تقرير – نصر عبد الرحمن
شاهدت بعض الأسر خلال النصف الأول من رمضان دبتهم الغاز لها بالوكالة ما يقارب الشهرين ونيف، وأولادهم يروحوا ويرجعوا بأيادي فاضية حتى ضبحت الأم وراحت بنفسها هي وأحد أولادها بعد الفطور لبيت صاحب الوكالة، وبكل وقاحة يقلهم خذوا دبتكم فاضية، الإ أن الأم كانت محنكة وقالت له والله مابروح من هنا الإ بدبة غاز مليان، هكذا تصف رجاء البريهي واحدة من أبناء الريف الجنوبي لمحافظة تعز، جنوب غرب البلاد، معاناة المواطنين من أزمة الغاز المنزلي.
وتضيف “بعدها دخل منزله واخرج لها دبة غاز مليان، وهذا دليل أن الغاز حتى في بيوتهم وجالسين يتاجروا بخلق الله وبالناس البسطاء”.
الغاز المنزلي أزمة خانقة وفساد كبير وأسعار تجاوزت إمكانيات البسطاء من الناس، تضاعفت هذه الأزمة خلال شهر رمضان المبارك المناسبة الدينية الأبرز على مستوى بلاد المسلمين ومنها اليمن ومع ذلك التجار في اليمن لا تأخذهم رأفة بالمواطن المغلوب على أمره ومع إنتشار السوق السوداء لبيع الغاز خلت منه منازل الكثير من المواطنين.
أزمة خانقة
المواطنة رجاء البريهي قالت: ل”المواطن” “نعم أعاني من أزمة الغاز.. الغاز المنزلي أصبح عندنا من الضروريات التي ما نقدر نستغني عنها؛ ولهذه الأهمية أصبح إنقطاع الغاز لفترات طويلة يمثل مشكلة رئيسية بالمنزل، وحتى أنه أصبح سبب للمشاكل العائلية بأوقات كثيرة حسب ما الاحظ ببعض المنازل وبالذات التي معتمدين عليه بشكل رئيسي وما يستخدموا البدائل له كالحطب مثلاً”.
وتؤكد تضاعف أزمة الغاز المنزلي خلال شهر رمضان الحالي بقولها: “نعم زادت أزمة الغاز برمضان وقبل بداية رمضان يبداؤ يحتكروه حتى لو هو موجود وسببوا هذه الأزمة عشان رفع سعر إسطوانة الغاز المنزلي”.
ويؤكد ذلك المواطن جميل سالم أحد سكان مدينة تعز، إذ أفاد ل”المواطن” بقوله: “نعم نعاني من أزمة الغاز المنزلي كثيراً، حتي أننا نشتري الغاز بعض الأوقات من السوق السوداء أو المحطات التجارية، خصوصاً في رمضان، تحصل الغاز عند أصحاب البقالات بسعر يصل إلى 8000 الف ريال”.
من المسؤول؟.
وعن المسؤول عن أزمة الغاز المنزلي أشار المواطن جميل سالم إلى أن بعض الوكلاء يتحجج أن حصته قليلة لا تغطي المنطقة الخاصة به، لكنه أكد أن بعض وكلاء بيع الغاز هم أحد المسؤولين عن أزمة الغاز إذ يقوموا ببيع إسطوانات الغاز في السوق السوداء لأصحاب المطاعم والباصات، وأنهم يتفقوا مع أصحاب البقالات ويبعو لهم الغاز بسعر مرتفع عن السعر الرسمي.
وشدد جميل على أن وكلاء بيع الغاز، ومكتب النفط والغاز بالمحافظة، ومكتب الرقابة عن الغاز، ومكتب التموين والتجارة هم المسؤولين عن أزمة الغاز الخانقة في المحافظة.
وأفادت رجاء بأن أغلب المحطات ووكالات بيع الغاز “أصبحوا للأسف يتاجروا فيبه بأوقات كثيرة، وأجزم بالقول أنهم يخرجوه بوساطات ولمن معه معرفة، لكن الإنسان الفقير والبسيط ما يقدر يحصل على دبته إلا بصعوبة وبعد عناء ومواصلات سارح راجع تعادل قيمة الغاز للأسف الشديد”.
وأضافت: “والله العظيم شاهدت بعض الاسر خلال النصف الاول من رمضان بأن دبتهم لها بالوكالة مايقارب الشهرين ونيف واولادهم يروحوا ويرجعوا بأيادي فاضية للما بغرت الأم وراحت بنفسها هي واحد اولادها بعد الفطار لبيت صاحب الوكالة وبكل وقاحة يقلهم خذوا دبتكم فاضية الإ أن الأم كانت محنكة وقالت له والله مابروح من هنا الإ بدبة غاز مليان ….الخ
بعدها دخل منزله واخرج لها دبة غاز مليان وهذا دليل أن الغاز حتى في بيوتهم وجالسين يتاجروا بخلق الله وبالناس البسطاء”.
كمية شحيحة
شركة الغاز اليمنية في صافر ساهمت هي أولاً في هذه الأزمة حينما خصصت للمحافظة كميات قليلة جداً من الغاز المنزلي لا يتناسب مع حجم السكان، خاصة وإن تعز تعدد من أكبر المحافظات اليمنية كثافة سكانية، أكد ذلك مصدر مسؤول في مكتب الغاز بتعز فضل عدم ذكر اسمه.
وأشار المصدر في تصريح له لموقع “المواطن” إلى “أن معارض الغاز في مديريات المدينة يتم تمويلها بالغاز من محطة الفرشة التي يصلها 15 مقطورة من الغاز أسبوعياً، مؤكداً أن هذه الكميات لا تكفي نظراً لازدحام المربعات السكانية داخل المدينة، وعودة النازحين الذين كانوا خارج المدينة إلى منازلهم بدأ من العام 2018م، وأيضاً وصول نازحين من محافظات أخرى مثل الحديدة وصنعاء”.
سوق سوداء أم إدارة أزمة؟.
تأتي إسطوانات الغاز من الشركة في صافر مخصصا للاستخدام المنزلي لكن يتم تصريفه إلى جهات أخرى مثل المطاعم والافران وهذا سبب نقص في مادة الغاز ويزيد من معاناة المواطنين، أكد ذلك مصدرنا في مكتب الغاز بالمحافظة إذ قال: “كمية الغاز التي تأتي إلى المحافظة من شركة الغاز في محافظة مأرب هي مخصصة للاستخدام المنزلي في المدينة والأرياف، لكن نحن نغطي جزء من كبار المستهلكين بنسبة 15% والباقي خصصت للاستخدام المنزلي”.
وعلل المصدر ذلك بأنه في حال لم يتم تغطية احتياجات القطاع التجاري وكبار المستهلكين مثل المطاعم والبوافي، فإن الذي سيتضرر من ذلك هم طلاب الجامعة القادمين من الريف والعمال، مضيفا “أن ذلك سيدفع بأصحاب المطاعم والبوافي ومحلات المقلاية، وغيرهم من كبار المستهلكين إلى استخدام السماسرة والدفع بهم إلى أمام معارض وكلاء الغاز للحصول على الغاز بأي ثمن وبأي طريقة مما يزيد من المشاكل والفوضى، من إطلاق النار وإرتفاع أسعار الغاز في السوق السوداء إلى درجة كبيرة جداً” مؤكداً حدوث مثل هذه المشاكل بالفعل.
وأشار إلى أن كبار المستهلكين في الأرياف قطاع كبير، وضرب مثال على ذلك في مديرية المسراخ التي قال بأنه يوجد فيها 21 مزرعة دجاج، يتم تزويدها بالغاز يومياً من كميات الغاز المنزلي، وتمويل 120 مزرعة في مديرية المعافر.
وكشف عن أن استهلاك كبار المستهلكين في الأرياف من الغاز 930 إسطوانة يومياً في مزارع الدواجن، وأكثر من 320 إسطوانة للمطاعم والافران، فيما يستهلك كبار المستهلكين داخل المدينة أكثر من 1300 إسطوانة يومياً، بحسب المصدر.
وأضاف أن “كل هذا يغطيه قطاع غاز الاستخدام المنزلي، إضافة إلى مطابخ المعسكرات العسكرية، ومعسكرات الأمن المركزي، ومعسكرات إدارة الأمن، والسجن المركزي، وسجن الأمن السياسي، وسجن المباحث، ومستشفى الثورة ومستشفى العسكري، والسكن الجامعي، متمنياً من شركة الغاز في صافر أن تعتمد مقطورة غاز يومياً لتغطية احتياجات كبار المستهلكين في المدينة والأرياف، مشيراً إلى أن هذا سيحل مشكلة كبار المستهلكين بشكل كامل وسيخفف من أزمة الغاز المنزلي”.
رقابة مشلولة:.
المواطن جميل سالم أكد غياب الرقابة الحكومية على فساد وكلاء بيع الغاز وجرائمهم في احتكار إسطوانات الغاز المنزلي ورفع أسعاره، مشيرا إلى أن المعنيين بالرقابة هم شركاء الوكلاء في هذا الفساد حيث قال: “انا اعرف أعضاء من لجنة الرقابة بشركة النفط، وكذلك أعضاء من الرقابة من مكتب الصناعة والتجارة، ينزلوا إلى الوكلاء ويستلموا فلوس رشوه ويذهبوا، حتى ان بعض الوكلاء يبيع الغاز لأصحاب البقالات والمطاعم والباصات أمامهم”.
وعن الدور الرقابي لمكتب شركة الغاز بالمحافظة، أفاد المصدر في المكتب أن الدور الرقابي للمكتب يقتصر على “متابعة الكميات التي يتم تحويلها مع الوكلاء وبوابير الوكلاء من داخل المحطة، والتأكد من وصولها إلى معارض الوكلاء دون أي نقص”، وقال: “نحن نتابع يومياً البوابير النازلة إلى المحطات ونتابعهم أثناء العودة إلى المعارض، من خلال كشف الكميات المنصرفة من المحطات”.
وأضاف “وما تصل إلينا من شكاوي حول الوكلاء نقوم باستدعائهم إلى المكتب والتحقيق معهم، لكن لا يوجد لدينا أي صلاحيات قضائية تستطيع من خلالها مثلا إحالة وكيل إلى نيابة المخالفات، أو لا يوجد لدينا ضبطية قضائية، الضبطية القضائية توجد لدى مكتب الصناعة والتجارة”.
وقال: “ماذا ممكن أن يعمل المكتب أو دائرة الرقابة في المكتب بموظف واحد، وكم ستتابع من وكلاء؟”.
مجلس الوزراء:.
وعن أسباب الزيادة الجنونية لأسعار الغاز أكد المصدر في المكتب “أن رئيس مجلس الوزراء أصدر العام الماضي قرار بإضافة 500 ريال فوق أسعار مادة الغاز؛ لدعم الحكومة، وبذلك وصل سعر إسطوانة الغاز إلى 3500 ريال يمني، وفي هذا العام أيضاً أصدر مجلس الوزراء قرار في تاريخ 8 فبراير الماضي، بعمل زيادة سعرية جديدة فوق مادة الغاز بمقدار 833 ريال يمني لدعم الحكومة”.
وأضاف المصدر أن من ينقلون الغاز من مأرب إلى تعز قاموا أيضاً “بإضافة مبلغ 70 ريال فارق سعر النقل” نقل المقطورات التي تنقل الغاز من صافر إلى المحافظة، كما تم رفع إيجار نقل الغاز مع إنقطاع طريق هيجة العبد وتحول الطريق إلى (الصحى كربى) بمقدار 300 ريال، وهذا كله أدى إلى إرتفاع سعر الغاز حتى وصل إلى 5000 ريال يمني حد قول المصدر.
هل ستنفرج الأزمة عقب شهر رمضان المبارك؟.
وقبل أيام نزلت لجنة من شركة الغاز في صافر إلى محافظة تعز، بتكليف من قيادة الشركة، للإطلاع على الوضع التمويني وتقييمه، وتقييم وضع المحطات، وتقييم الكميات.
المصدر في مكتب الغاز، أفاد بأن اللجنة رفعت تقاريرها إلى الشركة، وأنه سيتم اعتماد كميات جديدة لبعض المحطات عقب شهر رمضان المبارك، كما ستدخل محطات جديدة في الإنتاج لتغطية بعض مديريات الأرياف، لتخفيف الضغط على المدينة.
وأشار إلى أن “اللجنة قامت أيضاً بإعادة تقسيم وترشيد الكميات داخل المدينة على معارض الوكلاء، بحيث تتناسب الكمية مع الكثافة السكانية، موضحا بأن هذا فقط سيخفف العجز إلى حد ما، وسيبقى هناك عجز يجب على شركة الغاز في صافر تغطيته”.