المواطن/ تعز
قال سكرتير دائرة الفكر والثقافة بمنظمة الحزب الاشتراكي اليمني بمحافظة تعز د. ياسر الصلوي: “لقد مثل الانقلاب على السلطة الشرعية ومخرجات الحوار الوطني في 21 سبتمبر أيلول 2014م منعطفا خطيرا دفع بالبلاد إلى الحرب الأهلية والنزاع الداخلي المسلح، كما فتح عليها الباب على مصراعيه لزيادة التدخلات الخارجية السياسية العسكرية لتدخل معه البلاد مرحلة خطيرة من الحرب والتي لا تزال مستمرة حتى اليوم، ولا يلوح في الأفق ما يؤشر على نهايتها”.
جاء ذلك في كلمة الأحزاب والتنظيمات السياسية في محافظة تعز، التي ألقاها في الحفل الفني والخطابي بمناسبة الذكرى السابعة والخمسين لثورة الرابع عشر من أكتوبر.
وشدد الصلوي على إن “حجم التحديات والمخاطر المحدقة بالبلد اليوم في أمنه ووحدته واستقراره، علاوة على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية الكارثية التي تلقي بظلالها على المواطنين وحياتهم المعيشية، تتطلب من الجميع دون استثناء وفي المقدمة منها الأحزاب السياسية أن تنهي خلافاتها وحالة التوتر والمناكفة السياسية فيما بينها والتخوين والتناقض الكبير في توجهاتها، وتغليبها لمصالحها الذاتية أو للمكونات السياسية والمجتمعية التي تمثلها، وأن ترتقي بأدائها إلى مستوى المخاطر والأحداث والتحديات وجسامتها، وتوحيد رؤاها ومواقفها إزاء هذه الأحداث وتقديمها للمبادرات والتصورات الكفيلة بحلها والتصدي لها وإخراج البلاد من هذه الأزمة وتجاوزها”.
وأكد سكرتير دائرة الفكرة والثقافة بمنظمة اشتراكي تعز إن ما تمر به البلاد اليوم وتعيشه من أوضاع بعد مرور ما يزيد عن خمسة عقود على قيام الثورة اليمنية لهو دليل واضح على الانحراف عن أهداف الثورة اليمنية ومسارها لاسيما ما يتعلق ببناء الدولة الحديثة ومؤسساتها الفاعلة من جيش وأمن وجهاز بيروقراطي.
وحمّل الدكتور الصلوي النخب السياسية التي تعاقبت على السلطة والحكم -لاسيما بعد عام 1994م- المسؤولية الكاملة التاريخية والوطنية والأخلاقية عن هذا الانحراف وما قاد إليه من أوضاع، والتي تعكس بشكل جلي وواضح عدم قيامها بدورها السياسي والوطني المأمول منها في تحقيق أهداف الثورة وبناء الدولة اليمنية الحديثة وتنمية المجتمع وتحديثه.
وأضاف: “إن من نافلة القول أن إحياء ذكرى أية ثورة من الثورات – بما في ذلك الثورة اليمنية ( سبتمبر وأكتوبر) – ليس المقصود به إقامة الاحتفالات والمهرجانات المعبرة عن الفرحة والابتهاج بتلك الثورة وماحقته من تحرير الوطن وما تلاه من إنجازات ومكاسب سياسية واقتصادية وتنموية وحسب بل الأهم من إحياء تلك المناسبة الوطنية العظيمة هو انتهاز ذكرى هذا الحدث النضالي الكبير لإعادة قراءة تاريخ الثورة ومآلاتها ، ومدى تمسك الأجيال التالية بمبادئها وقيمها ومستوى الانحراف عن نهجها ومسارها والذي ربما حدث بقصد أو دون قصد وذلك بغرض العمل على تلافي ذلك الانحراف وتصحيح المسار للسير في الخط الصحيح الذي أرادته الثورة ورسمه أبطالها ومن أوقدوا شعلتها من الرجال الصادقين والمخلصين لهذا الوطن”.
وأوضح د. ياسر الصلوي: “مثلت ثورة 14 أكتوبر عام 1963 م تتويجا لكل الهبات والانتفاضات والتمردات الشعبية التي اندلعت في العديد من مناطق الجنوب وبخاصة منذ مطلع أربعينيات القرن الماضي ، والتي كانت في حقيقتها تعبيرا عن سخط الشعب على الوجود الاستعماري وعلى السلاطين الذي تحولوا إلى حكام مطلقين واقطاعيين كبار لا هم لهم سوى خدمة الوجود الاستعماري السياسي والعسكري حيث مثلت تلك الانتفاضات إرهاصات الثورة المسلحة”.
فيما يلي نص الكلمة:
كلمة الأحزاب والتنظيمات السياسية في محافظة تعز بمناسبة الذكرى ال57 لثورة الـ14 من أكتوبر 1963م.
الإخوة الحضور الأخوات الحاضرات الحفل الكريم، أسعد الله أوقاتكم بكل خير
تهل علينا الذكرى السابعة والخمسون لانطلاق ثورة الرابع عشر من أكتوبر عام 1963م المجيدة بقيادة التنظيم السياسي للجبهة القومية التي أعلنت – كحركة ثورية – انتهاجها الكفاح المسلح خيارا وطنيا للتحرر من نير الاستعمار في جنوب اليمن.
لقد مثل تاريخ الرابع عشر من أكتوبر من العام 1963، انطلاق الشرارة الأولى للثورة المسلحة ضد الاستعمار البريطاني من على قمم جبال ردفان الشماء، حيث خاض خلالها المناضلون اليمنيون كفاحا مسلحا شرسا ومنظما استمر طيلة 4 سنوات تُوج بنصر حاسم ومؤزر على الاستعمار البريطاني .
في 14 أكتوبر من العام 1963م أكد اليمنيون وللمرة الثانية وخلال عام واحد من ثورة 26 سبتمبر عام 1962م في الشمال صلابة إرادتهم التي لا تقهر فحققوا الانتصار العظيم بنجاح ثورة 14 أكتوبر المجيدة وطرد آخر جندي بريطاني. وإعلان الاستقلال الوطني الكامل والناجز في 30 نوفمبر 1967م وقيام جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بعد احتلال دام أكثر من 128 عاماً.
إن أسلوب الكفاح المسلح والمنظم هو الميزة البارزة لهذه الثورة وهو الأسلوب الذي توصلت إليه الحركة الوطنية في نهاية الخمسينيات ومطلع الستينيات من القرن الماضي بعد أن أثبتت تجربة النضال السلمي حينها عدم جدواها في القيام بمهام التحرر الوطني بسبب الطبيعة الاستعمارية العدوانية للمستعمر البريطاني ، وهي الطبيعة التي تميز كل المستعمرين الغاصبين في كل زمان ومكان.
لقد مثلت ثورة 14 أكتوبر عام 1963 م تتويجا لكل الهبات والانتفاضات والتمردات الشعبية التي اندلعت في العديد من مناطق الجنوب وبخاصة منذ مطلع أربعينيات القرن الماضي ، والتي كانت في حقيقتها تعبيرا عن سخط الشعب على الوجود الاستعماري وعلى السلاطين الذي تحولوا إلى حكام مطلقين واقطاعيين كبار لا هم لهم سوى خدمة الوجود الاستعماري السياسي والعسكري حيث مثلت تلك الانتفاضات إرهاصات الثورة المسلحة.
إن ثورة ١٤ اكتوبر عام 1963م واحدة من أعظم الثورات العربية الناجحة خلال النصف الثاني من القرن العشرين ؛ لأنها واجهت قوة استعمارية كانت تسيطر على أجزاء واسعة من العالم، كما مثلت في الوقت نفسه جزءا من حركة التحرر العالمية من السيطرة الاستعمارية ، وانهيار النظام الاستعماري العالمي في العديد من بلدان دول آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية ، كما أنها غيرت – بقيامها – حياة المجتمع في الجنوب سياسياً واقتصادياً وثقافياً بصورة كبيرة.
لقد استطاع ثوار أكتوبر عبر ثورتهم المجيدة أن يحققوا أهم وأبرز أهداف ثورتهم وهو رحيل المستعمر وإعلان الاستقلال الوطني الناجز وغير المشروط في 30 نوفمبر 1967م، وقدم شعبنا اليمني في سبيل تحقيق ذلك الهدف ونجاح تلك الثورة تضحيات جسام تمثلت بالعديد من الشهداء الكرام الذين رووا بدمائهم الزكية تراب هذا الوطن.
إن أهم الخطوات التي قامت بها الثورة بعد رحيل المستعمر وإعلان الاستقلال الوطني مباشرة هي البدء بتأسيس الدولة الوطنية الحديثة في الجنوب عبر عملية التوحيد السياسي للكيانات التقليدية التي كانت قائمة في ظل النظام القديم الاستعماري / السلاطيني على أساس تقليدي( قبلية /عشائرية) والتي كان يزيد عددها عن 23 سلطنة وإمارة ومشيخة حيث تم إلغاؤها لصالح خلق كيان سياسي وطني جامع وسلطة مركزية واحدة متمثلة بالدولة والمؤسسات المنبثقة عنها بحيث يمكن معه القول أن من أبرز الايجابيات التي تحققت بعد الثورة والاستقلال في الجنوب هي إضعاف قوة القبلية وتحييدها في مواجهة الدولة منذ السنوات الأولى للاستقلال، واحتكار الدولة للسلاح وممارسة العنف الشرعي.
كما سعت الثورة( النظام السياسي) إلى إحداث تغييرات اجتماعية جذرية، فاحتلت مسألة إعادة هيكلة العلاقات الاجتماعية أولوية لدى قيادة الثورة وذلك بغرض تحقيق المساواة بين المواطنين والحد من التفاوت الاجتماعي لاسيما في الملكية الزراعية في الريف، كما عملت على تحديث المجتمع وتنميته من خلال إنجاز العديد من المشاريع الإنمائية التي قامت الدولة بتنفيذها في مجال البنية التحتية والمرافق العامة والخدمات الاجتماعية من تعليم، وصحة وتطبيب مجاني…إلخ.
كما وضعت نهاية لظاهرة وعادة الثأر القبلية التي ظلت لقرون قائمة في السابق، وهو ما أدى إلى فرض وجود الدولة المركزية بقوة في المناطق الداخلية من البلاد وإنهاء النزعات التي تهدف إلى الخروج عن سلطة الدولة.
لقد استطاعت الدولة في الجنوب التغلغل في المجتمع ومأسسة موقعها فيه من خلال عملية بناء المؤسسات التابعة لها وسعي النظام الحاكم إلى خلق هوية وطنية (سياسية) ودمج بعض الفئات الاجتماعية الضعيفة والمهمشة في المجتمع والدولة وذلك باستخدام العديد من الوسائل تمثل أهمها بالمؤسسة العسكرية الوطنية ومؤسسات التعليم العام وأجهزة ومؤسسات الدولة المختلفة.
كما اتسم الوضع في الجنوب بعد الثورة والاستقلال وحتى العام 1990م بقدر كبير من المساواة بين المواطنين أمام القانون، وأعطت الثورة والنظام الحاكم أهمية لتغيير أدوار النوع الاجتماعي والمساوة بين الجنسين فتمتعت المرأة بحقوق قانونية واسعة وقدر أكبر من فرص الوصول إلى سوق العمل، وحصولها على التعليم، وأتيحت لها حريات أكبر ودوراً أكثر فعالية في مناحي الحياة السياسية المختلفة، وفي تولي المناصب العامة والقيادية بما في ذلك مجال القضاء.
كما كان للثورة انجازات مهمة فيما يتعلق بمؤشرات التنمية البشرية لاسيما نشر التعليم، والحد من نسبة الأمية بشهادة المنظمات الدولية، أما في مجال التشغيل فقد كانت الدولة تضمن توفير فرص العمل للجميع من خريجي المؤسسات التعليمية، وتوفر الخدمات الصحية المجانية لجميع المواطنين دون أي تمييز.
لقد كان لكل تلك الإجراءات وغير ها – وبخاصة المتعلقة منها بتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة بين المواطنين وبتنظيم الدولة للسلوك الاجتماعي من خلال سنها لقوانين صارمة، وتطبيقها لتلك القوانين – أثرها في ترسيخ مفهوم الدولة وحكم القانون ، وقدرتها على استخلاص الموارد بفاعلية من محيطها ، واختراق المجتمع وتنظيمه بخضوعه لسلطة مركزية واحدة، هي سلطة الدولة.
لقد توجت الكثير من الإنجازات التي حققتها ثورة 14 من اكتوبر 1963 والاستقلال – رغم بعض جوانب القصور والاخفاقات التي ينبغي الاعتراف بها و لا يقلل وجودها من حجم تلك الانجازات- بالذهاب إلى الوحدة اليمنية عام 1990م التي ارتبط انجازها بالتحول إلى النظام الديمقراطي ليمثل ذلك الإنجاز واحدا من أهم أهداف ثورة الرابع عشر من أكتوبر وشعاراتها التي سعت إلى تحقيقه ، غير أن حرب صيف 1994م وما تبعها من سياسات النخبة الحاكمة التي تولت السلطة بعد ذلك التاريخ كانت قد أدت إلى تصفية معظم ما حققته ثورة 14 اكتوبر من إنجازات لاسيما فيما يتعلق بترسيخ مفهوم الدولة وحكم القانون، وبناء مؤسسة عسكرية حديثة ولائها للشعب والدولة، وتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة بين المواطنين.
الإخوة والأخوات ، الحاضرون جميعا
إن ما يؤسف له هو أن الثورة اليمنية (سبتمبر وأكتوبر) تحولت مع مرور السنوات من ثورة عبرت عن مصالح السواد الأعظم من المواطنين ولبت لهم العديد من المصالح الحيوية الضرورية إلى مجرد ذكرى موسمية يحتفى بها في كل عام.
كما أن أهداف الثورة وشعاراتها في بناء الدولة الوطنية ومؤسساتها وفي توفير الحريات العامة، وحصول المواطنين على فرص عمل والعدالة الاجتماعية ، والعيش الكريم والشعور بالكرامة الإنسانية تبدو اليوم بعيدة عن التحقق أكثر من أي وقت مضى وذلك كله يستوجب البحث عن مكامن الفشل والأخطاء التي قادت إلى هذا الوضع الشاذ وغير الطبيعي الذي أهدر نضال عقود من التضحيات التي كانت يتوقع أن تفضي إلى واقع سياسي واقتصادي واجتماعي أفضل مما هو قائم الآن.
إن ما تمر به البلاد اليوم وتعيشه من أوضاع بعد مرور ما يزيد عن خمسة عقود على قيام الثورة اليمنية لهو دليل واضح على الانحراف عن أهداف الثورة اليمنية ومسارها لاسيما ما يتعلق ببناء الدولة الحديثة ومؤسساتها الفاعلة من جيش وأمن وجهاز بيروقراطي ….إلخ. وتتحمل النخب السياسية التي تعاقبت على السلطة والحكم -لاسيما بعد عام 1994م- المسؤولية الكاملة التاريخية والوطنية والأخلاقية عن هذا الانحراف وما قاد إليه من أوضاع ، والتي تعكس بشكل جلي وواضح عدم قيامها بدورها السياسي والوطني المأمول منها في تحقيق أهداف الثورة و بناء الدولة اليمنية الحديثة وتنمية المجتمع وتحديثه.
الإخوة والأخوات الحاضرون جميعا
تأتي ذكرى السابعة والخمسون لانطلاق ثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963م المجيدة وبلادنا اليوم تمر (كدولة ومجتمع) بمرحلة بالغة الخطورة لم تشهدها منذ قيام الثورة اليمنية (سبتمبر وأكتوبر ) وتأسيس الدولة الوطنية في مطلع ستينيات القرن الماضي.
لقد مثل الانقلاب على السلطة الشرعية ومخرجات الحوار الوطني في 21 سبتمبر أيلول 2014م منعطفا خطيرا دفع بالبلاد إلى الحرب الأهلية والنزاع الداخلي المسلح، كما فتح عليها الباب على مصراعيه لزيادة التدخلات الخارجية السياسية العسكرية لتدخل معه البلاد مرحلة خطيرة من الحرب والتي لا تزال مستمرة حتى اليوم، ولا يلوح في الأفق ما يؤشر على نهايتها.
إن حجم التحديات والمخاطر المحدقة بالبلد اليوم في أمنه ووحدته واستقراره، علاوة على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية الكارثية التي تلقي بظلالها على المواطنين وحياتهم المعيشية، تتطلب من الجميع دون استثناء وفي المقدمة منها الأحزاب السياسية أن تنهي خلافاتها وحالة التوتر والمناكفة السياسية فيما بينها والتخوين والتناقض الكبير في توجهاتها، وتغليبها لمصالحها الذاتية أو للمكونات السياسية والمجتمعية التي تمثلها، وأن ترتقي بأدائها إلى مستوى المخاطر والأحداث والتحديات وجسامتها، وتوحيد رؤاها ومواقفها إزاء هذه الأحداث وتقديمها للمبادرات والتصورات الكفيلة بحلها والتصدي لها وإخراج البلاد من هذه الأزمة وتجاوزها.
إن من نافلة القول أن إحياء ذكرى أية ثورة من الثورات – بما في ذلك الثورة اليمنية ( سبتمبر وأكتوبر) – ليس المقصود به إقامة الاحتفالات والمهرجانات المعبرة عن الفرحة والابتهاج بتلك الثورة وماحقته من تحرير الوطن وما تلاه من إنجازات ومكاسب سياسية واقتصادية وتنموية وحسب بل الأهم من إحياء تلك المناسبة الوطنية العظيمة هو انتهاز ذكرى هذا الحدث النضالي الكبير لإعادة قراءة تاريخ الثورة ومآلاتها ، ومدى تمسك الأجيال التالية بمبادئها وقيمها ومستوى الانحراف عن نهجها ومسارها والذي ربما حدث بقصد أو دون قصد وذلك بغرض العمل على تلافي ذلك الانحراف وتصحيح المسار للسير في الخط الصحيح الذي أرادته الثورة ورسمه أبطالها ومن أوقدوا شعلتها من الرجال الصادقين والمخلصين لهذا الوطن.
أننا في اليمن اليوم -كشعب وكسلطة شرعية وكيانات سياسية وفعاليات مدنية ومجتمعية وكمواطنين- أحوج ما نكون لمثل هذا التقييم لاسيما في ظل الأخطار المحدقة التي باتت تتهدد البلاد والتي أطاحت بالكثير من المكاسب التي حققتها الثورة اليمنية ومنجزاتها خلال العقود الخمسة الماضية بل وتكاد أن تعيدنا إلى المربع الأول الذي بدأت منه الثورة اليمنية.
إن أحد أهم الدروس والعبر التي ينبغي علينا أن نستخلصها من الثورة اليمنية هو درس الوحدة الوطنية، ونعنى بذلك ضرورة الوقوف صفا واحداً في وجه التحديات حيث مثلت الوحدة الوطنية العامل الرئيس في نجاح الثورة اليمنية في الشمال والجنوب وهو ما ينبغي استلهامه من الثورة والاستفادة منه في المرحلة الراهنة وذلك لمواجهة الانقلاب الحالي وتداعياته الكارثية والذي أصبح خطره يتهدد كل منجزات الثورة اليمنية والنظام الجمهوري برمته.
إن الخطاب السياسي والإعلامي المفرط في العواطف الوطنية وبالتغني بالثورة اليمنية وحده لن يفيد كثيراً اليوم في ظل واقع صعب ومرير يعيشه الغالبية العظمى من المواطنين اليمنيين ، فما يهتم له المواطن اليمني اليوم هو أن يتحول هذا الخطاب إلى سلوك عملي يلمسه في واقعه ويلبي حاجته وتطلعاته في حياة أمنة ومستقرة وعيش كريم في بلده .
إن الجميع اليوم مطالب بتحمل مسؤوليته، وعلى الأخص السلطة الشرعية والأحزاب السياسية، والتعلم من الأخطاء التي حدثت خلال الفترة الماضية في الفكر أو الممارسة وليس القفز عليها، فالجمود على الأخطاء استسلام للفشل مرارا وتكرارا.
لقد لعبت الأحزاب السياسية في العقد الخامس وبداية العقد السادس من القرن الماضي دور مهما وحيويا في الثورة فقد كانت حاملة للنضال الوطني وساهمت مساهمة فعالة في نشر الوعي السياسي بين أوساط الجماهير مما شجع الناس على نقد الأوضاع القائمة بصورة علنية وإلى تصعيد روح المقاومة الوطنية والثورية للوجود الاستعماري، وهي اليوم مطالبة أكثر من أي وقت مضى بمراجعة جادة وحقيقية لمواقفها وطبيعة أدائها وطريقة اشتغالها ؛ لاستعادة دورها الوطني والعمل على انهاء الانقلاب وإيقاف الحرب الحالية وإحلال السلام ومعالجة آثاره هذه الحرب وتداعياتها، والعمل على استعادة الدولة وإعادة بناء مؤسساتها وفق مخرجات الحوار الوطني، والتخلص من حالة الارتهان للخارج، وقطع الطريق على كل المتربصين باليمن وثورته ووحدته وأمنه واستقراره وأن يكون للجنوب- جنوب الرابع عشر 1963م من أكتوبر و الثلاثين من نوفمبر1967م و22 مايو 1990م – دوره ومكانته وشراكته في كل ذلك، وفي أية معادلة وطنية قادمة.
المجد والخلود لشهداء الثورة اليمنية الأبرار
التحية والعرفان لمناضلي الثورة اليمنية .
العزة والإباء لليمن
أصدق التهاني لشعبنا اليمني العظيم الصابر بهذه المناسبة الوطنية العظيمة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
د. ياسر الصلوي
سكرتير دائرة الفكر والثقافة
بمنظمة الحزب الاشتراكي اليمني محافظة تعز
17 /أكتوبر/2020م