المواطن / تقرير _ نصر عبد الرحمن
يعاني أبناء محافظة تعز جنوب غرب اليمن، مرارة الانفلات الأمني المتزايد باطراد، في ظل غياب الدور الجاد لسلطات الحكومة المعترف بها؛ في سبيل معالجة هذه المشكلة والمشكلات التي نتجت عنها، كقضايا القتل خارج القانون، وجرائم السطو والنهب على أراضي وممتلكات المواطنين، وغير ذلك من جرائم التهريب، وحرمان المدنيين من المساعدات الإنسانية.
الانفلات الأمني وضعف دور الأجهزة الأمنية حرم الكثير من ابناء عزلة سيعة في مديرية صبر الموادم، جنوب شرق المحافظة، من الحصول على المساعدات الإنسانية المستحقة لهم.
نهب وحرمان
وأكد عدد من أبناء سيعة لـ”المواطن” تعرض مركز توزيع المساعدات الإغاثية التابع لمنظمة وقف الواقفين العالمية، في مدرسة النور بالمنطقة، يوم الخميس الماضي الموافق 17 سبتمبر 2020م، للسطو ونهب عدد من السلال الغذائية، من قبل مسلحين يتبعون جهات أمنية في المديرية، مما أدى إلى توقف صرف المساعدات وحرمان عدد من المواطنين منها.
وأوضح أحد المواطنين المستفيدين من الإغاثة، أن مجموعة من المسلحين اقتحموا مركز التوزيع، ونهبوا عدد من السلال الغذائية، واعتدوا على الجندي المكلف بحراسة المركز، وكشف عن أن المسؤول عن المعتدين هو نائب مدير أمن المديرية.
وقال المواطن الذي فضل عدم ذكر اسمه: “تم القبض على أحد المعتدين في ذلك الوقت، لكن نائب مدير أمن المديرية أفرج عنه بعد ساعة من دخوله سجن المديرية، وقمنا بإبلاغ المسؤول التنفيذي للاغاثة بالمحافظة محمد عبدالله وأحد أفراد لجنة الصرف والذي أصر على إيقاف الصرف في اليوم التالي، وظل المواطنين منتضرين حتي يتم ايداع المعتدي سجن أمن المحافظة، وتم بالفعل إنزال المعتدي إلى أمن المحافظة برفقة طقم من أفراد النجدة برفقة مدير أمن المديرية ومدير عام المديرية”.
وأشار إلى أن مدير عام مديرية صبر الموادم محمد عبدالله الكدهي، والعقيد محمد الرباطي مدير أمن المديرية، ومحمد عبدالله المدير التنفيذي للجنة الفرعية للاغاثة، زاروا مركز الصرف يوم السبت الماضي 19 سبتمبر، والتقوا بالقائمين على عملية التوزيع التابعين للمنظمة، وعبروا عن أسفهم لما تعرض له أحد العاملين من إعتداء، مشددين على ضبط المتورطين.
وأضاف: “ولكن وبمجرد مغادرة الزائرين واستئناف عملية الصرف حدث إطلاق نار بين بعض الأفراد الذين كلفوا بحماية مركز الصرف، ليتم توقيف عملية الصرف من جديد، وسط تذمر وسخط المستفيدين من الإغاثة من أبناء عزلة سيعة والذين قدموا من مناطقهم البعيدة نسبياً لاستلام الإغاثة، وانتظارهم لساعات تحت أشعة الشمس إستئناف عملية الصرف”.
وأكد حرمانه من المساعدة بقوله “أنا لم استلم شيء”، مؤكداً حرمان أشخاص آخرين أيضًا من المساعدات الإنسانية نتيجة لتلك الأعمال التي عرقلت عملية الصرف.
دور الأجهزة الأمنية وتكرار الإنتهاكات
أحد المستفيدين من الإغاثة من أبناء عزلة سيعة أكد لـ”المواطن” تخلي المجلس المحلي والمؤسسة “وقف الواقفين” عن دفع تكاليف نقل المساعدات من منطقة “ذمرين” إلى مركز الصرف وقال: “اجتمع المواطنون وأنا واحد منهم كمستفيد؛ جمعنا حق النقليات ونقل على حسابنا بعد أن تم تنصل المجلس المحلي والمؤسسة عن دفع أجور النقل”.
وأضاف: “حتى مدير أمن المديرية تخلى عن حراسة المخازن وقمت أنا بتكليف ثلاثة حراس على حسابي لمدة يومين”.
“المواطن” تواصل مع المدير التنفيذي للجنة الفرعية للاغاثة محمد عبد الله، للحصول على معلومات وتفاصيل عن هذه المشكلة لكنه لم يرد ولم يبدي أي تفاعل.
وأفاد للمواطن الأستاذ نبيل أحمد، والذي يعمل مدرسًا في مدرسة النور التي أتخذت مركزًا لصرف المساعدات، أن عدم استجابة وتفاعل الجهات الحكومية المختصة والمنظمات المحلية أو الشريك المحلي مع أغلب الشكاوى والتظلمات المقدمة من المواطنين وعدم المسارعة للتحقيق فيها واتخاذ الإجراءات اللازمة حيالها، يؤدي إلى ردود أفعال سلبية ولجوء المتظلمين أحيانًا إلى بعض الأساليب السلبية، مشيرًا إلى عدم مبادرة الجهات المختصة والمنظمات لمعالجة الاختلالات أولًا بأول.
وكشف عن “وجود تهاون من قبل السلطة المحلية والأجهزة الأمنية مع بعض من يقومون بالتعرض أو التعدي على مركبات نقل الإغاثة أو مراكز الصرف، والتقصير في اتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم”، مؤكدًا ضعف دور الأجهزة الأمنية ونقص الإمكانيات لديها في المرحلة الحالية وفي ظل الظروف الراهنة.
وأشار إلى “ضعف الانضباط عند بعض الأفراد المنفلتين التابعين لبعض الجهات العسكرية أو الأمنية ومشاركة بعضهم احيانا في إثارة بعض المشاكل أو التعرض لمركبات نقل الإغاثة أو مراكز الصرف، وعدم المبادرة لضبطهم واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيالهم”.
وقال: “ومن باب المصداقية فإننا قد لمسنا نوعًا من التجاوب والتفاعل من قبل السلطة المحلية ممثلة بمدير المديرية مع موضوع الإغاثة وعمل المنظمات في المديرية وتذليل بعض العقبات التي تواجهها ودعم المبادرات الشبابية والمجتمعية والعمل على حل بعض المشاكل المتعلقة بهذا الجانب واتخاذ بعض الإجراءات اللازمة كما حدث مؤخرًا”.
وأضاف: “ولكن مازال موضوع الإغاثة بحاجة لاصلاحات وإجراءات جذرية بداية من إعادة عملية المسح بشكل سليم وشفاف ومعالجة الاختلالات السابقة، وتعزيز الجانب الأمني والحماية الأمنية، وتعزيز وتفعيل الجانب الرقابي الرسمي والشعبي”.
إلى ذلك تشهد الكثير من مناطق مديرية صبر الموادم، تكرارا للانتهاكات فيما يخص توزيع المساعدات الإنسانية للمستحقين، كالاعتداء على الموظفين الذين يقومون بتوزيع المساعدات، وسرقة ونهب المساعدات بقوة السلاح، مما أدى إلى حرمان الكثير من الفقراء والمعدمين من تلك المساعدات، الأمر الذي ضاعف من معاناتهم.