المواطن نت/ تقرير – نسيم الشرفي
يمثل عمل المرأة تحديا كبيرا ً في دول العالم الثالث ناهيك عن قرارها البدء بإنشاء مشروعها الخاص في دولة تعاني ويلات الحرب والحصار منذ أكثر من ست سنوات. حيث تواجه رائدات الأعمال في اليمن العديد من الظروف الصعبة التي تفضي يبعضهن إلى إيقاف مشاريعهن والاستسلام للعراقيل بدلاً من التصدي لها.
وكان لجائحة كورونا أثراً كبيراً على العديد من رائدات الأعمال في اليمن، إذ أظهرت الأبحاث أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تديرها نساء، قد تأثرت بشكل أكبر من غيرها، جراء الإجراءات التي تم اتباعها في مواجهة الجائحة، وذلك وفقًا لتقرير مبادرة تمويل رائدات الأعمال We-Fi.
صفعة البداية
فرضت تداعيات جائحة ( كورونا) تحديات عدة أمام رائدات الأعمال في اليمن ، أبرزها تراجع المبيعات وصعوبة الوصول إلى الجمهور المستهدف. أميمة سمير صاحبة مشروع MEN ONLEY (متجر إليكتروني متخصص في بيع الملابس والمستلزمات الرجالية)، تقول أن جائحة كورونا تزامنت مع وقت إطلاق المشروع، مما شكل تراجع كبير في حجم النجاح المتوقع للمشروع التي رسمها فريق العمل أثناء مرحلة التأسيس.
وتقول أميمة ” منذ بداية الجائحة انصرف اهتمام الناس نحو شراء المواد الغذائية وتخزينها، وبما أن المنتجات التي نقدمها تعتبر كمالية في تلك المرحلة لم يكن هنالك إقبال نحو ما نقدمه من منتجات، ما أثر بشكل كبير على سير العمل خاصة وأنا لا زلنا في مرحلة إطلاق الموقع ولم نكن نحظى بقاعدة جماهيرية بعد. لم يقتصر هذا التأثير على عدم الإقبال على الشراء فحسب بل أثر أيضاً على فريق العمل، حيث أنه في مرحلة الحجر الصحي كان من الصعب على الفريق إجراء الاجتماعات الدورية وكانت جميع الاجتماعات تعقد عن طريق تطبيق الزوم، مما يعني تواصل أقل جودة وتماسك أقل بين أعضاء الفريق “.
وتضيف ” كانت أيضاً من أكبر المشكلات التي واجهتنا أثناء فترة الجائحة خوف عامل التوصيل من عدوى انتقال فيروس كوفيد-19 جراء التفاعل والاختلاط مع الناس، الأمر الذي سبب لنا مزيد من التراجع في نجاح المشروع”.
وعلى الرغم من ان التجارة الإليكترونية حول العالم شهدت ازدهاراً ملحوظاً خلال العام الماضي بسبب اتجاه المستهلكين والشركات إلى الحلول الرقمية لمواصلة بعض الأنشطة الاقتصادية عن بعد، بحسب التقرير الذي نشره مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) في مارس الماضي، إلا أن سوء خدمة الأنترنت في اليمن وانخفاض مستوى ثقافة التعامل الرقمي لدى المجتمع تمثل عوامل رئيسية لتراجع الاعتماد على التجارة الإليكترونية في البلاد.
أزمة الجيل الحالي
لا زالت تداعيات الأزمة الاقتصادية التي أحدثها فيروس كورونا المستجد مستمرة بالرغم من انخفاض نسبة انتشاره وإيجاد اللقاح، ترى مي محمد صاحبة مشروع ميوم ستايل M&A ( متجر متخصص في بيع وتأجير فساتين الزفاف ) أن وباء كورونا يعتبر أزمة الجيل الحالي وأنه أثر على العديد من جوانب الحياة من أكبر التفاصيل إلى أصغرها، وأن هذه التأثيرات لن تزول بسهولة.
وتقول مي ” أثر انتشار الوباء في مدينة عدن بشكل سلبي ومباشر على عملي، حيث تزامن انتشاره مع بدء موسم الأعراس واستقبال حجوزات العملاء، وعند ظهور المرض بدأت الناس بالذعر ووضع العديد من علامات الاستفهام حول كيف سيتم التعامل مع الجائحة، خاصة بعد صدور قرار الحظر الجزئي وتخوف الناس من الخروج وتراجع الإقبال على المحل “.
وعن حجم الخسارة التي لحقت بمشروعها، تقول مي ” زادت ساعات الحظر ليتحول لحظر كلي وتم إغلاق قاعات الأعراس وهنا كانت الكارثة، كنت مضطرة لإرجاع جميع الحجوزات التي تسلمتها من العملاء، و كان علينا العديد من الالتزامات منها دفع إيجار المحل للمول الذي يقع فيه ( ميوم ستايل) بالرغم من أن المحل مغلق بسبب الحظر ولم يكن هناك أي تعاون مع أصحاب المشاريع الصغيرة، ما كبدني خسائر كبيرة لازلت أعاني آثاراها لليوم”.
وبحسب تقرير للأمم المتحدة فإن 24.3 مليون شخص في اليمن كانوا معرضين لخطر الجوع والمرض في عام 2020، فيما خسر أكثر 8% أعمالهم بسبب تداعيات الجائحة.
المرأة والاقتصاد
تظهر العديد من التحديات في مجال ريادة الأعمال في اليمن وبشكل خاص على رائدات الأعمال، فعلى الرغم من التطور الملحوظ في منطقة الشرق الأوسط اقتصاديًا، إلا أن النساء مازالت تعاني من عدم تكافؤ الفرص، فوفقاً لتقرير المنتدى الاقتصادي العام ٢٠٢٠، ما تزال دول المنطقة العربية وشمال إفريقيا تحظى بمستوى متدنٍ فيما يتعلق بالمشاركة الاقتصادية للنساء، والفروق ما بين الجنسين وتأتي اليمن في أسفل القائمة.
يرى الأستاذ محمد المصري المهتم بالشأن الاقتصادي أنه يمكن أن يكون للنساء دور كبير في التعافي الاقتصادي ولا سيما وأن بلدنا يعتبر من البدان منخفضة الدخل، ويتحقق ذلك عن طريق إدماج النساء إدماجاً كاملاً في الاقتصاد سوآءً كرائدات أعمال أو موظفات، ومن شأن سد الفجوات بين الجنسين في مجال ريادة الأعمال أن يساعد في الحد من الفقر وخلق فرص عمل جديدة وتحفيز مزيد من أفراد المجتمع أن يكونوا فعّالين.
ويؤكد المصري أنه “من الضروري أن تولى الجهود لوضع التسهيلات لرائدات الأعمال في اليمن وتقديم أشكال الدعم لمساعدتهن على تطوير مشاريعهن، وأن يكون لرائدات الأعمال اليمنيات مساحة عادلة ضمن الاستراتيجيات التي يتم وضعها للتعافي من الآثار الاقتصادية للجائحة”.
في بلد تلتهم الحرب أحشاءه منذ أكثر من ست سنوات، لم تقف المرأة اليمنية مكتوفة اليدين وسعت لمواجهة الصعوبات والعقبات لتصنع لها مكانة في مجال ريادة الأعمال، لكن جاءت أزمة جائحة كورونا وتداعياتها لتضع رائدات الأعمال اليمنيات أمام المزيد من التحديات.
“تم نشر هذا التقرير بدعم من JDH/JHR -صحفيون من أجل حقوق الأنسان والشؤون العالمية في كندا “.