صنعاء /نورا الظفيري :
مُنذ نشأة الإعلام وهو يقوم بوظائف عدة داخل أي مجتمع كسلاح ذي حدين، كما له دور في تغيير وتشكيل رأي المجتمع حول أي قضية، حيثُ تغيرت نظرة العديد من المجتمعات حول المرأة بسبب مناصرة وإظهار الأدوار المتعددة لها عبر وسائل الإعلام، في المقابل تراجع دور المرأة في بعض المجتمعات بسبب تكريس وسائل إعلامها للصورة النمطية للمرأة فيها.
إجحاف وتأطير
سامية العنسي :هناك أسباب كثيرة تقف وراء الإجحاف بدور المرأة منها خصوصية المجتمع وقيود بعض العادات والتقاليد، التي تؤطر دور المرأة وتحد من حركتها ومشاركاتها المهنية والأسرية، وغياب دور الإعلام ورسالته في تبنّي مثل هذه الإشكالات والعوائق
ما يزال الإعلام اليمني يؤطر أدوار المرأة داخل المجتمع، ويحدد لها ما يمكن أن تلعبه كامرأة وحسب، وفي هذا تقول الإعلامية سامية العنسي لــ” منصة مشاقر “: على الرغم من التحديات والتطورات التي أدت إلى المشاركة المجتمعية، والتفاعل وعمل المرأة والرجل بجانب بعض من أجل التنمية، إلا أن أدوار المرأة وإنجازاتها في جميع المجالات مازالت تحت الظل والتي لم يتم إنصافها حتى اللحظة دعماً وتشجيعاً واستحقاقاً.
سامية العنسي
بحرقة تتابع العنسي: هناك أسباب كثيرة تقف وراء الإجحاف بدور المرأة منها خصوصية المجتمع وقيود بعض العادات والتقاليد، التي تؤطر دور المرأة وتحد من حركتها ومشاركاتها المهنية والأسرية، وغياب دور الإعلام ورسالته في تبنّي مثل هذه الإشكالات والعوائق في طريقها، وجهل بعض القائمين على هذه المؤسسة بأهمية تأثير الرسالة الإعلامية إيجاباً في تشكيل الوعي الجمعي، والسلوك العام تجاه الكثير من القضايا والمفاهيم المجتمعية المغلوطة والخاطئة تجاه المرأة وأدوارها الفاعلة وحقوقها المنقوصة.
وكانت دراسة تحليلية لمشروع أصوات النساء – مشاقر ميديا – خلصت إلى إن وسائل الإعلام اليمنية ساهمت في خلق الصورة النمطية للمرأة، وعملت على تأصيلها في حالات عدة.
تغيير وتوعية
للإعلام القدرة على نشر الأفكار والآراء والتأثير على الجمهور المتلقي، حيث ترى فاطمة مطهر رئيسة شبكة إعلاميات في المهجر في حديثها لـ” منصة مشاقر “ أن من أهم وظائف الإعلام هي التوعية والتغيير ومشاركة الناس في تحديد خياراتهم، والمساهمة في بناء الرأي لدى المتلقي، حيث أن للإعلام دوراً كبيراً في إظهار المرأة بصورة نمطية، وهذا الدور ليس حديثاً وإنما قديم بقدم ظهور وسائل الإعلام.
فاطمة مطهر
ولا يختلف الوضع كثيرًا بالنسبة لأستاذ الإذاعة والتلفزيون المساعد في جامعة صنعاء د.منصور المنتصر تؤكد لـ” منصة مشاقر “ أن ما يعيب الأعمال الإعلامية اليمنية هي تكريس العادات السلبية الموروثة، وبالتالي فنحن أمام استنساخ وتدوير الموروث بشكل جديد، خاصة مع امتلاك المؤسسات الإعلامية من قبل جهات طائفية، وغياب دور المجتمع المدني في إدارة المؤسسات الإعلامية فضلاً عن امتلاكها.
ومن جانبها تقول سامية العنسي لـ” منصة مشاقر “ حول ما يجب أن يلعبه الإعلاميون بمختلف أدوارهم : علينا أن ندرك كإعلاميين ونخب ثقافية أن رسالة الإعلام هي من أسمى الرسالات القيمية والفكرية، حيث تعد هذه الرسالة هي القدوة وعين الثقة والمصداقية لمتلقيها، بحيث يتلقى منها كل ما يرتقي بذائقته السلوكية وبوعيه الفكري والمجتمعي تجاه أدواره المختلفة وسائر حقوقه وواجباته لتصفو نظرته تجاه غيره وسائر أدوارهم وواجباتهم، وهذا بالنسبة لها لن يأتي إلا بالطرح الموضوعي الجاد والمستنبط من قيم الدين التي أوصت بمكانة الإنسان رجلاً كان أو امرأة.
تناول قضايا المرأة في وسائل الإعلام في إطار محدود ومساحات محدودة وغالباً تتجه نحو موضوعات عامة أو اهتمامات تقليدية للمرأة
فجوة حقيقية
د.صباح الخيشني أستاذة الصحافة المساعد جامعة صنعاء في حديثه لـ” منصة مشاقر “: كان لها رأي حول تناول قضايا المرأة على وسائل الإعلام في إطار محدود ومساحات محدودة وغالباً تتجه نحو موضوعات عامة أو اهتمامات تقليدية للمرأة، حيث تقول أن تناول الإعلام اليمني لقضايا المرأة وما يهمها بعدم اهتمام، وهذا يبرز وجود فجوة حقيقية بين وسائل الإعلام وقضايا المرأة، وقد زادت تلك الفجوة في الوقت الحالي، حيث برزت المرأة في أكثر من دور داخل الأسرة وفي المجتمع، في المقابل لا تقوم وسائل الإعلام بدورها في إبراز تلك الأدوار التي تقوم بها المرأة كنوع من التهميش لها.
د.صباح الخيشني
الدراسة التحليلية توصلت إلى أن الموروث الاجتماعي ما زال متحكمًا بكثير من الجوانب الإعلامية المتعلقة بالمرأة، إضافة إلى الخطاب الديني الموجه، وعملية التوظيف السياسي للمرأة ككيان وللقضايا المرتبطة بها.
إعلام بلا استراتيجية
تفتقر وسائل الإعلام اليمنية إلى خطط استراتيجية في عملها، وترى الدكتورة الخيشني أن هناك قصوراً في الرؤية لدى القيادات الإعلامية ورؤساء التحرير والسياسات الإعلامية بشكل عام، في تناول قضايا المرأة وتسليط الضوء على ما يخدم المرأة وأدوارها داخل
المجتمع.
فاطمة مطهر : هناك إعلاميات يدرن بنفس الفلك النمطي حتى عند انتقاء المصادر لا يوجد تحسس لقضايا المرأة والجندر والتغيير،
يؤيدها في ذلك الدكتور المنتصر بالقول: “يوجد تباين عجيب فيما تعلنه المؤسسات الرسمية كتوجهات حداثية وغياب الواقع الفعلي، حيث أن الخدمات الأساسية التي تفتقر إليها المرأة كمقوم أساسي لتجاوز الموروث الثقافي العربي، والذي للأسف يؤطر بالدين هذا عائق آخر، فالإعلام لابد أن يبني على استراتيجية مدروسة لتجاوز هذا الواقع على المستوى الكلي لواقع المرأة وليس بناء نماذج هنا وهناك يفتقر الواقع لها”.
وتأسف فاطمة مطهر من أن هناك إعلاميات يدرن بنفس الفلك النمطي حتى عند انتقاء المصادر لا يوجد تحسس لقضايا المرأة والجندر والتغيير، ناصحةً الإعلاميات والصحفيات بإشراك المرأة في موادهن كموضوعات عن المرأة أو كمصادر، لابد من إثراء تواجد المرأة سواء العالي أو البسيط في المواد الإعلامية الخاصة بهن تقول مطهر.
دور محوري
للإعلام دور كبير في التأثير على المتلقي ومن هنا يبرز أهميته في إبراز دور المرأة داخل المجتمع، كما تقول الدكتورة لينا العبسي أستاذ مساعد في المشكلات الاجتماعية جامعة العلوم والتكنولوجيا لـ” منصة مشاقر “يمكن أن تسخر وسائل الإعلام في خدمة قضايا المرأة اليمنية وتكريس صورة إيجابية لأهمية المرأة كصانعات لنصف المجتمع ويلدن النصف الآخر أيضاً، وهذه الوسائل في الوقت الحالي انقسمت إلى قسمين، حيثُ أن القسم الأول يعمل على دعم قضايا المرأة ونقل صورة إيجابية لها، ويركز على نشاطها وفعاليتها في خدمة المجتمع، لكن للأسف أن هذه الوسائل قليلة جداً، وفي المقابل القسم الثاني على الخلاف تماماً، فهو ما يزال ينظر إلى المرأة بنظرة سوداوية قاصرة، يكرس للعادات السلبية تجاه المرأة.
ليس ببعيد تقول ذكرى النقيب مستشار مؤسسة رمز للتنمية، لـ منصة مشاقر “ أن الإعلام عندما يتم توظيفه وتهيئة مساره لكي ينتصر لقضايا النساء، لابد أن يكون محايداً ولديه المهنية في تناول قضايا المرأة بحيادية وموضوعية ويدرس تفاصيل المعاناة التي تتعرض لها المرأة دراسة علمية مهنية مبنية على تحليل للوضع ويقدم مؤشرات وحقائق، بحيث يعكس الإعلام هذه المعاناة ويخرجها للسطح ويوصلها إلى صانع القرار حتى يعمل على إيجاد المعالجات اللازمة لها.
إن تناول قضايا المرأة في وسائل الإعلام اليمنية لا يرتقي إلى مستوى التحولات التي شهدتها الساحة من إنجازات ملموسة لدور المرأة داخل المجتمع، حيث ما يزال سياق الموروث الثقافي الذي يؤثر بصورة سلبية في تحديد أدوار ومواقع المرأة ومواقف وسائل الإعلام منها وتكريسه لتوجهات تقليدية تجاه المرأة من خلال تركيزه على إبراز دورها التقليدي كربة بيت وزوجة مطيعة، كل هذا تحت مسمى الحفاظ على العادات والتقاليد لا أكثر.