات أو خطوات من قبل الحكومة والتحالف العربي الداعم لها نحو تفادي مزيد من السقوط غير وعود كاذبة ليس إلا.
بدوره اكتفى البنك المركزي اليمني في عدن، بتعهده امس الإثنين، باتخاذ إجراءات حازمة، الأسبوع المقبل، على مستوى قطاعي البنوك والصرافة في محاولة لوقف التدهور الحاد في قيمة العملة المحلية.
تظاهرات مستمرة:
ورغم القمع الذي تعرض له المتظاهرين أمس الإثنين، واصل العشرات من أبناء المحافظة اليوم الثلاثاء، التظاهر احتجاجا على التدهور الاقتصادي، وأكد عدد منهم ل”المواطن” بأنهم سيستمرون في تظاهراتهم حتى يتم الاستجابة لمطالبهم المشروعة.
كما واصلت المحلات التجارية بالمدينة إضرابها الشامل لليوم الثاني على التوالي.