المواطن/ كتابات – احمد النويهي
لم تكن اللحظة الفارقة التي غيرت مجرى الهوى وليدة الصدفة ..لكنها اللحظة التاريخية التي امتلك اليمنييون فيها ناصية الحلم ليقفوا على مشارف الغد حاملين معهم الأمنيات العظيمة للوطن المنفي خلف حقب كادت تذهب به إلى غيهب العدم، شحن اليمني روحه عبر البحر سافر مع الكوكب السيار بحثاً عن ملاذ هرباً بجلده من بطش الأئمة شمالاً ذلك الكهنوت الجاثم فوق صدور اليمنيين لسنوات ربما عدها الثائر الذي لايقبل الضيم والظلم قروناً من الجور ،والحيف..
على الضفة الآخرى من البلاد المشطور كان الاستعمار البريطاني يستبد بالأرض، والناس ،ومقدرات البلد ، وزعوها كانتونات ، زرع الاستعمار سياسة “فرق تسدّ” هذه قاعدة والسهم القاتل الذي ينفذ به المستعمر إلى مصالحه، وأطماعه اللامتناهية..
سخر الانجليز عدن لخدمة “شركة الهند الشرقية” التي تخفى الاستعمار خلف يافطة كتب عليها
“المملكة المتحدة ”
عدن “درة التاج_ هاف لندن”
اطلق الاستعمار على عدن هذه المسميات نظراً لأهميتها وعند بحرها تماهى الانجليز، وتفاخروا حين وصفها المؤرخين انها
” المملكة التي لا تغرب عنها الشمس ”
حيناً من الدهر ، ذاعت عدن وتعالى صوت “البندر”
إذ اصبحت “المصلى” محطة للقوافل القادمة من الحُجرية حيث اشتد بطش المملكة الكهنوتية التي تستبد بشطر البيت اليمني ..
تقاطرت القوافل عبر المصلى لتنشط الطرق ،حضر الجمال ،وصلت السيارة اللاندروفر حين امتلكها
“الدريول ” قطع المسافة بين المصلى والبندر بظرف ساعات عبر “وادي الصميتة” الذي قال عنه عبدالولي في مجموعته الروائية التي دونت القضية الوطنية
وادي الصميتة اسفل السلسلة الجبلية للحُجرية لا احد يعرف كم ابتلع هذا الوادي الصامت من البشر الهاربين من محارق شمال الاستبداد وجنوب الاستعمار”
عاش عبدالعزيز الدالي وقد ولد هناك شرق القارة الافريقية مع غيره من اليمنيين الذين هاجر اجدادهم في رحلة الثورة على البطش ، هاجر اليمني هاجرت عبر البحر ركبوا مع الساعية والمراكب الاغريقية شديدة القسوة ..
جاب اليمني بحار العالم يحمل قضيته ..حيث أسسوا الاتحادات ،والنقابات ،
والجاليات العربية والاسلامية، واليمنية ، اينما اتجهوا كانت اليمن قِبلتهم التي لا تضيع ،ولا تغيب
هبت رياح المواسم من أرض نشوان تعلن الثورة على الاستبداد والاستعمار..بين عدن وتعز تشكلت النواة الأولى للجبهة القومية بعد كانت تعز قد شهدت تأسيس فرع حركة القوميين العرب..خمسينيات القرن..
كان سبتمبر ،واكتوبر امتداد ،ومد ومدد للاستمرار والوصول بالبلاد لتعود تلك الجمهورية الممتدة على كامل التراب لتحكم المضيق والبحرين ..
عاش اليمني ذلك العصي على الترويض ثائراً في كل الأزمنة..
الدكتور عبدالعزيز الدالي واحداً من الفدائيين الذين انتصبوا ذات اللحظة ليصبحوا “صناع النهار”
كانت النجمة التي شطحت فوق قلعة “صيرة” تطوي التاج البريطاني عند شطوط نهودها عدن..بعد ارتفعت فوق قصر البشائر بوسط صنعاء عاصمة سبتمبر راية الثورة، والجمهورية
عاش الرفاق يكتبوا للقضية،بقلم الحركة الوطنية قانون الدولة ،دستوراً ضمن حق الخبز ،والتعليم،والمواطنة..
استقروا عند البحر ذلك الجيل الممتد ..
_ولد عبدالعزيز الدالي في اوغندا 3/3/1937
تلقى دراسته الاولى في مدرسة تابعة للجالية الحضرمية ..
انتقل إلى القاهرة 1954 لدراسة الثانوية..
وهناك التحق بتنظيم حركة القوميين العرب..
تخرج العام 1966طبيباً للاسنان من جامعة الاسكندرية..
عاد إلى عدن خلال ثلاث سنوات تدرج في عمله الوظيفي في سلك الصحة..من طبيب أسنان إلى مدير لمستشفى الجمهورية الى وكيلاً لوزارة الصحة..
كان والده قد عاد من بلاد المهجر التي وصلها عشرينيات القرن مع اليمنيين الذي ركبوا البحر بحثاً عن ملاذ .
هاجروا لكنهم عادوا ومعهم الابناء ،والثورة ،والعشق يَدمي القلوب والمُقل..
كان والد الدكتور قد عاد العام 1963 ليفتح محلاً تجارياً في كريتر سوق الطعام..ابتهج عبدالعزيز لذلك انها عدن المهد والملاذ الاخير بعد فرقتنا المسافات ،جمعتنا اليمن..
1969 وزيراً للصحة حتى 1977 ليحدث نقلة نوعية شهدها مجال الصحة إذ اصبحت مدرسة التمريض معهد امين ناشر للعلوم الصحية بكافة التخصصات بمساندة (WHO) في العام 1972
في العام 1975 اضاف عبدالعزيز لجامعة عدن كلية الطب لتصبح المهد الاول للطب في عدن الاكاديمية التي عاش يحلم بها..
رئيساً لجمعية الصداقة مع الشعوب ..
في العام 1977_1980
انتقل معالي الوزير الى معالي السفير،سفيراً لبلاده لدى موسكو..
عاد ليشغل وزارة الصحة مرة اخرى لنصف العام والنصف الاخر سكرتيراً للعلاقات الخارجية..
1982_1990
وزيراً للخارجية..
_ 1990 وزيراً لشؤون للدولةللشؤون الخارجية..
_1994
غادر مع رفاقه الى رحلة الشتات مرة آخرى..
ثقافة الفيد والغلبة تجتاح الجنوب في غزو تاريخي لاتزال آثاره قائمة إلى اليوم وقد دفنت مجنزرات 7/7/94..مشروع الحركة الوطنية الوحدة تلك الذبيحة بخنجر الهضبة والجُلبة القبلية وعساكر شمال البلاد..
كانت هنا دولة..
قاد عبدالعزيز مع رفاقه الفدائيين ثورة اكتوبر لتنجز الخطة الخمسية الأولى وتحقيق الوحدة اليمنية خلال ربع قرن من الاعتراكات الوطنية كانت الجبهة القومية تسترد الإرادة الوطنية والدولة القومية على كامل السيادة صبيحة 30/نوفمبر عيد الاستقلال الناجز بعد حقبة استعمارية استبدت هنا 130عاماً..
هنا عدن..
قاد عبدالعزيز الاول والثاني جمهورية اليمن الديمقراطية لتجسيد قيم المواطنة ،والعدالة، والقانون..عاش ما مات من مثل الرفاق عاش..
انهم يسطرون بل يؤسطرون كتاباً مثخن بالانجازات فقد حققت الدولة الوطنية الكثير من المواطنة وروح الانتماء بعد استبداد عاث بالهوية ونخرها..كان الجنوب دولة لها شأن عظيم انتصبت رايتها فوق القلعة صيرة
“ولاح برق المعنى في جبل شمسان ينقش على الصخر والاحجار والعيدان “
عاد عبدالعزيز ليصبح المسؤول الفدائي الأول عن القطاع النسائي في التنظيم السياسي للجبهة القومية عام 1968 حيث التقى رفيقة الدرب المناضلة فطوم علي احمد ليخلفا ولدين وبنت..
_هاني وقد تخرج من الاكاديمية المصرية قبطان
ايمن والذي يعمل في بنك اقليمي..
داليا خريجة الجامعة الامريكية بالقاهرة وتعمل حالياً بمنظمة دولية..
عاد بعد العام 2005مع جملة من رفاقه بعد بعث المنتصر المنتحر في حرب الفيد ببرقية سلام يمد يداً للمصالحة يضمن حق المواطنة والشراكة الا انه لم يفعل..عاد الرفيق ليصادر العُكفة شقته في المشروع الليبي ..حتى المساء لازالت في المنفى..عاد الطبيب يفتح عيادته لطب الأسنان.
عدن المهد ،والميلاد، والملاذ والمعاد.. حين هاجر البحر، والمراكب عاشت هنا عدن..
الخلود لروح عَاشقٍ على جدار الوطن ترك بصمات لا تنمحي وشماً على خدها عدنِ..
نقلا عن “الشارع”