محمد الكمالي
حولت الحرب الدائرة منذ أكثر من ست سنوات في اليمن مناطق عدة إلى أطلال مترامية لا تعرف سوى الحسرة والأحباط لتتوقف عندها عجلة البناء والتنمية لمختلف القطاعات.
وتعد مدينة تعز في وسط البلاد واحدة من النماذج الأشد تضررًا إضافة إلى استمرار حصار خانق عليها يضاعف من المعاناة.
في منطقة حوض الأشراف تقف ( أمل سعيد، وشروق أحمد) طبيبتان في منتصف العقد الثاني تحت أنقاض الدمار من خلال صيدلية ( حواء) بكادر نسائي يوفر خدماته الطبية ويجعل من غير المألوف حياة.
“إلى وقت قريب كان يبدو الأمر في هذا المكان غريبًا وخطيرًا في مسألة فتح محل تجاري للرجال فقط فكيف إذا تعلق بكونه لحواء” هكذا تعبر أمل سعيد لمنصة yemen peace عن سعادتها في نجاح المشروع وكيف أن طول أمد الحرب وعودة بعض العيادات الطبية موخرًا بشكل تدريجي كانا عاملان مساعدان في قرار الفتح.
أمل سعيد ( 26 سنة) ، وهي أحد قطبي حواء تحكي صعوبات اتخاذ القرار في ظل معارضة محيطها الأسري والعائلي لذلك في البداية غير أنهم أصبحوا أكثر تقبلًا الآن.
تكمل أمل، وهي أم لطفلة بأن لديها الوقت لإيجاد التوازن بين عملها في مهنة الصيدلة وبين حياة الزوجية والأمومة معًا.
وجود عامل الأمان بشكل عام إلى جانب الدعمين الأسري والمجتمعي جميعها معطيات تساعد في استمرارية المشاريع وتجذب رؤوس الأموال.
فهيم درهم ( 30 سنة) وهو أحد أبناء الحي الذي تقع فيه حواء يدعم ذلك ويعبر برأي خاص عن عدم وجود الغرابة بالنسبة له في كون كادر نسائي يعمل في صيدلية طبية.
فهيم وصف الأمر “بالطبيعي”، لافتًا إلى أن الأمر بات أكثر أمانًا مع توسع دائرة المحال التجارية والمنشآت التي بدأت تعود تدريجيًا.
لا يخفي (فهيم) إحتمالية أن توجد بعض أعمال النهب أو التقطع لكنه يقول بأن ذلك وارد في كل مكان وحتى مع فئة الذكور وهو أمر يكمن تجاوزه مع مرور الوقت أكثر.
يمثل عمل المرأة في المجتمع اليمني تحديًا كبيرًا ، غير أن الوضع الاقتصادي وضرورة تحسين مستويات المعيشة يدفعان كلًا من آدم وحواء للتأقلم سويًا في شراكة فاعلة.
عبر سيارتها الخاصة تذهب أمل، لجلب احتياجات ومستلزمات الصيدلية من سوق الأدوية بينما تظل شروق لإدارة المكان.
بدأت القصة بينهما عبر شراكة مهنية وتجارية، إذا أن أمل والتي تحمل شهادة الدبلوم في تخصص الصيدلة لم تكن قادرة على أخذ ترخيص لفتح هذا المشروع، على عكس شروق التي تحمل شهادة البكالوريوس ما يمكنها قانونيًا من ذلك.
تقول شروق، أن فكرة (حواء) جاءت من منطلق إنساني قبل شيء، إلى جانب تسهيل التواصل بين الجنس الناعم وهن الأكثر إقبالًا، تقول.
تبدو قصة أمل وشروق نموذجًا يهزم قهر الحرب والحياة المجتمعية في اليمن، ويؤسس لبيئة نسوية قادرة نحو الاعتماد على نفسها في عالم يتطور كل يوم ولا يقبل بقاء المرأة كعالة مجتمعية.
مثل هذه المشاريع تمكن المرأة اليمنية بالتحديد من تحمل مسؤولياتها وإثبات كم هي جديرة بالتقدير والثقة دون تجاوز يخدش حياؤها أو ما شابه مثلًا.
ويؤكد متخصصون لـمنصة yemen peace توجه عدد كبير من النساء اليمنيات لفتح مشاريع واستثمارات شخصية في الآونة الأخيرة.
ميثاق القدسي، استشاري المشاريع في وكالة تنمية المنشآت الصغيرة والاصغر SMEPS وهي تابعة للصندوق الاجتماعي للتنمية قال : بأن هناك نتائج إيجابية تحدث بشأن ثقة سيدات الأعمال بأنفسهن، كما أن التنمية الاقتصادية لقطاع المرأة بات يزخر اليوم بمشاريع فريدة.
بحسب القدسي، فإن الوكالة تعمل في خمس محافظات رئيسية في اليمن من ضمنها مدينة تعز التي تم تدشين المشروع الخاص بها في منتصف العام 2020 حيث تم دعم 54 إمرأة حينها بينما وصل عدد من تم دعمهن في هذا العام إلى 52 إمرأة في مختلف المجالات والحرف.
وتقدم الوكالة منح تماثلية تترواح قيمتها من 5 إلى 15 ألف دولار من أجل دعم استمرارية الأعمال في القطاع الخاص بهدف استدامة نمو الاقتصاد الوطني خلال فترة الصراع.