المواطن/ خاص – فهمي محمد
كانت مدينة تعز ولازالت حتى اليوم محتاجة للكثير من الحلول الجذرية؛ لكي تستمر الحياة فيها وتستعيد ملامحها ، وذلك يعني ضرورة استعادة الدولة بشقيها المادي المتمثل في استعادة دور المؤسسات المدنية والأمنية ، والمعنوي الذي يعني استعادة الأصول الثابتة لهذه الدولة والتي سقطت من وعي الجماعة كمرجعية عليا طالما انقادوا لها أبناء هذه المدينة ، وقد كان هذا السقوط بفعل الحرب التى غيبت سلطة الدولة ،
وإذا كانت مسألة استعادة ذلك ليس بالأمر العصي في تعز ، فإن أحد مشاكلها تكمن بكونها لازالت تخضع حتى اليوم لحساباتٍ سياسية دقيقة من خارج مناخها وعلى مستوىً عال من صناعة القرار السياسي ، ذلك ما يجعلها في هذه الظروف الإستثنائية مدينة قابلة للإشتعال أو للإحتقان السياسي لاسيما مع هذا الحضور الكثيف للحس السياسي المتحزب داخل هذه المدينة الحالمة بالتغيير دائماً .
وبغض النظر عن تفاصيل كثيرة يمكن أن يقال هنا؛ بأن استعادة الدولة بالمفهوم السابق واستكمال معركة التحرير كانت هي القضايا المركزية المطروحة على جدول أعمال المحافظ والتي يجب أن يعمل جاهداً على تحقيقها على إثر وصوله إلى تعز ، وفي المقابل كان تنفيذ البرنامج السياسي لتحالف القوى السياسية هي المهمة الرئيسية التي يتوجب على الأحزاب السياسية القيام به والعمل على تحقيقها في الواقع ، لاسيما وأن هذا البرنامج كان مبرر وجود هذا التكتل السياسي الذي جمع كل القوى السياسية وقام في الأساس على أنقاض اللقاء المشترك ، التكتل السياسي الذي شكل الحامل السياسي والنضالي في معركة التغيير مع نظام صالح منذ 1999 / م .
خلال عام 2018 / قفزت الحياة في تعز نحو الأمام وتحققت أشياء مهمة وضرورية للحد الذي ساهم في تغيير وجه الحالمة بشكل أفضل مقارنةً بما كانت عليه سابقاً ، فعلى سبيل المثال للحصر ، انتظمت الرواتب وفتحت المحاكم والنيابات وتم استعادة الكثير من المرافق الحكومية والخدمية ، والأهم من ذلك بسط سلطة الدولة على المربعات التي كانت تخضع لسلطة الجماعات المسلحة وهو ما ساعد في تحسن الجانب الأمني إلى حدٍ ما ، وقد ساهمت هذه الأمور بحد ذاتها بشكل تدريجي في استعادة الأصول الثابتة للوعي الجماعي تجاه عودة سلطة الدولة داخل المدينة ، وبغض النظر إن كان المحافظ أمين قد بدأ مشواره في بعض الأمور من حيث انتهى بها المحافظ السابق على المعمري ، فإن المؤكد أن الرجل أتى ليعمل وقد فعل شيء خلال عام واحد ذلك ما يقال لك أو تسمعه كمواطن على لسان حال الشارع الغير متحزب داخل المدينة .
وإذا كان السؤال عن أسباب تغيير المحافظ أمين مازال حائراً ، ويكتنفه الغموض في تقديم الإجابات الدقيقة فإن محاولته الحديث عن مؤسسة الجيش والأمن كانت القشة التي قسمت ظهر بعيره بهذه العجالة !!
فالمؤكد أن الرجل في سياق الحديث المتكرر عن فشل معركة التحرير في تعز ، قدم تقرير مفصل عن وضع المؤسسة العسكرية والأمنية والذي يفترض أن يكون قد طُرح على طاولة رئيس الجمهورية كما ورد للإطلاع عليه ، لكن ماحدث أن التقرير طُرح أولاً على طاولة نائب الرئيس على محسن الأحمر عن طريق مدير مكتب الرئيس الذي أعاق في نفس الوقت لقاء المحافظ بالرئيس أثناء تواجد المحافظ في الرياض .
تؤكد المعلومات أن هذا التقرير المذيل بما يؤكد استحالة استكمال معركة التحرير في ظل بقاء هذا الوضع الحالي للمؤسسة العسكرية والأمنية قد أثار غضب نائب الرئيس الذي تحرك بثقله السياسي والحزبي للضغط على الرئيس بهدف تغيير المحافظ أمين ، ولكي يتم قبول مثل هذا التغيير فلا مانع أن يتم ذلك مع تغيير قائد المحور ومدير الأمن ، وكأن ذلك يجري في سياق طبيعي الهدف منه البحث عن مخرج أو حل لمعادلة صراع تشكلت منذ الوهلة الأولى لقدوم المحافظ إلى تعز ، بينما ذلك يجب أن يفهم في سياقات أخرى سوف يتم الحديث عنها لاحقاً .
كان التقرير المرفوع من قبل المحافظ، والذي استدعي وبالتحديد قبل اسبوع من صدور قرار تغيير هذا الأخير اجتماعاً على مستوىً عال ضم الرئيس عبدربه ونائبه على محسن الأحمر واليدومي والأنسي؛ قد تضمن نقاط فيها من الوجاهة ما يبرر رفعها في تقرير أمام رئيس الجمهورية بأخذها بعين الاعتبار وتحديداً فيما يخص المعايير المتعلقة بالإلتحاق والتعيين في مؤسسات الجيش والأمن ، لكن في المقابل تظل بعض نقاط التقرير قابلة لتفسيرات أخرى من قبل هؤلاء، تضع المحافظ في قفص الإتهام ، لاسيما فيما يتعلق بإصراره على ضرورة استيعاب أفراد الجيش السابق الذين لم يرفعوا السلاح والتي رفضت قيادة المحور استيعابهم بحجة أنهم لم ينظموا للشرعية .
…..يتبع