تقرير – مكين العوجري
اضحى اطفال الضمور الدماغي باليمن في مهب المعاناة المتزايدة نتيجة تدهور القطاع الصحي وغياب دور المنظمات العاملة في المجال الانساني، خاصة مع استمرار تفشي جائحة كورونا في البلد الذي يعاني من انهيار اقتصادي متسارع بسبب الحرب الدائرة منذ عام 2015م.
الطفل إياد البالغ من العمر خمسة اعوام يعاني من ضمور في الدماغ و شحنات كهربائية، حرمته من الحركة والركض مثل اقرانه من اطفال الحي الذي يتوسط مدينة تعز جنوبي اليمن.
ومع تدهور الوضع المعيشي والصحي وانتشار جائحة كورونا تفاقمت حياة اياد، الا ان ذلك لم يمنع اسرته من الذهاب به الى مركز صناع العزيمة للعلاج الطبيعي التابع لصندوق رعاية المعاقين فرع تعز، رغم تواضع الخدمات التي يقدمها المركز والتي تأثرت بسبب الحرب وجائحة كورونا.
والدة إياد تقول ان طفلها كان يحصل على العلاج المقرر له من الطبيب المختص بشكل شهري وبدون اي مقابل بواسطة احدى المنظمات العاملة في المجال الانساني، ولكن ومنذ بداية العام الحالي 2021م توقفت الادوية واصبحت تصل بشكل نادر، وهناك ادوية تتوفر في بعض اليدليات الخاصة لكنها تسبب انتكاسة للطفل بسبب انها منتج لشركات اخرى، مؤكدة انها حاليا اكتفت بمعالجة طفلها بالعلاج الطبيعي، مشيرة الى انها لاحظت تحسن لابأس به منذ ان انتظمت في العلاج الطبيعي.
وتضيف والدة اياد ” نجد صعوبة في الحصول على الادوية او حتى على العلاج الطبيعي بسبب غياب الاجهزة الرياضية والصحة المتطورة في مركز صناع العزيمة والذي يقدم خدمات بسيطة بشكل مجاني”.
واشارت “طفلي بحاجة الى علاج ورعاية صحية وبعض الاجهزة مثل الكرسي المتحرك و الكرسي التي تستخدم للطفل في دورة المياه”.
وقالت ” الان اتردد على مركز صناع العزيمة للحصول على علاج طبيعي من خلال المختصين في التمارين و استخدام بعض الادوات المتوفرة في المركز، ونتمنى ان يتحسن حال المركز حتى يستفيد اطفال الضمور الدماغي”
فقر وجائحة
ويٌعرف الطبيب الفيزيائي في مركز صناع العزيمة للعلاج الطبيعي “عايد الصلوي” ان الضمور الدماغي هو اصابة في خلايا الدماغ وتصبح ميته، ويؤثر ذلك بشكل مباشر على الشخص في النطق والاحساس ويسبب الشلل الجزئي، والكلي ، والنصفي ، والشلل رباعي والارتخائي والارتعاشي والمركب.
وقال الصلوي ان “الكثير من الاباء توقفوا عن الوصول الى مركز العلاج الطبيعي ايام اشتداد جائحة كورونا خوفا منهم من الاصابة بالفيروس، خاصة وان المركز ليس لديه اي ادوات وقائية، ويستطرد قائلا “كنت ابادر في توفير الادوات الخاصة بالوقاية من جائحة كورونا واصطحب معي معقمات وكمامات، وفي ذروة الجائحة لم نلمس اي دور للمنظمات في الوقوف مع المركز وتقديم المساعدة له”.
واكد ان الحالات التي عندها نسبة الضمور قليل يحصل لها تحسن جيد وتستجيب بشكل سريع، اما الحالات التي لديها ضمور مركب تكون بطيئة وربما تمتد الى اعوام، وهي بحاجة الى علاج طبيعي مستمر من اجل الحركة في مفاصل الجسد لا تتوقف، ولا يحصل تشوهات في الاطراف العلوية.
واوضح الصلوي ان اسباب الضمور الدماغي تاتي نتيجة تناول الامهات للادوية بشكل مستمر ومفرط عند الحمل، وتناولهن التدخين وغياب الوعي الصحي لديهن، بالاضافة الى الاخطاء الطبية، ونقص الاكسجين للاطفال عند الولادة.
واضاف عايد الصلوي “بالنسبة للحالات التي تصل الى مركز صناع العزيمة للعلاج بعضها شهدت تحسن ملحوظ كما هو حاصل مع الطفلة لين عماد والتي استجايت للعلاج بشكل كبير” .
واشار الصلوي الى ان الظروف الاقتصادية تمنع الاباء من مواصلة جلسات العلاج ، خاصة مع انتشار جائحة كورونا والتي فاقمت من معاناة اطفال الضمور الدماغي، مؤكدا على ضرورة استمرار جلسات العلاج الطبيعي للاطفال والتي لا تقل عن 12 جلسة في الشهر الواحد كحد ادنى، وان التوقف عن التمارين يؤدي الى تراجع الحالة الصحية لدى الطفل.
توقف الدعم
ومنذ مطلع العام 2015 تقلص الدعم لاطفال الضمور الدماغي تدريجيا حتى توقف بشكل تام في عام 2017م نتيجة تصاعد حدة الحرب في البلد، وفي هذا الصدد قال مدير فرع صندوق المعاقين صبري المعمري ان الصندوق لا يتلقى اي دعم الا بعض الاجهزة التعويضية لذوي الاعاقة والمساعدات الاغاثية فقط، ويعاني الصندوق في تعز من التهميش من قبل الجهات الرسمية و المنظمات العاملة في المجال الانساني والتنموي، حد تعبيره.
ولفت المعمري ” قبل الحرب كان الصندوق يحصل على دعم ومخصصات مالية لتوفر دواء الضمور الدماغي ويقوم بتسليمها للمراكز التابعة للصندوق والتي تهتم بفئة الضمور ومن ثم يتم توزيع الدواء للمستفيدين الا ان ذلك توقف بشكل كلي عام 2017م”.
وفي السياق قال المعمري انه تم الاتفاق مع احدى المنظمات لتسليمها مركز صناع العزيمة للعلاج الطبيعي وذلك من اجل تغطية ماعليه من التزامات ومرتبات واستمرار عمله في تقديم الخدمات، الا ان ذلك لم يبدء بشكل فعلي من قبل المنظمة المتفق معها، متمنيا الاسراع في تطوير المركز حتى يتمكن من تقديم خدمات افضل لمصابي الضمور الدماغي في مدينة تعز.
وقال المعمري ان في عام 2017 استطاع الصندوق الحصول على منحة مالية مخصصة لامراض الضمور الدماغي حتى تتمكن اسرهم من شراء الادوية من الصيادلة، وتم توزيع المنحة لما يزيد عن 200 مصاب بالضمور وكانت تلك اخرها.
واشار الى ان حالات الصرع و الضمور الدماغي تتلقى في بعض الاحيان ادوية عبر مركز مديرة النور الصحي بدعم من منظمة المانية.
واوضح ان صندوق المعاقين يشرف على عدة مراكز في هذا الشأن وهي مركز صناع العزيمة والخير للاعاقة المزدوجة و الطفل اولا، مؤكدا انها تأثرت بشكل كبير بسبب جائحة كورونا ، وتوقفت المراكز لمايقارب شهرين لدواعي السلامة والالتزام بالاجراءات الوقائية، واثناء التوقف تضررت الكثير من الحالات من اطفال الضمور الدماغي وحصل لها انتكاسة.
“تم نشر هذا التقرير بدعم من JDH / JHR – صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا”.