تقرير – فاطمة هزاع
تركت آمنة محمود 31عاما تواجه الموت على باب أحد المستشفيات وهي حامل في شهرها الثامن بسبب أزمة تنفس ألمت بها والاشتباه بإصابتها بكورونا.
وقالت وسيمة احمد إحدى قريبات آمنة ” أنها كانت تكاد تموت من أثر الحمل وان المستشفى رفض استقبالها عندما شاهدها تعاني من ضعف في التنفس خوفا من إصابتها من كورونا”.
ولم تكن آمنة هي الحالة الوحيدة التي رفضت مستشفيات عدن استقبالها للعلاج فيها حيث تقول مصادر إعلامية أن مستشفيات المدينة سجلت أكثر من خمس حالات وفاة خلال تفشي الفيروس.
رد المستشفيات
وبرر بعض مسؤولي المستشفيات في مدينة عدن التي رفضت استقبال حالات مرضى خلال تفشي جائحة كورونا الرفض بعدم توفر وسائل الوقاية لفحص الحالات التي لديها أعراض مشابهة لحالات الإصابة بكورونا.
وقال أطباء في مدينة عدن أن الوضع كان مأساويا في المدينة حيث لا توفر المستشفيات أقل الإمكانيات الإسعافية للمرضى أو إجراء الفحوصات بإضافة إلى مشكلة عدم تدريب الكادر الطبي للتعامل مع الحالات المشتبهة.
موقف مكتب الصحة
وكان مكتب الصحة في المدينة قد أصدر تعميما إلى جميع مديري المستشفيات الحكومية والأهلية بالمدينة يطلب منهم استقبال جميع الحالات المرضية التي تصلهم دون استثناء والتعامل معها بشكل إنساني وأخلاقي تجنبا للحالات المتكررة مؤخرا.
وحمل المكتب المستشفيات المسؤولية الكاملة عن أي تقصير قد يحدث بهذا الخصوص.
وأكد أن أي إهمال أو رفض لاستقبال المرضى وعدم تقديم الرعاية لهم او إبلاغ هيئة الرصد الوبائي بالحالات المشتبه بها قد يعرض إدارة المستشفيات للمساءلة القانونية.
وقال المكتب أنه علم بوجود بعض حالات الوفاة يعود سببها لرفض استقبالها في المستشفيات.
وعزت مصادر صحية ذلك إلى ما وصفتها بفوضى في المدينة ونوعا من المزاجية التي تدار بها جميع مؤسسات الدولة في عدن بما فيها ذلك المنشآت الصحية.
التهمة كورونا
ونقل موقع الجزيرة نت عن أسرة الأربعيني منصور سيف أستغرابها ان يأتي يوم ترفض أغلب مستشفيات مدينة عدن استقباله للعلاج تخوفا من إصابته بفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19).
وقالت الأسرة أن الرجل ترك يواجه لحظات الموت الأخيرة على أبواب المستشفى بعد أن تدهورت حالته الصحية نتيجة إصابته بأزمة في التنفس، إضافة لمعاناته من أمراض أخرى بينها الملاريا والمكرفس (الشيكونغونيا) والربو تلازمه منه منذ طفولته.
واوضحت أسرته أنها قامت بإسعافه على نفقتها الخاصة والذهاب به إلى المستشفى الألماني لكنهم رفضوا استقباله وأجبروا على عرضه على مستشفيات خاصة أخرى بالمدينة بينها مستشفى الجمهورية.
وتابعت “نقلناه إلى مستشفى الجمهورية حيث تبين أنه ليس لديهم فحص لكورونا فأخذناه إلى مركز الحجر الصحي لإجراء الفحص الذي كان سلبيا وأنه يعاني من التهاب رئوي حاد فأعدناه إلى المستشفى الألماني وعرضنا عليهم نتيجة الاختبار لكنهم رفضوا استقباله مرة أخرى”.
ورغم استجداء أحد أولاد منصور لمشرفي المستشفيات وعرض جميع أملاكهم لقاء إسعاف والده لم يأبه أحد بأي نداء للرحمة ولم ينتظر المريض طويلا حتى فارق الحياة بعد أن تضاعفت أزمة التنفس لديه.
هروب العاملين الصحيين
و أشارت تقارير صادرة عن منظمات دولية تعمل في القطاع الصحي في اليمن أن العاملين الصحيين معرضين بشكل شديد لخطر الإصابة بالفيروس مخاوف شديدة بشأن سلامتهم بين الطواقم الطبية في جميع أنحاء البلاد الأمر الذي دفع الكثيرين إلى ترك وظائفهم والبقاء في منازلهم مما يجعل المستشفيات تعاني من نقص في العاملين.
وتضيف التقارير إن أحد التحديات المستمرة التي تواجهها المستشفيات هو إيجاد طاقم طبي مؤهل على استعداد للعمل في مراكز لعلاج كوفيد-19 حيث هناك حاجة ماسة إليهم هذا على الرغم من استخدام معدات الحماية الشخصية والتنفيذ الصارم لتدابير الوقاية من العدوى ومكافحتها في هذا المستشفى إلا أن رحيل العاملين الصحيين يعمل على إضعاف النظام الصحي اليمني بشكل أكبر.
امراض أخرى إلى جانب كورونا
يعاني اليمن من أزمات صحية إلى جانب مشاكله الأخرى فمنذ نهاية شهر أبريل الماضي، يعود منحنى الإصابات بأمراض الكوليرا وحمى الضنك والملاريا في اليمن إلى الارتفاع بشكل كبير، في أكثر من 70 بالمئة من أنحاء البلاد.
وأرجعت وكيلة وزارة الصحة في اليمن إشراق السباعي ارتفاع حالات الإصابة بالأمراض الثلاثة إلى هطول الأمطار مؤخرا على المحافظات اليمينة، فيما لا تزال السلطات تكافح انتشار هذه الأوبئة وفق الإمكانات المتاحة لديها.
وقالت السباعي إن الحكومة خصصت خطوطا ساخنة للتواصل مع المرضى الذين يتجنبون الذهاب إلى المستشفيات خوفا من الإصابة بفيروس كورونا المستجد لإرشادهم إلى طرق العلاج.
وأضافت: “نبذل كل جهودنا لتخفيف حدة انتشار الأمراض التي جاء تفشيها بشكل متزامن لتزيد أوجاع اليمنيين”.
وأضافت المسؤولة اليمنية أن “الحكومة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية مستمرة في حملات التطعيم للحد من انتشار الكوليرا الذي عاد للارتفاع في أكثر من 70 بالمئة من مناطق اليمن في ظل أزمة صحية حقيقية خلفتها الحرب حيث تعاني المستشفيات نقصا شديدا في الأدوية والموارد الطبية”.
وتابعت السباعي أن “اليمن لا يزال يعاني نقص المياه الذي يعد أحد أسباب تفشي مرض الكوليرا” مشيرة إلى أن أغلب المناطق التي تقع تحت سيطرة قوات الحوثي خاصة محافظة صنعاء سجلت عددا كبيرا من الإصابات وهو ما يعيق إمكانية السيطرة على انتشار المرض.
اتهامات بالفساد
وأكد الباحث الحقوقي اليمني أن “أعداد الإصابات والوفيات بفيروس كورونا المستجد أقل بكثير من الكوليرا الذي يمثل الكارثة الكبرى بالنسبة لليمنيين، في ظل ضعف النظام الصحي الذي أصبح غير قادر على مواجهة هذه الأوبئة”.
وشدد اليوسف على “أن هناك فجوة كبيرة بين حجم التمويلات التي ترصد من قبل المنظمات الدولية لمكافحة الأوبئة في اليمن والأداء الفعلي لتقديم الخدمات وتعزيز الصحة العامة بالبلاد، مما يشير إلى فساد كبير بالوكالات الدولية العاملة في اليمن، لأنه لو كانت المبالغ التي ترصد سنويا تذهب إلى مسارها الصحيح لشاهدنا تحسنا ملحوظا، وليس تفاقما للأمراض بهذا الشكل المروع”.
“تم نشر هذا التقرير بدعم من JDH / JHR – صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا”.