مكين العوجري
خلقت الاخبار المضللة والكاذبة حالة من الخوف والقلق الشديدين لدى الكثير من ابناء مدينة تعز وخاصة من يعانون من أعراض يشتبه انها أعراض الأصابة بفيروس كورونا المستجد كوفيد 19، لاسيما وأن قدرات القطاع الصحي ليست بحجم الموجة الثانية من الجائحة كونها أكثر انتشارًا من سابقتها.
ومع انتشار كوفيد19 في تعز، تداول نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي أخبارًا واحصائيات متضاربة، اعتبرها البعض غير حقيقية، وثقنا بعض منها هنا.
التحقق
بعد البحث والتحري ومراجعة الأرقام الرسمية المعلن عنها وبالعودة إلى التضارب فيما نشره نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، عدنا إلى مدير وحدة الترصد الوبائي في مكتب الصحة.
وفي تصريح خاص لمنصة yemen peace أكد مدير وحدة الترصد الوبائي في مكتب الصحة بتعز ياسين عبدالملك ان المعلومات الخاطئة تسبب انتكاسة لدى الكثير ممن لديهم أعراض يشتبه بانها كورونا، لافتًا إلى أن عدد حالات الوفاة بلغت 75 حالة منذ بداية العام 2021م.
وأشار إلى إن الارقام المعلنة في الموقع الرسمي لمكتب الصحة هي الاحصائيات الدقيقة، واستطرد قائلًا: “نأمل من الجميع تداول المعلومات الصحيحة من مواقعها الرسمية”.
وأكد ياسين عبدالملك أن عملية الفحص كانت تشمل المسافرين وحالات الاشتباه بينما تقلص الأمر في الأيام الأخيرة إلى فحص الحالات المشتبهة فقط.
من جانبه أكد الدكتور أحمد منصور مدير المختبر المركزي في تعز أن عدد حالات الاشتباه بلغت 973 حالة حتى يوم الخميس 8 أبريل 2021، عدد الحالات الايجابية منها 634حالة، وذلك منذ بداية العام العالي، موضحًا أن المختبر يعمل مسوحات وأخذ عينات عشوائية من المجتمع مشتبه وغير مشتبه لمعرفة حجم الوباء.
تضارب في الارقام
اعتبر الكثير من المتابعين والمهتمين ان التضارب في الارقام بين الوزارة والمكتب يعد تلاعب وتضليل، إلا إن مدير الترصد الوبائي “ياسين عبدالملك” اعترف أن هناك، أحيانًا، تضارب في الارقام ما بين الوزارة ومكتب الصحة في تعز، وعزا ذلك إلى اعتماد الوزارة حالات أصيبت في محافظة تعز وأجري الفحص لها في محافظات اخرى ويتم اضافتها من قبل الوزارة على قائمة تعز أو المحافظة التي قدم منها.
وأشار إلى أنه وفي يوم الاحد 28 مارس صرح مكتب إعلام الوزارة عن تسجيل 56 حالة ايجابية بكوفيد 19 في تعز، بينما رصد مكتب الصحة في تعز 45 حالة، موضحًا أن الوزارة ضمت إلى ما رصده مكتب الصحة في تعز حالات تم فحصها في عدن والمهرة والساحل الغربي، كانت قادمة من تعز.
وعن ما نشره ناشطين عن نقص في مادة الاكسجين في المستشفيات ومراكز العزل، قال ياسين عبدالملك أن هناك شركات خاصة كثيرة تبيع اسطوانات الأكسجين، لافتا أنه في حالة الضرورة يعمل المكتب على شراء الاسطوانات وتوفيرها لجميع المرضى وبشكل سريع.
وأتهم عبد الملك بعض الجهات (لم يسمها) بإستغلال أي موجة وبائية للقدح في مكتب الصحة، مؤكدًا انه لا يوجد مريض أو مصاب في المستشفى لم يتوفر له الأكسجين.
وأضاف: “بكل تأكيد نحن نطلق نداء استغاثه في حال النقص، ولكن حتى اللحظة وفرنا الاكسجين لكل المصابين في مراكز العزل”.
وأشار إلى إن محافظة تعز تمتلك ثلاثة مراكز عزل بطاقة استيعابية 119 غرفة عناية وسرير، وتتوزع في مستشفى الجمهوري 24عناية و60سرير، و20 سرير في مستشفى خليفة بالتربة و15 في المخا.
تتبع الحالات
وبحسب عبدالملك فإن مكتب الصحة العامة والسكان لديه فرق استجابة سريعة في جميع المديريات وكل فريق يتكون من 29 عضوًا تم توزيعهم في الاحياء السكنية لتتبع الحالات التي تعاني من أعراض كوفيد 19والتبليغ عنها إلى إدارة الطوارئ بمكتب الصحة.
وقال أحمد منصور أن المختبر المركزي في تعز يعمل على مدى 24ساعة لاستقبال الحالات من فرق الاستجابة السريعة، مشيرًا إلى أن عمليه الفحص تبدأ على ثلاث مجموعات ابتداء من الساعة الثامنة صباحًا وحتى الساعة الثالثة عصرًا.
وتابع مدير الترصد الوبائي ياسين عبدالملك: “لدينا نقص وعجز ولم يصلنا أي دعم حتى الان من أي جهة، ونعمل بالمتاح لنا، ونتمنى من الجهات المعنية (السلطة المحلية، إدارة الامن، الأوقاف، الإعلام والتثقيف الصحي) أن تقوم بدورها في التوعية بالالتزام بالإجراءات الوقائية وحماية المواطنين من الاصابة.
محاصصة سياسية
وفيما يعزو الأسباب التي أٍسهمت في تأجيج التضليل الإعلامي وتضارب المعلومات بين ناشطي مواقع التواصل الاجتماعي إلى المماحكات السياسية، قال الخبير الصحي الدكتور أحمد الدميني “اخصائي باطنية”، إن الصراع الحزبي في المؤسسات ليس بجديد بل هو ظاهرة مزمنة ونتاج لما آلت إليه الاوضاع بشكل عام داخل الدولة وبمختلف القطاعات وليس فقط قطاع الصحة.
ويرى الدميني أن السلطات الرسمية مقصرة في إطلاع الرأي العام على المعلومات الصحيحة وإيصالها إليهم من مصادر مؤكدة، ويقول: “لا اعتقد ان الموضوع متعلق بالإمكانيات بل بسوء إدارة الأزمة”، لافتًا إلى أن اسباب كثيرة ساهمت في انتشار الأخبار المضللة منها غياب الدور الاعلامي والتثقيفي خاصة من قبل القنوات الفضائية والمثقفين.
ونوه الدميني إلى أن قطاع الصحة من أكثر القطاعات تأثرًا بالحرب وتضررًا منها، وتابع: “وجود المناكفات الحزبية والتراشق السياسي لا يعني أبدا أن هناك خلل أيضًا في هذه المرافق بل ساهم ذلك بشكل كبير بما وصلنا إليه”.
مركز العزل
في زيارة ميدانية بغرض التحقق الذاتي تبين لنا أن مركز العزل في المستشفى الجمهوري يمتلك، 24 عناية مركزة و60 سرير وبما يتطابق مع الأرقام التي قالها مدير الترصد الوبائي بمكتب الصحة ياسين عبدالملك، إلا أن ما لاحظناه هو أن المركز يستقبل حالات توفت نتيجة أصابتها بأعراض فيروس كورونا ولا يتم فحصها أو إضافتها إلى الاحصائيات، هذا بالإضافة إلى اعداد الوفيات التي تموت في منازلها دون أن يتم نقلها إلى المستشفى.
سألنا أحد الصحفيين الموثوقين، والذي كان قد نشر منشورًا عن وفاة أحد أقاربه بالفيروس، للتأكد مما إذا كان قد تم تشخيص الحالة قبل الوفاة إلا أنه أكد لنا أنه لم يتم نقل قريبه إلى المستشفى ولم يتم اجراء أي فحوصات له بسبب عدم ثقة أسرته بالقطاع الصحي، رغم تأكيده أن المتوفي كان مصابًا بأعراض الإصابة بالفيروس تمامًا.
في النهاية يمكن استنتاج أن الخلل الحقيقي المتسبب بتضارب المعلومات وقلة الإحصائيات الصادرة عن الجهات المختصة ناتج عن عدم نقل كل الحالات المشتبهة إلى المستشفيات أو اجراء فحوصات لها، وهو ما يؤكد أن أعداد الإصابات بالفيروس أكبر بكثير من تلك الواردة في السجلات وإعلانات الجهات الرسمية.
تقرير رسمي
أكد تقرير رسمي، صادر عن وكيل المحافظة للشؤون الصحية د. إيلان عبدالحق، أن 534 حالة ما نسبته 65% من أجمالي الحالات تم تشخيصها سريريًا وعزلت غالبيتها في العزل المنزلي العام المنصرم، دون أن تدخل السجلات الرسمية.
وأضاف التقرير الذي نشره مركز فري ميديا للصحافة الاستقصائية أن عدد الحالات التي لم تدخل مراكز العزل لا تتطابق مع عدد الحالات المعزولة منزليًا، وأن عدد الوفيات من الحالات المشتبهة أكبر من عدد الوفيات من الحالات المؤكد إصابتها بالفيروس.
وأشار التقرير إلى أن 145 حالة أصابة لم تخضع للعزل المنزلي ولا نقلت إلى مراكز العزل، كما لم تجر أي دراسات وبائية للمناطق التي تم اكتشاف الحالات فيها.
اجراءات غائبة
السلطات المحلية في محافظة تعز وفي الوقت الذي وجهت فيه بتنفيذ حزمة من الاجراءات الاحترازية التي وصفت بالبسيطة أمام حجم الوباء، إلا أنها لم تنفذ هذه الاجراءات ولم تقم بأغلاق الصالات والمطاعم وتنظيم الأسواق والمولات.
ومن المفترض بحسب مراقبون أن تقوم السلطات بفرض حضر جزئي للتجوال وإغلاق اماكن التجمعات ومنعها وتنظيم الأسواق والزام الجميع بلبس الكمامات واتخاذ جميع الاجراءات الوقائية.
وبحسب مدير مكتب الصحة راجح المليكي، لم يتلق القطاع الصحي في المحافظة أي مساعدات من المنظمات الدولية والحكومة، إلا أنه أفاد عن دعم مقدم من وزارة الصحة يشمل اسطوانات أوكسجين لتغطية العجز فيها و10 أجهزة تنفس صناعي ستصل هذا الأسبوع.
وتعاني المدينة من عدم توفر الأوكسجين الكافي لمواجهة الوباء، حيث تعمل محطتان لانتاج الأوكسجين في المدينة غير أن انتاجها لا يكفي بحسب عاملين في المحطات لتغطية الطلب المتزايد على الأوكسجين سواء من مراكز العزل والمستشفيات أو المواطنين.
ويؤكد حجم الضغط على محطات الأوكسجين في المدينة الارتفاع المتزايد في الإصابات التي لا تصل إلى المستشفيات، خاصة مع عدد الجنائز التي تشيع يوميًا إلى مقابر المدينة.
وكشف مكتب الأوقات، اليوم الأحد عن دفن 82 جثة في مقابر المدينة خلال أسبوع واحد فقط.
- تنشر هذه المادة بالتفاهم مع منصة Yemen peace