المواطن/ مكين العوجري
“كنت أتردد على المكان كثيرا لمعرفة هل سنعود إليه مجددا” كلمات مؤلمة تعبر عن واقع عاشته الناجية “د.ر” فظلت تأمل رغم المعاناة التي فرضتها جائحة كورونا عليها وزرعت فيها خوف الانتكاسة.
الناجية “د.ر” من محافظة تعز تروي تفاصيل توقفها عن تلقي برامج الدعم النفسي الخاص بالناجيات من العنف ولآثار السلبية التي لحقت بها حيث تقول “كنت اتلقى جلسات دورية ومكثفة في الدعم النفسي ولما جاءت جائحة كورونا المستجد لم استطيع استكمال الجلسات”.
اصابها الخوف وعاشت اضطراب نفسي كبير منذ أن سمعت فكرة انخفاض برامج الدعم النفسي وتضيف د.ر “شعرت أنني اخسر الذي حصلت عليه، وعشت فترة قلق غير طبيعي بعد أن كنت قد وجدت الذي احتاجه” لافتة إلى أن عدم تلقيها لخدمات الدعم النفسي حرمها من فرصة التخلص من وضع يضايقها كثيرا.
وتقول الناجية د.ر انها كانت تتلقى الارشادات النفسية والتطمينات من الاخصائية النفسية من خلال التواصل عبر تطبيق الواتساب، إلا أن الوسيلة لم تكن بالقدر الكافي.
دعم نفسي عن بعد
الاخصائية النفسية فائزة الاغبري أكدت أن الناجيات تعرضن لمضايقات نفسية كبيرة بسبب توقف جلسات الدعم النفسي، مشيرة إلى أن كثير من الحالات خلال جائحة كورونا لم يستطعن العودة لتلقي الصحة النفسية، ولم يقدرن على شراء العلاجات وهذا سبب لهن أثارًا سلبية، لافتة إلى أنها تقوم بتنفيذ بعض الأنشطة عبر التواصل عن بعد وذلك للتخفيف من الحالة النفسية لدى الناجيات اللواتي اجبرن على البقاء في المنازل نتيجة جائحة كورونا، مشيرة إلى أنه يتم شرح الخطوات والإجراءات الاحترازية للوقاية من كورونا.
وفي الظروف الطبيعية قبل الجائحة قالت الاغبري أنه يتم استقبال الحالة في غرفة الدعم النفسي ومن ثم أخذ البيانات الشخصية والتعرف على الحالة بشكل دقيق من أجل تحديد احتياجها، مشيرة إلى أن الناجيات يتلقن الخدمات بشكل منتظم وكافي ومن ثم يتم قياس الاستفادة من البرنامج، كما يحصلن على بناء قدرات مهنية تعزز لديهن الثقة بالنفس لديهن.
تقليص برامج الدعم النفسي
تأثرت برامج الصحة النفسية بشكل كبير أثناء انتشار كوفيد19 منذ مطلع العام 2020م حيث تسبب في انخفاض تلك البرامج، أو كما يصفه مدير مشروع سبل العيش في منظمة ديم ماهر الصبري حيث يقول “كنا في مدينة التربة نستقبل في اليوم الواحد 30حالة، وتقلص العدد بنسبة 50% بسبب انحسار جلسات الصحة النفسية”.
وأشار الصبري إلى أن تقديم الاستشارات الصحية والنفسية عن بعد، للتخفيف من معاناة النساء من العنف الاسري والذي شهد ارتفاع خطير ضدهن خلال جائحة كوفيد19.
ولفت إلى أن الحالات التي لم تستجيب للعلاج يتم احالتها إلى أحد مراكز الدعم النفسي التخصصي بمدينة تعز، والممولة من صندوق الأمم المتحدة للسكان وحسب النطاق الجغرافي، موضحا أن تلك المراكز يتوفر لديها أطباء نفسيين وعام يستقبلون الحالات التي يتم احالتها إليهم.
شحة التمويل
وقالت مسؤولة الإعلام والاتصال بصندوق الأمم المتحدة للسكان – اليمن فهمية الفتيح أن خدمات الصحة النفسية مهدد بخطر في ظل شحة التمويل، وفي حالة عدم تلقي برنامج حماية المرأة تمويل بتسعة ملايين دولار بحلول نهاية أكتوبر 2020، وسيتم اغلاق أربعة مراكز نفسية متخصصة في محافظات إب وتعز وحضرموت ولن يتمكن 40,000 شخص من الفئات الأشد ضعفا من الحصول على الرعاية النفسية.
وأوضحت الفتيح إلى أن الفقر والعنف القائم على النوع الاجتماعي اثرا بشكل خطير على الصحة النفسية والعقلية للعديد من النساء والفتيات في اليمن وتفاقم الوضع أكثر مع جائحة كورونا المستجد والعواقب الاقتصادية المصاحبة لها.
وعن تدخلات صندوق الامم المتحدة للسكان في الصحة النفسية قالت الفتيح أن الصندوق يقدم خدمات نفسية للنساء من خلال الاخصائيين الاجتماعيين ومراكز رعاية صحية نفسية متخصصة وسريرية.
واضافت “قام صندوق الأمم المتحدة للسكان بزيادة عدد المستشارين المتاحين لتقديم خدمات الاستشارة عن بعد من خلال 18 خطًا ساخنًا مجانيًا للاستشارات عن بُعد، تم إنشاؤها لمساعدة أولئك الذين يسعون للحصول على دعم الصحة النفسية وتقديم المعلومات للوقاية من فيروس كورونا المستجد.
وأكدت أن أكثر من 25,000 من الناجين من العنف القائم على النوع الاجتماعي تلقوا الدعم النفسي من خلال الاستشارة الشخصية.
وتشمل خدمات الصندوق تخصيص خدمات العلاج النفسي للأشخاص المتضررين من الإجهاد (خدمات العلاج النفسي والرعاية النفسية التي تشمل أيضًا الرعاية الليلية للحالات) والارشاد النفسي والعقاقير والادوية النفسية وتنفيذ زيارات ميدانية إلى المناطق المحرومة وتدريب الاخصائيين النفسيين وتوعية المجتمع بأهمية جلسات الصحة النفسية.
* تم إنتاج هذه المادة كإحدى مخرجات برنامج ” الكتابة الصحفية الجيدة لقضايا العنف القائم على النوع الاجتماعي في ظل جائحة كوفيد19″ الذي ينفذه مركز الدراسات والاعلام الاقتصادي بدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان UNFPA