المواطن/ كتابات – فهمي محمد
جارالله عمر ذلك السياسي ذو الجسم النحيل احد اكبر السياسين في تاريخ اليمن المعاصر وابرز المناضلين الذين جمعوا في مسارهم النضالي بين نٌبل العمل السياسي الوطني وبين الثقافة والمعرفة الواسعة بقضايا الفكر والتراث الانساني ،
لم يكن كتابة ” كفاح الانسان في سبيل الديمقراطية ” إلا دليل على سعة ثقافة هذا السياسي وقراءته للعديد من تجارب الأمم وإلتهامه للعديد من كتب الفكر والفلسفة والسياسة والتاريخ والقانون !!
ولم يكن كتابه ” القيمة التاريخية لحصار السبعين ” إلا دليل على حضور هذا السياسي المقتدر في صنع التاريخ وفي كل المنعطفات التاريخية كمناضلاً صلباً من اجل القضية التي يؤمن بها ومستعداً للموت في سبيلها .
ولم تكن مبادراته السياسية التي يجمعها كتاب ” وطن او لا وطن ” إلا دليل على قدرته السياسية والفكرية في قراءة المشهد السياسي وإكتشاف مكامن الخلل بفكر مفتوح قادراً على رؤية الآخر و تحليل الاحداث السياسية بعقل سياسي يفكر في أحلك الضروف بحجم الأوطان ، بل ويحسن تقديم التنازلات في الوقت المناسب للوطن والتاريخ ، ولم تكن سيرة حياته المدونة في كتاب ” جارالله عمر يتكلم ” إلى دليل على نٌدرت هذا السياسي الذي يمارس العمل السياسي بأخلاق الفلاسفة وبضمير المفكر وعقل المثقف التنويري وروح الإنسان المتسامح الباحث عن وطن في بلد يعيش بلا وطن وإنسان بلا مواطنة وحٌكام يمارسون التسلط بلا دوله .
جارالله عمر لم يكن فيلسوف العمل السياسي والنضالي وعقل المفكر المتقد وضمير المناضل في اليمن فحسب ، بل كان السياسي الشجاع والقادر على قول ما يجب ان يقال ، لاسيما عندما يخم الخوف والصمت على الجميع او تصبح الكلمة عاجزة عن الكلام .
كم هي حاجة اليمن اليوم لهذا الضمير المعتقل والمصلوب على قبر هذا السياسي والذي مازال غائب هناك يمارس مناسك الحداد الطويل والسرمدي حزن على إغتيال الفضيلة وطهر السياسة ومشروع هذا الوطن .
جارالله محمد عمر الإنسان البسيط دفعته فطرته النقية لحب الأرض والإنسان وبهذا الحب مارس السياسة والإنتماء فكان حتماً يساري الهو عاشقاً للكفاح في سبيل الحرية ، في منتصف الثمانينيات وفي لحظة الانسداد في شريان الحزب والسلطة قال بكل شجاعة في وجه الرفاق ” اذا كنا يسار فأين اليمين ؟” وقدم رؤيته المكتوبة تحت هذا العنوان فسجل التاريخ لهذا السياسي ” انه اول سياسي يطالب بتحقيق الحرية ” فمن موقعه كحاكم وغالب في احداث 86 طالب بكل قناعة بوجود معارض له فكان صوت الحرية وداعيتها الصادق .
كما يسجل التاريخ لهذا السياسي ” انه اول سياسي يمارس منهج التسامح ” فقد ذهب بعد هذه الاحداث وبعد انتصار رفاقه في الحزب للبحث عن الشخص المكلف بقتله وتوسط بضرورة الافراج عنه من السجن !!
بهذه العقلية السياسية الفذة والمتسامحة هندس الرفيق والشهيد جارالله عمر التكتل السياسي لأحزاب اللقاء المشترك ، وقبل ذلك مجلس التنسيق بهدف مواجهة استبداد نظام صالح ، ودليل صدق نضال هذا السياسي انه قتل مغدوراً به في سبيل القضية .