كتابات / محمد اليمني
باتت اجراء الانتخابات الرئاسية الصومالية الفيدرالية قاب قوسين او ادنى ؛ بعد الانتهاء من انتخابات مجلس بولاية هيرشبيلي لم يتبقّى سوى استكمال ولايتين حصصها بمجلس الشيوخ ؛ ومن المتوقع بدء انتخابات مجلس الشعب فوراً او ربما تتأجل بعضا من الوقت بسبب الازمة السياسية بين الرئيس المنتهية ولايته محمد عبدالله فرماجو والقائم باعمال رئيس الوزراء محمد حسين روبلي ؛ الاّ انه من المُؤكد اجراء العملية الانتخابية ؛ عقب الانتهاء من انتخابات مجلس الشعب على الطريقة التقليدية طبقا لنظام التقاسم القبلي للسلطة 4.5 سيكتمل البرلمان الصومالي الحادي عشر بغرفتيه “الشيوخ والشعب” والذي بدوره ينتخب رئيساً للجمهورية .
يتنافس اكثر من 20 مرشحاً لرئاسة الجمهورية ؛ البعض منهم مدعومين من الخارج ويتلقون الاموال من بعض الدول العربية والغربية ؛ وتسعى الدول الداعمة لبعض المرشحين فوز مواليها الذين يدينون لها الولاء والطاعة ؛ ومن خلالهم يُخططون لتنفيذ اجندتهم في البلاد وفقاً لتجارب سابقة مع معظم الرؤساء الذين تعاقبوا على الرئاسة وآخرهم الرئيس المنتهية ولايته محمد عبدالله فرماجو الذي كان ومازال يُقدّم الولاء المُطلق لدولة قطر ؛ حسب التوقعات فإنّ فُرص عودة فرماجو الى السُلطة مرة اخرى جداً ضئيلة ؛ كما انّ عودة الرئيسين السابقين والمرشحين في الانتخابات المتوقعة اجرؤها قريباً حسن شيخ محمود وشريف شيخ احمد الى سدّة الحكم امر مُستبعد عند فقهاء السياسة والراسخون في علمها .
مرت البلاد عدداً من الانتخابات ولم يحصل قط في تاريخ الصومال المُعاصر فوز رئيس بولايتين متتاليين او عاد الى الرئاسة مرة اخرى رغم انّ كل واحد منهم سعى وبذل المجهود وانفق الاموال باسراف وتبذّر وشكّل التحالفات السياسية والقبلية لاعادة انتاجه وعودته الى السُلطة الاّ ان تلك المحاولات باءت بالفشل ؛ انّ تجريب المُجرّب عند الصوماليين مُحال وكل مرة تنتج الانتخابات وجه جديد يتقلد رئاسة الجمهورية ويقود البلاد لاربعة سنوات ثم يُغادر كما جاء رغم محاولاته العودة لولاية ثانية .
يرى محللون سياسيون فوز المرشح الابرز عبدالقادر عُسبلي علي في الانتخابات الرئاسية المتوقعة اجراؤها نهاية العام الجاري بالبلاد ؛ ويرجع المحللون ذلك لاسباب كثيرة اهمّها انّ الرجل لم يسبق له ان تبوء على المنصب لهذا يعد وجه جديد ويتمتع بحس سياسي ناضج وذو حكمة وحنكة كما يمتلك كاريزما القائد الناجح ؛ الى جانب امتلاكه مخزون ثقافي هائل وخلفية دينية ؛ بالاضافة الى العلاقات الحميمة التي تربطه بالاطياف السياسية الصومالية بمختلف توجهاتها ؛ كما للمرشح الرئاسي عبدالقادر عُسبلي تواصل مستمر مع الاكاديميين ورجال الثقافة والاعلام والدين وشيوخ القبائل .
_ من هو عُسبلي ؟
ولد المرشح الرئاسي عبدالقادر عُسبلي بمدينة “لوق” في اقليم “جيدو” بولاية جوبالاند جنوب الصومال منتصف يونيو من العام 1962 ؛ حيث تلقى تعليمه الابتدائي والاعدادي والثانوي في الصومال وتخرّج من ثانوية هولوداج بمقديشو بالعام 1982 ؛ ثم انتقل الى العاصمة المصرية القاهرة وهناك واصل مشواره التعليمي وتحصّل على ليسانس الآداب “بكلاريوس مع مرتبة الشرف” في العلاقات العامة والصحافة من جامعة الازهر الشريف سنة 1989 ؛ عقب انهيار نظام الرئيس الراحل محمد زياد بري في العام 1991 هاجر عُسبلي الى اميركا وواصل تعليمه ودرس عن بُعد انظمة الحكم الديمقراطية .
_ المناصب القيادية في الدولة .
تقلّد عبدالقادر عُسبلي منصب مدير عام ميناء عيل معان شمال مقديشو بين عامي 2002_2006 ؛ وانتخب لاول مرة عضواً في مجلس الشعب الفيدرالي بالبرلمان الصومالي عام 2010 وهنا اقتحم الميدان السياسي من اوسع ابوابه ؛ اعيد انتخابه للمرة الثانية نهاية العام 2016 حيث كان ومازال رئيساً للجنة العلاقات الخارجية بالمجلس وبات احد اهم الشخصيات السياسية الاكثر تأثيراً بالبلاد وركن اساسي من اركان الدولة الصومالية ورقم صعب لايمكن تجاوزه باي حال من الاحوال .
_ الخبرة السياسية .
يتمتع عبدالقادر عُسبلي بخبرة سياسية واسعة في وضع السياسات العامة الرامية إلى اعادة بناء الدولة الصومالية بمؤسساتها واجهزتها المختلفة ما جعله يُحدث تغيير جذري في المؤسسات الأمنية والإقتصادية والتعليمية والتنمية المستدامة ؛ تمكن المرشح عُسبلي من حماية المصالح العليا للوطن بخبرته في العلاقات الدولية واستيعابه أطر وسياسات التحالفات الإقليمية والدولية المهتمة بشأن منطقة القرن الإفريقي وشرق إفريقيا والخليح العربي ؛ على صعيد آخر اسس المرشح الرئاسي عبدالقادر عُسبلي حزب (إليس) المُعارض الذي بات له قواعد وكوادر مُتمكّنة وتولى زعامته مع التحول السياسي الذي شهدته البلاد ؛ كما تزعم قضية تأسيس اقليم لبنادر “مقديشو” وناضل من اجلها حتى منحه سكُان العاصمة لقب الاب الروحي لقضية اقليم بنادر ليقرر اهالي العاصمة مقديشو مصيرهم لادارة شؤونهم وانتخاب قادتهم والاهتمام بالخدمات الصحية والتعليمية والمياة والكهرباء واعادة تعبيد الطرقات وتثبيت الامن والاستقرار مثل بقية الولايات الاقليمية وانهاء هيمنة الحكومة الفيدرالية وتسلطها على اقليم بنادر ؛قاد المرشح الرئاسي عبدالقادر عُسبلي حملات التوعية السياسية والاعلامية والتشريعية بين سكّان اقليم بنادر وفي اروقة اجهزة الدولة السيادية منذ سنوات دفاعا عن حقوق سكان وابناءاقليم بنادر .
_الدعم الخارجي .
لم يتلق المرشح الرئاسي عبدالقادر عُسبلى دعما ماليا من الخارج في مسيرته السياسية الممتدة ل 12عاما ؛ اعتمد على مصادره الخاصة فهو رجل أعمال ناجح في حين انّ آخرين يتدفق عليهم الدعم الخارجي بسخاء ومع ذلك الكثير منهم فشلوا في الفوز بمعركة الانتخابات الرئاسية ؛ انّ تجربته التجارية جعلت منه رجل اعمال بارز ومتفوق في ميدان التجارة ؛ له استثمارات في الخليج وشرق افريقيا ؛ كما يملك شركات استيراد وتصدير وعدد من العقارات بمشاركة اسرته العريقة وفي هذا المجال اكتسب الرجل خبرة لامحدودة في ادارة الاعمال الاقتصادية والتجارية .
_ دوره في الجواتب التعليمية والاجتماعية والانسانية .
له باع طويل في ادارة الدولة ومؤسساتها كما لديه دراية بالغة في القوانين والتشريعات وتجربته السياسية فتحت له آفاق رحبة لخدمة البلاد والعباد ؛ اكتسب عُسبلي خبرات متراكمة في مجال العلاقات الدولية ذات الصلة بالامم المتحدة ومنظمة التعاون الاسلامي وجامعة الدول العربية ؛ كما ولعب دورا محورياً في تقديم المساعدات الى المتضررين من فيضانات نهر شبيلي بولاية هيرشبيلي العام الفائت ؛ ناهيك عن علاقته بالمؤسسات التعليمية الاهلية التي يساهم فيها بالدعم المالي ومشاركته لهم الفعاليات الثقافية والتعليمية وحفلات التخرج ؛ الى جانب عمله لتقارب وجهات النظر بين الفرقاء القبليين الصوماليين ونجح في كثير من المصالحات القبلية .
_ الخلاصة .
جميع الشواهد تشير الى انّ انتخابات 2021 تختلف عن سابقاتها بيقظة الشعب الصومالي وانتباهه من وصول شخصية غير معروفة الى كرسي الرئاسة وتكوين لوبي فساد محلي مدعوم خارجياً بعد المواجهات العسكرية التي شهدتها العاصمة مقديشو في ابريل الفائت إثر محاولة الرئيس المنتهية ولايته محمد عبدالله فرماجو تمديد فترة حكمه بطريقة مخالفة للقانون والدستور ثم تراجع عنها بعد رفض المُعارضة الصومالية وقيادات عسكرية كبيرة اعلنت انشقاقها وتمردّها على رأس النظام ؛ نظرا لكل ما اسردناه فإن الفرصة الكبرى للفوز في الانتخابات الرئاسية لولاية 2021_2025 متاحة امام المُرشح الاقوى عبدالقادر عسبلي علي لبروزه اللامع في الوسط السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي الصومالي وكذا قُربه من الشعب ورؤساء الولايات الفيدرالية الخمسة وبنادر الى جانب تمتعه بعلاقات وطيدة مع الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات المهتمة بالشأن الصومالي بحكم علاقاته التجارية وترأسه لجنة الخارجية بمجلس الشعب الفيدرالي في البرلمان الصومالي لدورتين متتاليتين وهو اتاح الفرصة امامه لبناء جسر من العلاقات مع سفراء الدول بمقديشو ؛ وللشجاعة والكاريزما والثقافة والخبرة السياسية دور كبير في ان تجعل من المرشح عبدالقادر عُسبلي مُنافساً قوياً من المتوقع تحقيقه فوزاً كاسحاً في الانتخابات الرئاسية الصومالية المقرر اجراؤها نهاية العام الجاري ليكون المرشح الاوفر حظاً والاقرب الى الرئاسة اكثر من غيره .