حرب العملة تقتل المدنيين جوعًا..
المواطن/ خاص
عدن/ مكين العوجري
يواصل الاقتصاد اليمني انهياره المتسارع منذ اندلاع الحرب مطلع العام 2015م جراء انقلاب عسكري قاده تحالف جماعة الحوثي والرئيس الأسبق علي صالح، على حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي والذي استعان بدول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، وهو ما أدى إلى تدمير شامل للخدمات الأساسية ومؤسسات الدولة والتي كانت تعاني أصلًا من الهشاشة.
انهيار العملة
وتشهد العملة المحلية انهياراً متسارعاً في قيمتها أمام العملات الأجنبية أضافة إلى انقسام كبير في أسعار الصرف بين مناطق سيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا والمناطق القابعة تحت سلطة جماعة الحوثيين المسلحة، مما أدى إلى زيادة التدهور المعيشي لدى المواطنين.
عمولة تحويل هائلة
وتفرض شركات الصرافة المحلية على عمليات تحويل المبالغ المالية من مناطق تابعة للحكومة الشرعية إلى مناطق الحوثيين عمولة مرتفعة تصل نسبتها إلى 30% من المبلغ المحول، بينما ترفض دفع النسبة للعملاء عند استلامهم حوالات مالية مرسلة من محافظات تحت سيطرة سلطة الحوثيين، فيما يعتبر نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي أنها اتاوت تفرض على المواطنين، من قبل شركات الصرافة وجماعة الحوثي.
سبب رئيسي
رئيس مركز الدراسات والاعلام الاقتصادي مصطفى نصر قال في تصريح لـ”المواطن نت” إن “قرار جماعة الحوثي بعدم التعامل مع الطبعات النقدية الجديدة من العملة اليمنية سبب رئيسي في تفاوت سعر العملة؛ ما أدى إلى ارتفاع في عمولة التحويل، والفصل بين الطبعتين، مشيرًا إلى أن لكل قرار الحوثيين تسبب بوجود قيمة محدد لكل طبعة لاسيما مع اجبارهم كافة المتعاملين بالعملة في مناطق سيطرتهم على التعامل بالطبعة القديمة من العملة فقط، مستخدمة القوة لفرض قرارها الذي خلق قيمة مختلفة لسعر العملة في مناطق الحكومة الشرعية.
وأوضح نصر إن زيادة كمية النقود من الطبعات الجديدة مقابل الشحة في النقد الاجنبي هو ما أدى إلى انهيار العملة في عدن ومناطق سيطرة الحكومة الشرعية، وأضاف: “عندما انحصرت كمية كبيرة من النقود المطبوعة حديثًا في مناطق سيطرة الحكومة حدث وبصورة مباشرة أن تمت مبادلتها بالعملة الصعبة والتي انخفض تواجدها بشكل طبيعي مع زيادة الطلب عليها”.
ولفت مصطفى نصر أن “تداعيات فيروس كورونا تسببت بتراجع اسعار النفط وانخفاض تحويلات المغتربين بنسبة 70% وقرب انتهاء الوديعة السعودية وعدم تمويل استيراد المواد الاساسية كلها أسباب أدت إلى شحة موارد النقد الاجنبي في اليمن.
وضع متردي
ويرى استاذ الاقتصاد بجامعة تعز الدكتور محمد قحطان أن بقاء مراكز الشركات والمنظمات الدولية في صنعاء خارج سيطرة السلطة الشرعية، وتمكن سلطة الحوثيين من إخضاع الشركات والمنظمات لقراراتها لخدمتها بعيدا عن المصلحة العامة للبلد.
ومع تفاوت اسعار الصرف أصبح اغلب اليمنيين في وضع معيشي هو الأصعب نتيجة التلاعب في عمولة التحويل المالي والتي تعد جزء من شبكة الخدمات التي تأثرت بالإجراء الذي فرضته ميليشيا الحوثي الانقلابية.
وعن تأثر الوضع المعيشي للمواطنين يقول الدكتور قحطان: “اختلاف السعر بين صنعاء وعدن وعدم سريان تبادل الطبعات الجديدة في المحافظات المسيطر عليها من الحركة الحوثية؛ فاقم صعوبات الحياة، فقد صار الانتقال من مناطق سيطرة الشرعية إلى مناطق سيطرة الحركة الحوثية يتطلب تحويل سعر الريال بطبعته الجديدة إلى سعر الريال بطبعته القديمة بما يفقد المنتقل جزءًا ليس يسيرًا من قيمته المالية”.
ويضيف استاذ الاقتصاد بجامعة تعز: “من يحمل مبلغ مئة ألف ريال وهو في محافظة تسيطر عليها الشرعية عند الانتقال لمحافظة تسيطر عليها الحركة الحوثية يفقد من قيمة نقوده ما يساوي الفرق في قيمة الطبعتين وقد وصل هذا الفرق لأكثر من 30% بما يعني أن 100 الف ريال تصبح فقط 70 الف ريال أو أقل”.
حلول مقترحة
أستاذ الاقتصاد بجامعة د. محمد قحطان أشار إلى إن إلغاء قانونية الطبعة النقدية القديمة أمر مهم لوضع حد للتفاوت في اسعار العملة المحلية، مؤكد إن ذلك يجب أن يتم خلال فترة زمنية محددة تكفي لسحب الطبعات القديمة واتلافها مع أهمية اتخاذ إجراءات تجبر الحوثيين على تمويل الاستيراد ومدفوعاتها للسلطة الشرعية بالريال بطبعته القديمة ليذهب إلى مخازن الاتلاف وإنزال الطبعات الجديدة عوضا عنها أو بالعملات النقدية الأجنبية”.
ومن جهته يرى رئيس مركز الدراسات والإعلام الإقتصادي مصطفى نصر أنه يفترض اتخاذ حلول عاجلة من البنك المركزي في عدن والحكومة الشرعية لوضع حد للانهيار المتسارع لسعر العملة في مناطق سيطرة الشرعية، وتوحيد السياسة النقدية لضمان عدم حدوث مزيدًا من التدهور وتجنيب الناس العبء جراء تفاوت العملة بين مناطق سيطرة الحكومة والحوثيين.
ويتابع نصر: “في الحقيقة كل طرف يتحمل مسؤوليته في جوانب معينة، فالحوثييون يتحملون مسؤولية ان يتم الغاء قرارهم المتسبب في التفاوت في سعر العملة، أيضا البنك المركزي في عدن مطالب بإتخاذ اجراءات مشددة في تداول العملة وتوفير العملة الصعبة وعدم طباعة كميات كبيرة من النقود دون أن يكون هناك غطاء، كما أن دول التحالف ملزمة قانونيًا وأخلاقيًا أن تقدم دعم مباشر لليمن خلال المرحلة الراهنة لتغطية استراد السلع وتلبية احتياجات السوق من العملة الاجنبية”.
وفي ظل تدهور العملة المحلية واستمرار فرض فوارقها من قبل شركات الصرافة وسلطة الحوثيين على كاهل المواطنين من خلال ارتفاع عمولة التحويل والتنقل النقدي بين عدن وصنعاء إلى متى سيظل المواطن يقتات جمر الصرافين والمليشيا الحوثية؟!.