المواطن نت/ كتابات – محمد هائل السامعي
في الرواية المدهشة للقارئ و الشهيرة ،للروائي اليمني ” علي المقري”و الذي قرأتها أكثر من مرة ،رواية ” اليهودي الحالي” الرواية الذي جسدت التعايش بين اليمنين ،المسلمين واليهود في تلك الفترة ، ومع المتعة في قرأتها، وجدت الحب العابر للأديان ، الحب الإنساني الجميل ،حب اليمنية المسلمة فاطمة وتعليمها اللغة العربية لليهودي اليمني سالم الذي علمها العبرية ،الحب النقي الذي تجاوز الديانات ، على الرغم من التعصب الديني الذي ساد ،فترة ذلك الزمن ،كان دينهم الواحد هو الحب ،وشريعتهم العاطفة والحنان الواحد،ومذهبهم العشق ،بينما قبّلتهم كانت اليمن الجميلة، بهم وبحبهم العذب ، وتنوعهم وتعايشهم الأجمل ،ويذكر في الرواية ،أبيات من الشعر ،ينسبها الراوي للعاشق اليهودي الحالي “سالم “،يكشف أبياته الشعرية لطائفته اليهودية ولغيرها ،من تكون حبيبته، وسيشعر بالمجد لو عاش بقرب من حبيبة قلبه،يترجى المسامحة في حال غادر الحياة ، لان الحب أنحل عظمه ،واسقم جسده، وموصي بأن يُقبر إلى جوار حبيبته،وإليكم الأبيات الواردة في الرواية . :
اقرأ أيضاً…
حُبيبه من عائله محمد
لو اقرُبه اعيش معه مجمد
إن مت يا اهل الله سامحوني
وجنبه بالارض اقبروني
القو السلام كما السلام لله
يهودي عشق مثل خلقه الله
وبعظمة ، هذا الحب الإنساني ، من فاطمة المسلمة لسالم اليهودي ،عودوا إلى وطنكم الذي يشتاق إليكم كثيرا، غادروا أرض فلسطين ، ولا تغتصبوا أرضا ليست لكم ، ولن نقبل بعد اليوم مايمارس من عدوان بحق الشعب الفلسطيني الشقيق،كما لم تكن القدس عاصمة لدولتكم التي تنشدونها ،ولن يحميكم النظام الدولي المتمثل بهيئة الأمم المتحدة،المسيطر عليه من الكونغرس الأمريكي التابع للوبي الصهيوني العابث ،وانتم ايها اليهود العرب ،اليد الذي يَقتّل بها اللوبي الصهيوني شعب فلسطين .
لاتزال حتى اللحظة ،العديد من المساكن ،الذي سكنها يهود اليمن في الماضي ،معروفة لدى سكان الأرياف ،اضافة إلى أن بعض الأحياء السكنية في القرى والأسواق الشعبية القديمة في ريف اليمن ومدنه التاريخية ،تسمى بأسماء ليهود يمنين قدماء ، كما لا تزال الحكايات الشعبية والقصص والشعر والتراث الشعبي اليمني القديم ،لليهود اليمنيين ، إسهامهم الخالد في تنمية هذا الموروث الغني بالجمال والابداع ، ولا يمكن للتايخ تجاهل أو نسيان حضورهم الفاعل في ذلك الزمن ، وحتى اليوم وهم في بلد المهجر ،لا يزال حنينهم إلى اليمن يكبر كل يوم ،وعاداتهم وتقاليدهم وتراثهم اليمني حاضر ومتجدد على الدوام ،وفخورين بأنهم يمنين، ولا ننسى ،كانوا حتى نهاية الحرب العالمية الأولى يهود اليمن بشكل خاص واليهود العرب بشكل عام ، في رفض للتوجه الصهيوني بكامل أفكاره ،ولم يكونوا مع التوجه الأمبريالي التوسعي ،كاليهود في دول الغرب الاستعمارية .
في كتابها “يهود البلاد العربية” تقول المؤرخة الفلسطينية، الدكتورة خيرية قاسمية: إنّ “اليهود العرب انتموا إلى جميع الطبقات؛ فمنهم فلاحون وبدو، فقراء وأغنياء وتجار وحرفيون، ومنهم فنانون وكتّاب ومغنون، جميعهم عرب”.
لهذا كما هو معروف فاليهود اليمنين ،غالبيتهم ،كانوا أصحاب مهن حرة ،لم يكونوا فقراء،كان دخلهم مرتفع و أغنياء،لانهم حرفيون ،تجار مجوهرات، وصيارفة ،ومنهم الادباء والشعراء والفنانين، وكانوا أحرار ،لم يتعرضوا لأي اضطهاد أو ظلم بحقهم ،كانوا في تعايش واحترام مع أبناء بلدهم إلى حد كبير، على الرغم من الاختلاف في دياناتهم ،ولا ننكر بعض المناكفات والشجار الذي كان يظهر أحيانا بينهم،لكنه لم يصل إلى مستوى ظلمهم أو تهجيرهم وسلب ممتلكاتهم ،كما هو حاصل منذ النكبة الكبرى إلى اليوم ،من احتلال لأراضي وتهجير لشعب فلسطين وإبادة للسكان الفلسطينين ، و كما يذكر بأن يهود اليمن،إسوة بغيرهم من اليهود العرب ،في القرون القريبة الماضية تمتعوا بحقوق كاملة مدنية ودينية وغيرها ،لكن عبث الغُزات العثمانيين والمستعمريين الغربيين ،كان هو الصانع للكراهية والصراع بين أبناء الوطن الواحد .
بعد طرد البريطانيون للعثمانيين من فلسطين ،خلال الحرب العالمية الأولى،بمساعدة الموعودن من العرب بالحكم الذاتي حينها ،ليحدث بعد ذلك اتفاق “سايكس بيكو” في العام 1916م الذي قضي في تقسيم الأراضي الفلسطينية التي كانت خاضعة للسيطرة العثمانية بين بريطانيا وفرنسا،وتم السيطرة على فلسطين من قبل الاستعمار البريطاني ،ومنذ اتفاق “سايكس بيكو” ،حتى 15 مايو عام 1948حين “أعلن “دافيد بن غريون “قيام دولة إسرائيل”وإنهاء الانتداب البريطاني، ظل الاستعمار البريطاني يتلاعب بأوراقه ،الى أن فرض اليهود الذي جلبهم من كل أنحاء العالم، بنفس الطريقة صنع الجماعات المتطرفة ،والأنظمة التابعة والعابثة بموارد و ثروات وأمن شعوبها المُدمرة ، وعقب تقسيم الوطن العربي إلى دويلات صغيرة من قبل دول الاستعمار القديم ، بغاية إضعاف دورها ،وتفريق وحدتها ،ليتسنى له إستنزاف ثرواتها ،يجري اليوم ،يُكمل المشوار الإستعمار الجديد ،في التأمر على الأمة العربية ،لتدميرها أكثر،وكانه يريد أن يوصل رسالته لنا “إما أنا أو الفوضى وتمزيق وطنكم وإنهاء وجودكم من الخارطة” .
لليهود العرب،واليمنين خاصة ،ممن هاجروا ،أوطانهم في كل دول الوطن العربي، أنتم بسطاء ومظلومون ، عليكم العودة إلى بلدانكم ، لتعيشوا حياتكم الطبيعية كما عشتم من قبل ، سنتعايش معكم ،وسنرفض كل من حاول تدمير حياتكم ،سنقف إلى جانبكم في وجه كل حاول الأقصاء والاضطهاد والتهميش لكم ، عليكم أن تغادروا فكرة الصهيونية الغربية الاستعمارية -فكرة وطن واحد خاص بكم ، على حساب احتلال جزء من وطننا العربي، صحيح انتم جزء أصيل في صناعة الحضارة العربية القديمة ،لكن حاليا، أنتم ضحايا تقاتل فيكم الصهيونية، واللوبي الصهيوني يربح من خلف معاناتكم ، وهو من صنع المشكلة ،ومايزال يدعم ويخطط ،ويصنع الجماعات المتطرفة في البلدان العربية ، ليغرر على العالم ويصنع الوهم ،بأنه لا مجال في عودتكم إلى بلدانكم الأصلية ، فاعلموا أن اللوبي الصهيوني لا يريد لكم دولة ولا مستقبل مشرق،وانما يريد المتاجرة بمعاناتكم ، ويغذي الصراع لزرع مزيد من الحقد والكراهية بيننا وبينكم،ويريد أن تخسروا حقوقكم ، فقط اليوم ،عودوا إلى بلدانكم لتمنحوا لنا الحق في مناصرتكم والدفاع عن حقوقكم المشروعة كمواطنين في بلدانكم العربية .