محمد هائل السامعي
المواطن – كتابات
اليمن بلد كغيره من بلدان العالم النامي ،يصارع شعبها من أجل دولة العدالة والمساواة والنظام الديمقراطي،دولة مستقلة بقرارها السياسي، متكافئة بعلاقاتها الاقتصادية مع دول العالم.
في اليمن لا شمال متقدم غني ولا جنوب متخلف فقير،كما هو الحال في تقسيم دول العالم ،على الرغم من أنه لا شمال ولا جنوب غير أن هناك من ينهب الجميع، في سياسة إفقار وهيمنة فرضها الاستعمار الكولونيالي سابقا، وصولا الى تجزئية المجزأ، وهنا يسيطر القلق والخوف من تشظي اليمن وترك جراحه تنزف .
اليوم في ظل الحرب وإستمرار الثورة في هدم بنية النظام القديم بكل أركانه،وبناء نظام جديد يليق بتضحيات الشعب وطموح أبنائه ،وإيماننا منا بأن اي تحرير سياسي او عسكري لن يجدي الا سبقه تحرير إقتصادي .
فالسؤال الوارد كيف نحرر الاقتصاد الوطني؟
تحرير الاقتصاد اليمني من عصابة كانت هي سلطة سابقا معروفة بفسادها، هو الذي سيمكن الاقتصاد الوطني من إستعادة مكانته في سلم اقتصاديات دول العالم هذا أولا.
كما لا شك بأن التجويع سياسة مفتعلة بقصد التركيع، ومن هذا المنطلق كفرنا بالجوع خشية منا، الإستسلام والخضوع كشعب قادر على المواجهة والصمود، وفي عالم الرأسمالية والامبريالية المتوحشة ،وتأزم نظامها الاقتصادي والمالي التي تقوده الاحتكارات، واقتصاد الخصخصة والشركات المتعدية للقوميات، وسيادة السوق وتحرير التجارة والقروض والإعانات المشروطة بقصد اضعاف دور الدولة والسيطرة عليها و إرتفاع مستوى الفقر والبطالة مع وجود تخلف اقتصادي واجتماعي وثقافي في البلدان النامية والتي من ضمنها بلادنا نتيجة الاندماج في اقتصاد العولمة مما تسبب في مزيد من تخلف هذه البلدان وانهيار ما تبقى من إقتصاد لديها وتحويل اقتصاداتها الى اقتصاد تابع يتأثر في حالة حدوث أي أزمة في الاقتصاد العالمي ، تكون بلادنا هي احدى ضحايا هذه الحرب التي شنتها الدول الاستعمارية الغربية،بأدواتها الخبثية العابثة بأمن وسلام دول العالم النامي.
اليوم يتضح الامر أكثر كما ان مايسمى هئية أمم متحدة ، وقذارة شغل منظماتها التابعة، أنها كذبة كبير على هذا العالم وقرارتها الزائفة وهي من ترعئ الجماعات الدينية والأنظمة العسكرية التابعين لها لإستمرار الصرعات والحروب في بلداننا بقصد التدمير الكلي لكل وسائل الانتاج المحلي ،كما ان لا تحالف عربي تكفل بمهمته و تحمل مسئوليته الاخلاقية والانسانية اتجاه اليمن ولا حكومة شرعية منحت صلاحياتها كما غيب عنها المسئولية بسبب توظيفها لحتواء الفاسدين، والعمل كوكلاء حصرين للخارج أكثر من خدمة شعب هي سلطة عليه ، اضافة الى ماتعانيه من غياب تام في الوعي الاقتصادي و اللامبالة بخطورة المرحلة وكأنها لا تعرف ما يتألم منه المواطن اليمني من جوع و فقر وبطالة وغياب الخدمات الأساسية وغيرها ،مع وجود انفلات أمني وإدخال البلاد في كثير من الصراعات والحروب التي دمرت اغلب المشاريع الإنتاجية فيها، وفؤضى مالية أغرقت الجميع .
فيما جماعة فاسدين من أصحاب وكالات لشركات أجنبية مسيطرين على الاقتصاد اليمني مستغلين ثروة البلد بحكم تواجدهم على رأس السلطة وتحويلها الى ملك خاص بهم،وهذا دلليل على لانه لا وجود لأي إقتصاد وطني ،ولقد فضح الوضع الرأهن حقيقة مايسمى اقتصاد وطني ،غير انه اقتصاد تقليدي هاش في بنيته و أن هناك (كمبرادورات ) ورأس مال متطأفل هو من يعبث بأقتصاد بلد بكامله،رخص الاستيراد بين التجار في الفترات السابقة مما تدفقت الواردات السلعية الى اليمن بكميات هائلة وبدون اي رقابة على مواصفاتها ومقايسها وجودة صناعتها ،في إنتهاك صارخ لسيادة بلد، ونسبة كبيرة منها تدخل السوق اليمني على شكل مهربات دون رسوم جمركية ،والسبب غياب الدولة وضعف ومؤسساتها الادارية والامنية الرسمية .
ارتفعت اسعار الموارد الاساسية بصورة جنونية في السنوات الاخيرة مع الانهيار الكبير لقيمة العملة الوطنية أمام العملات الاجنبية،والتي يكون الضحية في هذا السقوط المريع هم غالبة كبيرة من فئة الشعب من أصحاب المهن الحرة – عمال بالاجر اليومي لا يجدوا ما يسد رمق جوعهم في ظل أشغال ومشاريع تنموية وخدمية راكدة ،اضافة الى تضرر قطاع كبير من أصحاب الدخول المحددة الصغيرة و التجار الصغار- تجار التجزئة والباعة الصغار من المسوقين المتجولين في الشوارع والحارات، وبعض التجار المتوسطين.
تضخم نقدي بلغ ذروته بسبب أنه تم ضخ عملات من النقد المحلي أكبر من حجم الاقتصاد (السلع والخدمات واحتياطي النقد الاجنبي)، فقدت القوة الشرائية للنقد المحلي قيمتها ،يرافقها بشكل عكسي إرتفاع في المستوئ العام لاسعار السلع وصلت الدول لحالة من اللا استقرار الذي جرها إلى الانهيار الاقتصادي والتي ستنهار معه البنية الاجتماعية وباقي القطاعات.
كل ما أسلفنا ذكره يبين حجم الكارثة التي حلت باليمن وإقتصادها المدمر نتيجة الارتهان والتبعية إضافة الى التراكم للازمات، وزيادات المديونية وجعل من اليمن مجرد سوق للمنتجات والسلع الخارجية وتحويلنا الى مجتمع استهلاكي بحت مدمر حتى الأساس.
تحتاج اليمن في هذه اللحظة الى يقضة شعبية والوقوف بجدية ضد مهزلة يمارسها الخارج المهيمن كطرف يغذي الحرب،إضافة الى جماعات تقاتل بالوكالة ،فيما يتوجب على الرأس المال الوطني إستشعار المسئولية الوطنية و أن يعود الى اليمن،وعلى الرئيس هادي إحالة الحكومة، وإستبدالها بحكومة مصغرة تعمل بنزاهة من داخل الوطن ،تشجع على الاستثمار والبناء والإعمار،وعليها تهئية الاجواء لستقبال عودته وتوفير الخدمات العامة للمواطن كخدمة الأمن والطاقة ووضع حلول مناسبة تحد من إرتفاع أسعار السلع الاساسية والتلاعب بأسعار الصرف ،لتمكن من ضبط الوضع نحو الاستقرار في كل مناحي الحياة ،فالمرحلة فاصلة بأن يكون لدينا إقتصاد وطني حقيقي او لا يكون ،وان يبقئ لدينا شعب سعيد او لا يبقئ.