المواطن/ كتابات – فهمي محمد
بعد حرب صيف 1994/م ، كان الحزب الاشتراكي اليمني الشريك الرئيسي في إتفاقية دولة الوحده اليمنية ، قد انتقل إلى صفوف المعارضة بعد أن ظل ثلات سنوات شريك في السلطة يكافح في سبيل تحقيق ماتم التوقيع عليه في اتفاقية الوحده ، وفي خضم تلك الأحداث والنوايا التي تكشفت يومها ، تحول الحزب الاشتراكي الى حامل سياسي لمشروع دولة الوحدة في وجه القوى المتحالفة عسكرياً وقبليا وعقائديا ضد المكون الانساني والجغرافي والثقافي في الشطر الجنوبي من اليمن ، إنطلاقاً من ثقافتها العصبوية الأحادية القائمة على قيم الغنيمة والفيد ضد الآخر .
وكما هي العادة للغالب في الحروب اليمنية لاسيما تلك المتعلقة بالسلطة والحكم ، فإن الغالب ينسلخ كلياً عن القيم الأخلاقية والإنسانية في تعامله مع المغلوب ، فلا يبقي ولا يذر عليه ، وذلك ما فعله النظام الحاكم في صنعاء بعد حرب 94/ ضد الحزب الاشتراكي المغلوب في تلك الحرب .
فعلى سبيل المثال فقط ، تم مصادرت مقرات الحزب وأمواله واسهمه ومساهمته وتم إقصاء المحسوبين عليه في جهاز الدولة المدني والعسكري وتعرض الهرم القيادي في الحزب لاسيما الذين ظلوا في الداخل لكل صنوف الترهيب والترغيب ، ناهيك عن التناول الإعلامي الممنهج والذي استهدف وشهر بالحزب الاشتراكي وبتاريخه النضالي ليلاً ونهار ، بل وقال فيه مالم يقل مالك في الخمر ، واكثر من ذلك إمعان في الخصومة السياسية تم تداول مسألة حل الحزب في وقت كان الواقع في اليمن يقول أن البقاء في الحزب أو الانظمام إليه يعد تهمه أو مخاطره بالمستقبل الشخصي ،
كل ذلك جعل من بعض الاشتراكيون يجبنون أمام جبن نظام صالح فبدلوا جلودهم حسب العرض والطلب ، وآخرين أصابهم الإحباط واليأس فاصمتوا ثم انكفؤ سياسيا ، ثم نزح بعض هؤلاء المحبطون الى عالم التصوف الروحي هرباً من عالم السياسية ، بينما ظل المناضلون والراسخون في العلم في خندق المواجهة يواصلون مسيرة الكفاح الطويل دون يائس أوخوف من عقاب حيث وقع على عاتق هؤلاء مسؤولية إعادة بناء الحزب وإستعادة دوره في الحياة السياسية لليمن ، وفي مقدمة هؤلاء الرجال الراسخون في العلم كان المناضل مقبل بكل شجاعته وتاريخه النضالي والى جانبه الشهيد جار الله عمر ، يدشنون ميلاد جديد ويصنعون تاريخ آخر للحزب الاشتراكي ، إنطلاقا من حقيقة تاريخية تقول ان ” الحزب الاشتراكي يظل دائماً مشروع نضال وكفاح في سبيل الإنسان غير قابل للفناء ”
فالاشتراكي هو من صنع السلطة التي خسرها في حرب 94/ ولم يكن يوما مِن صُنعها ، كما أن ما يميز هذا الحزب بشكل استثنائي قدرته المتواصلة على انتاج القادة الكبار في أشد الظروف صعوبة وتعقيد ، وآية ذلك وجود قائد بحجم المناضل على صالح عباد مقبل على رأس الحزب الاشتراكي ، وقدرته وصلابته في مواجهة فائض القوى لدى نظام صنعاء بعد حرب 1994/م