عيبان محمد السامعي
تنويه:
فيما يلي النص الكامل لورقة العمل التي شاركت بها في ندوة “الشباب والثورة والحوار الوطني”، تنظيم شبكة المبادرات الشبابية، التي عُقدت صباح هذا اليوم 16 فبراير 2022، بقاعة ديوان محافظة تعز.
الورقة محاولة تحليلية لما حدث، وقد تناولتُ بالنقد مختلف الأطراف: النظام السابق وحلفائه، والأحزاب السياسية، والدور الخارجي، كما وجهت نقداً ذاتياً لشباب الثورة.
أثناء قراءتي لنص الورقة، لاسيما عندما تناولت عوامل ودوافع الثورة فوجئت بـ3 أو 4 أشخاص ينتمون لجهة سياسية تُعادي ثورة 11 فبراير قيامهم بإحداث فوضى وزوبعة غير مبررة، ثم قُطع التيار الكهربائي عن القاعة، بهدف اسكاتي عن استكمال الورقة، لكني استمررت بدون مكبر صوت، وقد شرع الأخ سهيم الحكيمي أحد شباب الثورة توثيق هذه الحادثة بالتصوير بهاتفه إلا أنه جرى إخراجه عُنوة من القاعة، استمررت في إلقاء الورقة رغم الجلبة والتشويش حتى انتهيت منها ثم انسحبت من القاعة تحسباً لأي اعتداء من أي نوع كان.
حدوث مثل هذا السلوك في قاعة ديوان محافظة تعز أمر مشين، لأن القاعة يفترض أنها مُلك الشعب، ومن حق أي جهة سياسية أو مدنية أن تقيم فيها فعاليات، وأن تكون فضاء حر لكل مواطني تعز، لا أن يتحكم بها مجموعة من الأشخاص الذين لا يزالون يقدسون المخلوع ونظامه ويعادون عملية التغيير!
على الرغم مما حصل أشكر “المجموعة العفاشية” لأنها خلقت حماساً لدى الحاضرين ولديّ شخصياً، وساهمت في انتشار مضمون هذه الورقة من حيث لا تدري ولا تتمنى، ولولا ما حدث لما تحقق هذا الحماس وعلى هذا النحو من الانتشار الواسع.
كل التحايا القلبية لكل من تضامن معي من الرفاق والأصدقاء سواء من الذين حضروا الندوة وكانوا شهود عيان على ما حصل، أو ممن تضامن عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبالرسائل النصية والاتصال الهاتفي.. أشكركم من القلب.
أولاً: عن الثورة ودلالاتها:
الحدثُ الثوريُّ ليسَ بحدثٍ عاديٍّ عابرٍ، بل حدثٌ تتكثف فيه أبعاد الزمكان والتاريخ والدَّهشة.
و 11 فبراير 2011م كان حدثاً ثورياً تاريخياً رفيعَ المقام، من حيث الدلالات والدوافع والمضامين.
لقد أيقظتْ ثورة 11 فبراير الشعبَ من رُقادِهِ، وأعادتْ الاعتبار للذَّات الجمعيَّة بعد أنْ رانَ عليها الهوان والشعور بالانكسار والعجز. وأثبتت أنَّ الشعبَ أكبر من كلّ التوقعات والرهانات الخائبة، فقد كسر حاجزَ الصمت وحطَّم جدارَ الخوف.
إنَّ لحظةَ الثوّرة، هي لحظةُ الحقيقة حيث تعود الأمور إلى نصابِها، وبالثورة تتجسَّد “السيادة الشعبيّة”، حيث الشعب مصدر السلطة وصاحبها.
لقد أسقطتْ الثورة الكثير من الأوهام والصوّر النمطيّة، وفي المقدمة تلك الصورة النمطيّة التي يرسمها البعض وهوَ يتَّهمُ الشعبَ بالخنوعِ والخضوعِ، وأنَّ لا أمل يُرتجى فيه، لأنه شعب سهل الانقياد، مُكبّل بالجهل والأميّة ويقف في صف جلاديه، ولا يفوت هذا الفريق الاستشهاد بمقولة “لعن الله شعباً أردت له الحياة فأراد لي الموت” المنسوبة زوراً وبهتاناً للشهيد الثلايا.
مثلّت ثورة 11 فبراير 2011 الشعبية إحدى وثبات اليمنيين التاريخية، فقد عبّرت وبكثافة خلاقة عن أشواق الجماهير للعيش الكريم والحرية وبناء الدولة المدنية الحديثة. وبالثورة استردَّ الشعبُ ذاتَه بعد خمودٍ طويلٍ وحصارٍ مريرٍ فرضته عليه الطبقة المسيطرة.
لقد أذابت الثورة جليد الركود، وأعطت معنى جديد للزمن الاجتماعي، فقد كان الزمن مجرد تتالي أيام وسنين من المعاناة والرتابة والجمود وانسداد الآفاق، لهذا كان الناس على خصومة مع حاضرهم اليومي وأكثر انشداداً إلى الماضي هرباً من بؤس الحاضر، لكنه (أي الزمن الاجتماعي) انقلب بفعل الثورة إلى عامل مهم في صنع التاريخ ونشدان المستقبل.
لم تكن الثورة الشعبية حالة طارئة أو محاكاة لما جرى في مصر وتونس، كما كان يقول إعلام النظام السابق، بل هي فعل موضوعي ناجم عن عوامل تضافرية موضوعية عديدة: سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية ورمزية.
منذ الوهلة الأولى سعى النظام السابق إلى تصوير الثورة بأنها مؤامرة خارجية تستهدف وحدة الوطن واستقراره، وما أكثر ما استخدمت النظم التسلطية فزّاعة “المؤامرة الخارجية” كأحد أساليب القمع الرمزي الذي يتكامل ويتساند وظيفياً مع القمع المادي ضد المجتمعات.
لم تكن ثورة 11 فبراير صدفة، بل كانت تعبير عن بلوغ الأزمة الوطنية ذروتها، ووصول النظام الحاكم إلى حالة من الانكشاف التام، فقد سقطت منه أوراق التوت التي كان يتستر بها، ووصلت الجماهير إلى قناعة تامة بأن استمرار الوضع القائم هو الجحيم بعينه، لذا قررت في لحظة تاريخية فارقة أن تطوي هذا الجحيم.
ولكي لا يكون الحديث مرسلاً، من المهم إعطاء صورة بانورامية موجزة عن المناخ الاجتماعي الذي هيئ لولادة الثورة.
ثانياً: عوامل ودوافع اندلاع الثورة:
يمكن إيجاز أهم العوامل والدوافع التي ساهمت في اندلاع شرارة الثورة على النحو الآتي:
العامل الأول: انتشار الفساد الإداري والمالي والسياسي بحيث أصبح يمثل “هوية للنظام السياسي” بحسب توصيف د. أبوبكر السقاف، وللتدليل على ذلك: صنّفت المنظمة الدولية للشفافية اليمن من بين الدول الأكثر فساداً في العالم، وبحسب تقريرها الصادر في العام 2010 فقد احتلت اليمن المرتبة (148) من أصل (178) دولة في مؤشر الفساد حول العالم.
هذا التصنيف لم يعكس إلا جانباً واحداً للأزمة البنيوية الشاملة التي وصلت إليها اليمن وقتها في ظل سيطرة طبقة طفيلية على السلطة وعلى الاقتصاد الكلي للبلاد، وقد تكوّنت هذه الطبقة من أركان النظام السابق: الرئيس السابق علي عبدالله صالح وأفراد عائلته وحليفه الفريق علي محسن الأحمر قائد الفرقة الأولى مدرع حينها، وقيادات قبلية: حميد الأحمر وحسين الأحمر وآل الأحمر، والرويشان، والشايف، وغيرهم، وقيادات دينية أبرزها: عبدالمجيد الزنداني، بالإضافة إلى قيادات عسكرية ومدنية في جهاز الدولة وقيادات في بعض الأحزاب السياسية، ورجال أعمال مثل: شاهر عبدالحق وفارس مناع، وغيرهم.
لقد فرضت هذه الأوليغاركية الطفيلية سيطرتها على معظم القطاعات والأنشطة الاقتصادية، لاسيما المربحة منها، مثل مجالات: استيراد السلع الأجنبية والتوكيلات التجارية والمقاولات والمضاربات العقارية والمضاربات النقدية وشركات الاتصالات والنقل والنفط والغاز وفرض العمولات في المشاريع الاستثمارية ومشاريع البنية التحتية وممارسة أعمال التهريب والبيع في السوق السوداء والإتجار بالسلاح.
تواشجت مصالح هذه الطبقة مع مصالح الرأسمالية العالمية والشركات الأجنبية في السيطرة على الاقتصاد الوطني واستنزاف الموارد وتحقيق أرباح خيالية وثراء فاحش.
استندت هذه الطبقة إلى مكانتها الاجتماعية ومواقعها في السلطة لتحقيق كل ذلك، فالسلطة هي الوسيلة المثلى للإثراء والكسب غير المشروع في عقيدة هذه الطبقة. فـ”الجاه مفيد للمال” كما يقول العلامة ابن خلدون (1332 – 1406). ويصف صاحب المقدمة هذا النمط من النشاط الاقتصادي بـ”مذهب غير طبيعي في المعاش”؛ لأنه يقوم على الجمع بين “الإمارة” والتجارة، وعلى قاعدة الاندماج السيامي بين السياسة والاقتصاد.
وهكذا تمكنت هذه الطبقة من فرض سيطرتها على المجتمع وعلى الاقتصاد وتحقيق فوائض مالية على حساب الشعب. ومن ثمّ بدأت هذه الطبقة تتميز في نمط عيشها وأسلوب استهلاكها وعناصر ثقافتها الخاصة، فكل رأسمال اقتصادي يتحول بالضرورة إلى رأسمال ثقافي كما يقول عالم الاجتماع الفرنسي بيير بورديو(1930 – 2002).
لقد حققت المافيا الحاكمة ثروات خرافية من هذه المصادر الريعية، إذ تشير تقارير دولية إلى أن الرئيس السابق علي عبدالله صالح قد راكم ثروة هائلة خلال سنوات حكمه المديد (1978 – 2012) تقدّر ما بين (35 – 60) مليار دولار، وأنه يحصل على أكثر من أربعة ملايين دولار شهرياً مقابل إيجارات شهرية لمجمع عقاري يملكه في دبي.
وتؤكد تقارير أخرى صدرت عام 2011 إن أقل من عشر مجموعات رئيسية من مشائخ القبائل والعسكر والنخبة التجارية تسيطر على أكثر من (80%) من الثروة الوطنية، وأن الأصول المملوكة للطبقة الطفيلية في الخارج تفوق مجموع احتياطي النقد الأجنبي المحلي.[1]
العامل الثاني: انتهاج سياسات الافقار والتجويع، حيث أصبحت الأغلبية الكادحة تفتقر إلى الأمن الإنساني وفي مقدمته الأمن الغذائي.
فالمركز الغذائي لدى السكان في اليمن شهد تدهوراً متصاعداً منذ بداية الألفية، حتى بات (25%) من السكان يعانون من سوء التغذية بحسب تقارير دولية صدرت عام 2010. وهو ما أدى إلى انتشار ظواهر التقزم والهزال البدني والتخلف العقلي والإصابة بالعدوى والالتهابات الرئوية والملاريا والإسهال والحصبة والسرطان، وهي أمراض شائعة في اليمن منذ عدة عقود.
كما عانى السكان من نقص حاد في المياه وصعوبة في الحصول على مياه نقية وصالحة للشرب، وقد نجم عن ذلك انتشار الكثير من الأمراض المزمنة كالفشل الكلوي والبلهارسيا والكبد الوبائي والسرطان والسكري وأمراض القلب.
ليس ذلك وحسب، بل إنّ هناك محافظات لا توجد فيها أدنى مقومات الحياة العصرية، فلا طرق ولا كهرباء ولا ماء ولا صرف صحي ولا إسكان ولا مؤسسات تعليمية ولا صحية.
إن أوضاع البؤس والاستبعاد والفقر شاملة ومتغلغلة في كافة مناحي الحياة، فالفقر في اليمن ليس نقصاً في متوسط دخل الفرد أو دخل الأسرة فقط، بل هو فقر شامل تتعدد أوجهه: فقر في الغذاء، وفقر في الماء، وفقر في التعليم، وفي الصحة والسكن وفرص العمل وتكافؤ الفرص والتنمية والبيئة الحضرية والمشاركة السياسية والمناشط المدنية والإبداع الثقافي…إلخ.
العامل الثالث: انتهاج النظام سيّاسات أمنيّة قمعيّة، وقيامه بعسكرة الحياة والمجتمع.
لقد بلغَ نظام المخلوع صالح، في سنوات ما قبل الثورة، طورَ “الأَمْنُوقَراطيّة” [2]، وهي مرحلة من تطوّر النظام السياسيّ في اتجاه موغل في القمعيّة والديكتاتوريّة، حيثُ يلعبُ الأمنَ الدّور المحوريّ في تثبيت دعائم الحكم والحفاظ على بقائه، لذا قام النظام السابق بتشييد جهاز (الأمن القوميّ) وإيكال مهمّة إدارتِهِ لأحد الخُلصاء الأقرباء، وهو عمار محمد عبدالله صالح.
إنّ مساعي النظام السابق في توريث الحكم وتنصيب الأقرباء وتمركُّزه حول العائلة، كان أحد أهم عوامل اندلاع الثورة، ذلك لأن المخلوع صالح بهذا الفعل قد “جَرَحَ كبرياءَ الشعب” حين ظنَّ أنَّ بمقدوره أنْ يُورِّث البلاد والعباد إلى نجله، مما ولّد ثورة شعبيّة عارمة أتتْ على حكمه وقذفتْ به إلى المهاوي.
لقد اتّسمَ نظام المخلوع صالح بالشخصانيّة الفرديّة، حيث يجري تقديس الحاكم الفرد، وتقديمه في صورة “الزعيم المُفدَّى”، و”القائد المُلْهِم”، و”رُبّان السفينة”، و”الرمز” الذي لا يدانيه أحد من العالمين. هذه الصورة التي تُؤَسْطّرُ الحاكم وتجعله فوق البشر وفوق القانون وفوق الشعب هي من لوازم الاستبداد، غايتها استلاب الذهنيّة العامة وقطع الطريق أمام أي إمكانيّة لتغييره، فهو الثابت، والمحور، الذي يدور حوله كل شيء.
لقد عمل النظام السابق على ابتزاز الشعب وقوى المعارضة، فإما القبول بطغيانه والإذعان لسياساته، أو أنْ تُطلقَ يدُ الفوضى، فيضرب اليبابَ والخرابَ أرجاءَ الوطن، وهو ما تجلّى في تهديد المخلوع بـ”صَوْمَلَة” اليمن و”عَرْقَنَتٍهَا”، وهو ما يحاول أنْ ينفّذه اليوم من خلال الحرب الإجراميّة التي يشنّها ضدّ أبناء الشعب اليمنيّ.
ثالثاً: كيف استجاب الشعب لسياسات الإفقار والقمع؟
لقد انتفضَ الشعبُ كالعنقاء من تحت رماد القهر والحرمان والخوف والفقر، وأفصحَ عن عبقريّةٍ كبيرةٍ في مقارعة نظامٍ قمعيٍّ عَمِلَ خلال سنوات حكمه المديدة على بناء ترسانة خرافيّة من السلاح. فقد كان لانتهاج الكفاح السلمي أبلغ الأثر في شلّ قدرة النظام على استعمال تلك الترسانة، وبالتالي استحالتها إلى كَومّةٍ من القَشْ! وهو أسلوب يُطلق عليه (جين شارب) بـ “الجُودو السياسيّ”، حيث يستمد من لعبة الجودو مبدأ توظيف قوّة الخصم في هزيمته. ويقصد بـ”الجودو السياسيّ” الحفاظ على الطابع اللاعنيف في مواجهة القمع الذي يمارسه الخصم، الذي من شأنه أن يجعل هذا القمع يرتد إلى الخصم في النهاية.[3] وهو ما كان مع الثوّرة السلميّة.
لقد واجه الشعب آلة القمع والموت بصدور عارية، وبشجاعة نادرة، وبجسارة غير معهودة، في مشهد استثنائيّ تجسّدت فيه قوة إرادة الجماهير وروحها، فروحُ الجماهير لها قوّة سحريّة تفوقُ أيّ قوة، أو وفقاً لغوستاف لوبون: إنّ “نضال الجماهير هو القوة الوحيدة التي لا يستطيع أن يهددها أو يوقفها أي شيء، وهي القوة الوحيدة التي تتزايد هيبتها وجاذبيتها وسلطتها باستمرار؛ إذ لم تعد مصائر الشعوب والأمم تحسم في مجالس السياسة والحكّام، وإنما في روح الجماهير وحشودها المتضامنة .”[4]
لقدْ اندفعَ الشعبُ في تظاهراتٍ عارمةٍ، اكتسحتْ جلّ محافظات اليمن، في مشهدٍ اجتماعيٍّ وطنيٍّ خلاق، عبَّر عن حسٍ جماعيٍّ بالمصير المشترك لكلّ اليمنيين، ودَفَعَ بهم إلى عمق السياسة.
وقد أضحتْ الشوارع والساحات العامة مسرحاً للأحداث، وملاذ جميع الفئات بخاصة من ينتمون إلى الطبقات الدنيا والوسطى، المُستبعدين من مراكز صنع القرار. فالشارع أو الميدان هو المكان الذي يجمع المعروف والمجهول والمرئيّ والصوتيّ. وفيه تتكوّن العواطف والآراء وتنتشر[5].
إنّ فرادةَ ثورة 11 فبراير، تكمنُ في أنها لم تأتي نِّتاج حركة انقلابيّة، أو قيام تيار معين أو نخبة لديها خلفيّة أيديولوجيّة وتصوّر ذهنيّ مُسبق بالاستيلاء على السلطة؛ بل ثورة شاركت فيها مختلف فئات الشعب وطبقاته، ورفعتْ مطالب وأهداف جسَّدت المصلحة الاجتماعيّة لعموم الشعب في التغيير والحريّة والعيش الكريم.
لقد مثَّل شعار “الشعب يريد إسقاط النظام ” (وهو الشعار المركزيّ للثورة)، مثَّل خلاصةً مكثَّفةً لمطالب الشعب، فالثَّورةُ تَرومُ إسقاط النظام بكل رموزِهِ وسياساتِهِ وآلياتِهِ وقيمه، ولن تكتفي الثورة بإحداث تغيير جزئيّ أو فوقيّ برحيل رأس النظام أو بعض أركانه، بل تغيير جذريّ يأتي على المنظومة كلها.
لقد حمَل هُتاف “الشعب يريد إسقاط النظام” دلالات لغويّة ومضمونيّة تُفصحُ على أنَّ الشعب انتقل من حالة الاستكانة إلى دائرة الفعل، المعبّر عنها بالتأكيد الجمعيّ في صيغة المضارع بأنّ الشعبَ يريد، الآن وهنا، أيّ الإفصاح عن اقتحام الإرادة الشعبيّة للساحة السياسيّة العربيّة، ذلك الاقتحامُ الذي يُعدّ السمة الأولى لكل انتفاضة ديمقراطيّة. إنّ إرادة الشعب يجري التعبير عنها هنا بلا وسيط، إذ تهتف بها ملء الحناجر جماهير غفيرة في الميادين والساحات العام. [6]
ما يميّزُ ثورة 11فبراير عن كلّ الثورات السابقة، أنَّ الشعبَ كانَ الفاعلَ الرئيسيّ فيها. حيث خرج الشعبُ من تلقاءِ نفسهِ دون إيعازٍ من طرفٍ سياسيٍّ معين، ودون أنْ تقوده نخبة معينة، بل كان الشعب هو القائد، وهو روح الثورة. هذا وضع يبعث على الاطمئنان من جهة صعوبة قيام طرف ما بتوجيه الشعب باتجاه معين، أو أن يختطف ثورته، لأنَّ الشعبّ امتلك وعيّ بذاتِهِ وبمصالحِهِ. ويرفض قيام أيّ طرف الإنابة عنه أو التحدث باسمه.
إنَّ الطابعَ الاجتماعيّ لثورة 11 فبراير قد تجلَّى من خلال مشاركة مختلف قوى الشعب بأحزابها السياسيّة وطبقاتها وفئاتها الاجتماعيّة في مسار الثورة وأحداثها، وحسبنا في هذا المقام، أنْ نُسلّطَ الضَّوءَ على فئة الشباب التي كان لها إسهاماً مميزاً في مسار وأحداث الثورة.
رابعاً: عن الشباب.. طليعة الثورة ووقودها الحارق:
درجت الدراسات الاجتماعية على وصف المجتمع العربي، ومنه المجتمع اليمني، بأنه مجتمع شاب؛ لكون فئة الشباب تمثل النسبة الأكبر في خارطة التوزيع الديمغرافي (السكاني).
إن الأهمية التي تحتلها فئة الشباب لا تنبع من هذا السبب الكمي فحسب؛ بل لما تتميز به من خصائص نوعية تجعلها الفئة الأكثر حضوراً وتأثيراً في المجتمع، حيث يُلقى على عاتقها القيام بالدور المحوري في إحداث التغيير الاجتماعي المنشود.
والشباب فئة اجتماعية تكتنز في داخلها طاقة إنسانية خلاقة، وغالباً تنزع إلى حب المغامرة، والتطلع إلى كل ما هو جديد. وهي فئة عمرية تحتل منطقة زمنية تتوسط مرحلتي الطفولة والكهولة، تقدرها الأدبيات السوسيولوجية والتنموية ما بين (15- 35) عاماً من حياة الإنسان.
وتعد فئة الشباب الرافد الهام في البناء الاجتماعي للمجتمع اليمني. فقد لعبت دوراً اجتماعياً مركزياً خلال مختلف المراحل التاريخية من عمر اليمن.
ومع هذه الأهمية التي تحتلها فئة الشباب إلا أنها عانت من استبعاد شامل.
ونعني بـ الاستبعاد الشامل للشباب، أي حالة الاقصاء والتفرقة الاجتماعية وعدم المساواة التي يعانون منها وعدم الاعتراف بحقوقهم الأساسية وعدم تمكينهم من المشاركة في الحياة العامة.
ويتخذ هذا الاستبعاد مظاهر عدة، وأهمها:
1- الاستبعاد الاجتماعي في إطار الأسرة والمجتمع بسبب هيمنة السلطة الأبوية.
2- الاستبعاد الاقتصادي حيث تتناهش الشباب اليمني البطالة والفقر والحرمان من تكافؤ الفرص المتساوية والحق في الحصول على العمل اللائق والمتناسب مع المؤهلات التي يحملها مما أدى بقسم منهم إلى أن يصبح عرضة لاستقطاب الجماعات المتطرفة.
3- الاستبعاد السياسي: عانت الحركة الشبابية والطلابية طيلة العقود السابقة من قيام النظام السابق بتدجين الاتحادات الشبابية والطلابية وأبرزها: (اتحاد شباب اليمن واتحاد طلاب اليمن) ومختلف المناشط الشبابية الأخرى لتصبح أدوات بيد السلطة ومفرغة من أي تمثيل حقيقي للشباب وقضاياهم.
كما عانى الشباب من حالة تهميش وإقصاء داخل البنى الحزبية والنقابية والمجتمعية كانعكاس للبنية الأبوية التسلطية السائدة التي احتكرت المجال العام والمراكز القيادية وأدوات المشاركة المجتمعية ووصل احتكارها إلى درجة احتكار الأحكام القيمية والصواب والخطأ، وما يجوز وما لا يجوز.
4- الاستبعاد الثقافي، ويتبدى من خلال تجريف التعليم بمختلف مراحله وخصخصته وتدمير بُنى وأنساق الثقافة الجادة والوطنية ونشر ثقافة التسطيح والفكر المتطرف وغياب المؤسسات الحاضنة للشباب ولاسيما المبدعون منهم، وغياب الأنشطة الشبابية وضعف البنى التحتية التابعة لوزارة الشباب والرياضة، وتردي الإنتاج الثقافي والفني والمسرحي والإضرار بالذائقة الفنية والجمالية.
5- الاستبعاد المعنوي، ويظهر من خلال النظرة القاصرة تجاه الشباب، كنتيجة للفجوة القائمة بين الأجيال. هذه الفجوة التي تجعل من جيل الكبار ينظر إلى الشباب بوصفهم عديمي المسئولية، ولا يمتلكون القدرة والخبرة الكافية في تولي القيادة وإنجاز المهام التي تفرضها المرحلة.
إزاء هذه الحالة الاستبعادية الشاملة للشباب، كان من المنطقي أن يكون الشباب هم طليعة الثورة، وأول من أطلقوا شرارتها وكانوا وقودها الحارق، ولم يقتصر دورهم عند هذا المستوى فقط؛ بل تحملوا عبء القيادة والتنظيم، واستقطاب طبقات الشعب الأخرى وتعبئتهم خلف الدعوة إلى إسقاط نظام الاستبداد والفساد، وصولاً إلى اندلاع المقاومة ضد قوى الثورة المضادة والانقلاب مطلع عام 2015م.
لقد ضلَّ الشباب اليمني محور الاحتجاج الشعبي، وأدت التحولات اللاحقة لثورة فبراير إلى ولادة كيانات شبابية، وبفعل ذلك اتسع نطاق العمل السياسي وارتفع منسوب الوعي الاجتماعي تجاه القضايا العامة، وكُسِرَ طوق الاحتكار الذي لازم المشهد السياسي اليمني طوال سنوات عديدة، حيث ضلَّ رهناً بيد السلطة ونخب سياسية شائخة وأحزاب تقليدية كشفت الوقائع والأحداث عن عجزها وفضحت عمق أزمتها.
خامساً: عن عوائق الثورة ومآلاتها:
على الرغم من عظمة الفعل الثوري وجسامة التضحيات التي اجترحها الشعب اليمني بمختلف فئاته وتوجهاته، فإن المآلات لم تكن على نفس المستوى، ذلك أنّ عوائق واختلالات كبيرة رافقتْ مسيرةَ الثورة؛ ويمكن تبيان ذلك على النحو الآتي:
1- العوائق الذاتية:
وهذه العوائق تتعلق بشباب الثورة وقواها فقد افتقدوا للفكر العلمي الثوري الذي انعكس بدوره في الافتقاد للرؤية والبرنامج والعمل المخطط.. فـ “لا حركة ثورية بدون نظرية ثورية”. إن هذا الامر مثل كعب اخيل الثورة ومنه تناسلت اخطاء الثورة وتسلل الانتهازيون والقوى المضادة للسيطرة على مشهد الثورة وحرفها عن مسارها الشعبي الى مسارات اخرى.
يَكمن خطأ الشباب الثائر، أنه وقع ضحيّة للطوباويّة والرومانسيّة الثوريّة، لضآلة قدرتِهِ على تحسُّس تعقيدات الواقع؛ ما أَوْقَعَه في شطحات وأوهام ذهنيّة لا تتسق مع الحاجة الواقعيّة الثوريّة. ولعل الرَّوّاج الواسع لعبارة “دعوها فإنها مأمورة” في صفوف الشباب والتي تعني السَّير بالثورة إلى الأمام دونما رؤيّة ودونما تخطيط مسبق؛ تُلخص فداحة هذا المنطق الأسطوريّ الساذج وحجم انفصاله عن التاريخ وحركة الواقع.
لقد غرق الثوَّار في متاهة التفاصيل اليوميّة في ساحات الثورة، وانصرفوا إلى معارك جانبيّة أَنْسَّتْهم ـ في أوقات كثيرة ـ القضيّة الأساسيّة للثورة.
2- العوائق الموضوعية:
وبينما افتقر الشباب للرؤيّا الواقعيّة للتعاطي مع الثورة، فقد تعاطتْ النُّخب السياسيّة مع الثورة بوصفها “أزمة سياسية”؛ حيث تفاجأت الأحزاب السياسيّة ـ في البدء ـ بالثورة، فلم تتوقع أن يحدث كل هذا، وعلى ذلك النحو من الشمول والحيويّة، الأمر الذي ألقى بظلاله على موقفها من الثورة وتذبذبها في الانضمام كليّة إليها في بادئ الأمر، ومن ثمَّ انسحب على أدائها السياسيّ طوال مسار الثورة وافتقارها إلى إستراتيجيّة وطنيّة واضحة لما بعد الثورة.
لقد عانت الأحزاب التقليديّة من حالة انفصال عن الواقع، يضاف إليها إشكالاتها الداخليّة المتمثلة في انعدام الآليات لاستيعاب شروط الديمقراطيّة الداخليّة، فضلاً عن غياب العمل المؤسسيّ الذي بـِمُسْتطاعِهِ أنْ يقرأ حركة الواقع والمجتمع؛ لذا لم تستطع أنْ تلحظَ التحوّلات وحجم المعاناة التي وصل إليها الشعب، والتي كانت تهيئُ لاندلاع ثورة، وهو ما يُفسّر حالة الحنق والاستيّاء الذي انتاب الشباب تجاه الأحزاب، بل إنّ المُغالين منهم كان يعتبر أنّ الأحزاب هي الوجه الآخر للنظام!
وهنا تقتضيّ الموضوعية القول: إنّ النظامَ وأجهزته الأمنيّة تمكَّن من اختراق الشباب منذ الأيام الأولى للثورة، وعمل على زرع الشقاق والتنابذ فيما بينهم البين، تحت يافطة التمييز بين شباب مستقل وشباب متحزّب، وبالتالي بينهم وبين الأحزاب السياسيّة. ولقد غذَّى هذا المَنحى في التعاطي بعض التصرفات والسلوكيّات التي مارستها بعض القوى السياسيّة والتي اتّسمت بفرض هيمنتها وخطابها الأحادي على ساحات الثورة، بل والتحكّم بحركة الثورة من خلال حجز المحتجين في ساحات مغلقة لا تتعدى مئات الأمتار، ومحاولتها إثناءهم عن الخروج بمظاهرات في الشوارع للتعبير عن مطالبهم وإيصال صوت الثورة إلى الشعب.
كذلك قيام تلك القوى بتخفيض سقف الثورة برفع مطالب شكليّة كـ “إسقاط الرئيس” بدلاً من “إسقاط النظام”. ناهيك عن التحاق (علي محسن) والفرقة الأولى مدرع إلى الثورة بُعيد جمعة الكرامة، والذي دفع بالمخاوف من اختطاف الثورة إلى السطح، وهو ما ألقى بظلالِهِ القاتمة على مسار الثورة ووحدة قواها.
لقد كان لجملة تلك الأخطاء ثأثيراتها السلبيّة على الثورة، فتحوّلت بفعل المبادرة الخليجيّة إلى “أزمة حكم”، والتي بمقتضاها مُنح المخلوع صالح صكّ الحصانة في مقابل قيامه بتسليم السلطة، لكنه لم يسلّمها إلا شكلياًّ. فعلى الرغم من أنّ الحكومة تشكّلت مناصفة بين النظام السابق وقوى الثورة ممثلةً بأحزاب اللقاء المشترك، إلا أنّ الدولة العميقة بأجهزتِها الأمنيّة والعسكريّة والتشريعيّة والقضائيّة والإعلاميّة وغيرها ظلَّت بيد المخلوع صالح؛ ما أَمْكَنه من لعب دور تقوّيضيّ للمرحلة الانتقاليّة.
في المُجمل يمكن القول: إنّ عمليّة التغيير قد افتقدت “إلى القوى الداعمة، بانصراف هذه القوى عن بعضها البعض في وقت مبكر من عملية التحول، بينما اعتمد النظام القديم بقيادة علي عبدالله صالح وعائلته استراتيجية إفشال التغيير استعداداً لثورته المضادة والزج بالبلاد في حرب أهلية تحرق الأخضر واليابس، وتمكن من تحقيقها بسبب استمرار النظام القديم دونما تغيير حقيقي والأهم والأخطر عدم نقل السلطة فعلياً، إذ واصل ذلك النظام وجوده من خلال مجلس النواب، ومجلس الشورى، والقضاء، والمؤسسات العسكرية والأمنية بعقيدتهما غير الوطنية، والسلطة المحلية، وكافة أجهزة الدولة الأخرى، وما تم نقله من السلطة كان مجرد نقل جزئي شكلي وبسيط، من خلال مشاركة القوى الداعمة للتغيير بنصف الحكومة وتولي نائب الرئيس ثم الرئيس الانتقالي لرئاسة الدولة مع استمرار الرئيس السابق في صدارة العملية السياسية ورئاسة الحزب الحاكم، علاوة على انخراط الحركة الحوثية المسلحة في العمل السياسي دون تخليها عن السلاح والدعم الخارجي بالمال والسلاح.”[7]
لقد دخلت الثورةُ في حالة جمود طويلة، نتيجة عجزها عن مواجهة التعقيدات والمَصدَّات التي اعترضت طريقها. وعلى الرغم من أنَّ مؤتمر الحوار الوطني المُنعقد في الفترة من 18 مارس 2013-25 يناير 2014م، قد نَفَخَ في جسدِها الروح؛ بتضمين وثيقة مخرجات الحوار الوطنيّ مطالب الثورة وتطلعات الشعب في العيش الكريم وبناء الدولة الاتحاديّة الديمقراطيّة؛ غير أنّ استمرار فشل الحكومة والرئاسة في تلبية متطلبات الناس، وإضافة أعباء على كاهلِهم بإقرار “الجرعة السعريّة” قد أدخل قطاعات شعبيّة كبيرة في حالة إحباط، سرعان ما استفادت منه الثورة المضادة ممثلةً بتحالف المخلوع صالح والحوثي.
والمتمثلة بممارسات النظام القديم وقيامه بالتحضير لثورة مضادة عبر التحالف بين صالح والحوثي. هذا التحالف الذي كان على رأس اهدافه هو اجهاض ثورة فبراير واستعادة الحكم المسلوب بحسب ادعاءات هذا التحالف الرجعي.
3- عوائق خارجية:
تمثلت بالدور الذي لعبه الخارج في لجم الربيع العربي واحتواءه وقد لعب الاقليم (دول الخليج) دور بارز في احتواء الربيع اليمني عبر المبادرة الخليجية التي تحولت الثورة بمقتضاها الى ازمة حكم وضمنت للنظام القديم نصف الحكومة وكل مؤسسات الدولة العميقة.
وقد استمر هذا الدور وصولا إلى ما هو ماثل اليوم من الحرب المدمرة وتحول اليمن إلى ساحة مفتوحة لصراع الاجندة الخارجية التي تتكالب على البلاد.. والمتمثلة بإيران والسعودية والامارات وقطر وتركيا وامريكا وبريطانيا وغيرها من الدول.
لقد نتج عن الحرب مآلات كارثية وباتت البلاد مستباحة وفاقدة القدرة على التحكم بمصيرها لقد امست رهينة للخارج وللوكلاء المحليين وتجار الحروب.
وإزاء ذلك كله.. ارى انه لابد بادئ ذي بدء العمل على ايقاف الحرب المدمر والعودة الى العملية السياسية.. لقد بات من الاهمية بمكان انهاء الحرب والشروع في بناء السلام المنشود لانقاذ البلاد من التشظي والتفكك.. وبرأيي ان هذه المهمة هي من صلب المهام الوطنية الملقاة على عاتق قوى الثورة والاحزاب الوطنية.
لا تزالُ الثّورةُ قائمةً ومستمرةً حتى اللحظة، ولا يمكن لجذوتِها أنْ تَخبو أو تَهمد، فالثورةُ “لا تموت لأنها ليست من صنع فرد واحد أو مجموعة من الأفراد، بل هي نتاج جهد شعب وعبقرية مجتمع. فالمبادئ والأفكار التي ترفعها الثورة ليست من اختراعها، ولكنها تعبير عن تراكم الخبرة التاريخية للشعب. والشعب يُقبل على هذه الأفكار ويتمسك بها لأنه يجدها ممثلة لحاجاته وتطلعاته، فالأفكار تنتشر بين الناس ـ كما يؤكد علم اجتماع المعرفة ـ ليس لتناسقها المنطقيّ وتماسكها المعرفيّ ولكن لأنّها تلبي حاجات اجتماعيّة ونفسيّة لديهم أو تعبّر عن تطلًّع يشتاقونّ إليه، وهذا هو سرّ ارتباطهم بها.”[8]
الهوامش والإحالات:
(#) توجد فقرات من هذه الورقة نشرت في:
- عيبان السامعي، الاقتصاد السياسي لثورة 11 فبراير، موقع خيوط، تاريخ النشر: 11 فبراير 2021.
- عيبان السامعي، ثورة 11 فبراير اليمنية.. مقاربة سوسيولوجية، موقع الحوار المتمدن، تاريخ النشر: 10 فبراير 2019 وكلا المادتين متاحة على الانترنت.
1- بيتر سلزبري، اقتصاد اليمن: النفط والواردات والنخب، لندن، تشاتام هاوس، اكتوبر 2011، ص9، متاح على الانترنت.
2- مصطلح “الأمنوقراطية” صكه د. حيدر إبراهيم علي (باحث سوسيولوجي من السودان)، للمزيد، راجع: حيدر إبراهيم علي، الاستبداد في نظم الحكم العربية المعاصرة، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 2006م، ص175.
3- جين شارب، المقاومة اللاعنفية، دراسات في النضال بوسائل اللاعنف، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 2012م، ص186.
4- غوستاف لوبون، سيكولوجية الجماهير، ت: هاشم صالح، بيروت، دار الساقي، ط4، 2013.
5- آصف بيات، الحياة اليومية كسياسة: كيف يغير الناس العاديون الشرق الأوسط، ت: أحمد زايد، القاهرة، المركز القومي للترجمة، 2014.
6- جبلير الأشقر، الشعب يريد، بحث جذري في الانتفاضة العربية، ت/ عمر الشافعي، بيروت، دار الساقي، 2013م، ص11.
7- محمد أحمد المخلافي، اليمن بين الثورة والثورة المضادة، الحلقة الأولى، موقع الاشتراكي نت.
8- علي الدين هلال، هل تموت الثورات؟، مجلة المستقبل العربي، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، العدد ( )، .