المواطن / فهمي محمد
الإهداء / إلى حملة لا مشروعية لحكومة دون نساء (1)
منذ عام 1990م العام الذي شُهد فيه قيام دولة الوحدة بين شمال اليمن وجنوبه بعد عقود من التشطير السياسي، نجد أن السلطة الحاكمة تنقلب على المرجعيات السياسية التي قامت عليها شرعيتها في حكم البلاد !.
بدأ ذلك في إقدام سلطة صنعاء مع تحالفاتها السياسية من القوى القبيلة والحزبية الدينية المتمالئة في مسألة الإنقلاب على المرجعيات السياسية الوحدوية التي قامت على أساسها دولة الوحدة اليمنية، يومها كان حديث الإنقلابيين يتعلق بدستور دولة الوحدة اليمنية وبقية الإتفاقيات التي كان آخرها وثيقة العهد والإتفاق التي تم التوقيع عليها في عمان بين المكونات السياسية اليمنية في 18/ يناير 1994/ تحت إشراف عربي ودولي بهدف حل الأزمة اليمنية، وقد كان الفضل في ذلك يعود للجهود المبذولة من قبل العاهل الأردني الملك حسين بن طلال رحمه الله.
مع هذا التوقيع المشهود عربياً ودولياً تنفس اليمنييون الصعداء على أمل الانفراج السياسي في بلدهم إلا أن حسابات تحالف السلطة الحاكمة في صنعاء كانت تعتبر أن ذهابها إلى توقيع الوثيقة الضامنة للمرجعيات الوحدوية خارج صنعاء وبهذا الزخم العربي والدولي هي النقطة التي افاضت كأس الحسابات السياسية في معادلة الصراع المستمرة لأكثر من ثلاث سنوات بين المرجعيات الوحدوية وما يجب أن يؤسس عليها من تحولات سياسية، وبين الإستمرار في الإنقلاب السياسي عليها بعد التوقيع – والذي كان يتم إختزاله أو تعريفه بكثير من التسطيح بكونه صراع بين الحزب الإشتراكي والمؤتمر الشعبي العام على مقاليد السلطة- ما يعني في حسابات تحالف سلطة صنعاء أن القبول التكتيكي بالتوقيع على وثيقة العهد والإتفاق وما يجب أن تؤسس له، كان يقتضي في المقابل ضرورة التعجيل بالانقلاب العسكري على كل المرجعيات المتفق عليها حتى لا تتحول إلى واقع سياسي يصعب تجاوزه في اليمن، لهذا تم تفجير حرب صيف 1994/م التي قاتل فيها الملكيون (بالسلاح والفتوى وظلوا يدفعون عن مشروعيتها السياسية والإسلامية) أكثر من الملك نفسه !!!.
ومع أن الحرب كما قلنا لم تكن مجرد تعبير عن صراع بين شركاء الوحدة (الحزب والمؤتمر) على مقاليد السلطة والحكم في دولة الوحدة فإن هزيمة الحزب الاشتراكي اليمني وإخراجه من السلطة ومصادرة كل حقوقه، لم تكن سوى نقطة الإنطلاق في معركة الإنقلاب الشامل على المرجعيات السياسية الوحدوية المؤسسة لقيام دولة الوحدة اليمنية على قاعدة الحضور الندي والشراكة الوطنية بين الشمال والجنوب وعلى مبدأ التداول السلمي للسلطة الحاكمة في دولة الوحدة، ما يعني أن فكرة الدولة الجديدة يجب أن تقوم على قاعدة الشراكة الوطنية بين الشمال والجنوب أما سلطة الدولة يجب أن تخضع لمبدأ التداول السلمي للسلطة لكون الحزبين الحاكمين في دولة الوحدة قد التزما بالديمقراطية الليبرالية، لكن ماحدث بعد ذلك ان القاعدة والمبدأ من حيث الجوهر تم الإنقلاب عليهما في حرب صيف 94/، لهذا نستطيع القول أن حقيقة الأمر في تشكل الحراك الجنوبي أو القضية الجنوبية لم يكن انعكاساً لخروج الإشتراكي من السلطة كم كان يتم الترويج له يومها، بقدر ما هو نتاج طبيعي للإنقلاب العسكري على المرجعيات السياسية الوحدوية التي كان يجب أن تبنى عليهما مسألة الشرعية الدستورية والوطنية وحتى الديمقراطية في دولة الوحدة اليمنية التي أعلن عن قيامها في ال22 من مايو 1990 بموجب المرجعيات السياسية نفسها التي تم الإنقلاب عليها بعد ذلك في عام 1994/ …..