أ.د. محمد قحطان
يشكل الجهاز المصرفي لاقتصاد اي دولة عصب النشاط الاقتصادي في عصرنا الحالي. .إذ يتحكم بعملية التبادل بين قطاعات الدورة الاقتصادية والتي تشمل :
- القطاع العائلي
- القطاع الإنتاجي أو مايسمى بقطاع الأعمال.
- القطاع الحكومي.
- القطاع الخارجي
وبالتالي تتم الدورة الاقتصادية بين هذه القطاعات بواسطة الجهاز المصرفي .
ولذلك يعتبر الجهاز المصرفي عصب الحياة الاقتصادية ويحتل مركز الصدارة في النشاط الاقتصادي ومن خلاله يمكن التعبير عن الحالة الاقتصادية التي تعيشها البلاد. ….
وبالعودة لموضوع الجهاز المصرفي اليمني خلال فترة الحرب القائمة يمكننا تتبع تطور انهيار هذا الجهاز الهام منذ بداية الحرب وتحديدا منذ عام 2015 عندما توسعت الحرب لتمتد نحو المحافظات الوسطى وألجنوبية مع استمرار الانقلابيين بالتوسع للهيمنة المسلحة على تلك المحافظات بعد السيطرة على العاصمة السياسية للبلاد (صنعاء ).وذلك على النحو الآتي :
اولا : في عام 2015 بدأت مؤسسات الدولة بالتدهور والانهيار وشمل ذلك التدهور الجهاز المصرفي. ..وبرز بوضوح تراجع نشاط الجهاز المصرفي بمكوناته المختلفة كما بدأت الحركة الانقلابية باستنزاف متسارع لارصدة البنك المركزي بالعملات المحلية والأجنبية وتزامن ذلك مع توقف حركة الاستثمار وخروج البعثات الدبلوماسية والاستثمارات الأجنبية وخصوصا شركات إنتاج النفط الخام والغاز الطبيعي من اليمن وكذلك كبار رجال المال والأعمال الأجانب واليمنيين الأمر الذي أدى إلى تراجع مقبوضات الدولة بالعملات الأجنبية وزيادة مدفوعاتها وبالتالي فإن سعر الدولار الأمريكي بدأ بالارتفاع وبلغ بالمتوسط خلال العام 2015 مبلغ 250 ريال يمني بعد أن كان مستقرا منذ بداية الفترة الانتقالية التي حددت بموجب المبادرة الخليجية عقب قيام ثورة 2011 . إذ أستمر لثلاث سنوات متتالية (2012 — 2014 ) مستقرا عند سعر 215 ريال يمني للدولار الواحد. ..وهذا يعني هبوط سعر الريال اليمني خلال العام 2015 بنسبة 16.3%تقريبا. .
ثانيا : في عام 2016 تدهور الجهاز المصرفي مع استمرار انهيار الوضع الاقتصادي ومؤسسات الدولة ومع ذلك برزت ظاهرة غياب السيولة النقدية لدى الجهاز المصرفي مع توقف البنك المركزي في إجراء عمليات المقاصة الخاصة بارصدة البنوك والتي تشكل حقوق المودعين لدي البنوك. وبالتالي فقد فقدت البنوك قدرتها على تلبية طلبات المودعين وتوقفت حركة الإيداع لدى البنوك والتوجه للسوق النقدية بطلب اقتناء العملات الأجنبية الأمر الذي أدى إلى زيادة الطلب على العملات الأجنبية وارتفاع اثمانها . وبناءا على ذلك شوهد ارتفاع في سعر العملات الأجنبية وأهمها الدولار الأمريكي ليصل بالمتوسط في عام 2016 لمبلغ 350 ريال يمني للدولار الواحد ، بما يعني انخفاض في قيمة الريال اليمني عن سعره في العام السابق بنسبة 40%. ..
ثالثا : في عام 2017 واصل الجهاز المصرفي حالة تدهورة . ومع استمرار الحرب والصراع تبلورت سلطتين : أحدهما للانقلابيين بزعامة الحركة الحوثية في العاصمة صنعاء والأخرى للسلطة الشرعية في عدن بعد أن تم إعلانها عاصمة مؤقته فور أن تم إخراج الانقلابيين من كافة المحافظات الجنوبية بفعل دخول ما اسمي بدول التحالف العربي الداعمة للشرعية للمشاركة في المواجهات المسلحة ضد الانقلابيين بزعامة الحركة الحوثية. …ومع هذا التطور العسكري بدأت السلطة الشرعية بإعادة بناء مؤسسات الدولة في المحافظات التي تحت سيطرتها وعمل الانقلابيين على فرض سلطة أمر واقع على مؤسسات الدولة في العاصمة صنعاء وبنفس الوقت تفعيل الأجهزة الإدارية في المحافظات الواقعة تحت سيطرتها. …إلا أن الطرفين لم يعطيا اي اهتمام للشأن الاقتصادي، الأمر الذي أدى إلى استمرار تدهور الجهاز المصرفي والعملة الوطنية وظهور مؤشرات نفاذ أرصدة الدولة في البنك المركزي وبالعملتين الوطنية والأجنبية وأدى ذلك إلى توقف صرف رواتب موظفي الدولة في عموم محافظات البلاد وبالتالي أضيف لمعاناة الناس الناتجة من استمرار الحرب والحصار معاناة أخرى معيشية لتوقف دخل أسر موظفي الدولة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي ونفاذ السيولة النقدية في خزائن الدولة وخزائن وحدات الجهاز المصرفي وتوسعت ظاهرة النزوح بسبب اشتداد معارك المواجهات المسلحة بين الطرفين وكذا الهجرة الخارجية والسفر للخارج طلبا للأمان والعلاج. …وقد أدى ذلك إلى تراجع حاد للتدفقات النقدية من الخارج وتظاؤل حجم العرض النقدي من العملات الأجنبية وبنفس الوقت توقف صادرات النفط والغاز والذي كان يشكل ما نسبته 90 % من صادرات اليمن ونسبة حوالي 70 % من إيرادات موازنة الدولة قبل الحرب حسب الإحصاءات الرسمية. ..
وبالرغم من تدفق المساعدات الدولية فقد أدى ما أشرنا إليه إلى استمرار تدهور الجهاز المصرفي وارتفاع أسعار العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني. ..إذ بلغ سعر الدولار الأمريكي بالمتوسط في عام 2017 نحو 405 ريال يمني. …بما يعني استمرار تدهور سعر الريال اليمني عن العام السابق بنسبة 15.7 % تقريبا. ..
رابعا : في عام 2018 أتخذ الرئيس عبدربه منصور هادي قرار نقل إدارة البنك المركزي من صنعاء إلى عدن وكانت الحركة الحوثية قد استنفذت كامل أرصدة البنك ولم يعد في خزائن البنك اي أرصدة مالية بما في ذلك رصيد نقدي بالدولار الأمريكي مقداره 5.2 مليار دولار منها 4.2 مليار دولار رصيد تراكمي للدولة من عوائد تصدير النفط والغاز وواحد مليار وديعة سعودية. ..وذلك حسب ما أعلنته أجهزة المعلومات الرسمية آنذاك. وقد كان دافع السلطة الشرعية لعملية النقل هو استعادة السيطرة على البنك المركزي والعمل على إعادة بنائه ليصبح قادرا على استقبال التدفقات النقدية الخاصة بالدولة من الداخل والخارج والوفاء بدفع رواتب موظفي الدولة وبنفس الوقت وقف التدهور في سعر الريال اليمني. …إلا أن ذلك لم يتحقق منه شيء فقد استمر تدهور وضع الجهاز المصرفي بل وظهر الانقسام لهذا الجهاز بين صنعاء وعدن. …إذ بقي بنك صنعاء كما هو عليه يمارس وظائفة كبنك مركزي واعتبر البنك المركزي في عدن البنك المركزي للسلطة الشرعية ولكنه ظل فاقدا للقدرة على ممارسة وظائف البنك المركزي. ..وبالتالي فقد ظل الجهاز المصرفي منهارا في المستوى الذي وصل إليه من التدهور وزاد على ذلك انقسام البنك المركزي بين سلطتين الأمر الذي أدى إلى انقسام الجهاز المصرفي إلى جهازين : أحدهما تحت إشراف بنك صنعاء وآخر تحت اشرف بنك عدن. ..ونظرا لأن خزائن البنك المركزي خالية من أي رصيد وموارد الدولة لا تورد إليه فقد ظهر جليا عجز السلطتين عن دفع رواتب الموظفين فقامت السلطة الشرعية بطبع كميات كبيرة من الريال وتم مواجهة دفع رواتب الموظفين في المحافظات التي تحت سيطرة الشرعية وبعض من موظفي مؤسسات الدولة في عموم اليمن وكذا معاشات المتقاعدين وبأثر رجعي للاشهر التي لم يتم دفعها منذ أن توقفت. .. وسارعت سلطة الانقلابيين في صنعاء باتخاذ قرار منع تداول الطبعة الجديدة في مناطق سيطرتها وعملت على إخراج كافة الكميات النقدية الهالكة من مخازن البنك المركزي في صنعاء واتخذت إجراءات أمنية صارمة لفرض عملية التبادل بالأوراق النقدية القديمة فقط رغم تهالكها ومنع السوق في مناطق سيطرة الحركة الحوثية من التبادل بالطبعة الجديدة ونظرا لأن شكل وحجم الطبعة الجديدة كان مميزا عن الطبعة القديمة فقد شكل ذلك أهم العوامل التي مكنت الحركة الحوثية من تنفيذ قرار منع التبادل بالطبعة الجديدة …وقد أدى ذلك إلى انقسام الريال اليمني إلى ما يشبه وجود عملتين ..وبدأت مرحلة جديدة ظاعفت من انقسام البنك المركزي وبرز اختلاف في سعري الطبعتين. …ومع تمكن الحركة الحوثية من فرض رقابة صارمة على السوق النقدية وغياب اي دور للسلطة الشرعية في مواجهة هذا الانقسام فقد أصبح وجود بنكين وعملة وطنية بشكلين وسعر ين أمر واقع وواصل سعر الريال اليمني تدهورة مقابل العملات الأخرى. ..إذ بلغ سعر الدولار الأمريكي بالمتوسط في عام 2018 مبلغ 555 ريال يمني. .بما يعني هبوط قيمة الريال بنسبة 35.8 % تقريبا في هذا العام بالنسبة للعام ألسابق. …
خامسا : في عام 2019 استمرت الحرب واستمر الوضع الاقتصادي في التدهور دون أي معالجات وبنفس الوقت اشتد الصراع بين سلطة الانقلابيين في صنعاء والسلطة الشرعية المتخذة من الرياض مقرا لها وبنفس الوقت استمر الجهاز المصرفي على ما هو عليه من الانقسام والتدهور وتعمق انقسام العملة الوطنية بين سلطتي صنعاء وعدن وبالتالي بروز سعرين للريال اليمني سعر للريال بطبعته القديمة وآخر لطبعته الجديدة. ..والسبب في ذلك هو ثبات نسبي لقيمة الريال بطبعته القديمة في المناطق التي تسيطر عليها الحركة الحوثية وعدم استقرار للريال بطبعته الجديدة. .حيث كان الدولار الأمريكي يشهد ارتفاعا تدريجيا بسيطا في صنعاء بينما يشهد سعر الريال بطبعته الجديدة تذبذبا سريعا بين الارتفاع والتراجع…وبدأت شركات الصرافة الرسمية وغير الرسمية بالانتشار لشغل الفراغ الذي تركه الجهاز المصرفي في البنوك المتوقفة عن أداء وظائفها المصرفية. ..ومع كل ذلك فقد واصل سعر الدولار في الارتفاع ليصل بالمتوسط في مناطق الشرعية بهذا العام 2019 نحو 600 ريال يمني كما واصل الريال بطبعته القديمة في مناطق سيطرة الحركة الحوثية بالارتفاع التدريجي لمستوى يقل عن 600 ريال للدولار الواحد تقريبا. .ويعني ذلك أن الريال اليمني في عام 2019 واصل هبوط قيمته في عموم البلاد وبنسبة 8.1 % …وبرأينا أن تراجع تدهور سعر الريال في هذا العام يعود للوديعة السعودية البالغة 2 مليار دولار أمريكي لصالح البنك المركزي اليمني لدعم الريال اليمني من خلال ما اسمي بالتسهيلات الممنوحة للمستوردين من الخارج لليمن بصورة اعتمادات مستندية بأسعار للدولار تقل عن الاسعار الموازية في السوق النقدية اليمنية. …إلا أن هذه الوديعة لم توقف التدهور في قيمة العملة اليمنية كما تؤكد المؤشرات السابقة . …..وبالتالي استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي للسكان. …
سادسا : في عام 2020 اتخذت سلطة صنعاء مزيدا من الإجراءات الخاصة بتعزيز الرقابة على السوق النقدية وعلى كافة الأنشطة الاقتصادية واستمر منع التداول بالطبعة الجديدة في مناطق سيطرتها وبنفس الوقت نشطت شبكات للصرافة من خلال المشتغلين بهذا المجال وغيرهم من حديثي العهد بالعمل في مجال الصرافة مع استمرار تدهور الجهاز المصرفي وغيابه عن أداء أعماله المصرفية بالصورة المنظمة التي كان عليها الوضع قبل الحرب. فقد ظل فاقدا للقدرة على استعادة نشاطه بسبب غياب البنك المركزي عن الواقع وعدم قدرة البنوك على استعادة ارصدتها المتراكمة في البنك المركزي وفروعه بالمحافظات والذي كان بدورة يقوم بأعمال المقاصة بين البنوك الأمر الذي أدى للمزيد من انفلات السوق النقدية وارتفاع حدة المنافسة بين محلات الصرافة وبروز ما اسمي بالتلاعب بأسعار العملات الأجنبية وبالأخص في المناطق الواقعة تحت سيطرة الشرعية. .إذ أن الحركة الحوثية بما تفرضه من الرقابة الأمنية المشددة قد نجحت في تثبيت سعر موحد للعملات الأجنبية في المناطق التي تسيطر عليها …وبالتالي فإن أسعار الدولار الأمريكي ظلت ثابته عند مستوى أقل من 600 ريال للدولار الواحد بينما استمر الارتفاع والتذبذب في سعر الدولار وشوهد انفلات واسع في سوق الصرافة ومضاربة حادة بسعر العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني بطبعته الجديدة في مناطق سيطرة الشرعية. .ولذلك وصل ارتفاع سعر الدولار في عدن بالمتوسط خلال هذا العام 2020 لمبلغ 750 ريال يمني تقريبا. .ويعني ذلك أن الريال بطبعته القديمة في صنعاء حافظ على قيمته السابقة عند المستوى الذي وصل إليه وتدهور سعر الريال بطبعته الجديدة في عدن بنسبة تقدر بحوالي 25 % …..وهذا الوضع شجع الحركة الحوثية على الاستمرار في تنفيذ إجراءات الرقابة المتبعة على السوق النقدية ومنع التبادل بالطبعة الجديدة في مناطق سيطرتها الأمر الذي أدى إلى اتساع الفجوة بين سعري الريال بطبعتيه القديمة والجديدة مما أدى إلى ارتفاع تكلفة الحوالات من مناطق نفوذ الشرعية إلى مناطق نفوذ الحركة الحوثية بصورة متصاعدة وصلت لنحو نصف مبلغ الحوالة في العام 2020. ..وكل ذلك اثر تأثيرا كبيرا على حركة تبادل السلع بين الجانبين وتدهور أكثر للنشاط الاقتصادي في عموم المحافظات اليمنية وبنفس الوقت اشتداد معاناة السكان أينما كانوا. …
ومن المؤسف أنه خلال الفترة الماضية من العام الحالي 2021 ارتفعت حدة المضاربة بالعملات الأجنبية في محلات الصرافة نظرا لازدياد الفجوة بين العرض والطلب على العملات الأجنبية وغياب اي دور فاعل للسلطة الشرعية. ..الأمر الذي أدى لتجاوز سعر الدولار الأمريكي الواحد مبلغ 1000 ريال وارتفاع تكلفة الحوالات النقدية بواسطة محلات الصرافة لنسبة تصل لنحو 62% من قيمة الحوالة وبالتالي فقد شهد سوق السلع والخدمات ارتفاعا غير مسبوق للأسعار وتسبب ذلك في اشتداد معاناة الناس وتراجع كبير في مستوى معيشتهم وذلك في كافة المحافظات اليمنية. ….ويحدث كل ذلك والسلطة الشرعية ومعها دول التحالف العربي الداعمة لها تقف عاجزة عن أي فعل عملي لوقف التدهور في أسعار العملات الأجنبية والعمل على تعافي الجهاز المصرفي ووضع حد لتفاقم انقسام البنك المركزي وتباين قيمة العملة الوطنية من محافظة لأخرى ومن طرف الشرعية للطرف الآخر الواقع تحت سيطرة الحركة الحوثية. ..
ويمكننا بناء على ماسبق عرضه من المؤشرات الكمية استخلاص ما يلي :
1) أن التدهور والا نهيار في الجهاز المصرفي اليمني وانقسامه فيما بعد ظل قائما أثناء فترة الحرب منذ 2015 وحتى العام الحالي وتغيب السلطة الشرعية بكافة مؤسساتها عن القيام بمسؤولياتها في مواجهة هذا الانهيار بما يشير إلى فقدان اهليتها في قيادة البلاد. ..
2 ) ان العملة الوطنية فقدت من قيمتها خلال فترة الحرب ما نسبته 365 %من قيمتها قبل لحرب ….وذلك يعني تأكل دخل الأسرة اليمنة بصورة حادة. .فمثلا عند افتراض دخل أسرة قبل الحرب في عام 2014 يبلغ نحو 100 الف ريال شهريا فإن هذا المبلغ يساوي في عام 2014 حولي 465 دولار أمريكي عندما كان سعر الدولار 215 ريال يمني. وفي الوقت الحالي مع بلوغ سعر الدولار الأمريكي مبلغ 1000 ريال يمني مع ثبات الدخل عند المستوى الذي كان عليه 100 الف ريال فإن هذا الدخل لا يساوي أكثر من 100 دولار أمريكي فقط. .
وذلك يعني بأنه في حالة ما أردنا استعادة الوضع المعيشي الذي كانت عليه الأسرة اليمنية في عام 2014 يتطلب مضاعفة دخل الأسرة ليصل لمبلغ 465 الف ريال يمني في الشهر أو إعادة سعر الدولار الأمريكي إلى المستوى الذي كان عليه قبل الحرب ( 215 ريال يمني )…..
هذه المعطيات تضع كافة القوى السياسية اليمنية وفريقي الحرب القائمة أمام مسئولية تاريخية ناصعة الوضوح ….لوضع نهاية للحرب
ويمكننا في ختام هذه المقالة التأكيد على أن استمرار الحرب وتفاقم الصراع باستخدام الجانب الاقتصادي وبالخصوص فيما هو قائم من الانقسام في الجهاز المصرفي واتساع الفارق بين سعر العملة الوطنية بطبعتيها القديمة والجديدة بالمقارنة باسعار العملات الأجنبية وما يلحقه ذلك من اضرار بالغة بحياة اليمنيين سيصل بالبلاد شماله وجنوبه وشرقه وغربة لأوضاع أكثر مأساوية من الصراع والتفكك وعدم الاستقرار وانهيار كامل لأوضاع البلاد الاقتصادية والاجتماعية ومن شأن ذلك تهديد ألامن والسلام في عموم دول المنطقة المجاورة ولا شك بأن ذلك سيلحق الضرر أيضا بالأمن والسلام الدولي. ..وسيكون من الصعب مواجهته. …وبناء على ذلك نوصي بالآتي :
1 ) وقف الحرب بدون اي شروط والعودة إلى طاولة المفاوضات بين مختلف القوى السياسية اليمنية وإيجاد صيغة مشتركة للحكم تضمن إعادة بناء الدولة في ضوء ما تم التوافق عليه في مؤتمر الحوار الوطني مع أهمية تحييد كافة التدخلات الخارجية الإقليمية والدولية. ..
2 ) حسم الصراع عسكريا لصالح طرف واحد وهذا الخيار أثبتت التجربة عدم إمكانية تحقيقة بالمطلق. …وينبغي أن تعي ذلك كافة الأطراف المحلية والإقليمية والدولية الفاعلة . ..
3 ) في حالة عدم الأخذ بالخيار الأول واستحالة تحقيق الخيار الثاني نرى ضرورة أن يتم التوافق على تحييد الشأن الاقتصادي عن الصراع والحرب من خلال إعادة بناء البنك المركزي وعدم السماح بانقسامه على أن يمنح هذا البنك استقلالية كاملة لإدارة الوضع الاقتصادي بعيدا عن اي تدخلات سياسية بحيث تورد كافة موارد الدولة السيادية لذات البنك وفروعة في المحافظات ويمكن بهذا المجال العمل باتفاقية استوكهولم بخصوص إدارة موانئ الحديدة وايداع عوائدها المالية للبنك المركزي بحيث يتم صرف كافة رواتب موظفي الدولة في عموم المحافظات اليمنية وحسب كشوفات عام 2014. مع أهمية فتح كافة منافذ الدولة مع العالم الخارجي واتخاذ السياسات والتدابير اللازمةلتفعيل قطاع الصادرات اليمنية وانسياب تدفق إيرادات الدولة المركزية للبنك المركزي وفروعة بالمحافظات والعمل على إعادة بناء شبكات الخدمات العامة في جميع المحافظات ودفع رواتب موظفي الدولة بصورة مستمرة في كافة مؤسسات الدولة بعيدا عن اي توظيف في مجال الحرب والمواجهات العسكرية. …وذلك باشرف أممي. …
4 ) عودة كل مسئولي الدولة لداخل البلاد والحد من السفر للخارج وكذا منع استيراد السلع الكمالية طالما والحرب مستمرة. …
* استاذ الاقتصاد / جامعة تعز
25 يوليو 2021