المواطن- تعز- تقرير نصر عبدالرحمن
كغيرها من المرافق الصحية في محافظة تعز، تعاني مستشفى خليفة في مدينة التربة بريف تعز الجنوبي، من نقص الإمكانيات المادية والبشرية المتخصصة، فضلا عن سوء إدارة الموارد المتاحة وانتشار بعض مظاهر الفساد فيها، الأمر الذي أثر على مستوى تقديم الخدمات الصحية، في ظل تدهور الاقتصاد الوطني وتدني المستوى المعيشي لدى الناس، الذين بات غالبيتهم يعيش تحت خط الفقر حسب تصنيف الأمم المتحدة.
وتعتبر مستشفى خليفة وبحسب مديرها العام الدكتور مازن، مستشفى عام مرجعي لأربع مديريات في محافظة تعز، ومديريتان من محافظة لحج، ويخدم تقريباً حسب التعداد السكاني للعام 2004م مليون ومائتان ألف من الزمام السكاني، ويستقبل جميع الأمراض خاصةً لأنه يعتبر المنفذ الوحيد لمحافظة تعز جنوبيا إلى المحافظات الجنوبية.
وعلى الرغم من تطور المستشفى وتوسعها على ما كانت عليه قبل سنوات إلا أنه مؤخرا تعالت الأصوات المنددة بتردي مستوى تقديم الخدمات الصحية فيها، وافتقارها للكادر المختص في بعض التخصصات الطبية، وتزايد حالات الإهمال الطبي، وإرتفاع اسعارها الأمر الذي دفعنا للنزول الميداني لتقصي الحقائق من مصادرها الفعلية.
أخطاء وإهمال:
في تصريح خاص لموقع “المواطن” أكد رئيس نقابة المهن الفنية الطبية عبدالجليل الزريقي، رصد عدد من حالات الإهمال الطبي داخل مستشفى خليفة منذ نهاية العام المنصرم حتى اليوم، وكشف لنا عن بعضها “الحالة الأولى المريضة دنيا عبدالواسع عبدالرب، حالة وفاة طفل ثمين، كانت في شهر فبراير 2022م وصلت المريضة إلى قسم الطوارئ التوليدية محوله من القابلة لبنى في مديرية المواسط وادي العجب، إحالة قيصرية؛ بسبب إنحشار رأس الجنين وانفتاح الرحم 8 سم، ووصلت المريضة إلى قسم الطوارئ التوليدية بمستشفى خليفة الساعة الثالثة عصراً واستلمتها الممرضة رانو ولكن أهملتها رغم تواصلنا معها، والتي أصرت -أي القابلة رانوا- على توليدها ولادة طبيعية، وفي تمام الساعة الواحدة والنصف ليلاً مات الطفل في رحم الأم، وبعدها تم ادخالها إلى العملية القيصرية بعد أن فات الأوان”.
وأوضح “إن العلم يحدد مثل هذه الحالة لا يجوز توليد الأم ولادة طبيعية مهما كان بل تدخل عملية قيصرية حفاظاً على حياة الطفل الثمين، مشيرا إلى أنه تم ابلاغ الإدارة بذلك لكنها لم تتخذ أي إجراء بل قامت بتعيين القابلة رانوا رئيسة قسم الطوارئ التوليدية رغم أنها اجنبية، ومازالت رانو ترتكب المخالفات القاتلة، ولا يوجد مريضة إلا وهي تختلسها مبالغ مالية كبيرة وكأن المستشفى خاص بها، والإدارة تدعمها دعم غير محدود رغم أنها لا تسمح للكوادر اليمنية الخريجات من المعاهد والكليات بالتدرب إحتكارا للمهنة”.
وتابع”الحالة الثانية زهور عبد الله أحمد علي، حالة ولادة دخلت قسم الطوارئ التوليدية وهي حامل بالشهر التاسع وفي حالة ولادة وكان هذا حملها الوحيد بعد سنوات عديدة ( حمل طفل ثمين)، واستلمتها داخل القسم القابلة رانو في شهر 12/ 2022م وقامت بتوليدها ولادة طبيعية، وكان من المفترض علمياً أن تحيلها إلى عملية قيصرية، وبعد الولادة مباشرة خرجت الطفلة متعبة وأحيلت إلى الحاضنات بسبب سوء صحتها وتوفيت بعد ذلك في قسم الحاضنات، مؤكدا أن مثل هذه الحاله لا تولد ولاده طبيعية بل تولد ولادة قيصرية بكل مستشفيات العالم حفاضاً على حياة الطفل الثمين”.
وقال: الحالة الثالثة المريضة راجية عبد الجبار، من منطقة دبع تم توليدها ثم بعد ذلك حجزها بالقسم بسبب عدم دفع المبلغ المطلوب للقابلة رانو رغم أن المرافق دفع لها عشرة آلاف ريال لكنها لم تكتفي بذلك كونها تريد أكثر والشكوى من المرافق موجودة لدينا بهذا الخصوص بتاريخ 28/ 12/ 2022م”.
وأضاف “وفي الطوارئ العامة رصدنا عدد من حالات الإهمال منها المريض طه سعيد المقرمي، وصل إلى المخيم الساعة السادسة صباحا في الأسبوع الأول من شهر ديسمبر 2022م إصابة رصاص في الركبة، تم إسعافه من قبل الطبيب المستلم الدكتور /ضياء سليمان المعمري وتم نقل الدم له بمقدار 500ملي ولم يعرض على جراح، وتم تسليم الحالة للنوبة الصباحية في تمام الساعة الثامنة صباحاً وهو بحالة أفضل، وفي الفترة الصباحية أهمل المريض حتى مات في تمام الساعة العاشرة والنصف صباحاً، وهذه الحالة اهملت بسبب عدم وجود مرافق يضخ فلوس، حالة أخرى المريض أمين ماجد خالد سيف، وصل إلى قسم الطوارئ الجراحية في شهر مارس 2023م وهو مصاب بحادث مروري، ولم يعرض على الطبيب أو الجراح وبسبب تصرف الممرضين المستلمين وتطاولهم هذا أدى إلى تعفن قدم المريض، وبعد ثلاثة أيام عاد المريض إلى المستشفى للمجارحة وأتضح أن القدم قد تعفنت، وذهبوا إلى عيادة الدكتور /سمير ورفض الدكتور أن يتعامل مع الحالة بسبب التعفن و(الغرغرينا) وبعدها تم إحالته إلى تعز من قبل الطبيب المستلم واقروا بتر جزء من القدم في أحد مستشفيات المدينة”.
وذكر حالة أخرى حدثت مع المريض توفيق ابليس نفس الحالة السابقة أدى اهماله إلى بتر بعض اصابعه، وأضاف حالة أخرى وهي المريضة فاطمة راجح عبده المعمري، مريضة مصابة بمرض السكر وعندها غرغرينا عمل لها عملية بتر القدم فأهملت المريضة في قسم الرقود من حيث عدم المجارحة من قبل المستلمين والطبيب الجراح والتمريض مما أدى إلى مضاعفات للجروح في القدم حيث العملية، وهذا كان السبب في دخول المريضة في تسمم دموي نقلت على إثره إلى العناية المركزة وتوفت هناك في تاريخ 9/ 3/ 2023م”.
وأشار إلى أن”كل الحالات التي كشف عنها كانت في عهد الإدارة الجديدة عدا حالة واحدة كانت في عهد المدير السابق الدكتور عبدالرحمن الصبري مدير مكتب الصحة بالمحافظة حالياً، وقال: من المؤسف جداً أن يتم استبعاد كل من يكشف هذه الاختلالات أو ينتقدها ويتم استبعاده من عمله ويمنع من دخول المستشفى ويمنع من هذا الواجب الإنساني بل ويحارب حرب شرسة من قبل الإدارة ومدير المديرية ويحرم من كل الحقوق، ويتم مكافأة من يرتكب مثل هذه المخالفات القاتله”.
وانكر مدير المستشفى الدكتور مازن، وجود حالات الإهمال والاخطاء الطبية وقال: إن كانت هناك أخطاء لدينا إدارة ومكتب صحة يتقدموا إليهم بالشكوى لكن إلى الآن لا توجد شكوى من أي مواطن، وقال “لا أقول لا توجد سلبيات ولكن إذا وجدت بعض السلبيات ينبغي طرحها علينا بطريقة قانونية ونتعاون الجميع على معالجتها”.
وفي هذا الصدد قال رئيس النقابة إلى من يشتكي المواطن إلى الجاني نفسه، الناس خافت تشتكي اليهم ولجأت إلى النقابة ونحن بدورنا اوصلنا أصواتهم إلى جميع المعنيين وتقدمنا اليهم بملف متكامل بهذا الخصوص لكنها صمت اذانها ولم تحرك ساكن، لافتا إلى أن بعض المواطنين اشتكو لإدارة المستشفى لكن لا أحد تعاطى مع شكاويهم.
وأعترف مدير عام مكتب الصحة في المحافظة الدكتور عبدالرحمن الصبري، بوجد بعض حالات الإهمال وقال”لا توجد مؤسسة لا توجد فيها اخطاء، قد يكون هناك إهمال متعمد، وقد يكون هناك إهمال نتيجة ظروف أو إمكانات غير متاحه، الإهمال الذي هو نتيجة الظروف موجود بكل مؤسسة، أما أن يصير هناك إهمال لمرضى معين في أقسام حيوية لا نقبل مثل هذه الأشياء”، وقال: أنا أقول في إهمال نتيجة عدم فهم.
أرقام:
وحصل “المواطن” على صورة من تقرير المستشفى للنصف الأول من هذا العام لقسم الولادة، تبين لنا من خلاله أن إجمالي الولادات خلال الستة الأشهر الأولى من هذا العام 1371 ولادة منها 764 ولادة طبيعية، و 609 ولادة قيصرية، ويؤكد إرتفاع نسبة العمليات القيصرية حاجة المستشفى الضرورية لأخصائية نساء وولادة متفرغة.
وبحسب التقرير بلغت نسبة وفاة الأطفال خلال الستة الأشهر الاولى من هذا العام 2023م 42 حالة وفاة، 12 منها حدثت في شهر مارس فقط، أما الأطفال الذين حدث لهم اختناق أثناء الولادة فبلغ عددهم 28 طفل، وبلغ عدد الحالات التي حدث لها مضاعفات أثناء الولادة 53 حالة نصفها تقريباً كانت في شهر مارس أيضاً.
رسوم باهظة:
وفي حديث خاص لموقع “المواطن” شكا عدد من المواطنين مرتادي المستشفى، من إرتفاع تكاليف العلاج فيها إذ قال أحدهم: ما إن تدخل المستشفى حتى تشعر أنك دخلت مستشفى خاص وليس حكومي إذ تقطع ورقة معاينة وتذهب للطبيب والذي يفاجئك بطلب فلوس أخرى مقابل معاينته لك”، ويضيف آخر: تذهب تعمل عملية قيصرية يطلبوا منك ستين ألف حق العملية فقط بعد أن كانت من قبل لا تتجاوز الثلاثين”.
وهذا ما اكده عدد من العاملين في المستشفى، مؤكدين إرتفاع حتى تكاليف المختبرات وغيرها من التكاليف العلاجية الأخرى، أما مدير المستشفى فقال: طبعاً إلى حد الآن رسوم مستشفى خليفة تعتبر رسوم رمزية مقارنةً بالرسوم التي تحصلها بالمستشفيات الحكومية في مركز المدينة نفسها، ونحن إلى الآن مازلنا نعمل بالرسوم القديمة، فقط اضفنا مبالغ صغيرة جداً لبعض الخدمات وليس لكل الخدمات”.
وعن الخدمات التي تم رفع رسومها أفاد بأنها “فقط رسوم المختبر بحكم إرتفاع أسعار المواد والمحاليل المخبرية فاضفنا فوق كل فحص مائة -مئتين- ثلاث مئة فقط، والرقود اضفنا له خمسة ألف ريال فقط، غير ذلك لم نضيف أي حاجة، العمليات إلى حد الآن نفس الرسوم القديمة بالرغم من أنه أقر في العام الماضي تحديث هذه الرسوم وتمت الموافقة من مجلس الامناء والمجلس المحلي بالزيادة، لكن إلى الآن لم نعمل بها ونحاول نتأقلم مع الوضع فالوضع هنا سيء إلى حد ما”.
وبالنسبة لرسوم العمليات أشار إلى أنها تقع مابين42 إلى 85 آلف، ويتحدد المبلغ بحسب نوع العملية والتي يحددها الطبيب، معتبرا إياها رسوم رمزية؛ مشيرا إلى أن أغلب الكوادر يطالبوا بنسب من رسوم العمليات”.
وأفاد بانه لديهم الموافقة برفع الرسوم من أجل هذه النسب التي يطالب بها الكادر، ومن أجل الحفاظ على سير العمل في المستشفى وتفادي مغادرة الكادر، مشيرا إلى أن “الجهات الداعمة من المنظمات بدأت تنسحب، والسلطات الحكومية نفسها تقول لك لازم تُفعل دورك أنت، وأن السلطة المحلية طلبت منه في الاجتماع الأخير لهم تفعيل دوره والاعتماد على التحسين من أجل تسير أمور المرفق، ويقصد بالتحسين رفع الرسوم على المرضى والمترددين على المستشفى بشكل عام.
وعن قدرة المواطن على تحمل التكاليف بعد رفعها قال: وكيف بتستمر في تقديم الخدمة, مضيفا “عندما تراء الرسوم بتعز والناس يدفعوها يعني نحن القيصرية شاملة وكاملة بستون آلف، بينما في تعز في مستشفى الجمهوري تقريباً بمائتين آلف، متسائلا كيف يعني هناك مسموح لهم وهنا غير مسموح؟، وقال: من المفترض أن تكون رسوم المستشفيات بمدينة تعز رمزية بحكم كثرة المستشفيات فيها ولكن هنا بحكم أننا المستشفى الوحيد وأحاول استقطب كوادر وأحافظ عليها المفروض أنا الذي ارفع لكي أحسن من وضع الكادر حتى يستمر معنا”.
وأفاد مدير مكتب الصحة بالمحافظة بوجود توجه لرفع رسوم المستشفيات وقال “مؤخرا اجتمعنا مع محافظ المحافظة طرحنا بشكل عام حتى يستمر العمل في المستشفيات ينبغي رفع الرسوم ولكن وفق ضوابط معينة، أما الإعتماد على التمويل الخارجي فهذا مخاطرة”.
وأضاف”اتفقنا مع الأخ محافظ المحافظة وشكلت لجنة مني ومن الدكتورة إيلان عبدالحق وكيلة المحافظ للشؤون الصحية، ووكيل المحافظة للشؤون المالية والإدارية، وسنقوم بطلب القائمة السعرية الخاصة بكل مستشفى ومن ثم سنقوم بعمل متوسط، هذا المتوسط بيعمل لنا مخرج على قدرة الناس”.
وقال “نحن بحاجة إلى عمل لائحة تسعيرة متساوية تراعي الفرق في الخدمات النوعية”, مؤكدا أنه “في الأول والأخير عندما نسمح بأخذ رسوم فهذا حتى لا تغلق المؤسسة عن خدمة المواطن، لكن المواطن غير مجبر على الدفع، وأنا مع المواطن الذي لا يدفع، لكن أنا مع الإدارة في حال أخذت رسوم إضافية أفضل من توقف الخدمة التي إذا توقفت بيكون كارثة ومخاطر خاصة لتلك المناطق البعيدة ذات الكثافة السكانية العالية”.
وأشار إلى أن “هذا كله كانت الدولة تعطينا إياه، لكن الآن الدولة ما تعطي، اليوم النفقات التشغيلية ككلفة سريرية مثلا ست مائة ريال، والكلفة السريرية في خليفة وغيرها في العناية والطوارئ مائتين وخمسين دولار ما يعني أنه مفقود من اياديهم مائتين وتسعة وثمانين، وهذا يعني أن نتجه إلى زيادة الإيراد المنظم وفقاً للوائح من أجل استمرارية الخدمة، حتى تتعافى الدولة وتضع ميزانية تشغيلية وبعد ذلك بنعمل على تخفيض الرسوم”.
وقال “ثق أنه في المرحلة القادمة إذا فعلاً تعاونت معانا السلطة المحلية، والسلطات العليا، والداعمين بشكل صحيح هذه الظاهرة يجب أن تنتهي، نحن لسنا مع الرسوم التي ترهق المواطن، نحن مع رسوم تعزز الخدمة واستمراريتها”.
أما مدير المديرية الأستاذ عبدالعزيز الشيباني، فقال “طالما والمستشفى متعاقد تعاقد مع الإستشاريين وهي غير قادرة على تغطية ودفع مستحقاتهم إلا من الرسوم التي تحصلها، وطالما هي جهة حكومية ولديها مالية ورقابة وتفتيش وادارات للمتابعة فلا مشكلة في هذه الرسوم وليست خارج النظام والقانون، ولكن يجب أن ترتب بحيث نسبة تكون للدكتور والباقي تذهب موارد للمستشفى”.
نقص الكادر:
ويعاني مستشفى خليفة من نقص الأطباء الأخصائيين في كثير من التخصصات الطبية أكد ذلك مرتادي المستشفى والإدارة والعاملين فيها حيث قال المدير العام للمستشفى “المرفق يوجود فيه جميع الخدمات ما عدا أقسام تخصصية غير موجودة والتي هي جراحة الأوعية الدموية، وجراحة المخ والأعصاب فهذه غير موجودة عندنا؛ لأن الكادر الأخصائي نفسه غير موجود، ونفس هذه الحالات التى نصادفها نقوم بتحويلها للمستشفيات المرجعية في مركز المحافظة”.
وتابع “موجود عندنا ثلاثة مراكز داخل المستشفى مركز الغسيل الكلوي، ومركز الحميات الذي كان سابقاً مركز كوفيد19 والآن يستقبل الحميات بشكل عام، ومركز الاسهالات، هذه المراكز منفصلة يعني تقدم الخدمات على حسب التسميه، ولدينا مركز الطوارئ التوليدية هذه المراكز الحديثة، بالإضافة إلى الأقسام السابقة قسم الجراحة، قسم العظام، قسم الأطفال، قسم الباطنية، ولدينا اثنتان عنايات مركزة للامراض التنفسية والقلبية بأحدث الأجهزة الموجودة عندنا، وعندنا عناية مركزة شاملة”.
وقال “الكادر المتخصص في الأقسام التي ذكرتها موجود لكن غير كافي، نحن أيضاً نعاني من فجوة كبيرة التي هي نقص الكادر، الآن لدينا موظفين بحدود ثلاثة مائة وعشرين موظف، منهم مائة رسميين، والبقية متعاقد ومتطوع يمكن أن يرحلوا بيوم وليلة”، مضيفا “لن تلاقي لدينا الكوادر التخصصية أو التي عندها فكرة إلا بكمية قليلة، الآن مثلا تجد واحد أو إثنين يشغل قسم العظام كامل داخل المستشفى، والجراحة نفس الحكاية، النساء والولادة لدينا دكتورة متفرغة ثلاثة أيام في الأسبوع فقط”.
بدوره أكد مدير عام المديرية افتقار المستشفى للكادر المتخصص وقال”نتيجة لتخلي الدولة عن مسؤوليتها تدخلت المنظمات وساهمت في ارتقاء القطاع الصحي وحصل تطوير لمستشفى خليفة حيث تم استحداث وحدة غسيل كلوي وتجهيز قسم الطوارئ التوليدية فيها، لكن مازالت فيها نقص في الأخصائيين خاصة في مجال القلب والكلى، والمخ والأعصاب، مؤكدا عجز المستشفى على توفير الإستشارين المطلوبين بسبب المبالغ الكبيرة التي يطلبوها والتي تصل إلى 3000$ دولار”.
من جهته أكد مدير مكتب الصحة بالمحافظة إفتقار مستشفى خليفة وغيرها من المستشفيات الحكومية بتعز إلى الكادر النوعي حيث قال: المستشفيات بشكل عام ومنها مستشفى خليفة تفتقر للكادر التخصصي النوعي في بعض المراكز الأساسية والحيوية، وفي فترة ما كانت هذه المستشفى تشتغل بكادر أجنبي بكل التخصصات، وجاءت الأزمة السياسية في 2011م والحرب فنزحت كل هذه التخصصات وأصبحت المستشفى الآن تعاني الكثير من هذه الكوادر فتضطر الإدارة حتى تبقى الخدمة على مدار الساعة أن تتعاقد أو تستقطب بحسب بروتكول وزارة الصحة”.
وعن سبب عدم توفير الإدارة للكادر المطلوب وبالشكل الكافي قال مدير المستشفى “إذا اردت توفير الكادر لازم توفر له الحافز المالي والحوافز الجاذبة الأخرى مثل السكن، والتغذية؛ وذلك لأنه غير موظف حكومي فأنت تحاول أنك تجذبه إلى هنا بهذه الطرق”، مشيرا إلى توقف التوظيف منذو العام 2012م تقريبا ولم يستقبلوا أي موظف حكومي حتى الآن.
وقال “بالإلتزامات الشخصية ما أقدر أوفر” مشيرا إلى أنه طرح الموضوع على السلطة المحلية، والمنظمات الداعمة، وكذلك أبلغ مكتب الصحة بالمحافظة بالعجز الذي في المستشفى، وقال: الآن عندنا دكتورة أخصائية نساء وولادة اسمها أفراح الزعزعي لكنها تداوم في المستشفى ثلاثة أيام في الأسبوع فقط”.
وأشار إلى أن الكادر القديم في قسم الولادة كان اجنبي، غادر البلد في العام 2013م بسبب الحرب، وهذا أضطرهم إلى الإستعانة بطبيبات بالإضافة إلى القابلة عوضا عن أخصائية النساء والولادة، وحاليا يستفيدوا من الأخصائية أفراح الزعزعي، التي استقدموها للمستشفى قبل شهرين، مضيفا “الآن نحن نحاول أن نحافظ على الكادر الجيد والكادر الضعيف نحاول نستغني عن خدماته، وحاليا تعاقدنا مع شركة توظيف على أساس ترسل لنا السير الذاتية حق الكادر، واستطعنا استقطاب إثنين فنيين تخدير ممتازين الآن موجودين معانا، ونحن نعطيهم رواتب من عندنا، بالإضافة إلى استقطاب دكتورة نساء وولادة، والآن نحاول نستقطب بقية الكوادر على أساس يعملوا معنا حتى مرة بالأسبوع مثل اخصائي الأوعية الدموية واخصائي القلب”.
ولفت إلى أن”المنطقة هنا ليست منطقة جذب للكوادر الطبية بل منطقة نفور، عكس المدينة التي يستطيع فيها الطبيب أن يشتغل في أكثر من مستشفى ويحسن دخله، عكس هنا في هذه المنطقة التي لا يوجد فيها غير هذه المستشفى؛ لذلك تجد أغلب الكوادر عندما يأتوا هنا لا يستمروا كثيراً، والمنظمات أيضاً غير متدخلة بالمستشفى حتى أننا نحاول نعطيهم حوافز مجزية حتى يستمر هذا الكادر في تقديم الخدمة في المستشفى، لذلك نحن نواجه صعوبة في نقص الكادر”.
أما مدير مكتب الصحة فأكد تضخم الكادر في مؤسسات الدولة على حساب الكادر النوعي التخصصي بسبب التعاقدات مجاملة نتيجة ضغوطات سواءً كانت أمنية أو حزبية، أو مجتمعية، أو ضغوطات الحياة اليومية للناس، وقال: عندما اتينا اليوم بنواجه هذه التضخمات لن نستطيع نزيح أحد نتيجة مسببات ومبررات معيشية وغيرها”.
وتابع “الكادر حقنا تسرب، للقطاع الخاص والمنظمات، واصبحنا الآن مشلولي الأيدي، على سبيل المثال مستشفى الجمهوري من خمسمائة وسبعين كادر، اليوم العاملين الرسميين فيها سبعين والباقي كله متعاقد، والكادر في خليفة صعب جداً؛ لأنه كان كادر أجنبي والاستقطاب الآن قل، لكن نحن نسعى الآن عن طريق السلطة المحلية أن نعمل تعاقدات مع محليين أو مع خارجيين سواءً عرب أو أجانب”.
وفي هذا الصدد أوضح رئيس نقابة المهن الفنية الطبية، أن الكوادر والأخصائيين موجودين لكن لا توجد إدارة جادة تعمل على استقطابهم وتمكينهم من العمل وتقديم الخدمة للناس، وذكر عدد من الأخصائيين الذين كانوا قد قدموا إلى المستشفى لكنهم تعرضوا لمضايقات اضطرتهم إلى مغادرتها منهم “الدكتور الروسي أخصائي أطفال حديثي الولادة وكان مرسل من الوزارة، الكادر الثاني ناجي الجعفري أخصائي مخ وأعصاب، والثالث طبيبة أخصائية نساء وولادة مرسلة من عدن مع زوجها اخصائي جراحة عامة، والدكتورة امة الرحمن القرشي اخصائية أمراض نساء وولادة”.
وكشف عن “مغادرة الدكتورة أفراح الزعزعي للمستشفى، قبل أيام تاركة فراغ كبير بدون وجود البديل لها”.
واستغرب الزريقي من “تبرير قيادة مكتب الصحة لوضع القطاع الصحي بالمحافظة وإرجاع السبب إلى النقص المالية كاشفا عن إهدار مكتب الصحة خلال سنتين فقط مبلغ ستة مليارات ومئتين وخمسة عشر مليون بحسب تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ولجنة التقييم، مؤكدا بأن هذا المبلغ كان من الممكن أن يحسن كثيرا من وضع القطاع الصحي في المحافظة إذا ما كان تم استثماره بالشكل الصحيح”.
مضايقات وتمييز:
ويتعرض عدد من العاملين والموظفين في خليفة للمضايقات والتمييز عن زملائهم من قبل الإدارة، أكد ذلك النقابي عبدالجليل الزريقي بقوله “هناك استغلال للكادر العامل في المستشفى، على سبيل المثال القابلة اليمنية تلاقي 15000 ألف ريال يمني في الشهر ولم تتحصل حتى على ادنى حقوقها القانونية، بينما زميلتها الروسية تلاقي ما يقارب 1200$ دولار في الشهر من الوزارة حسب مصادر من مكتب الصحة بالإضافة إلى 120$ من المنظمات، ومسموح لها تأخذ من كل مريضة لايقل عن 30000 ألف ريال والتي ترفض تدفع تحتجزها”.
وأكدت إحدى العاملات في المستشفى”تعرضها للتعسف باسقاط اسمها من القطرية وحرمانها من الحوافز وكل مرة تتقدم بطلب حقها من الحوافز يتم تجاهل طلبها دون أي سبب بينما زميلاتها يتلقينا حوافزهن دون أي عائق، مشيرة إلى أن “بعض المتطوعين نزلوا إجازة عيد وقام المدير بعمل إستغناء نهائي لهم بحجة عدم وجود من يغطي بدلا عنهم”.
وأشارت أخرى إلى أن “المستشفى عبارة عن عصابة بدءا من المدير العام مرورا بالموارد البشرية وصولا إلى روأساة الأقسام، مؤكدة تعرض المرأة العاملة في المستشفى للظلم والابتزاز في المرتبات وشتى أنواع الابتزاز كونها غير واعي بالقانون ولا يوجد لديها أحد يحميها”.
وذكر أحد الموظفين تعرضه للمضايقة إذ قال “لي سنتين أعمل بالمستشفى بدون راتب إلى يومنا هذا ومع ذلك تم محاربتي وإسقاط اسمي من القطرية وتصفير الحافز حقي من المستشفى والذي هو عشرين ألف ريال يمني”.
فساد مالي وإداري:
وبحسب عدد من العاملين فإن من مظاهر الفساد في المستشفى “عدم إحترام التخصصات حيث يقوم الممرض بعمل الطبيب والطبيب بعمل الأخصائي، وإذا حدث خطأ طبي يتم تجاهله من قبل الإدارة ولا تقوم بمحاسبة من ارتكب هذا الخطأ”.
وأكدت إحدى العاملات على أن”حياة المريض غير مهم بالنسبة لهم بل كل مايهمهم هو الفلوس فقط وقالت: لا يدخل الطبيب الجراح إلى العملية إلا بعد أن يستلم رسوم العملية التي نصيبه منها خمسين بالمئة وإلا تموت المريضة هناك، مؤكدة أنه يتم أخذ ستين ألف عن العملية القيصرية الواحدة بينما يقطع السند بمبلغ ثمانية وعشرين ألف، وأي شخص ينتقد هذا الفساد من العاملين أو الموظفين يتم معاقبته وتوقيفه عن العمل”.
وكشفت أخرى عن “استإثار مدير المستشفى بجميع العمليات القيصرية لنفسه، ويأخذ خمسين بالمئة من رسوم كل عملية والتي تصل إلى 60000 ألف، إلى درجة أنه يحجز موعد لليوم الثاني نتيجة كثرة العمليات بهذا اليوم حتى وإن كانت الحالة لا تحتمل التأخير، بينما الجراح الأخر الدكتور زايد عبد الرحمن والأخصائية أفراح الزعزعي لا يعطيهم غير بعض الحالات الذين هم فقراء وغير قادرين على دفع تكاليف العملية كاملة”.
وأفاد أحد الموظفين بإلغاء الصيدلية المناوبة في المستشفى قبل أشهر بقرار من المدير، وتسليم العلاجات إلى روؤساء الأقسام ليتولوا هم صرف العلاجات للمرضى، معتبرا ذلك مخالفة وأن المسؤول عن صرف الأدوية هو الصيدلي وليس الممرض، مشيرا إلى أن الأطباء اصبحوا يسجلوا الأدوية لخارج المستشفى وذلك لانهم يحصلون على نسبة من هذه الصيدليات الخارجية وشركات الأدوية.
وأعتبر عاملين أخرين بأن هذا الإجراء وسيلة سهلة لتهريب العلاجات وبيعها خارج المستشفى، فيما نائب مدير المستشفى للشؤون الفنية فقال: مازلنا في بداية التجربة لذلك لا نستطيع أن نحكم عليها الآن.
وأكد رئيس نقابة المهن الفنية الطبية، تلاعب إدارة المستشفى بحوافز الموظفين التي يحصلون عليها من بعض المنظمات الداعمة، حيث يتم تسجيل البعض وتجاهل البعض الآخر، موضحا بأن مدير المستشفى مسجل في الحوافز التي تقدمها المنظمات بالإضافة إلى نسبته من كل عملية جراحية يقوم بها رغم أنه موظف رسمي وتم تفريغه لإدارة المستشفى بمقابل 300000 ريال بدل تفرغ لكن أغلب وقته في غرفة العمليات، بينما المستحقين من الاطباء والممرضين والصيادلة وغيرهم والذين بلا مرتبات تم اسقاط أسمائهم من حوافز المنظمات.
وأشار أحد الموظفين إلى أن مدير المستشفى مشغول عن العمل الإداري بالعمليات، وبدلا من تحسين الخدمة والجودة تحولت المستشفى إلى مؤسسة إيرادية.
وبهذا الشأن أكد مدير المستشفى على أن زيادة إيرادية المستشفى دليل على الجودة وليس على الفساد، خاصة وأنهم لم يقوموا برفع الرسوم بعد، مؤكدا على أن إرتفاع إيرادية المستشفى أتت نتيجة استعادة تلك المبالغ التي كانت تذهب إلى جيوب بعض الأشخاص، والحد من الإعفاءات التي كانت تتم لبعض المرتادين حد قوله.
لجنة تحقيق:
وذكر مدير مستشفى خليفة أن مكتب الصحة بالمحافظة شكل لجنة ونزلت قبل شهر رمضان للمستشفى، وجلست مع الإدارة وتحققت من كل هذه القضايا، وقال: جلست معنا وزودناها بكل المعلومات التي طلبتها، والأمور جيدة وإن وجدت بعض السلبيات سنعمل على تجاوزها معا ونحن على تواصل دائم مع مكتب الصحة.
ولمعرفة التائج التي توصلت إليها اللجنة تواصلنا مع أحد أعضائها لكنه رفض اعطائنا تصريح إلا بعد أن يصرح له بذلك المدير العام لمكتب الصحة، وأفاد مدير عام مكتب الصحة بالمحافظة بأن اللجنة “نزلت للمستشفى ورجعت بأراء أنه نعطيهم فترة ست أشهر ونحن اليوم متابعين لها”.
وأضاف”طبعاً الشاكي أو المشتكي يجب عليه الصبر، وأنا لست أب فلان أو علان، أنا لدي لوائح وقوانين أمشي عليها، ربما الاجراءات التي نحنا في صددها الآن أنه وجدنا في خلل في التدريب والتأهيل، ونحن اليوم عملنا جاهدين على التدريب النوعي في العناية المركزة، والقلبية، وفي الإصابة على مستوى الطوارئ، وهذه الورش بتغطي لنا عجز كبير من هذه الأشياء والسلبيات الموجودة التي أنت تقول عليها إهمال، وأنا أقول في إهمال نتيجة عدم فهم، لكن لما أنت توعيه وتدربه وتعطيه حقوقه بالشكل المطلوب ويهمل هنا أمر آخر”.
هيئة مستقلة:
وكشف مدير مستشفى خليفة بوجود مساعي لتحويل المستشفى إلى هيئة مستقلة حيث قال”طبعاً نحن مهيئين على أن نكون هيئة، وهناك قرار من محافظ المحافظة بأن نكون هيئة، ونحن منتظرين موافقة مجلس الوزراء والرئاسة بترفيع المستشفى إلى هيئة”.
وأكد أنه إذا تم تحويل خليفة إلى هيئة فانهم بعد ذلك سيتمكنوا من توفير بقية الكوادر التي لديهم فيها عجز وإستكمال بقية الخدمات كاملة.
إلى ذلك يعاني قطاع الصحة في محافظة تعز بشكل عام، من عدد من التحديات والاختلالات التي اثرت وتؤثر على مستوى جودة تقديم الخدمات الصحية، أبرزها الفساد المالي والإداري، وضعف الرقابة والمحاسبة، وسوء استغلال الدعم سواء المقدم من السلطات الحكومية على شحته، أو ذلك المقدم من المنظمات الدولية الداعمة، وهذا ما أكده تقرير لجنة تقييم مكتب الصحة المشكلة من قبل محافظ المحافظة في العام 2020م.
ويظل السؤال قائما إلى متى سيظل الوضع الصحي بتعز مترديا؟!! ومتى سيزهر الضمير الإنساني، وينعم المواطن بخدمة صحية جيدة برسوم معقولة إن لم تكن مجانية؟!!