فهمي محمد
العديني في تعز نموذجاً
عندما يتم استهبال الدين بكل مافيه من تعاليم ثورية وشرعية في أتفه الأمور الجزئية يكون السؤال عن الحلال والحرام أو حتى عن المنكر مستفزاً للعقل الإنساني لأن هذا الأخير في كل زمان ومكان يطمح أن يكون الدين حاضراً وصاحب موقف يرتقي إلى حجم مشاكل المجتمع ومعانات الناس اليومية خصوصاً عندما يكون وضعهم المعيشي كما هو حال الناس في مدينة تعز، بمعنى آخر يجب أن يكون الداعية أو عالم الدين صاحب موقف أو صاحب خطاب نقدي أو حتى جهادي حسب ما يحلو لهم تسميته، يبدأ اولاً بتناول المشكلات الكبرى التي تهدد حياة الإنسان والمجتمع وهي غالباً مشاكل تتعلق بالاستبداد السياسي والإستغلال الاقتصادي ومشكلة الأمن والاستقرار والظلم الذي يتعرض له الناس في واقعهم اليومي، لا أن يدفنوا رؤوسهم في الرمال تجاه هذه المشكلات، بالمعنى الذي يجعل من الدين وكأنه صاحب موقف نقدي يستهبل عقول الناس حين يتناول هؤلاء المتدينين سفاسف الأمور على حساب المشاكل الجوهريه التي تطحن الناس كما هو الحال مع عبدالله احمد على وتلاميذته في تعز الحالمة أو ما يقوم به مشرفين أنصار الله في صنعاء من مهاجمة المطاعم او محلات الملابس التي يوجد فيها تماثيل بلاستيكيه تحت مبرر حرمة الدين أو الغيرة على الشريعة الإسلامية .
ربما كان إبن عمر هو أول من تعرض للسؤال الذي يستهبل الدين بشكل اختزالي وعبثي في سفاسف الأمور، وبشكل يستفز معه مشاعر المسؤول وإن كآن المسؤول هنا هو الفقيه إبن عمر إبن الخطاب !
فقد أقدم أحد الحاضرين من أهل العراق بسؤاله عن حكم دم البعوض أو قتل البعوض أثناء الإحرام في الحج في وقت كان فيه سيف السلطة ملطخاً بدماء المعارضين للانقلاب على مبدأ الشورى، الذي حول الخلافة الإسلامية إلى ملك عضوض يستأثر فيه القليل من الناس بالسطلة والثروة من دون الناس، ولأن سؤال الحلال والحرام عن دم البعوض في مجلس إبن عمر كان مستفزاً في مثل هذه الظروف فقد كان جوابه يحمل الكثير من الاستهجان والسخرية تجاه السائل بالمعنى الذي يجعل ممن شهد أو سكت عن مقتل وإراقة دم حفيد رسول الله غير مقبول منه السؤال عن حرمة دم البعوض .
يروي ابن كثير في تاريخه بالقول عن محمد بن أبي يعقوب: سمعت ابن أبي نعيم قال: سمعت عبد الله بن عمر، وسأله رجل من أهل العراق عن المحرم يقتل الذباب.
فقال: أهل العراق يسألون عن قتل الذباب وقد قتلوا ابن بنت رسول الله ﷺ، وقد قال رسول الله ﷺ: «هما ريحانتاي من الدنيا».
من نافلة القول أن عبد الله أحمد على وتلاميذته المنشغلين اليوم في تعز وفي وهذه الظروف بسؤال الحلال والحرام أو النهي عن المنكر قِبل من يتناول الطعام مع زوجته أو يتصور مع زوجته أو يمشي معها في الشارع دون أن ينشغلوا في تناول الفساد السياسي والاقتصادي والظلم والقتل اليومي ونهب الأراضي ومعانات الناس اليومية التي يصعب حصرها في تعز قد أصبحوا في نظر العقلاء من الناس كمن سأل عن حرمة دم البعوض في نظر أبن عمر !!!