جمال الشعري
دوره مهم يلعب عليه الحزب الحاكم في تعز، ويجيده ذا الناصية المتسخة، ينهي أي حوار مع مظلومين بشخطة وجه، يتلون كما تتلون الحرباء ويظهر بمظهر الرافض الناكر للظلم وهو في حقيقة الأمر الظالم بعينه.
يقابل المظلومين، يلبس ابتسامته المزيفة، وعند نهاية الحوار يُفعل التسيير القبلي في الحكم المدني بشخطة وجه منعدم الحياء، فيساعد رفقاه المتسلطين على مد نفوذهم، ويضاعف وجع من لجأوا إليه.
عبدالقوي المخلافي، أكاديمي الشخطات، ورخيص المبادئ، يتقن دور رجل الدولة المنصف، ويدعي زورا أنه خجول ومهذب، والخجل بريء منه.
أتذكر مرافقته لي مع الشهيد محمد علي مهدي إلى منزليه الذي يحتلهما عنوة صغير المقر المدلل، وعند دخولنا إحدى المنازل سأل أحدهم:
_ أيش معك هنا؟
_ أنا حارس الفلة.
بعد أن أجابه خاطبني قائلا:
_ عبده حمود رجل كاذب، لو كان فعلا عنده افراد ويحتاج الفلل مستشفى ميداني وسكن للافراد ما بيحتاج حارس للعمارة.
ابتسمت، هززت رأسي، أوصل في حديثه الطمأنينة بداخلي، حتى قلت في نفسي:
_ إنه رجل صادق.
أكمل هذا الوكيل دخوله للمنزل، ترتفع عيناه للأعلى، يرى أذرع المروحية المتدلية من السقف مثنية ومعطوفة، يسأل حارس الصغير:
_ والمراوح ليش عطفتوهن؟
_ مابوش كهرباء.
هكذا أجاب حارس اللواء ١٧ قصبة، مابوش كهرباء، أجابها بسخرية، حتى ظننت أن الوكيل القوي سيأمر بحبسه، ولكنه قهقه بسخرية أكثر، وأدار رأسه للناحية الأخرى، ثم غادرهن باتجاه المحافظة.
هذا الوكيل الذي يتجرد أصلا من مسمى وظيفي حقيقي يعترف به الدستور اليمني يقابلك بوجه مزيف، يشعرك للحظات الأولى أنه الرجل الوحيد والنبيل، وأنه من سينصفك، ولكنه في الحقيقة، يلعب الدور المهم في حلقات الفساد الكبيرة، ويساعد في التظليل وامتصاص الغضب، يعد بإلتزامات بشخطة وجهه، ثم يتناسى كل تلك العهود، وإن عُدت إليه طالبا تنفيذ وعوده، يكرر شخط وجهه اللعين ويحقنك بالمخدر.
هذا الرجل، وعد في آخر لقاء له مع ذوي الشهيد محمد بتسليم المنازل ووعد بالضغط وبالمتابعة في تسليم كامل الجناة، كان ذلك قبل العشرين يوما، ومنذ ذلك الحين وإلى اليوم، لم يكلف نفسه حتى باتصال واحد لقائد النجدة ولصغير العمليات ويلزمهم كما وعد بتسليم المنزلين وتسليم الجناة، ولكنه اكتفى بتنفيذ دوره في امتصاص الغضب بشخطة الوجه المعتادة، وانتهى دوره، ليتبول الصغير عبده والقليل محمد مهيوب على وجهه ويفرضون سخطهم وفجورهم المعتاد.
هذه هي حكومتنا، وهؤلاء هم من يحكموننا، أحدهم يقتل وينتهك الحقوق، والأخر يستنكر بشكل صوري ثم يقول:
_ بوجهي (مع شخطة وجه) لأخرج حقكم، لاخير فينا إن سكتنا.
ثم يبتسم ابتسامة ماكرة وغادرة ويمضي البؤساء متوجعين ومغلوبين.