وسام محمد
المواطن – كتابات
أيا تكن المعارك والاستقطابات, الالعيب ومخزون الشر. ومهما بدا ان الاوراق قابلة للاختلاط او ان اصحاب الاصوات العالية سينجحون في تتويهنا بعيدا عن حقائق ما يدور وحقائق ما يفترض. أعتقد انه لا يزال امامنا فرصة ليس فقط للتصدي الجاد لقضايا الواقع المعقدة _كما هو الحال في تعز_ ولكن ايضا اعادة بناء روابط متينة مع كل الاحلام القديمة والاهداف الكبيرة.
عندما اندلعت هذه الحرب, سقطت مؤسسات الدولة الهشة اصلا. ثم تبع ذلك تخلق ظروف ساعدت على انتشار الجريمة وتسيد الفوضى. ومنذ ذلك الوقت, فإن ما كان مطلوبا منا القيام به, وحتى مع تعقد الامور اكثر, لا نزال اليوم مطالبين بنفس المهمة وبنفس الدور, واذا لم نستجب, سيأتي الغد والمستقبل وقد زادت الاعباء لكن المدخل هو نفس المدخل. سواء لجهة التصدي لقضايا الواقع او بمناسبة اي حديث عن المستقبل. وهذا المدخل هو الاستنهاض الشعبي الشامل بعد تحديد الاهداف بدقة.
لا معنى لكل الاتفاقات السياسية(نحن نعرف ماهي السياسة في بلادنا وفي تعز تحديدا) لا معنى للحملات الامنية سواء تلك التي تشتبك مع المطلوبين او تدخل الاحياء بحمايتهم. كل هذا ضحك على الدقون. ستظل الدماء تسفك والاجندة المشبوهة تنفذ, والمناورة بأرواح الناس وبتضحياتهم قائمة.
المطلوب اليوم هو الاتفاق على نقطة واحدة: مصالح الناس وحياتهم واموالهم شيء مقدس. ليتصارع الجميع وليفسدوا وليناوروا. لكن ليس عندما يتعلق الامر بالاستهداف المباشر لحياة الناس, ومصالحهم وما تبقى لهم من سكينة. أولا لأن هذا هو الشيء الوحيد الذي يعطي هؤلاء المتقاتلين شرعية وجودهم. وثانيا لأن هذا هو المدخل الحقيقي لبناء مؤسسات الدولة.
لكن هذا ايضا يبقى حديث بلا معنى. مجرد امنيات. وطبيعة الصراع ومصالح اطرافه تجعل مصالح الناس وحياتهم شيء هامشي. ولم يعد احدا يتسائل عن سبب وجود هذه الجماعات وسبب تسلحها.
اذن وحتى لا نسقط في حفرة الاحباط تماما, لابد ان يكون هناك شيء سيجعل لكل هذا الحديث معنى ولكل تحرك جدوى. هذا الشيء باعتقادي يتوقف على مبادرة جسورة تجند نفسها للعمل من اجل استنهاض المبادرة الشعبية. يكون العمل في ثلاثة مستويات وبالتدريج:
_ طرح حلول واقعية وممكنة التنفيذ. انطلاقا من تلك النقطة المتعلقة بمصالح الناس وبعد دراسة طبيعة المشاكل الحاصلة.
_ حشد الاعلام المهني وحشد الناس للضغط, وتنفيذ هذه الحلول واستمرار الرقابة عليها وخلق اليات تتناسب مع هذا الدور.
_ تهيئة المجال لبناء بدائل مدروسة.
استنهاض المبادرة الشعبية, يعني ايجاد حامل لجعل مصالح الناس جزء من الصراع الدائر والانتصار لها. وليس مجرد هامش على مسرح المتقاتلين. والاهم لم يعد ثمة خيارات كثيرة يمكن التعويل عليها لايقاف هذا التدهور المريع.