المواطن/ كتابات ـ وفاء عبدالفتاح اسماعيل
الادارة الذاتية للجنوب مطب سياسي جديد و تراجع عن استراتيجية القضية الجنوبية و حق تقرير المصير .
المعضلة في الأساس جنوبية جنوبية.
مخرجات الحوار تطبق اليوم بطراز جديد-اقليم عدن
للمجلس الانتقالي و اقليم حضرموت للسعودية و الإمارات.
——————-
اصدر المجلس الانتقالي الجنوبي يوم امس بيانا قضى بموجبة اعلان حالة الطوارئ و الإدارة الذاتية الخ وقبل الخوض في التفاصيل لابد وان نفهم ما المقصود بالإدارة الذاتية.
فالإدارة الذاتية تندرج تحت نظام اللامركزية الإدارية و تعرف ب اللامركزية الإقليمية و التي تأخذ صلاحياتها من السلطة المركزية و تعمل تحت إشرافها و بقانون و يقوم بالمهام سلطة محلية منتخبة لتنفيذ مصالح متميزة عن المصالح ذات الطابع الوطني، اي انها لا تؤثر على شكل الدولة، و تختلف عن الحكم الذاتي او الفيدرالي الذي يعني استقلالية اكبر و صلاحيات اكثر منفصل عن المركز اَي ان الأخيران يقومان على عنصرين متناقضين هما الاستقلال الذاتي و الوحدة، اما الإدارة الذاتية تمنح سلطة الإشراف على المرافق المحلية و هذا ما جاء في البيان .
و لو دققنا قليلا سنجد ان المحافظات الجنوبية او كما يسمها المجلس الانتقالي ب جمهورية الجنوب العربي الفيدرالي او الجنوب بشكل عام، سنجد انها عمليا تدير نفسها بنفسها من يوم ان خرج الحوثيون منها، بما اطلق عليه ب المناطق المحررة، و نقل البنك المركزي من صنعاء الى عدن كان احد اهم محاولات رفع غطاء مركزية صنعاء عن عدن و الجنوب بشكل عام. و علينا ألا ننسى أن حجية القضية الجنوبية كان اساسه هو اعتراف المجتمع الدولي بعدالة القضية و سرعة العمل على حلها، بمشاركة أحد فصائل الحراك الجنوبي في مؤتمر الحوار في ظل رفض بعض المكونات الاخرى، و قد وصلت النتائج في مخرجات مؤتمر الحوار الى قناعة كل الأطراف السياسية و التمثيلات بما فيها الحراك و أنصار الله ( الحوثيون) الى ان يصبح اليمن نظاما فيدراليا، لكن المشكلة كانت في عدد الفيدراليات، هل كما اقترحها الرئيس عبدربه ستة أقاليم او كما اقترحها فصيل الحراك الجنوبي في مؤتمر الحوار بإقليمين شمالي و جنوبي. و لان النظام الفيدرالي اكثر تطورا بكثير من الإدارة الذاتية، حق علينا القول ان بيان المجلس الانتقالي بتطبيق الادارة الذاتية للجنوب هو مطب سياسي جديد و تراجع عن استراتيجية القضية الجنوبية و تنازل عن اهم مطالب الحراك الجنوبي و هو حق تقرير المصير بما لا يلبي الطموحات و الآمال و تنازل عن اهم مكاسب الجنوب في مخرجات الحوار الوطني .
و نستطيع ان نقول ان ابعاد هذه المعضلة هي جنوبية جنوبية اساسها هو عدم توصل فصائل الحراك الجنوبي السلمي الى صيغة مشتركة في العمل لتحقيق أهداف القضية الجنوبية، فهم يشتركون بهدف واحد مهما تعدد تسميته سواء تقرير مصير او انفصال او فك ارتباط او ايا كان، لكنهم يعملون بشكل انفرادي لم يصلهم الى الهدف المبتغى منذ قيام الحراك في 2007، فما كان إلا أن وصلنا الى الادارة الذاتية التي لن تعمل الا على مزيد من التعقيدات على كل المستويات من أهمها قضية الحقوق و الحريات و الديمقراطية و التداول السلمي للسلطة، و إلا لماذا لم نقبل مقترح الزعيم المرحوم علي عبدالله صالح في إقامة حكم محلي واسع الصلاحيات كحل مبتدأ للقضية الجنوبية؟
و اذا ما رجعنا للوراء قليلا سنجد عمليا ان مخرجات الحوار الوطني تطبق حاليا في شكلها العام و لكن بطريقة من طراز جديد، فالمجلس الانتقالي يحكم سيطرته على اقليم عدن الذي يقع فيها ميناء عدن – و هذا الأقاليم هو أحد الأقاليم الستة التي خرج بها مؤتمر الحوار الوطني و الذي يشكل 34.440 كم مربع – و الذي يحكم المجلس الانتقالي سيطرته عليه فعليا-إلا قليلا- فالإقليم مكون من عدن و لحج و الضالع و ابين، و الانتقالي يسيطر على هذه المدن الثلاث عدا ابين او جزء بسيط منها. بينما اقليم حضرموت اقليم النفط و المعادن و الثروات البحرية و المكون من محافظة شبوة و حضرموت و المهرة و أرخبيل سقطرى يخضع فعليا لإدارة دولة الإمارات العربية الشقيقة و المملكة السعودية الشفيقة، و هنا تتجلى أزمة الحراك الجنوبي الحقيقة، في انها ساهمت بشكل او باخر عن تخليها تحقيق استعادة دولة الجنوب بحدود ما قبل الوحدة اليمنية- حسب أهدافها- في عدم الاحتكام للغة الحوار و توحيد الرؤى و الحلول فيما بينها و بالتالي تقسيم اليمن جغرافيا مما كان يحذر منه الحزب الاشتراكي اليمني في رؤيته بمسألة الأقاليم اثناء انعقاد مؤتمر الحوار ، و هكذا ظلت و تظل دول العالم كله حكوماته و منظماته الدولية تتهافت ملحة في الحفاظ على وحدة اليمن و عدم القبول باي حلول خارج نطاق ذلك لاننا فشلنا في تقديم مشروع وطني مشترك وفشلنا في حل مشاكلنا بدون تدخل خارجي.
لا ننسى ان ننوه الى ان اتفاق الرياض لم ينفذ بعد لافتقاره الى آليات التطبيق على الارض من ناحية و فقدان الثقة بين الطرفين و بعد اعلان الطوارئ و الادارة الذاتية يزداد الوضع تعقيدا.
الجدير بالذكر ان كوارث السيول الاخيرة في عدن حركت وعي الناس بمصلحتها و استشعارها بأهمية التحرك لرفض كل السياسات من طرفي الصراع.
في الأخير نقول ان الحوار هو الحل و تقديم مصلحة الناس على المصالح الشخصية .
و دمتم سالمين