المواطن/ كتابات _ عبدالعزيز المليكي
أقطنُ هذه الأرض منذُ عشرة أعوام تقريباً. أجهل بشكل كلي الدلالة العاطفية لمفهوم الوطن
الوطن الذي يغيب في حلم جمع أكبر كمية ممكنة من قناني البلاستيك الفارغة لأحظى بعد بيعها بمبلغ زهيد يكفي فقط لشراء رغيفين أراقص برائحتهما أمعائي لبعض الوقت
أسكنُ في منزل مهجور يحاذي أحد المساجد كانت أمي هي رفيقتي فيه بعد أن إلتهمت رصاصتان جمجمة أبي قبل ثلاث سنوات من إحدى بنادق الوطن
لم أعهد قاتلاً لنا غيره الجميع هُنا يقاتل تحت إمرته ربما لو جمعتني به صدفة سوف أخبره أن أمي عندما كانت تطوي وثاقها لترحل إلى الله أخبرتني أنها ستخبره عن كل ألأوجاع التي تسبب بها لنا
عن شدة البرد الذي يتدفق ناحية فناء غرفتنا ليلاً، وعن زمهرير الشمس التي تشوي أجسادنا نهاراً، وعن مياه الأمطار التي تخترق سقف غرفتنا لتنساب على أجسادنا الجائعة
وعن الذباب التي أُجبرنا على أن نسلبها قوتها
أه… يا صديقي لقد نسج هاذا الوطن الكثير من العذاب لنا. وعندما لم يشبع نهمه أرسل هذه الذئاب لتقتلنا
لم أعد أعي شيء مما يحدث هنا كيف يطيب لهذه الأرض ألتي يقال أنها أم أن تأرجحنا بين أحضان النيران دون أن يرف لها جفن….
تسحقنا لتدنينا وتقتلنا لتدافع عنا
سمعت ذات مرة أحد كلابها يتحدث بلساننا نحن الفقراء. كانت زمجرات صوته تنطلق بحدة من على مأذنة الجامع.. في حين كانت قواي تتساقط بعد ثلاثة أيام من الجوع المتكدس داخلي
وبصعوبة بالغة تمكنت من إسناد جسدي الهزيل على باب الجامع
ولكن جل من أغرقت عيونهم بالدموع رثاء لحالنا داخل المسجد لم يأبه أحد منهم لجسدي الملقى في المكان
حتى ذلك الذي كان يحث الجميع على التبرع لنا رمقني بنظرة إزدراء وهو يسأل ولده عن نوع الأكلة المفضلة لديه…
أسير هُنا لوحدي أظطر أحياناً لمقاتلة أفواج هائلة من الكلاب لأجل كيس زبالة
ذلك أنا من جادت بي السماء لأمي كهدية ملعونة أتت من جيفة شيطان متمرد..
خلال مسيرة حياتي الحافلة بالمعاناة قتلت هاذا الوطن في صميمي ألأف المرات وأحرقت فيه كل رغبة بالبقاء..
أعيش الان وأكرر ذات طقوس الكره له بنفس اللوعة والرغبة……..
عبدالعزيز المليكي