فهمي محمد
منذ الصغر انا والكثير من أبناء وطني. حين بدأ وعينا السياسي القومي العروبي يتجاوز حدود اليمن نحو مفهوم القضية الفلسطينية بفضل ثورة الإعلام الفضائي، التي تصدرته قناة الجزيرة قبل ربع قرن.
كانت شرين أبو عاقله هي: الصورة والصوت والفعل الصحفي عبر قناة الجزيرة، الذي جعلنا نحيط علماً بجرم الاحتلال الصهيوني المدعوم منذ 1948 بفعل حماقة الإنسان الغربي، على حد وصف زعيم الثورة الصينية حين قال في أحد لقاءاته مع الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل المدونة في كتاب احاديث في آسيا، حيث وصف زعيم الثورة الصينية قيام دولة إسرائيل بالقول = كل الدول صنعتها أحكام الطبيعة إلا إسرائيل صنعتها حماقة الإنسان .
شرين ابو عاقله التي اختارت الصحافة على حد وصفها لتكون قريبه من الإنسان. كانت في نفس الوقت هي الصورة والصوت الذي يشبه القدس والفعل الصحفي الشجاع، الذي يناضل كل يوم منذ 25 عاما، ضد حماقة الإنسان وسياسته التي، صنعت من العدم كيانا غاصبا ومحتلا للأراضي الفلسطينية، على حساب تهجير الإنسان، الذي وجد نفسه سيداً على هذه الأرض المقدسة منذ قرون.
شرين أبو عاقله نبتة الأرض الطاهرة في القدس الشريف، ونبتة الإنسانية الخالدة على أرض الأ نبياء الكرام المناضلة الفلسطينية من ربع قرن مضى في أكناف بيت المقدس، وفي مخيم جنين، وفي انتفاضة الأقصى، وفي كل المواجهات الغير متكافئة بين الفلسطينيين العزل، وبين جيش الاحتلال الإسرائيلي الصهيوني، المدجج بكل أنواع السلاح القاتل دون رادع أو خوف من عقاب دولي أو عربي. ومع ذلك كانت شرين أبو عاقله الصحفية المؤمنة برسالتها الإعلامية، تتغلب على الخوف وعلى جبروت الاحتلال، وتقف على مسافة صفر من الموت المحقق؛ من أجل نقل الصورة والصوت والحقيقة إلى كل أحرار العالم.
لهذا أجد نفسي، وانا أكتب هذه السطور المتواضعة في حق شرين، غير معني بالون بشرتها أو معتقدها الديني، كما هو حال المهرطقين في عالم ما وراء الميتافيزيقا، بقدر ما تعني لي الكثير والكثير صورتها الثائرة المقاومة بالصورة والكلمة لفعل الاحتلال الصهيوني الذي يعمل دائما على اغتيال الحقيقة.
نعم صورتها الثائرة في ربع قرن قضته شرين أبو عاقله في أكناف بيت المقدس؟ من أجل مطاردة الحقيقة بالصورة والقلم والكلمة الحرة، تلك أدوات نضال شرين أبو عاقله الصحفية في سبيل كشف الجرم الصهيوني المرتكب في حق الفلسطيني المهدور والمقدسات المدنسة في أرض فلسطين المحتلة.
ما يحزنني كثيرا ذهاب هؤلاء المهرطقين باسم الدين للحديث عن شرين أبو عاقله في عالم الآخرة والغيب، قبل أن يدفن جثمانها ويجف دمها المسفوح غدراً، على يد قوات الاحتلال الصهيوني في أرض فلسطين التي توحدت اليوم بكل مكوناتها الدينية، في البكاء على وداع شرين أبو عاقله صوتهم المسموع في القنوات الفضائية وصورتهم المشهدانية في عيون العالم، وهو ما كان يجدر بهؤلاء المهرطقين في عالم الفتوى أن يتحدثواعن شيرين أبو عاقله، التي لا يشبهها شيء في هذا العالم غير فلسطين الثائرة ضد حماقة الإنسان.