تقرير _ أمل جابر
لم يتبقى سوى 3 أيام من فترة بقائه في اليمن، مالم فأنه سيتحمل مسؤولية انتهاء فترة السماح له بالعودة إلى المملكة، “إسماعيل الفقيه” مواطن يمني متنقل بين اليمن والسعودية وخلال مرحلة مكوثه في اليمن في فترة نقاهته وبعد تلقيه جرعة واحدة من لقاح كورونا في المملكة، وصل إلى منفذ الوديعة ليغادر ناحية عمله من جديد ولكنه فوجئ هو والكثير من اليمنيين بمنعهم من الدخول إلى المملكة بسبب إغلاق المنفذ الحدودي، واشتراط أخذ جرعتي اللقاح الخاصة بكورونا والحصول على شهادة التحصين.
و قال الفقيه “إن أحد أقاربي كان في طريقه للسعودية ولكن بسبب اللقاحات وغيابها في أماكن سيطرة الحوثي، انتظر لتوفير المبلغ المطلوب للسفر أكثر من عشرة أيام وبعد ذلك استطاع توفير المبلغ ولكنه واجه العديد من الصعوبات بسبب معاملات اللقاح والحصول على الشهادة ما أضطره لشراء شهادة تلقيح مزورة من سماسرة تبيع الشهادات دون لقاح”.
منع اللقاح في صنعاء
وعلى الرغم من أن منظمة الصحة العالمية كانت قد أعلنت في 31 مارس/آذار تلقي اليمن 360 ألف جرعة من لقاح أسترازينكا كدفعة أولى، وهي جزء من 1.9 مليون جرعة من المقرر أن يتلقاها اليمن طوال 2021. وفقا لخطة التلقيح اليمنية، تلقت الحكومة الشرعية في عدن حصتها من اللقاح ووافقت على منح سلطة صنعاء – التي تسيطر على عدة محافظات في شمال اليمن منها العاصمة صنعاء – 10 الآلف جرعة لقاح كدفعة أولى للعاملين الصحيين في صفوف الدفاع الأولى أمام الفيروس، إلا أن عدم تعاون الجماعة مع “منظمة الصحة العالمية” والحكومة اليمنية منع وصول أي لقاحات إلى الشمال، وفق الصحة العالمية.
عادت بعدها المنظمة في 24 إبريل / نيسان لتعلن إيقافها تسليم الجرعات المقررة لجماعة الحوثي في صنعاء، وقالت في منشور على صفحتها في “فيسبوك” إن سلطات الحوثيين طلبت قبول ألف جرعة فقط بدلا من 10 آلاف، بشرط زيادة حصة الجرعات إلى الشمال في الدفعة التالية من اللقاحات المقررة في 8 مايو/أيار.
وقال حينها ممثل المنظمة في اليمن أدهم رشاد عبد المنعم في مؤتمر افتراضي عن استجابة اليمن لفيروس كورونا نظمته المنظمة الخيرية “مهنيون طبيون من أجل اليمن”، ومقرها المملكة المتحدة، أن سلطات الحوثيين وافقت في البداية تحت الضغط على قبول 10 آلاف جرعة لقاح، لكن لم تُسلّم اللقاحات بعد أن وضعت سلطات الحوثيين شرطا يقضي بأنه لا يمكن توزيع اللقاحات إلا من قبلها دون إشراف منظمة الصحة العالمية. وهذا ما رفضته المنظمة لأنها بحاجة إلى ضمان عدم تحويل وجهة اللقاحات.
حق لا مكرمة
منع سلطات صنعاء وصول اللقاح لمناطق سيطرتها زاد من الأعباء التي تقع على كاهل اليمنيين ممن يرغبون في السفر إلى خارج البلاد، في حين تؤكد جميع المواثيق والتشريعات الدولية على أحقية الأنسان في الحصول على الرعاية الصحية، وينص أحد بنود المادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المتعلق بالحق في الصحة، على (لزوم توفير التطعيمات والأدوية على نطاق واسع)، خصوصًا في فترات الأمراض والحروب أو انتشار الأوبئة.
وتضمنت الحقوق ذات الصلة بهذه المادة أنه تقع على الدول مسؤولية ضمان ألا يحرم أي من مواطنيها من التمتع بالحق في الصحة نتيجة لتصرفات الدولة نفسها.
وألزمت هذه القوانين والتشريعات الدول بتوفير التحصين ضد الأمراض المعدية الرئيسية التي تحدث في المجتمع؛ واتخاذ تدابير للوقاية من الأمراض الوبائية والمتوطنة ومعالجتها ومكافحتها؛ إلا ان اليمن مازال خارج نطاق سير العالم، ويعيش في كوكب ألغيت فيه جميع القوانين والمواثيق البشرية.
فقصة أحمد صالح الشاب العشريني الذي قضى عشرات الكيلو مترات بين صنعاء وعدن وهو يسعى لإكمال معاملات سفره إلى القاهرة للدراسة هناك في أحد جامعاتها، لكن يتوجب عليه قبل ذلك الحصول على شهادة أخذ لقاح كورونا للسماح له بالسفر، واحدة من الكثير من القصص المشابهة.
يخشى أحمد أن تطول مدة انتظاره لأخذ جرعتي اللقاح خصوصًا في ضل الازدحام والاقبال الشديدين على مراكز التحصين المعتمدة في المدينة، لأن ذلك قد يكلفه فوات امتحانات القبول في الكلية التي يريد الالتحاق بها ما قد يضطره للانتظار حتى العام القادم وهو مالا يمكنه أن يتقبله كونه قد تأخر العام الماضي بسب إجراءات العزل العام وحظر السفر بن الدول بسبب كورونا أيضًا.
يؤكد أحمد أن عشرات القصص سمعها ورآها في مراكز أخذ لقاح كورونا أكثر مأساوية لمرضى ومغتربين ومبتعثين للدراسة في الخارج خصوصاً لأولئك القادمين من محافظات صنعاء والحديدة وذمار وحجة الواقعة تحت سيطرة سلطة صنعاء، والتي منعت دخول اللقاح لمناطقها، بحجة أن الوباء واللقاح مؤامرة، ما كلف الكثير من الراغبين في السفر أعباءً وتكاليف إضافية ناهيك عن المخاطر والمضايقات الأمنية التي يتعرضون لها عند الانتقال بين مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً ومناطق الحوثيين.
اللقاح من أجل العلاج
يحكي مختار شرف الدين والذي يتابع إجراءات أخذ اللقاح له ولابنه مازن (10 سنوات) المسافران في رحلة علاج إلى الهند بسبب إصابة الطفل بتشوه خلقي في أحد صمامات القلب استدعى إجراء عملية جراحية مستعجلة له خارج اليمن، معاناة وصوله إلى تعز والتحقيقات المطولة التي قامت بها الجهات الأمنية لتشابه في الأسماء وكونه من عائلة معروف ولاؤها لسلطة صنعاء.
ويقول شرف الدين إن حصول جميع اليمنيين على اللقاح بشكل متساو وعادل في جميع المناطق حق يكفله أي دستور أو دولة تحترم مواطنيها بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية أو العقائدية، مضيفًا أن هذا الحق مكفول ويجب الحفاظ عليه والمطالبة به وانتزاعه لأنه ليس مكرمة من أحد ويجب على طرفي الصراع في اليمن تحييده عن التقاسمات وعدم اللعب بحياة المواطنين.
الإقبال
وفي تصريح خاص قال مشرف قسم التحصين بفرع مكتب الصحة بمديرية جبل حبشي في محافظة تعز الدكتور أحمد السفياني أن القسم شهد إقبالا واسعا من قبل أهالي المديرية ومن خارجها حيث استقبلت وحدها ما مجموعه 7313حالة منهم 4263 حالة جاءت من مديريات محافظة تعز الواقعة تحت سيطرة الحوثيين كمديريات شرعب وشمير ودمنة خدير ومحافظات إب وذمار وصنعاء وحجة الواقعة أيضاً تحت سيطرة الحوثيين.
وقدر القادمون لأخذ جرعات اللقاح في المديرية من مناطق سيطرة الحوثيين بنسبة 65% من نسبة الملقحين، وجميعهم مسافرين أو مغتربين أو أصحاب فيز وتأشيرات وإقامات جديدة، ولقوا في طريق وصولهم لمركز التحصين صعوبات كبيرة وهم يتنقلون مسافة 9 إلى 10 ساعات في طرق فرعية وعرة لكن هذه المديرية إلى جانب مديرية المسراخ جنوبا كانتا السبيلين الوحيدين لهم لأخذ اللقاح.
في حين رفض مسؤولو وزارة الصحة في صنعاء إعطاء أي تصريح، فيما يخص كورونا أو لقاحاتها، وحاول معد التقرير في أكثر من مقابلة مع أكثر من مسؤول لكن دون فائدة، مؤكدين أن تلك السياسة التي ينتهجونها وفق توجيهات رسمية من السلطة في صنعاء، ويعتبرونها سياسة ناجحة .
تم نشر هذا التقرير بدعم من JDH / JHR – صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا”.