د. عبدالرحمن عمر السقاف
الامين العام
للحزب الاشتراكي اليمني
اوجعنا رحيل الرفيق ابو رامي حد النخاع ، وهو الشعور المؤلم بجلل المصاب وفداحة الخسارة الذي سيعتري كل رفاقه ومن عرفه وتعامل معه ، فقد كان طليعة العمل التكافلي بما يفيض به من دلالات مشرقة ، وهو سابقة في مؤسسة حزبنا بالطريقة التي اجترحها الفقيد عبر حملة فتاح ، ولا أقول انه لم يكن هناك تعاون رفاقي ، لقد كان ، لكنه لم يتخذ الشكل الابداعي الذي صار عليه منذ ان زرع هذا الفقيد براعمه في حقول الرفاق ، لتزهر سنابلا باخضرار وارف ، استظل بظلها المتعبين من ذوي الحالات الحرجة وعلى امتدادات الجغرافيا الوطنيه في كل اتجاهاتها (من حوف حتى أطراف الجوف) على كل مساحات الأرض التي تفترشها منظمات الحزب وحيث لكل عضو من أعضاء الحزب رجالا ونساء قصة كفاح تشكل هوياتهم الشخصية متشابكة مع التاريخ الوطني الحديث لليمن في مختلف مراحل تطوره ، لقد كان وبإيجاز دليلا مرئيا على قدرة حزبنا الخلاقة انتاج وسائل الاستمرارية والديمومة .
تُعرف المعادن الأصيلة في تلك الاوقات العصيبة التي تتطلب صلابة الصمود وقوة الصبر وغزارة العطاء والتضحية ، ولقد مثل الفقيد بنشاطه الدؤوب وجهوده الصادقة بمعية رفاقه حالة كثيفة الحضور في ملمات رفاقه وأوجاعهم ، ومزيجا من التسامي الذي لا يوهب الا للندرة من الناس ، اولئك الذين تشبعوا بقيم المحبة والخير ، وجسدوا معنى الرفيق موقفا وتكاتف ، ونذروا انفسهم لخدمة الانسان ، وانبجسوا عيونا لا تنضب من العطاء الانساني الخالد .
في مسارات الكفاح الطويلة وفي منعطفات المراحل الصعبة كان حزبنا ينهض من عمق المأساة ليستمر بتوليد الأمل ، منحازا للناس وقضاياهم ، حاملا مشروع الدولة المدنية على كاهله ، ونصب عينيه تحقيق العدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية ، ومن صلب هذا الحزب خرجت اجيالا كثيرة مضت في نهجه وخاضت كفاحاتها لتحقيق اهدافه ومبادئه ، وليس غريبا ان يلتحق بعضوية هذا الحزب الفلاح والعامل والمرأة والشباب والاكادمي والجندي ..الخ ، ذلك لأنه تجسيدا حيا لنضالات كل هؤلاء ، وتعبيرا جليا لقضاياهم ، ولذلك فهو حزب متجدد لا تكسره الظروف ولا تهزمه المؤامرات .
لقد خسر حزبنا احد اعضاءه الفاعلين وهي بالمطلق خسارة اليمة تنضح بالحزن الإنساني النبيل ، لواحد ممن أضفوا على الوجود طابعا انسانيا بكل مافي هذه الكلمة من معان ، استثنائيا في تحمل مهمة انقاذ رفاقه، وصاحب ذلك الزخم المحتشد لخدمة من لم تسعفهم ظروفهم في تحمل نفقات العلاج عبر حملة فتاح الرفاقية التي حققت نجاحات باهرة في التكافل الرفاقي ، كان الفقيد ربانها في عمق مأساة الحرب ، قادها عبر الامواج المتلاطمة وأدت دورها الريادي والانساني بنجاح منقطع النظير ، متوهجة في أشد الظروف حلكة ، وفي مرحلة مثقلة برزايا الحرب وتداعياتها القاتمة .
ان المصاب الذي مني به حزبنا لفادح بكل ما تعنيه الكلمة لشخصية محورية اتسمت بالاخلاص والتفاني والقيم النبيلة ومعاني الشرف ونقاء الضمير ، ومثلت قناديل ضياء في عتمة السديم المظلم ، واغدقت بروحها الانسانية على كل من حولها فيض فرح وغيث أمل ، وتجليات من البهاء الذي اختطه كثير من اماجد حزبنا ومناضليه على طول وعرض هذا الوطن الذي وهبوه وأفنوا من اجله جل اعمارهم ، منهم من لا يزال ثابتا في نهج المسار ، واخرين رحلوا شامخي الهامات الى رحاب الخالدين .
ارتقى ابو رامي عبدالله عبدالغني الى ربه وهو في أوج عطاءه ، نظيف اليد ، مترع بسمو القيم التي جسدها قولا وفعلا في مضامين رسالته الانسانية وجهوده المطردة المتفانية، ولعل عزاونا يكمن في مواصلة مساره واستمرار حملة فتاح الرفاقية وفاء للرجل وتكريما مستحقا لبذله وعطاه ، وسيظل مصدر الهام واعتزاز دائمين ، وممن تركوا بصماتهم راسخة في وجدان الناس وضمائرهم ، نادرا كالاشياء التي تعلق في الذاكرة وتأبى الرحيل ، ومثار فخر لحزبنا ولرفاقه ولاسرته .
لروحه السلام والطمأنينة والخلود الابدي .