تقرير _ اشواق الحميدي
بعيدا من الموت و قريبا جدا من الحياة ، و في زاوية غرفته بأحد أحياء مدينة عدن كان أنور يصارع مشكلة مرضية أجتاحت جهازه التنفسي و التي لطالما عانى منها منذ سنوات .
لم يكن هناك ثمة احتمال بإصابة انور بفيروس كوفيد19 فطالما عانى من مشكلة دائمة في جهازه التنفسي ، تفاقم وضعه المرضي و في لحظة ما كان يحتاج لعناية طارئة في المستشفى ليقرر ذويه نقله لتلقي العناية و قتها لم يكن يعاني من أي اعراض رئيسية لفيروس كورونا باستثناء مشكلته المرضية المزمنة التي تداهمه لكل سنة و معها يحتاج ان يلجئ للتنفس الصناعي و العناية الدقيقة .
يقول نجل انور :قمت بنقل والدي الى احد المستشفيات الخاصة المعروفة في المدينة و عند الوصول الى بوابة المستشفى و بمجرد ان عرف طبيب الطوارئ انه يعاني من صعوبة في التنفس رفض استقباله و طلب منا ان ننقله الى الحجر الصحي الخاص بمرضى كورونا او الى مستشفى حكومي .
واضاف نجله “تنقلنا به بين اكثر من مستشفى خاص و حكومي لكن جميع المستشفيات رفضت استقباله مؤكدا ان والده لم يكن يعاني من فيروس كوفيد19 بحسب الفحوصات التي اجروها لكن مشكلته كانت مع مرض الربو الذي طالما عاني منه و قام بإعادته الى المنزل و حتى عندما احتاج ان يجري له اشعة للصدر رفضت كل المستشفيات و المراكز الطبية استقباله و في غضون ايام تفاقمت حالته الصحية و غادر الحياة”.
لم يكن يحتاج العم انور سوى لأشعة مقطعية للصدر و طبيب اخصائي يتابع حالته و هذه الحالة هي نموذج لمئات المرضى الذين يواجهون الموت بأبشع صوره تحت يافطة الشك بإصابتهم بكورونا رغم انهم غير مصابين بالفيروس و انما يعانون من امراض صدرية مختلفة لكن تبعات الفيروس و في ظل انهيار النظام الصحي في اليمن حرمتهم من تلقي العناية الطبية اللازمة.
مع بدء اجتياح الفيروس لليمن و ارتفاع عدد حالات الاصابة و في ظل تهاوي النظام الصحي العام في اليمن اتخذت المستشفيات و المراكز الطبية الخاصة غير الحكومية اجراءات غير انسانية و تخلت عن مسؤولياتها في دعم النظام الصحي الحكومي و اسناده في مواجهة الجائحة مغلقة ابوابها امام مئات المرضى الذين كانوا يتساقطون على ابوابها بمجرد الاشتباه بإصابتهم بكورونا و هذا ما أودى بحياة الكثيرين نتيجة صعوبة الحصول على ابسط العناية الصحية المطلوبة .
و في الظل التخبط الذي تعيشه السلطات الصحية الحكومية في اليمن و عدم قدرتها على بناء خطة موحدة لمواجهة الجائحة بالتنسيق مع القطاع الطبي الخاص و في ظل عجز مراكز العزل المخصصة لمصابي كوفيد 19 عن استيعاب كل الحالات المصابة بما فيها حالات الاشتباه فقد وجد الاف اليمنيين انفسهم في مرمى الموت نتيجة عدم قدرتهم على الحصول على سرير في أحد المستشفيات سواء كانت حكومية او خاصة و هذا ما فاقم من حالة الخوف و القلق عند المرضى و التي اودت بالعديد منهم الى حافة الموت.
فبمجرد ان تشعر بتحسس في الصدر قد يكون ناتج عن نزلة برد عادية لا تجد مستشفى يقبل ان يستقبلك و يقدم لك الخدمات الطبية اللازمة و لا يوجد لديك سوى مراكز العزل الحكومية التي هي اساسا ممتلئة و غير قادرة على استقبال حالات جديدة و ايضا يظل عامل خلط حالات الاشتباه بالحالات المصابة هو عامل رئيسي في ارتفاع حالات الوفاة ليجد المواطن اليمني نفسه فاقدا لأبسط الحقوق الانسانية و هي حق الحصول على الخدمات الطبية .
“تم نشر هذا التقرير بدعم من JHD/JHR – صحفيون من اجل حقوق الانسان و الشؤون العالمية في كندا”