تقرير/ أصيل سويد
تشهد مدينة تعز، منذ أسابيع، خروج مظاهرات شعبية، على نحو متواصل، احتجاجا على غياب الخدمات العامة، وتفشي الفساد في المؤسسات الحكومية.
الاحتجاجات التي بدأت الدعوة لها من قبل ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي وبات يشارك فيها المئات على نحو شبه يومي، أصبحت تطالب برحيل الفاسدين من مدراء ومسؤولين في أجهزة الدولة، المدنيين والعسكريين والأمنيين. وانهاء نظام التعيين بالمحاصصة.
شعارات يرفعها المحتجون
”لا ماء، لا كهرباء، لا غاز، لا طرقات، لا صحه، لا تعليم، لا أمن، لا عدل، لا داعي لبقائكم، لا تراجع عن محاكمتكم“.
يقول المشاركون في الاحتجاجات أن الحراك الشعبي لن يتوقف قبل اقتلاع المسؤولين الفاسدين وتقديمهم للمحاكمة. وقد بدأ مؤخرا تنظيم اعتصام مفتوح أمام مبنى المحافظة، في تأكيد على الاستمرار في الاحتجاج.
وعلى تعدد أهداف المتظاهرين وتطلعاتهم فإنها تلتقي أو لا تخرج عن تحسين الوضع المعيشي والخدمي في المدينة، ومنع كل ما من شأنه أن يعيد تدوير الفساد في المرافق الحكومية العسكرية والمدنية.
فيما يحمل كثيرون السلطة المحلية والعسكرية نفسها مسؤولية تأخير استكمال تحرير المدينة وفك الحصار المطبق منذ سنوات، وسط أحاديث واتهامات متبادلة بشأن صرف وتقاسم المبالغ المقدمة من الحكومة والتحالف أو المتحصلة من التبرعات لأجل عملية التحرير.
وثائق فساد
على وقع الاحتجاجات الشعبية، تسربت إلى مواقع التواصل الاجتماعي كثير من الوثائق التي تثبت تورط عدد من مدراء المكاتب التنفيذية في الفساد، ومعظم هذه الوثائق مصدرها الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة.
كشفت أحدى هذه الوثائق عن نهب مليار وسبعمائة وعشرين مليون، من ضرائب القات وذلك خلال عام و4 اشهر فقط. كما كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مليار ريال تم التصرف بها في مكتب الواجبات دون وثائق، بحسب ما تداوله ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي.
وكتب الصحفي رشاد السامعي، وهو أحد المتظاهرين، على صفحته في الفيس بوك: “أن رئيس الجمهورية ونائبه ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب وأعضاء الحكومة الشرعية جميعهم فاسدون وهبارون ومتواطئون مع هذا الواقع ولهذا يتجاهلون ما يجري في تعز من فساد”.
موقف السلطة
وعن موقف السلطة المحلية لمحافظة تعز فقد أصدر محافظ المحافظة قرارًا بإيقاف مدير مكتب النقل “محمد النقيب” ومدير مؤسسة الكهرباء “عارف غالب” عن العمل بسبب تورطهما بالفساد.
لكن المديرين الأثنين قابلا قرار المحافظ بالرفض. الأمر الذي دفع بالمحافظ للتوجيه بعدم التعامل معهم لرفضهم تسليم المكاتب بعد اقالتهم.
وفي بداية الاحتجاجات كان وكيل المحافظة عارف جامل، قد وجه الاجهزة الامنية برفع الجاهزية وضبط المتظاهرين ووصفهم بالمخالفين الذي يحاولون اقلاق السكينة.
تأييد
لكن اللجنة الأمنية أصدرت بعد يوم من توجيه جامل، بيان تحيّي فيه الاصوات التي ترتفع ضد كل فاسد يحاول استغلال سلطته لممارسة الفساد و العبث بالمال العام وأن التعبير حيال ذلك سواء عبر الكلمة أو المنبر أو أي فعاليات من مسيرات واعتصامات هو دليل وعي ورقي المجتمع ومدى قدرته على ممارسة حقه في رفض أي شكل من أشكال الفساد.
كما صدر بيان مشترك عن وكيلا المحافظة “محمد عبدالعزيز الصنوي” و”رشاد الاكحلي” يحيون فيه كل اشكال الضغط الشعبي السلمي المناهض للفساد ولتصحيح المسار المعوج خلافًا لإرادة الناس وتضحياتهم، مؤكدين “استعدادهم الكامل للخضوع للمساءلة والمحاسبة والمثول امام الجهات الرقابية والقضائية قبل غيرهم”.
تحرك شبابي
من جهتم قام مجموعة الشباب الناشطين والحقوقيين الذين ينشطون تحت مسمى “شباب الرقابة المجتمعية” وينهاضون الفساد في مؤسسات الدولة، قاموا بتنفيذ زيارات ميدانية لعدد من الجهات، شملت وكيل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة رؤساء الأحزاب (الاصلاح، الناصري، الاشتراكي، المؤتمر)، لمطالبة هذه الجهات بالتفاعل مع مطالب الناس، إلى جانب ما قالوا انه توفير المعلومات الصحيحة، لبناء الموقف السليم، وترجمة الشعارات التي يرفعها المحتجون الى واقع عملي.
وذلك بالتزامن مع الضغط المتواصل على السلطة المحلية لتحويل ملفات الفساد إلى نيابة الأموال العامة، وتغيير الفاسدين ومحاسبتهم.
مواقع التواصل
سرعان ما تنعكس تفاعلات الناشطين والصحفيين مع هذه المظاهرات في مواقع التواصل الاجتماعي لتصبح كذلك معركة للجدل وللاتهامات والتراشقات بين ناشطي الأحزاب.
كما تداول ناشطون مستقلون صور الاحتجاجات وشعاراتها وحذروا من استغلال الحراك والشعبي من قبل أطراف واحزاب وقيادات لحرف مسارها وتغير اهدافها، وإخراجها من كونها عملية مدنية إلى وسيلة جيدة للمناكفات.