نجوى حسن
منذ ستة أعوام مضت، واليمنية فاطمة الهاشمي (49 عامًا)، ما زالت ترافق الفئات الأقل حظًا، بجانب نساء المجتمع في مدينة عدن، وذلك بدافع تحجيم التمايز، وتعزيز السلام والتعايش، والتعاون من أجل توفير أمن اجتماعي للمرأة، وخلق بيئة صالحة للعيش بعيدًا عن الصراعات، التي نشبت منذ البدايات الأولى للحرب في اليمن.
في العام 2018، شاركت فاطمة، في عمليات تعزيز السلام، بعد تلقيها عدد من الدورات التدريبية حول كيفية حل النزاعات المجتمعية، وتعزيز مبدأ التعايش السلمي داخل أفراد المجتمع، إذ لم يكن حل النزاعات محصورًا على المرأة اليمنية، فقد كان للمرأة المهمشة دورًا في تعزيز فكرة التعايش والسلام وسط المجتمع اليمني.
هذه المرأة التي تنتمي لأقلية ذوي البشرة السوداء في اليمن، تتذكر خطواتها الأولى نحو العمل المجتمعي قائلة: “في 2015، عدنا من النزوح إلى منطقة الفلاحين بمديرية دار سعد وهناك وجدنا الدمار، وبدأت بتشكيل فريق للمسح الميداني، مكون من ستة أشخاص متطوعين في المنطقة استطعنا التعرف عن قرب على أفراد المجتمع”.
تضيف: “كانت مشكلة الأمية مستفحلة في المنطقة، لذا ساهمت مع الفريق في إنشاء مركز لمحو الأمية، وذلك بعد تحويل منزلي إلى مركز، وتم الترتيب له وعمل رسمي بربطه مع الجهاز المركزي لمحو الأمية، ومن هذا المنطلق بدأت تتوافد النساء وعملنا على توعيتهم بمخاطر عمالة الأطفال، والزواج المبكر، وكذلك العنف على النوع الاجتماعي”.
في 2018، بدأت فاطمة العمل على حل النزاعات وتعزيز السلام من القيام بجلسات توعوية لفئة النازحين من الجنسين، وكذلك المجتمع المضيف العد 220 فرد لمدة عام كامل.
تقول “كل شهر نأخذ دفعة ذكور وجلسة اناث خصوصًا أن المنطقة التي أسكن فيها أغلبها من المتشددين، الأمر الذي جعلنا نقوم بهذه المهمة في مقر منظمة ادرا، حيث القاعة مجهزة مع البرنامج المخصص لذلك، حتى نال هذا العمل استحسان الشباب والنساء”.
بعد ذلك عملت فاطمة على العديد من الدورات التدريبية لفئة النازحين من الجنسين، وأيضًا فئة الشباب والفتيات حول كيفية إدارة الأزمات المجتمعية، وحل المشكلات.
كثيرة هي القضايا المجتمعية التي عملت عليها هذه المرأة، تنوعت بين حل نزاعات أسرية، وفض نزاعات وسط المجتمع المحيط بها، الأمر الذي جعل أهالي منطقة الفلاحين تنصيبها رئيسة اللجنة المجتمعية في الحي.
وفي حديثها، تؤكد فاطمة: “أغلب القضايا التي وصلتني هي أسرية، خلافات زوجيه. عادة النساء المعنفات، يلجأن إليّ، بعد تعرضهن للضرب أو الإهانة. عند وصول أي شكوى، أقوم بالنزول الميداني إلى السكن، في محاولة، لتفهم الموضوع، وتقييم الخطأ، ولم الشمل، أو وضع حلول مناسبة”.
وأوضحت قائلة: “في البداية، أجد بأن الجلوس مع طرفي المشكلة، أو الزوجين، أهم طريقة لمعرفة المشكلة، والتفهم من الزوج.. أحيانًا نجد عدم التجاوب من الزوج، لذا نلجأ إلى رفع تقرير وإحالة القضية إلى النيابة والجهات القانونية للفصل بينهم، حيث يتم استدعائي كشاهد أو وسيط واعطي لهم ما عندي”.
حل قضايا نزاع
أما الناشطة ريمان حميد، 27 عامًا، هي الأخرى تجاوزت ظروف التهميش لتنطلق نحو تغيير واقع المهمشين في محافظة تعز، من خلال عملها في منظمات المجتمع المدني، وعبر تنفيذ مشروع لحل خمس قضايا نزاع، بالتعاون مع المرصد اليمني لحقوق الإنسان، وبدعم من المنظمة الألمانية.
تنتمي ريمان إلى فئة ذوي البشرة السوداء، وتعتبر من النساء اللاتي شاركن في تعزيز عمليات السلام، نظرًا لأنها عضو في الاتحاد الوطني لتنمية الفئات الأشد فقرًا، فضلًا عن نشاطها المتواصل في مدينة تعز.
إلى جانب ذلك، سعت ريمان، إلى تقارب وجهات النظر بين مختلف أفراد المجتمع، في منطقة القحفاء بمحافظة تعز، وحل النزاع على مجاري الصرف الصحي، التي كانت في المنطقة، وتسببت بأضرار المنازل القريبة، حيث عملت ريمان على اقناع الأهالي، بعمل أنابيب خاصة لمياه المجاري، وسد الخلل، وبدعم من المنظمة الألمانية.
حلول
على الرغم من الإنجازات التي حققتها المرأة المهمشة في تعزيز السلام، إلا أنها تواجه صعوبات في تحقيق التعايش والسلام، خصوصًا مع بروز وتنامي ظاهرة التمييز العنصري، والنظرة الدونية للنساء السمراوات، الأمر الذي يحجم من تواجد نساء هذه الأقليات.
ولكي تحظى المرأة المهمشة، بأهمية كبيرة، يرى كثيرون أن الأمر يتطلب دمجها في المجتمع للحد من العنف والتمييز، ومنحها دوراً في صنع القرار وتمكينها في السلطة المحلية.
تقول الناشطة مسك المقرمي، إن إشراك المرأة المهمشة في تعزيز السلام سيجعلها صانعة قرار، بالإضافة إلى كسر الحواجز المجتمعية التي تنظر إليها على أنها غير قادرة على اتخاذ القرارات، مؤكدة أن أهمية مشاركة نساء هذه الفئة، في عمليات التنمية وإصدار القوانين، بهدف توفير فرصًا للفئات المهمشة، والمعاقين والفقراء للاندماج المجتمعي.
وتعد المقرمي، واحدة من النماذج الناجحة لفئة الأقليات بتعز، إذ شاركت في تعزيز السلام، وصنع القرار من الفئات المهمشة، حيث أصبحت مؤخراً، مديرة منتزه التعاون السياحي في مدينة تعز.. “قرار تعييني، يعتبر كسر لعادات وتقاليد المجتمع، حيث بدأت العمل مع الكادر، في المنتزه السياحي، بشكل أفضل من السابق”.
من جهته، يعتقد رئيس الاتحاد الوطني للمهمشين بتعز، نعمان الحذيفي، أن دور المرأة المهمشة في تعزيز السلام فعال إذا صلح أوضاع المهمشين بشكل عام، وأن دورها غير موجود باستثناء فتاة أو فتاتين من نساء الفئة المهمشة.
ويشير في حديثه إلى أن اشراك المرأة المهمشة هو عنصر أساسي لتحقيق السلام والتعايش السلمي في العالم، مشيرًا إلى أن التمييز القائم على النوع الاجتماعي يؤثر سلبًا على فرص النساء السمراوات في الوصول إلى المناصب القيادية والمشاركة في صنع القرار، ناهيك أن النزاعات والحروب تزيد من تهميش المرأة وتتسبب في انتهاك حقوقها الأساسية.
أنتجت هذه المادة ضمن مشروع “تقاطعات” الذي تنفذه مؤسسة نسيج للإعلام الاجتماعي بدعم من مركز الحوار العالمي (كايسيد).