ياسين الزكري
في تسعينيات القرن الماضي ومع تصاعد فعل قوات طالبان في أفغانستان كتب امين هويدي مقالة بعنوان ” طالبان.. جند الله في المعركة الخطأ” ومع بعض الفوارق فإن ثمة شبه في مدلول العنوان مع الحالة الأخيرة في تعز، ذلك أن الجيش الوطني بات أقرب الى الوصف “جند الدولة في المعركة الخطأ”.
امتلاك مواقع متقدمة في الجيش والوظيفة العامة ليس “تمكينا” بقدر ماهو تكليف للقيام بمسئوليات محددة تحددها سلطة الدولة داخل أراضي الدولة لمصلحة الدولة.
الاقتتال بين رفقاء السلاح بأي شكل كان او تحت أي مسمى هو عمل تصب نتائجه في مصلحة العدو، وهو عمل ضد تمكين وتفعيل مؤسسات الدولة وضد مخرجات الحوار الوطني وضد تطلعات الشعب اليمني عامة ،وأهالي تعز بشكل خاص ذلك أن حلم الدولة اليمنية بدأ انطلاقته الأولى من هذه المحافظة.
عمل المؤسسة العسكرية هو التحرير وعمل المؤسسة الأمنية ضبط الامن وبسط نفوذ الدولة واي عمل خارج هذه وتلك اخلال بطبيعة المهمة الوطنية يقول منطق الأشياء ويعزز حديث الشارع
يحتاج المواطنون في تعز أن يعبروا الشارع هم واطفالهم بأمان ..ان يعيشوا في مساكنهم بأمان وأن يشهدوا تحسنا في مستوى الخدمات وانتظام صرف المرتبات وتطبيع الحياة.
هذا النوع من المطالب بدأت بوادر تحققه تسير خطوات أولى على الأرض والجهود التي تبذلها السلطة المحلية بقيادة محافظ المحافظة الدكتور امين محمود يلحظها المواطن وهي تتنامى بالقدر المتاح، ولأن الإنجاز يحتاج الى بيئة صالحة للنمو فسيتعين على القوى السياسية القيام بهذا الدور إذ لابد من أداء تكاملي من اجل توفير الكيان الضامن والحامي للجميع وهو الدولة وليس أي شيئ آخر،ولعل البيان الصادر عن هذه القوى بشأن مساندة توجيهات السلطة المحلية لإعادة مقار المؤسسات العامة مثَّل اشراقة أمل في هذا الاتجاه.
التوجس المبني على خبرات سابقة ربما ساهم في ظهور دور الشارع التعزي ضعيفا في مواجهة الاحداث الأخيرة، لكن صمود المحافظ وبقاءه في مكتبه وفي قلب المدينة الملتهب واصداره التوجيهات اللازمة ومتابعتها لإعادة حالة الهدوء ،أعاد ولأول مرة منذ بدء الحرب هيبة الدولة الى واجهة المشهد في هذه المحافظة الباحثة أولا واخيراً عن مشروع الدولة.
هيبة الدولة وتفعيل مؤسساتها وبسط سلطتها ،هو مايتطلع اليه الناس في تعز.
المنعطف الذي مرت به تعز في الأيام الأخيرة فتح عيون الشارع على أمر مهم “هناك قيادة لم تكن حين انفجر الوضع أول الهاربين، بل تواجدت في الواجهة وقامت بدورها المفترض ،ربما بأكبر من حجم امكانياتها المتاحة وهو أمر سيرفع دون شك مؤشرات فعاليات الشارع في اتجاه دعم عودة المؤسسات.
الثقة في وجود سلطة تمتلك الإرادة والقرار هو ماكان يفتقده الشارع في هذه المحافظة لسنوات ثلاث، لكن زمن التحول الإيجابي كما يبد ..يبدأ الآن