تعز – مكين العوجري
يرزح سكان مدينة تعز منذ مايقارب من ثمانية أعوام تحت اوجاع العطش الذي أصاب المدينة جراء استمرار الصراع المسلح بين القوات الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً وجماعة الحوثيين، والتي أثرت على كافة الخدمات الأساسية في ظل حصار خانق على المدينة.
تتكبد عشرات آلاف الأسر معاناة جلب المياه بطرق مختلفه تكلفها اجهاد نفسي وجسدي في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية، أذ يبلغ عدد السكان الذين يتعرضون للحرمان من خدمة المياه خلال السبعة الأعوام في مدينة تعز 815,664 نسمه” حسب احصائية 2022م في الجهاز المركزي للإحصاء، موزعين على مديريات القاهرة (383,028) والمظفر (308,367)، وصالة (254,269).
مياه صعبة المنال
وبحسب مدونات البنك الدولي فإن قبل اندلاع الحرب مطلع إبريل/ نيسان 2015م كانت تعز لا تزال من أكثر المناطق اليمنية معاناة مع المياه، حيث كانت المياه تصل إلى المنازل كل (40) يوماً، لكن الحرب فاقمت المعاناة وتوقفت مؤسسة المياه الحكومية عن ضخ المياه إلى المنازل.
أم إياد تظل واقفة أمام غرفتها الصغيرة لساعات في انتظار صوت دينمو ضخ مياه التي يستخدمها مالكي صهاريج المياه، حتى تتمكن من الحصول على عشرة لتر ماء، ومع ذلك لا تنجو من الرفض الذي ربما يكون بشكل قاسي بعض الأحيان، وهكذا تقض آلاف النساء والأطفال في رحلة البحث عن كمية مياه تغطي ولو الشيء اليسير من الاحتياج الفعلي للأسر.
نسبة حصول السكان على المياه في محافظة تعز | Flourish انفوجرافيك تفاعلي
ومنذ بداية الحرب الدائرة في أطراف المدينة انخفض نسبة الأسر في مديريات مدينة تعز والتي تصل إليها المياه عبر شبكة المياه العمومية من( 85 %) من الأسر في: 2014 م إلى: ( 24%) في: 2018م ، حيت بات( 25% ) من الأسر تعتمد على شراء المياه من القطاع الخاص بما في ذلك عبر صهاريج المياه الخاصة، فيما( 34 %) من الأسر تحصل على المياه من الأبار وفق تقرير مجموعة البنك الدولي، التقييم المستمر للاحتياجات في اليمن: المرحلة الثالثة، 2020
توقف شبه كامل
أدى الصراع المسلح في مدينة تعز إلى تفاقم أزمة المياه وتوقف الخدمة التي ظلت لسنوات يعاني منها السكان جراء الزيادة السكانية في كبرى المدن اليمنية، وأضحت كافة مصادر المياه معطلة نتيجة وقوعها في مناطق سيطرة الحوثيين أو خطوط التماس في ظل دمار شبه تام في الشبكة الداخلية وفق مسؤولين في المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي بتعز،
وتعتمد مدينة تعز منذ أعوام على 4 حقول مائية تتوزع في أماكن متفرقة من المحافظة كانت قدرتها الإنتاجية قبل الحرب تصل إلى 20,600 m³ في اليوم الواحد، وانخفض الإنتاج بشكل كبير والذي بلغ 5,768 m³، وتتركز مصادر المياه للمحافظة في مناطق الحيمة والضباب والحوجلة وآبار المدينة والتي تعتبر مصادر إسعافية فقط وبطاقة إنتاجية محدودة حسب حديث مدير عام مؤسسة المياه بالمحافظة المهندس سمير عبدالواحد.
ويبلغ عدد الآبار التي تغذي مدينة تعز 95 بئر كمصدر رئيسي للسكان، حيث يتكون حقل الحيمة من 23 بئر منها 7 آبار شغاله لكن لا يتم الضخ، و 16 بئر معلقة، وكان الحقل قبل الحرب ينتج 4,000 m³ في اليوم الواحد، بينما أصبحت الطاقة الإنتاجية في الوقت الحالي 800 m³ في اليوم ومع ذلك لا يتم الضخ.
ولفت المهندس سمير عبدالواحد مدير مؤسسة المياه أنه تم تجهيز ودعم كافة التجهيزات الكهروميكانيكية المطلوبة عبر اليونيسيف خلال الاعوام 2018 و 2020م، فيما تكفل الصليب الأحمر الدولي العام الفائت بصيانة وإصلاح الخط الرئيسي الناقل من حقل الحيمة إلى الخزانات، الا أن ذلك لم يتم حتى الآن.
أما حقل الضباب تبلغ عدد الآبار فيه 9 آبار جميعها أصبحت حالياً معلقة فيما كانت قبل الحرب قدرتها الإنتاجية 4,800 m³ في اليوم الواحد، كما يعد حقل الحوجلة الواقع في خطوط التماس شمال مدينة تعز من مصادر المياه الرئيسية في تعز، إذ يبلغ عدد الآبار فيه 19 بئر جميعها متوقفة نتيجة وجودها في خط النار بين طرفي النزاع المسلح، وكانت قدرته الإنتاجية قبل الحرب تبلغ 7,500 m³ في اليوم، بينما حالياً صفر.
وأشار مدير مؤسسة المياه إلى أن مدينة تعز بمديرياتها الثلاث المظفر والقاهرة وصالة تعتمد حالياً على حقل المدينة وهي آبار إسعافية وعددها “38” بئرا كانت قدرتها الإنتاجية قبل الحرب 7,500 m³، أما حالياً انخفض إنتاجها إلى 3,300 m³ في اليوم الواحد، وانقسمت بسبب الحرب بين أطراف الصراع، حيث يقع 25 بئر، في نطاق سيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً منها 20 بئر عاملة وعدد 5 آبار معطلة، بالإضافة إلى 6 جديدة يتم تجهيز 3 منها حالياً، فيما يقع “11” بئر في منطقة الحوبان، “6” آبار منها عاملة و “5” آبار معلقة.
وفي خضم المطالبات الشعبية بتحسين خدمة المياه أكد مدير عبدالواحد هناك العديد من البرامج والمشاريع التي نسعي حاليا لتمويلها وستعمل على التخفيف من حجم المعاناة، وأن التنسيق جارٍ مع غالبية المنظمات الإنسانية في سبيل تحييد الحقول المائية عن النزاع والسماح لنا بالدخول الي تلك الحقول المتوقفة والعمل على إعادة تشغيلها، مشيراً إلى أن التحدي الأكبر هو استنزاف آبار المدينة.
خمسة وتسعون حقل مائي في مدينة تعز موزعة وفق التالي | Flourish انفوجرافيك تفاعلي
تدخلات محدودة
ومع اشتداد أزمة المياه الحادة منذ أعوام عجاف أنهكت السكان وعرضت النساء والأطفال لأبشع المخاطر وتسببت في نشوب مئات النزاعات، برزت بعض التدخلات الإنسانية من قبل منظمات دولية ومحلية ومبادرات وجمعيات خيرية الا أن ذلك لم يخفف ولو الحد الأدنى من المعاناة الملقاة على كاهل السكان في ظل ظروف اقتصادية أشد إلاما من اي وقت مضى.
ووفق ورقة سياسات عامة لفريق مشاورات تعز بعنوان “المياه في مدينة تعز مشكلات وحلول” فقد بلغ التدخلات الإنسانية في قطاع المياه “8.907.000” دولار امريكي، و “3.116.092” يورو، و “11.780” دولار كندي.
وقال مدير إدارة المشاريع في مؤسسة المياه صادق التبعي أن أبرز التدخلات في قطاع المياه كان عبر الجمعية الكويتية للإغاثة والتي تدخلت في حفر 8 آبار جديدة ، إضافة إلى الآبار السابقة، وتبلغ قدرتها الإنتاجية 1500 متر مكعب في اليوم، قد تم الانتهاء من الحفر وقد تم ربط ثلاثة آبار ولا يزال عمل الربط لثلاث آبار اخرى، بينما لم يتم الانتهاء من البئر السابع بسبب عدم جدوى طاقتها الإنتاجية الضئيلة.
وبحسب مسؤولي مؤسسة المياه فإن أغلب التدخلات الإنسانية تصب في قطاع الصرف الصحي وذلك نتيجة لغياب مصادر المياه وتواجد حقول المياه في مناطق سيطرة الحوثيين.
وفي الرابع من سبتمبر من العام 2021م نجحت لجنة الوساطة المحلية التي قادتها مؤسسة شباب سبأ وبدعم من منظمة شركاء اليمن الدولية في تسليم جميع خزانات مؤسسة المياه في مدينة تعز، لإدارة مؤسسة المياه، وذلك بحضور اعضاء لجنة الوساطة برئاسة علا الأغبري رئيس مؤسسة شباب سبأ والقيادات العسكرية التي كانت تتمركز في مقرات الخزانات.
حجم التدخلات الإنسانية في قطاع المياه بتعز | Flourish انفوجرافيك تفاعلي
ضخ تجريبي
فيما أشار نائب مدير مؤسسة المياه المهندس عبده علي أن المؤسسة عملت على الضخ التجريبي في الفترة الأخيرة من الآبار داخل المدينة وتوزيعه على الاحياء او المربعات منها الجمهوري عقبة مفرح وكذلك إلى جولة الاخوة، والمناطق المجاورة للابار، فيما لم تصل المياه إلى بقية الاحياء نتيجة ضعف الإنتاج وقلة مصادر المياه في ظل الكثافة السكانية التي تشهدها مدينة تعز والحصار المفروض عليها وتوقف الحقول الرئيسية للمدينة.
واضاف أن منظمة الطفولة تدخلت في ضخ المياه من حقل الحيمة إلى المدينة إلا أن ذلك توقف في ذات الفترة من قبل الحوثيين، مشيراً إلى أن لا تزال الوساطة المحلية قائمة عبر مؤسسة شباب سبأ من أجل إعادة تشغيل حقل الحيمة وضخ المياه إلى خزانات المؤسسة.
المادة من إنتاج شبكة صحفيي البيانات في اليمن